للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم تعم بها في الأمة الإسلامية (١)، ، ومما يعين على تحقيق ذلك والاحتياط في هذا الباب: توثيق الرضاع في سجلات رسمية (٢).

ومن مقاصد الشريعة في باب الرضاع: حفظ حق الطفل الرضيع في رضاعه حتى يستغني بالطعام عن الرضاع، وعمدت في سبيل حماية هذا الحق إلى إيجاب الرضاع على أم المولود، وأناطت النفقة أو الأجرة على الأب إن كانت زوجته المولود لها مفارَقة، وعلى الواررث مثل ذلك، وحذرت من المضارة؛ لتصان نفس الصبي عن الهلاك، وتقوى طبيعة بدنه؛ قال الحق العليم تعالى: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى المَوْلُوْدِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوْفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلِدِهَا وَلَا مَوْلُوْدٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [سورة البقرة: ٢٣٣]، وقال: {وَإِنْ كُنَّ أُوْلَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوْا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فِإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوْهُنَّ أُجُوْرَهُنَّ وَأْتَمِرُوْا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوْفٍ} [سورة الطلاق: ٦].

وحيث كان مقصود الشريعة طلب نفع الرضيع المولود وتحقيق مصلحته؛ جاز فطامه دون الحولين إذا كان ثم تراضٍ من الوالدين وتشاور مع انتفاء إرادة الإضرار؛ لأن تلك الشروط مظنة تحقيق المصلحة الراجحة للرضيع ودرء ما يضر به، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، والدليل على ذلك قول الله تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [سورة البقرة: ٢٣٣]، ودليل مراعاة ضرر الرضيع قول الله تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلِدِهَا وَلَا مَوْلُوْدٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [سورة البقرة: ٢٣٣]. (٣)

فأما إن أراد أحد الأبوين الفصال - أي: الفطام - دون الآخر، أو كان في الفصال ضرر على الرضيع؛ من مرض، أو ضعف بنية، أو كونه لا يقبل الطعام؛ وجب إتمام الرضاعة. (٤)


(١) قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي (ص ١٦). مجلة مجمع الفقه الإسلامي (ع ٢ - ١/ ٤٢١). محمد التويجري: موسوعة الفقه الإسلامي (٤/ ٢٦٥). د. الكحلاوي: بنوك اللبن (ص ٩٠).
(٢) سيأتي مزيد تفصيل لهذه القضية في المطلب الخامس من مطالب المبحث الثالث في الفصل الرابع إن شاء الله تعالى.
(٣) ينظر: عبد الرزاق: المصدر السابق، (٧/ ٥٧ - ٥٨). ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٤٣٥).
(٤) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٥/ ٣٤٨). القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧١). ابن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن (٢٣/ ٦٥). ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٤٣٠، ٤٣٥، ٤٣٦). ابن قدامة: المصدر السابق، (٨/ ٧٣).

<<  <   >  >>