للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَلْ الضَّمِيرُ فِي فَهُوَ لِلْإِسْنَادِ بِقَرِينَةِ كَلَامِ الشَّرْحَيْنِ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَصَحِيحٌ.

(وَ) شُرِطَ فِيهِ أَيْضًا (عَدَمُ تَكْذِيبِهِ) لِلْمُقِرِّ فَلَوْ كَذَّبَهُ فِي إقْرَارِهِ لَهُ بِمَالٍ تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ يَدَهُ تُشْعِرُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا، وَسَقَطَ إقْرَارُهُ بِمُعَارَضَتِهِ الْإِنْكَارَ حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدَ التَّكْذِيبِ قَبْلَ رُجُوعِهِ سَوَاءٌ أَقَالَ: غَلِطْتُ فِي الْإِقْرَارِ أَمْ " تَعَمَّدْتُ الْكَذِبَ " وَلَوْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ التَّكْذِيبِ لَمْ يُقْبَلْ فَلَا يُعْطَى إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ وَشُرِطَ أَيْضًا كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ مُعَيَّنًا تَعْيِينًا يُتَوَقَّعُ مَعَهُ طَلَبٌ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ كَالْأَصْلِ بِالتَّعْبِيرِ بِهِنْدَ، فَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ مَالٌ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ مَالٌ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مَثَلًا

[دَرْس] (وَ) شُرِطَ (فِي الْمُقَرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ) مِلْكًا (لِلْمُقِرِّ) حِينَ يُقِرُّ (فَقَوْلُهُ: دَارِي أَوْ دَيْنِي) الَّذِي عَلَيْكَ (لِعَمْرٍو لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ لَهُ فَيُنَافِي الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ إذْ هُوَ إخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْوَعْدِ بِالْهِبَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَهَمَ فِي الشَّيْءِ مِنْ بَابِ وَعَدَ إذَا ذَهَبَ وَهْمُهُ إلَيْهِ وَهُوَ يُرِيدُ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ: بَلْ الضَّمِيرُ فِي " فَهُوَ " لِلْإِسْنَادِ إلَخْ) الصَّحِيحُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ لِلْإِقْرَارِ وَأَنَّهُ لَغْوٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ع ش

. (قَوْلُهُ: عَدَمُ تَكْذِيبِهِ) مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَهُوَ الْمُقَرُّ لَهُ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: لِلْمُقِرِّ وَمِثْلُهُ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ التَّكْذِيبِ وَإِرْثِهِ، كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَذَّبَهُ فِي إقْرَارِهِ لَهُ بِمَالٍ) مِثْلُ الْمَالِ الِاخْتِصَاصُ وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَرَدَّهُ لَا تُسْتَوْفَيْ مِنْهُ فَالتَّقْيِيدُ بِالْمَالِ إنَّمَا هُوَ لِقَوْلِهِ: تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ عَدَمُ التَّكْذِيبِ مُطْلَقًا، كَمَا مَرَّ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) أَيْ: إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَا يُطَالَبُ بِهِ إنْ كَانَ دَيْنًا ح ل. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ إقْرَارُهُ بِمُعَارَضَتِهِ الْإِنْكَارَ) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى بِالْوَطْءِ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي نَزْعُهُ مِنْ يَدِهِ إلَّا إنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لُقَطَةٌ ح ل. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ رَجَعَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ بِالتَّكْذِيبِ بَطَلَ إقْرَارُهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: قُبِلَ رُجُوعُهُ) وَفَائِدَةُ قَبُولِ رُجُوعِهِ أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَقَبْلَ الرُّجُوعِ لَيْسَ لَهُ إلَّا ظَاهِرًا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَيَّنَ لِتَكْذِيبِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ إلَخْ) مَا لَمْ يَكُنْ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ: طَلَّقْتَنِي عَلَى هَذِهِ الْعَيْنِ فَقَالَ: لَمْ أُطَلِّقْ، ثُمَّ اعْتَرَفَ بِالطَّلَاقِ، فَإِنَّ الْعَيْنَ تَعُودُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ لِلْإِقْرَارِ انْتَهَى ز ي. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ: إلَّا إنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ فِيمَا يَظْهَرُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ: فَلِأَحَدِهِمْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ لَهُ وَلِلثَّانِي فَهَلْ يَأْخُذُهُ الثَّالِثُ لِتَعَيُّنِ الْإِقْرَارِ لَهُ أَوْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَ فِي التُّحْفَةِ الْأَوَّلَ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ح ل فَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: أَنَا الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ صُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ أَيْ: إنْ كَذَّبَهُ وَلَوْ قَالَ: عِنْدِي مَالٌ لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ نَزَعَهُ مِنْهُ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ ضَائِعٍ وَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ مَا لَمْ يَدَّعِ أَوْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لُقَطَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَيْ: أَنْ لَا يَأْتِيَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ بِمَا فِي يَدِ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ مِلْكُ زَيْدٍ كَانَ غَيْرَ مُؤَاخَذٍ بِهِ الْآنَ ع ش وَحِينَئِذٍ، فَحَقُّ هَذَا الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ مِنْ شُرُوطِ الصِّيغَةِ أَيْ: مِنْ شُرُوطِ صَرَاحَتِهَا، كَمَا يُشِيرُ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ قَالَ الْبَغَوِيّ: إلَخْ.

(قَوْلُهُ: حِينَ يُقِرُّ) ظَرْفٌ لِلنَّفْيِ أَوْ ظَرْفٌ لِمِلْكًا أَيْ: الشَّرْطُ انْتِفَاءُ مِلْكِهِ فِي حَالَةِ الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ: دَارِي أَوْ دَيْنِي إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ: أَوْ دَيْنِي الَّذِي عَلَيْكَ) الْخِطَابُ لَيْسَ قَيْدًا، بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِفُلَانٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ لِعَمْرٍو فَإِنَّهُ إقْرَارٌ صَحِيحٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ الْإِضَافَةُ لِلْمُقِرِّ الَّتِي تُنَافِي الْإِقْرَارَ سم. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمُضَافُ مُشْتَقًّا وَلَا فِي حُكْمِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اقْتَضَتْ الِاخْتِصَاصَ بِالنَّظَرِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَبْدَأُ الِاشْتِقَاقِ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ قَوْلُهُ: دَارِي أَوْ دَيْنِي لِعَمْرٍو لَغْوًا لِأَنَّ الْمُضَافَ فِيهِ غَيْرُ مُشْتَقٍّ فَأَفَادَتْ الْإِضَافَةُ الِاخْتِصَاصَ مُطْلَقًا، وَمِنْ لَازِمِهِ الْمِلْكُ بِخِلَافِ مَسْكَنِي وَمَلْبُوسِي فَإِنَّ إضَافَتَهُ إنَّمَا تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى وَاللُّبْسُ لَا مُطْلَقًا لِاشْتِقَاقِهِ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر وَهَذَا التَّفْصِيلُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ قَالَ: مَسْكَنِي أَوْ مَلْبُوسِي إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُضَافَ إلَى الْمُقِرِّ تَارَةً يَكُونُ جَامِدًا وَتَارَةً يَكُونُ مُشْتَقًّا فَإِنْ كَانَ جَامِدًا، كَمَا فِي مِثَالِهِ اقْتَضَى عَدَمَ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَهُوَ يُفِيدُ الْمِلْكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُشْتَقًّا كَانَ إقْرَارًا كَمَسْكَنِي أَوْ مَلْبُوسِي إذْ هُوَ يَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ بِمَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ وَهُوَ السُّكْنَى وَاللُّبْسُ وَالِاخْتِصَاصُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمِلْكَ فَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِضَافَةَ أَيْ إضَافَةَ الْجَوَامِدِ. (قَوْلُهُ: فَيُنَافِي الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ) أَيْ: لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ إزَالَةً عَنْ مِلْكِهِ وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ عَلَى الْخَبَرِ أَيْ: تَقَدُّمِ ثُبُوتِ مَدْلُولِهِ فِي الْخَارِجِ ع ن. (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ إخْبَارٌ) أَيْ: لَا نَقْلُ مِلْكِ شَخْصٍ لِشَخْصٍ آخَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>