للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِدَيْنٍ وَعَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَذُوبُ وَيَتُوبُ فِيهَا الْعَاصِي فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقِرُّ إلَّا بِتَحْقِيقٍ (وَلَا يُقَدَّمُ) فِيمَا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ وَفِي مَرَضِهِ لِآخَرَ بِآخَرَ، أَوْ أَقَرَّ فِي أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ، وَأَقَرَّ وَارِثُهُ بِآخَرَ (إقْرَارُ صِحَّةٍ) عَلَى إقْرَارِ مَرَضٍ (وَلَا) إقْرَارُ (مُورِثٍ) عَلَى إقْرَارِ وَارِثٍ بَلْ يَتَسَاوَيَانِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ وَإِقْرَارُ وَارِثِهِ كَإِقْرَارِهِ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنَيْنِ.

(وَ) شَرْطٌ (فِي الْمُقَرِّ لَهُ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقٍ) لِلْمُقَرِّ بِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِدُونِهِ كَذِبٌ (فَلَا يَصِحُّ) إقْرَارٌ (لِدَابَّةٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ (فَإِنْ قَالَ:) عَلَيَّ (بِسَبَبِهَا لِفُلَانٍ) كَذَا (صَحَّ) حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ اكْتَرَاهَا، أَوْ اسْتَعْمَلَهَا تَعَدِّيًا وَتَعْبِيرِي بِفُلَانٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَالِكِهَا مَعَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْهُمَا صَحَّ، وَعُمِلَ بِبَيَانِهِ (كَ) صِحَّةِ الْإِقْرَارِ (لِحَمْلِ هِنْدَ وَإِنْ أَسْنَدَهُ لِجِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ) كَقَوْلِهِ: أَقْرَضَنِيهِ أَوْ بَاعَنِي بِهِ شَيْئًا، وَيَلْغُو الْإِسْنَادُ الْمَذْكُورُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَقَوَّاهُ السُّبْكِيُّ وَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ، وَاسْتَدْرَكَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَغْوٌ فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ، فَهُوَ لَغْوٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهْمٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِحَالِ الْمَوْتِ وَفِي قَوْلٍ: بِحَالِ الْإِقْرَارِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ، ثُمَّ أَبَانَهَا وَمَاتَ لَمْ يُعْمَلْ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عُمِلَ بِإِقْرَارِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِحِرْمَانِ بَاقِيهِمْ وَقَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَاخْتَارَ جَمْعٌ عَدَمَ قَبُولِهِ إنْ اُتُّهِمَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ، بَلْ قَدْ تَقْطَعُ الْقَرَائِنُ بِكَذِبِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَخْشَى اللَّهَ أَنْ يَقْضِيَ أَوْ يُفْتِيَ بِالصِّحَّةِ وَلَا يُشَكَّ فِيهِ إذَا عَلِمَ أَنَّ قَصْدَهُ الْحِرْمَانُ وَقَدْ صَرَّحَ جَمْعٌ بِالْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي إقْرَارِ الزَّوْجَةِ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ فِي أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ أَنْ يُعَيِّنَ كَأَنْ قَالَ الْمُورِثُ: هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ وَقَالَ الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِهِ: هَذَا لِعَمْرٍو فَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا قَالَ: هَذَا لِزَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا لِعَمْرٍو وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمُقَرِّ بِهِ لِزَيْدٍ، وَيَغْرَمُ لِعَمْرٍو قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ حَقِّهِ لِإِقْرَارِهِ بِهِ لِزَيْدٍ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَيُسَلَّمُ الْمُقَرُّ بِهِ لِمَنْ سَمَّاهُ الْمُورِثُ، وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُ لِلثَّانِي تَنْزِيلًا لِإِقْرَارِ الْوَارِثِ مَنْزِلَةَ إقْرَارِ الْمُورِثِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّا إنَّمَا غَرِمْنَا الْمُقَرَّ لِعَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ حَالَ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ بَيْنَ حَقِّهِ وَبَيْنَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَإِنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ بِهِ لِعَمْرٍو وَقَعَ فِي حَالَةِ كَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ لَيْسَ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّ الْمُورِثَ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ بِإِقْرَارِهِ لِلْأَوَّلِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُقِرِّ وَدِيعَةٌ مَثَلًا وَغُصِبَتْ فِي حَيَاةِ الْمُورِثِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ إعْطَاءُ بَدَلِهَا مِنْ التَّرِكَةِ ع ش عَلَى م ر هَذَا وَالْوَجْهُ عَدَمُ صِحَّةِ إقْرَارِ وَارِثِهِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَجْنَبِيٌّ لِخُرُوجِهَا بِإِقْرَارِ الْمُورِثِ إلَى مَنْ أَقَرَّ لَهُ وَلَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحِسِّ فِي يَدِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: الدَّارُ الَّتِي فِي تَرِكَةِ مُورِثِي لِزَيْدٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِعَمْرٍو وَالْأَظْهَرُ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّ وَارِثُهُ) أَيْ: بَعْدَ مَوْتِهِ لَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَسْتَوِيَانِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ق ل.

. (قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقٍ) كَمَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ وَقَنْطَرَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ: بِدُونِهِ) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ الْأَهْلِيَّةِ التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ إقْرَارٌ لِدَابَّةٍ) أَيْ: مَمْلُوكَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُسَبَّلَةً، صَحَّ الْإِقْرَارُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَلَّةٍ وُقِفَتْ عَلَيْهَا أَوْ وَصِيَّةٍ م ر.

(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَالِكِهَا) أَيْ: لِشُمُولِهِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا وَالْمَوْقُوفَةَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَصِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِحَمْلِ هِنْدَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ قَالَ: لِحَمْلِ هِنْدَ كَذَا عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي بِإِرْثٍ مِنْ نَحْوِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِإِمْكَانِهِ وَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ وَلِيُّ الْحَمْلِ إذَا وَضَعَ، وَيُوضَعُ تَحْتَ يَدِهِ قَبْلَ وَضْعِهِ ع ش نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ حِينِ الِاسْتِحْقَاقِ مُطْلَقًا أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَهِيَ فِرَاشٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ إنْ اسْتَحَقَّهُ بِوَصِيَّةٍ فَلَهُ الْكُلُّ أَوْ بِإِرْثٍ مِنْ الْأَبِ وَهُوَ ذَكَرٌ فَكَذَلِكَ أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ إنْ أَسْنَدَهُ إلَى وَصِيَّةٍ وَأَثْلَاثًا إنْ أَسْنَدَهُ إلَى إرْثٍ فَإِنْ اقْتَضَتْ جِهَةُ ذَلِكَ التَّسْوِيَةَ كَوَلَدَيْ أُمٍّ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الثُّلُثِ وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِرْثَ سَأَلْنَاهُ عَنْ الْجِهَةِ وَعَمِلْنَا بِمُقْتَضَاهَا فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالتَّسْوِيَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ وَإِذَا أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ وَانْفَصَلَ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِلشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ فَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُقِرَّ حِسْبَةً عَنْ جِهَةِ إقْرَارِهِ مِنْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لِيَصِلَ الْحَقُّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ بَطَلَ، وَالْإِقْرَارُ لِرِبَاطٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ كَالْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ س ل قَالَ ق ل: فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِرْثَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ سُئِلَ وَعُمِلَ بِتَفْسِيرِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ جُعِلَ سَوِيَّةً، كَمَا لَوْ كَانَ عَنْ نَحْوِ وَصِيَّةٍ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْنَدَهُ لِجِهَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بَاطِلٌ كَالْإِسْنَادِ فَالضَّمِيرُ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ رَاجِعٌ لِلْإِقْرَارِ فَالصَّوَابُ مَا فَهِمَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ رُجُوعِهِ لَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ) أَيْ: الْإِقْرَارَ لَغْوٌ. (قَوْلُهُ: وَهِمَ) بِفَتْحَتَيْنِ فَفِي الْمِصْبَاحِ وَهَمَ فِي الْحِسَابِ يَوْهَمُ وَهَمًا مِثْلُ غَلِطَ يَغْلَطُ غَلَطًا وَزْنًا وَمَعْنًى. اهـ. وَأَمَّا وَهَمَ بِمَعْنَى اعْتَقَدَ اعْتِقَادًا مَرْجُوحًا فَهُوَ مِنْ بَابِ وَعَدَ فَفِي الْمُخْتَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>