للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإكساء آصرة القرابة إهاب الحرمة والوقار ناشئ عن قداستها في الشريعة، وهذا ظاهر حين ترى تقرير الشريعة لمعنى المحرمية، بحيث يملؤها الوقار والحب الذي لا يخالطه شيء من معنى اللهو والشهوة.

٢ - المحرمات بالمصاهرة وبالجمع الذين يحرم نظيرهم بالرضاع، وهي ملحقة بمحرّمات النسب؛ كحلائل الأبناء، ونساء الآباء، وزوج الأم الرضاعية الذي لم يثب اللبن منه، وأم الزوجة وأبيها الرضاعيَّين، والجمع بين الأختين، والمرأة وعمتها أو خالتها.

والمقصد من تحريم ما تقدم: دفع ما يعرض من شقاق يفضي إلى قطع الرحم، وفي النوع الأول يسري وقار الآباء إلى أخواتهم - وهن العمات -، ووقار الأمهات إلى أخواتهن - وهن الخالات-؛ حيث نُزِّلت آصرة الرضاع منزلة النسب.

ويرجع تحريم هؤلاء إلى قاعدة المروءة التابعة لكلية حفظ العرض من قسم المناسب الضروري، وذلك من أوائل مظاهر الرقي البشري.

٣ - المحرّمات لأجل حق الغير، والمقصد فيها ظاهر.

٤ - ... الملاعنة، وذلك لأجل ما جرى بين الزوجين بسببها؛ حيث يتعذَّر بعده طيبة النفس بحُسن المعاشرة بينهما.

٥ - ما كان من المحرمات رعاية لحق الله؛ مثل: المطلقة ثلاثًا على من طلقها، ومثل حرمة تعدّد الأزواج للمرأة الواحدة، وإباحة تعدّد الزوجات للرجل إلى حدّ معيّن. (١)

ومن مقاصد الشريعة الكلية في أبواب النكاح: المحافظة على النسب، ودرء أسباب الريبة والفتنة؛ حيث اعتنت ببيان المحرمات في النكاح في مثل آية النساء، ومنهن القريبات من الرضاعة؛ الأمر الذي حدا بطائفة من الفقهاء إلى الإفتاء بحرمة التعامل مع بنوك الحليب التي تؤدي إلى الاختلاط والشك، سدًّا منهم للذريعة، وأخذًا بالحيطة والحذر، وبخاصة أن البلوى


(١) ينظر: الرازي: مفاتيح الغيب (١٠/ ٢٤). الطاهر ابن عاشور: مقاصد الشريعة الإسلامية (ص ١٨١ - ١٨٣)، التحرير والتنوير (٤/ ٢٩٥ - ٢٩٦).

<<  <   >  >>