للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ قَبَضْتَهُ (إقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (كَجَوَابِ " اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْكَ " بِنَعَمْ أَوْ) بِقَوْلِهِ (اقْضِ غَدًا أَوْ أَمْهِلْنِي أَوْ حَتَّى أَفْتَحَ الْكِيسَ أَوْ أَجِدَ) أَيْ الْمِفْتَاحَ مَثَلًا (أَوْ نَحْوَهَا) كَابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ، أَوْ اُقْعُدْ حَتَّى تَأْخُذَهُ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِذَلِكَ (لَا) جَوَابُ ذَلِكَ (بِ " زِنْهُ " أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِكَ أَوْ أَنَا مُقِرٌّ أَوْ أُقِرُّ بِهِ أَوْ نَحْوِهَا) كَهِيَ صِحَاحٌ أَوْ رُومِيَّةٌ فَلَيْسَ إقْرَارًا بِالْأَلْفِ بَلْ مَا عَدَا الْخَامِسَ وَالسَّادِسَ لَيْسَ إقْرَارًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ، وَالْخَامِسُ مُحْتَمِلٌ لِلْإِقْرَارِ بِغَيْرِ الْأَلْفِ كَوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالسَّادِسُ لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ بَعْدُ بِخِلَافِ " لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ " فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَقَوْلِي: وَجَوَابٌ إلَخْ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.

(وَ) شَرْطٌ (فِي الْمُقِرِّ إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ وَاخْتِيَارٍ) وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ (فَلَا يَصِحُّ) إقْرَارٌ (مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَمُغْمًى عَلَيْهِ (وَمُكْرَهٍ) بِغَيْرِ حَقٍّ كَسَائِرِ عُقُودِهِمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِخِلَافِ قَوْلِهِ: أَنْتَ أَقْرَرْتَ بِأَنَّكَ أَبْرَأْتَنِي فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ حَجّ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ حُذِفَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِاحْتِمَالِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّعْوَى وَهُوَ لَغْوٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ لِلْحَاكِمِ: قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي أَوْ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنِّي وَهُوَ حِيلَةٌ بِدَعْوَى الْبَرَاءَةِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ الِالْتِزَامِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَبَضْته) أَيْ: الْأَلْفَ وَفِي نُسْخَةٍ " أَوْ قَضَيْته " وَفِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: " أَوْ قَضَيْته " أَيْ: الْأَلْفَ فَلَوْ قَالَ: قَضَيْتَ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِهَا دُونَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، كَمَا لَوْ قَالَ: قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي أَوْ اسْتَوْفَى مِنِّي أَوْ " بِسْمِ اللَّهِ " كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: إقْرَارٌ) مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا قَرِينَةُ اسْتِهْزَاءٍ كَإِيرَادِ كَلَامِهِ بِنَحْوِ ضَحِكٍ وَهَزِّ رَأْسٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ عَلَى الرَّاجِحِ شَوْبَرِيٌّ وم ر أَيْ: خِلَافًا لِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ حَجّ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجّ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ دَعْوَى الْجَهْلِ مِنْ غَيْرِ الْمُخَالِطِ لِعَدَمِ فَهْمِ كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ح ل وَلَوْ قَالَ: " اُكْتُبُوا عَلَيَّ لِزَيْدٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ " لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ وَإِذَا قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي وَقَفْتُ جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصَارِفَهَا وَلَمْ يُحَدِّدْهَا صَارَتْ جَمِيعُ أَمْلَاكِهِ الَّتِي يَصِحُّ وَقْفُهَا وَقْفًا وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الشُّهُودِ بِحُدُودِهَا وَلَا سُكُوتُهُ عَنْهَا س ل وَم ر. (قَوْلُهُ: كَجَوَابٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْتَ: هَلَّا ضَمَّهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَجَعَلَ الْإِقْرَارَ مُنَصَّبًا عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ. قُلْتُ: إنَّمَا فَصَلَهُ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَأَيْضًا الْمَسْئُولُ بِهِ هُنَا غَيْرُ الْمَسْئُولِ بِهِ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ قَالَ: اقْضِ الْأَلْفَ وَهُنَاكَ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِنَعَمْ) فَلَوْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ كِنَايَةٌ؟ ح ل.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَقْضِي غَدًا) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ضَمِيرًا وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ ضَمِيرٍ لِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ عَلَى السَّوَاءِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا مَا ذُكِرَ فِيهَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَعْدَ بِالْقَضَاءِ يَتَبَادَرُ مِنْهُ الِاعْتِرَافُ بِخِلَافِ أَبْرَأْتَنِي؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ احْتِمَالًا قَرِيبًا أَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ إبْرَائِهِ مِنْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِالْبَاطِلِ س ل. (قَوْلُهُ: أَوْ أَمْهِلْنِي) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: أَبْرَأْتنِي لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ لَفْظِ " مِنْهُ "، فَلْيُحَرَّرْ فَرْقٌ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِذَلِكَ) أَيْ: حَيْثُ خَلَا عَنْ قَرِينَةِ اسْتِهْزَاءٍ ح ل. (فَرْعٌ)

لَوْ قَالَ: إنْ شَهِدَ عَلَيَّ فُلَانٌ فَهُوَ صَادِقٌ كَانَ إقْرَارًا وَيَنْبَغِي وِفَاقًا لمر أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ لَا تُقْبَلُ كَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ، فَلْيُنْظَرْ. اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِكَ) أَوْ هِيَ صِحَاحٌ أَوْ مُكَسَّرَةٌ أَوْ كُلُّ مَا قُلْتَهُ عِنْدِي حَجّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ، كَانَ إقْرَارًا مَعَ احْتِمَالِ الْوَعْدِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّكِرَةَ تَعُمُّ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ، فَالْفِعْلُ الْمُضَارِعُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ، فِي قُوَّةِ النَّكِرَةِ فَيَعُمُّ عُمُومًا شُمُولِيًّا فِي حَيِّزِ النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ فَكَانَ إقْرَارًا فِيهِ دُونَ قَوْلِهِ: أَوْ أَقِرُّ بِهِ. وَاسْتَشْكَلَ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ وَقَاعِدَةُ الْبَابِ " الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ ". وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ " لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ " أَنَّهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِ " أَنَا أَقِرُّ بِهِ " س ل.

. (قَوْلُهُ: إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ إقْرَارٌ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) فَلَوْ ادَّعَى صِبًا أَمْكَنَ وَجُنُونًا عُهِدَ وَإِكْرَاهًا، عَلَيْهِ أَمَارَةٌ كَحَبْسٍ وَتَرْسِيمٍ أَيْ: مُلَازَمَةٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ يُحْتَاطُ لَهَا فَيُقْبَلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَإِنْ أَمْكَنَ مَا ذُكِرَ الظَّاهِرُ الثَّانِي ح ل لَكِنْ تُؤَخَّرُ يَمِينُ الصَّبِيِّ لِبُلُوغِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ؟ اهـ حَجّ وَفِي الْعُبَابِ وَمَنْ أُكْرِهَ لِيُصَدِّقَ فَأَقَرَّ لَزِمَهُ شَوْبَرِيٌّ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا أَقَرَّ بِمَالٍ مُبْهَمٍ وَطَلَبَ مِنْهُ الْحَاكِمُ تَفْسِيرَهُ فَهَذَا إكْرَاهٌ بِحَقٍّ ع ش، وَفِيهِ أَنَّهُ إكْرَاهٌ عَلَى التَّفْسِيرِ لَا عَلَى الْإِقْرَارِ وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر وَظَاهِرٌ أَنَّ الضَّرْبَ حَرَامٌ فِي الشِّقَّيْنِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ ضَرْبٌ؛ لِيُقِرَّ أَوْ لِيُصَدِّقَ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ حِلَّهُ إذَا ضُرِبَ لِيُصَدِّقَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الضَّرْبُ خَفِيفًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] جُعِلَ الْإِكْرَاهُ مُسْقِطًا لِحُكْمِ الْكُفْرِ فَبِالْأَوْلَى مَا سِوَاهُ كَأَنْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>