للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ بَعْدَ أَنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَكَوْنُ الْمُقِرِّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِي، فَلَوْ أَقَرَّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ بِأَبٍ أَوْ أَخٍ لَمْ يُقْبَلْ لِتَضَرُّرِ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْحَقَ النَّسَبَ بِنَفْسِهِ كَأَنْ أَقَرَّ بِابْنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ثُبُوتُ نَسَبِهِ مِنْهُ لَوْ لَمْ يُقِرَّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَنَحْوُ الْأَبِ وَالْأَخِ يُمْكِنُ ثُبُوتُ نَسَبِهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ (وَكَوْنُهُ وَارِثًا) وَلَوْ عَامًّا بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَقَاتِلٍ وَرَقِيقٍ (حَائِزًا) لِتَرِكَةِ الْمُلْحَقِ بِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ، كَابْنَيْنِ أَقَرَّا بِثَالِثٍ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَرِثُ مِنْهُمَا وَيَرِثَانِ مِنْهُ.

(فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ حَائِزَيْنِ بِثَالِثٍ دُونَ الْآخَرِ) بِأَنْ أَنْكَرَ أَوْ سَكَتَ (لَمْ يُشَارِكْ الْمُقِرَّ) فِي حِصَّتِهِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (ظَاهِرًا) ؛ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ، أَمَّا بَاطِنًا، فَيُشَارِكُهُ فِيهَا فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ صَادِقًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهَا بِثُلُثِهَا فَقَوْلُ الْأَصْلِ: إنَّ الْمُسْتَلْحَقَ لَا يَرِثُ وَلَا يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي حِصَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اللَّام أَيْ: نُسِبَ لِلْأَصْلِ أَيْ: نُسِبَ غَيْرُهُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِلِعَانٍ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْمَصْدَرِ وَالْفِعْلِ أَيْ: نَفْيِهِ وَنَفَاهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ كَالْحَلِفِ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْمُقِرِّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ شَرْطٍ فِي الْإِلْحَاقِ بِالنَّفْسِ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِهِ حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْحَقَ النَّسَبَ بِنَفْسِهِ بِرْمَاوِيٌّ بِزِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: بِأَبٍ أَوْ أَخٍ) صُورَتُهَا أَنْ يُجْهَلَ أَبُوهُ وَيُعْلَمَ جَدُّهُ فَيَقُولُ: هَذَا أَبِي فَيُلْحِقُهُ بِجَدِّهِ فَهُوَ الْإِلْحَاقُ بِالْغَيْرِ فَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: هَذَا أَبِي إلْحَاقٌ بِالنَّفْسِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَحَاوَلَ بَعْضُهُمْ تَصْوِيرَهَا بِمَا إذَا كَانَ نَسَبُهُ ثَابِتًا لِأَبِيهِ وَأَرَادَ إلْحَاقَ أَبِيهِ بِجَدِّهِ لِكَوْنِهِ مَجْهُولَ النَّسَبِ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا بِالْأَبِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْأَبِ وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ هُوَ إقْرَارٌ بِالْأَبِ ضَرُورَةَ أَنَّ إلْحَاقَهُ بِجَدِّهِ فَرْعُ كَوْنِهِ أَبَاهُ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ: هَذَا أَبِي. فَالتَّصْوِيرُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ ع ش.

(قَوْلُهُ: لِتَضَرُّرِ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ) أَيْ: لِأَنَّ عَصَبَةَ النَّسَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى عَصَبَةِ الْوَلَاءِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَقَرَّ بِابْنٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِحْدَاثِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ يَقْدِرُ مَوْلَاهُ عَلَى مَنْعِهِ م ر وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قَدْ يُقَالُ: إنَّ التَّعْلِيلَ بِتَضَرُّرِ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ جَارٍ فِي هَذِهِ أَيْضًا اط ف.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ثُبُوتُ نَسَبِهِ) أَيْ: فَلَا نَظَرَ لِتَضَرُّرِ صَاحِبِ الْوَلَاءِ ح ل وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَعَ حَيَاتِهِ لَا يُمْكِنُ ثُبُوتُ نَسَبِ ابْنِهِ لَوْ لَمْ يُقِرَّ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْأَخِ فَإِنَّهُ مَعَ حَيَاتِهِ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ أَبِيهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَأَخٍ آخَرَ، فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ) فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يُمْكِنُ ثُبُوتُ نَسَبِهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْأَبَ مَيِّتٌ؟ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنْ يَكُونَ الْجَدُّ مَوْجُودًا فَيَسْتَلْحِقَهُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْجَدِّ وَلَدٌ فَيَسْتَلْحِقُ ذَلِكَ الْمَجْهُولَ بِأَنْ يَقُول: هَذَا أَخِي انْتَهَى ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَامًّا) فَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ الْإِمَامِ لِمَنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ فَيُلْحَقَ حِينَئِذٍ بِالْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَائِبُ الْوَارِثِ الَّذِي هُوَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ كَأَنْ قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا أَبُوهُ أَوْ هَذَا أَخُوهُ حَتَّى لَوْ حَكَمَ الْإِمَامُ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمَيِّتِ الْمَذْكُورِ ثَبَتَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُ الْقَضَاءَ بِعِلْمِهِ م ر. (قَوْلُهُ: حَائِزًا) وَلَوْ مَآلًا، كَمَا يَأْتِي س ل أَيْ: فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ إلَخْ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: حَائِزًا وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ، كَأَنْ أَقَرَّ بِعَمٍّ وَهُوَ حَائِزٌ لِتَرِكَةِ أَبِيهِ الْحَائِزِ لِتَرِكَةِ جَدِّهِ الَّذِي هُوَ الْمُلْحَقُ بِهِ فَإِنْ كَانَ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ جَدِّهِ فَلَا وَاسِطَةَ.

(قَوْلُهُ: وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ) فَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْوَرَثَةُ اُشْتُرِطَ مُوَافَقَةُ جَمِيعِهِمْ حَتَّى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَوْ وَارِثِهِمَا وَالْإِمَامِ عَنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَيُنْتَظَرُ كَمَالُ النَّاقِصِ وَحُضُورُ الْغَائِبِ فَإِنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ بِرْمَاوِيٌّ.

. (قَوْلُهُ: فِي حِصَّتِهِ) أَيْ: الَّتِي وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ صَادِقًا إلَخْ) وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُقِرِّ أَنْ يُشْرِكَهُ هَذَا الثَّالِثُ بِثُلُثِ مَا أَخَذَهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَخُوهُ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا فَكُلٌّ مِنْ الْمُقِرِّ وَالْمُكَذِّبِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُشَارَكَةُ الثَّالِثِ ظَاهِرًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ بَاطِنًا وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ الْمَتْنُ لِنَفْيِ مُشَارَكَةِ الثَّالِثِ لِلْمُقِرِّ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِأُخُوَّتِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُشَارَكَتُهُ فِي حِصَّتِهِ حَتَّى فِي الظَّاهِرِ وَهَلَّا قَالَ: أَمَّا بَاطِنًا فَيُشَارِكُهُ فِيهَا بِثُلُثِهَا إنْ كَانَ صَادِقًا مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ.

(قَوْلُهُ: بِثُلُثِهَا) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: وَجْهُهُ أَنَّ حَقَّهُ الثَّابِتُ بِزَعْمِ الْمُقِرِّ شَائِعٌ فِي يَدِهِ وَيَدِ صَاحِبِهِ وَقِيلَ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمِيرَاثِ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ شَيْءٌ إلَّا وَيُسَلَّمُ لِلْآخَرِ نَظِيرُهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الْكَلَامُ فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي الْبَاطِنِ وَهُوَ مَنْ كَذَّبَ الْمُقِرَّ لَا شَيْءَ لِهَذَا الثَّالِثِ وَمَعَ صِدْقِهِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الثُّلُثُ فَقَطْ بِرْمَاوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَخُصُّهُ مِنْ حِصَّتِهِ الَّتِي فِي يَدِهِ.

(قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ) أَيْ: ظَاهِرًا فَالثَّالِثُ إنَّمَا لَمْ يُشَارِكْ الْمُقِرُّ ظَاهِرًا وَلَمْ يَرِثْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَإِنَّمَا طُولِبَ مَنْ أَقَرَّ بِكَوْنِهِ ضَامِنًا لِعَمْرٍو فِي أَلْفٍ بِأَلْفٍ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْأَلْفُ عَلَى عَمْرٍو وَلَوْ كَذَّبَ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ مُطَالَبَتِهِمَا فَقَدْ يُطَالَبُ الضَّامِنُ فَقَطْ لِإِعْسَارِ الْأَصِيلِ أَوْ نَذْرِ الْمَضْمُونِ لَهُ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ أَوْ مَوْتِ الضَّامِنِ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ وَأَمَّا النَّسَبُ وَالْإِرْثُ فَبَيْنَهُمَا مُلَازَمَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْإِرْثِ بِالْقَرَابَةِ ثُبُوتُ النَّسَبِ وَلَا عَكْسَ أَيْ: لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>