فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مُعَيَّنًا، كَهَذَا الثَّوْبِ فَيَكُونُ إقْرَارًا (وَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي لِلدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَقْبَلُ التَّفْسِيرَ فِي عَلَيَّ الْوَدِيعَةِ وَمِثْلُ عَلَيَّ " قِبَلِي " كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَمَعِي أَوْ عِنْدِي لِلْعَيْنِ) فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَتَعْبِيرِي بِأَوْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ فِيهِمَا (وَجَوَابُ " لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ؟ أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ؟ بِبَلَى، أَوْ نَعَمْ، أَوْ صَدَقْتَ أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ نَحْوِهَا) كَأَبْرَأْتَنِي مِنْهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَحَدٍ فَإِنْ اُخْتُصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ كَانَتْ كِنَايَةً اط ف.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا) أَيْ: وَلَوْ قَالَ: فِيمَا أَحْتَسِبُ وَأَظُنُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَشْهَدُ فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مُعَيَّنًا) سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ غَائِبًا وَقَوْلُهُ: كَهَذَا الثَّوْبِ أَوْ الثَّوْبِ الْفُلَانِيِّ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: أَوْ الثَّوْبِ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي) وَلَوْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْعَيْنِ وَآخَرَ عَلَى الدَّيْنِ كَأَنْ قَالَ: عَلَيَّ وَمَعِي عَشْرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَبَعْضِهِ بِالدَّيْنِ س ل وَم ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ: عَلَيْهِ كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ لَكِنَّهُ مُبْهَمٌ، فَيُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ مِقْدَارِ الْعَيْنِ وَمِقْدَارِ الدَّيْنِ وَإِلَّا، فَالْأَوَّلُ لِلدَّيْنِ وَالثَّانِي لِلْعَيْنِ، فَلَا يُحْتَاجُ فِي انْصِرَافِهِ إلَيْهِمَا إلَى رُجُوعٍ إلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ فَقَطْ أَنَّهُ يُقْبَلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُ " عَلَيَّ بِالْعَيْنِ " بَلْ نَقَلَ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ " مَعِي وَعِنْدِي " بِمَا فِي الذِّمَّةِ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ " عَلَيَّ " أَوْ " فِي ذِمَّتِي ".
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: كَوْنُ " عَلَيَّ " أَوْ " فِي ذِمَّتِي " لِلدَّيْنِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَيْ: إذَا لَمْ يُفَسِّرْهُ بِعَيْنٍ فَإِنْ فَسَّرَ " عَلَيَّ " بِعَيْنٍ مَوْدُوعَةٍ عِنْدَهُ قُبِلَ، كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ " فِي ذِمَّتِي " فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الدَّيْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: لِمَا سَيَأْتِي إلَخْ. (قَوْلُهُ الْوَدِيعَةِ) أَيْ: وَبِالنَّجِسِ الَّذِي لَا يُقْتَنَى فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ شَيْءٌ انْتَهَى سم.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ: " عَلَيَّ قِبَلِي ") الرَّاجِحُ أَنَّ " قِبَلِي " لِلدَّيْنِ وَالْعَيْنِ شَوْبَرِيٌّ وَز ي. (قَوْلُهُ: فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ) فَإِنْ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ أَوْ فَسَّرَهُ بِالدَّيْنِ قُبِلَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: مَعِي أَوْ عِنْدِي، وَفِي حَالَةِ التَّلَفِ أَوْ الرَّدِّ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ وَلَا عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مَعَهُ أَوْ عِنْدَهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، تَأَمَّلْ وَالصَّوَابُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَا قَبْلَهُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدُ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَحَلَفَ مُقِرٌّ فِي قَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ مَعِي أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ أُخْرَى دَيْنًا، وَهُوَ الَّذِي أَرَدْتُهُ بِإِقْرَارِكَ وَحَلَفَ فِي دَعْوَاهُ تَلَفًا وَرَدًّا لَهُ كَائِنَيْنِ بَعْدَهُ أَيْ: بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِهِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ وَالْمَرْدُودَ لَا يَكُونَانِ عَلَيْهِ وَلَا مَعَهُ وَلَا عِنْدَهُ اهـ بِاخْتِصَارٍ وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ أَيْ: فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ لَا فِي أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي " بِأَوْ " فِي الْمَوْضِعَيْنِ) أَيْ: وَهُمَا قَوْلُهُ: وَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي، وَمَعِي أَوْ عِنْدِي أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ أَيْ: لِإِيهَامِ كَلَامِ الْأَصْلِ اشْتِرَاطَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَجَوَابُ " لِي عَلَيْك أَلْفٌ؟ ") أَوْ هَلْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ؟ أَوْ أَخْبِرْنِي بِأَنَّ لِي عَلَيْكَ أَلْفًا ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ) فَلَوْ حَذَفَ الْهَمْزَةَ وَقَالَ: لَيْسَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَإِنْ قَالَ: بَلَى، كَانَ مُقِرًّا لِأَنَّ " بَلَى " لِرَدِّ النَّفْيِ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ " نَعَمْ " لِتَقْرِيرِ النَّفْيِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ " نَعَمْ ") أَوْ مُرَادِفُهَا " كَجَيْرِ " " وَأَجَلْ " " وَإِي " ز ي وَفِي " نَعَمْ " وَجْهٌ أَيْ: إنَّهَا لَيْسَتْ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهَا فِي اللُّغَةِ تَصْدِيقٌ لِلنَّفْيِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ بِخِلَافِ " بَلَى " فَإِنَّهَا رَدٌّ لَهُ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَلِهَذَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي آيَةِ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: ١٧٢] لَوْ قَالُوا: " نَعَمْ " كَفَرُوا وَرُدَّ هَذَا الْوَجْهُ بِأَنَّ الْأَقَارِيرَ وَنَحْوَهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ اللَّفْظِ، لَا عَلَى دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي " أَنْت طَالِقٌ أَنْ دَخَلْتِ الدَّارَ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ هُنَا عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ هُوَ عَدَمُ الْفَرْقِ؛ لِخَفَائِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النُّحَاةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ لُقِّنَ الْعَرَبِيُّ كَلِمَاتٍ عَرَبِيَّةٍ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعْرِفْ مَدْلُولَهَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ قَصْدُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَفْهَمُهُ الْعَامِّيُّ أَيْضًا وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي لَفْظٍ لَا يَعْرِفُهُ الْعَامِّيُّ أَيْضًا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعَامِّيَّ غَيْرَ الْمُخَالِطِ لَنَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ بِمَدْلُولِ أَكْثَرِ أَلْفَاظِ الْفُقَهَاءِ بِخِلَافِ الْمُخَالِطِ لَنَا لَا يُقْبَلُ فِي الْخَفِيِّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ مَعْنَاهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَأَبْرَأْتَنِي مِنْهُ أَوْ قَبَضْتَهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute