للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَدَفْنٍ) لِمَيِّتٍ (فَ) إنَّهُ (إنَّمَا يَرْجِعُ) بَعْدَ الْحَفْرِ (قَبْلَ الْمُوَارَاةِ) لَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ خِلَافَهُ (أَوْ بَعْدَ انْدِرَاسٍ) لِأَثَرِهِ إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهِ، وَصُورَتِهِ فِي الثَّانِيَةِ إذَا أَذِنَ الْمُعِيرُ فِي تَكْرَارِ الدَّفْنِ وَإِلَّا فَقَدْ انْتَهَتْ الْعَارِيَّةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى بَعْضِ الشُّرُوطِ، وَالْمُرَادُ جَوَازُهَا أَصَالَةً وَإِلَّا فَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا اللُّزُومُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَقَدْ ذَكَرَ م ر مِنْ ذَلِكَ صُوَرًا كَثِيرَةً.

(قَوْلُهُ: كَدَفْنٍ لِمَيِّتٍ) أَيْ: مُحْتَرَمٍ وَهُوَ كُلُّ مَنْ وَجَبَ دَفْنُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالذِّمِّيُّ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْمُوَارَاةِ) وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إذَا أَعَارَ كَفَنًا وَكَفَّنَ فِيهِ مَيِّتًا وَإِنْ لَمْ يُدْفَنْ وَلَمْ يُلَفَّ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ؛ لِأَنَّ فِي أَخْذِهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الِامْتِنَاعِ بَيْنَ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَالثَّلَاثِ وَالْخَمْسِ بِخِلَافِ مَا زَادَ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ عَارِيَّةٌ لَازِمَةٌ فَلَوْ نَبَشَ عَلَى الْمَيِّتِ سَبُعٌ وَأَكَلَهُ انْتَهَتْ الْعَارِيَّةُ وَرَجَعَ لِلْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ عَلَى الْأَصَحّ وَمَا لَوْ قَالَ: أَعِيرُوا دَارِي بَعْدَ مَوْتِي شَهْرًا لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ أَيْ: إنْ خَرَجَتْ أُجْرَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَمَا لَوْ أَعَارَ دَابَّةً أَوْ سِلَاحًا لِلْغَزْوِ فَالْتَقَى الصَّفَّانِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَنْكَشِفَ الْقِتَالُ وَمَا لَوْ أَعَارَ السُّتْرَةَ لِلصَّلَاةِ فَإِذَا اسْتَعَارَهَا لِيُصَلِّيَ فِيهَا الْفَرْضَ، وَشَرَعَ فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَتِهِمَا وَإِذَا اسْتَعَارَهَا لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ فَتَكُونُ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ وَنَزْعُ الثَّوْبِ لَا إعَارَةٌ وَجَائِزَةٌ مِنْ جِهَتِهِمَا إنْ أَحْرَمَ بِنَقْلٍ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ أَعَارَ دَارًا لِسُكْنَى مُعْتَدَّةٍ فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ وَمَا لَوْ أَعَارَ جِذْعًا لِيُسْنِدَ إلَيْهِ جِدَارًا مَائِلًا فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ لَهُ وَكَذَا لَوْ أَعَارَ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَمَّا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ كَآلَةٍ لِسَقْيِ مُحْتَرَمٍ أَوْ مَا بَقِيَ نَحْوُ بَرْدٍ مُهْلِكٍ أَوْ مَا يُنْقِذُ بِهِ غَرِيقًا وَقِيَاسُ مَا مَرَّ ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ أَيْضًا. اهـ. شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ) الْمُتَّجِهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى أَرْضِ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ مِنْ هَوَاءِ الْقَبْرِ بَعْدَ إدْلَائِهِ إزْرَاءً لَهُ. فَلْيُتَأَمَّلْ. سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ أَيْ: أَوْ إدْلَاءِ بَعْضِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ انْدِرَاسٍ) وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْدِرَاسُهُ فِيهَا، كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ نَبِيًّا أَوْ شَهِيدًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَنْدَرِسَانِ وَبِهِ صَرَّحَ م ر وَلَوْ وَقَّتَ الْعَارِيَّةُ بِمُدَّةٍ لَا يَبْلَى الْمَيِّتُ فِيهَا عَادَةً فَسَدَتْ وَإِذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ لَا يَجِبُ تَعْيِينُ كَوْنِ الْمَيِّتِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا نَعَمْ، إنْ كَانَ شَهِيدًا يَنْبَغِي تَعْيِينُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْلَى وَهَلْ تَجُوزُ زِيَارَةُ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ قَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ لِلْعَادَةِ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْقَبْرِ سَيْلٌ أَوْ سَبُعٌ، رُدَّ إلَيْهِ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ لَمْ تُقْسَمْ وَإِلَّا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ ح ل وَهُوَ حَسَنٌ وَاسْتَفَدْنَا مِنْ مَنْعِ رُجُوعِ الْمُعِيرِ قَبْلَ الِانْدِرَاسِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ أَيْضًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ غَيْرُ قَاضٍ وَالْمَيِّتُ لَا مَالَ لَهُ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ) أَيْ: فَلَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الرُّجُوعِ انْدِرَاسُهُ لِوُرُودِ الْأَدِلَّةِ بِأَنَّ عَجْبَ الذَّنَبِ لَا يَفْنَى وَلِلْمُعِيرِ سَقْيُ شَجَرَةِ الْمَقْبَرَةِ إنْ أَمِنَ ظُهُورَ شَيْءٍ مِنْ الْمَيِّتِ وَضَرَرِهِ وَلَوْ أَظْهَرَهُ السَّيْلُ مِنْ قَبْرِهِ وَجَبَ إعَادَتُهُ فِيهِ فَوْرًا، مَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ إلَى مَوْضِعٍ مُبَاحٍ يُمْكِنُ دَفْنُهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ شَرْحُ م ر وَعَجْبُ الذَّنَبِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةً وَيُقَالُ لَهُ عَجْمٌ بِالْمِيمِ أَيْضًا عِوَضًا عَنْ الْبَاءِ وَهُوَ عَظْمٌ لَطِيفٌ فِي أَصْلِ الصُّلْبِ وَهُوَ رَأْسُ الْعُصْعُصِ، وَهُوَ مَكَانُ رَأْسِ الذَّنَبِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَفِي حَدِيثٍ " إنَّهُ مِثْلُ حَبَّةِ الْخَرْدَلِ " وَفِي حَدِيثٍ «كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ» قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي هَذَا سِرٌّ لَا نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ مَنْ يُظْهِرُ الْوُجُودَ مِنْ الْعَدَمِ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ يَبْنِي عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جُعِلَ عَلَامَةً لِلْمَلَائِكَةِ عَلَى إحْيَاءِ كُلِّ إنْسَانٍ بِجَوْهَرِهِ وَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ لِلْمَلَائِكَةِ بِذَلِكَ إلَّا بِبَقَاءِ جُزْءٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ إعَادَةُ الْأَرْوَاحِ إلَى تِلْكَ الْأَعْيَانِ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنَّا وَلَوْلَا إبْقَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ لَجَوَّزَتْ الْمَلَائِكَةُ الْإِعَادَةَ إلَى أَمْثَالِ الْأَجْسَادِ لَا إلَى نَفْسِ الْأَجْسَادِ، وَقَوْلُهُ: مِنْهُ خُلِقَ يَعْنِي أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ يُخْلَقُ مِنْ الْآدَمِيِّ وَلَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ سَلْمَانَ «إنَّ أَوَّلَ مَا خُلِقَ مِنْ ابْنِ آدَمَ رَأْسُهُ» ؛ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا فِي حَقِّ آدَمَ وَذَاكَ فِي حَقِّ بَنِيهِ، أَوْ الْمُرَادُ بِقَوْلِ سَلْمَانَ نَفْخُ

<<  <  ج: ص:  >  >>