للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْبَغَوِيّ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْإِقْرَارَ قُبِلَ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ: مَسْكَنِي أَوْ مَلْبُوسِي لِزَيْدٍ فَهُوَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْكُنُ أَوْ يَلْبَسُ مِلْكَ غَيْرِهِ (لَا) قَوْلُهُ (هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ) مِلْكًا (لِي إلَى أَنْ أَقْرَرْتُ) بِهِ فَلَيْسَ لَغْوًا اعْتِبَارًا بِأَوَّلِهِ، وَكَذَا لَوْ عَكَسَ فَقَالَ: هَذَا مِلْكِي هَذَا لِفُلَانٍ؛ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ، صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ " دَارِي الَّتِي هِيَ مِلْكِي لِفُلَانٍ " (وَأَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ وَلَوْ مَآلًا) لِيُسَلَّمَ بِالْإِقْرَارِ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ حَالًّا، ثُمَّ صَارَ بِهَا عَمَلًا بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِأَنْ يُسَلَّمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ (فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ شَخْصٍ) بِيَدِ غَيْرِهِ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

(قَوْلُهُ: قَالَ الْبَغَوِيّ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَلَوْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ فِي دَارِي لِزَيْدٍ إضَافَةَ سَكَنِي صَحَّ، كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِفْسَارَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْعَمَلِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ: الدَّيْنُ الَّذِي كُتِبَ بِاسْمِهِ عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو صَحَّ إذْ لَا مُنَافَاةَ أَيْضًا أَوْ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ قَالَ: وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ، وَكَذَا إنْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ انْتَقَلَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِذَلِكَ، كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا فَصَلَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ صَارَ لِزَيْدٍ فَلَا يَنْتَقِلُ بِالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَيْهِ إنَّمَا تَكُونُ بِالْحَوَالَةِ وَهِيَ تُبْطِلُ الرَّهْنَ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ لَهُ بَقِيَ الرَّهْنُ بِحَالِهِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْإِقْرَارَ قُبِلَ) فَهُوَ كِنَايَةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَتُحْمَلُ الْإِضَافَةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى أَدْنَى مُلَابَسَةٍ. اهـ. اط ف وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الدَّارِ وَأَمَّا فِي الدَّيْنِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ دَيْنِي الَّذِي كُتِبَ بِاسْمِي. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَغْوًا إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِجُمْلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا تَضُرُّهُ وَالْأُخْرَى تَنْفَعُهُ عُمِلَ بِمَا يَضُرُّ مِنْهُمَا سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَإِنْ أَتَى بِجُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ فِيهَا مَا يَضُرُّهُ وَمَا يَنْفَعُهُ لَغَتْ إنْ قَدَّمَ النَّافِعَ كَقَوْلِهِ: دَارِي لِقَوْلِهِ: وَإِنْ قَدَّمَ الضَّارَّ عُمِلَ بِهِ نَحْوُ: لِفُلَانٍ دَارِي اهـ عَنَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِأَوَّلِهِ) يَعْنِي: إنَّ قَوْلَهُ: هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكًا لِي اشْتَمَلَ عَلَى جُمْلَتَيْنِ مُتَنَاقِضَتَيْنِ فَعُمِلَ بِأُولَاهُمَا وَأُلْغِيَتْ الْأُخْرَى فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ أَيْ: إلَى قُرْبِ " أَنْ أَقْرَرْت " بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ بَيْنَ " إلَى " وَمَدْخُولِهَا يُرِيدُ بِهِ تَصْحِيحَ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ صَحِيحَةً لَا مُلْغَاةً مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودِ إلْغَاؤُهَا وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ قَالَ: هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكًا لِي إلَى أَنْ أَقْرَرْتُ بِهِ فَأَوَّلُ كَلَامِهِ إقْرَارٌ وَآخِرُهُ لَغْوٌ قَالَ م ر: فَلْيُطْرَحْ آخِرُهُ فَقَطْ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَا وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْغَايَةُ أَيْ: قَوْلُهُ: إلَى أَنْ أَقْرَرْت دَاخِلَةً؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَكُونُ مُلْغَاةً إلَّا حِينَئِذٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِخُرُوجِهَا، وَقَوْلُهُ بَعْدَ إنْكَارٍ أَيْ: بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مِلْكًا لَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ. اهـ. ع ن.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ " دَارِي الَّتِي هِيَ مِلْكِي لِفُلَانٍ ") أَيْ: فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا لِلتَّنَاقُضِ الصَّرِيحِ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا: دَارِي لِزَيْدٍ لِاتِّحَادِ حُكْمَيْهِمَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: دَارِي أَوْ دَيْنِي لِعَمْرٍو حَيْثُ صَحَّ مَعَ إرَادَةِ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَ " لِي سُكْنَاهَا بِأُجْرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا " لِصِحَّةِ الْإِضَافَةِ مَعَ ذَلِكَ فَصَحَّ إرَادَةُ الْإِقْرَارِ نَظَرًا لِذَلِكَ بِخِلَافِ هَذِهِ فَقَدْ صَرَّحَ فِيهَا بِالْمِلْكِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ هُنَا عِنْدَ إرَادَةِ الْإِقْرَارِ بِحَمْلِ الْمِلْكِ فِيهَا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ لَمْ يَبْعُدْ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ، وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ إرَادَةُ الْإِقْرَارِ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَتُهُ عَلَى الشَّارِحِ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إقْرَارٌ حَمْلًا لِقَوْلِهِ: دَارِي الَّتِي هِيَ مِلْكِي عَلَى الْمَجَازِ يَعْنِي الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ مِلْكِي قَبْلُ هِيَ لِزَيْدٍ الْآنَ غَايَتُهُ أَنَّهُ أَضَافَهَا لِنَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ) أَيْ: حِسًّا أَوْ حُكْمًا فَدَخَلَ فِي الثَّانِي نَحْوُ الْمُعَارِ وَالْمُؤَجَّرِ حَالَةَ كَوْنِهِمَا تَحْتَ يَدِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُكْتَرِي شَرْحُ م ر وع ش فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ فِي يَدِهِ أَنَّهُ فِي تَصَرُّفِهِ فَلَا يُرَدُّ نَحْوُ الْغَاصِبِ رَشِيدِيٌّ وَهَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْأَعْيَانِ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا الشَّرْطُ. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ كَوْنِهِ بِيَدِهِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُسَلَّمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ) وَمَعْنَى كَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ يُسَلِّمُ الْمُقَرَّ لَهُ فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ الْحُرِّيَّةُ وَهِيَ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا تَسْلِيمَ نَفْسِهِ إلَيْهِ بِسَبَبِ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهِ فَكَأَنَّهُ أَعْطَى لَهُ الْحُرِّيَّةَ وَمَعْنَى كَوْنِ الْحُرِّيَّةِ بِيَدِ الْمُقِرِّ أَنَّ مَحَلَّهَا بِيَدِهِ أَوْ أَنَّهَا بِيَدِهِ حُكْمًا تَبَعًا لِمَحِلِّهَا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ شَخْصٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَأَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ وَلَوْ مَآلًا ع ش.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ: لِنَفْسِهِ فَلَوْ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِحُرِّيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ وَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ الشِّرَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ ح ل وَفِي شَرْحِ م ر التَّصْرِيحُ بِالصِّحَّةِ وَعِبَارَةُ ق ل، ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَيْ: لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ بِنَحْوِ وَكَالَةٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَظَاهِرُ ذَلِكَ جَوَازُ الْعَقْدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ رُبَّمَا يَجِبُ إنْ تَعَيَّنَ الْخَلَاصُ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، اهـ وَمِثْلُ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ مِلْكُهُ لَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>