للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ الْمُوَارَاةِ، غَرِمَ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ مُؤْنَةَ حَفْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الطِّمُّ وَكَطَرْحِ مَالٍ فِي سَفِينَةٍ بِاللُّجَّةِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ تَصِلَ إلَى الشَّطِّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ.

(وَإِذَا أَعَارَ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ وَلَوْ إلَى مُدَّةٍ، ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ أَنْ بَنَى الْمُسْتَعِيرُ أَوْ غَرَسَ (فَإِنْ شَرَطَ) عَلَيْهِ (قَلْعَهُ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

الرُّوحِ فِي آدَمَ لَا خَلْقُ جَسَدِهِ. انْتَهَى. شَوْبَرِيٌّ أَيْ: الْمُرَادُ بِقَوْلِ سَلْمَانَ: أَوَّلُ مَا خُلِقَ مِنْ ابْنِ آدَمَ رَأْسُهُ أَنَّهَا أَوَّلُ مَا تُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَكَأَنَّهَا أَوَّلُ مَا خُلِقَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ الْمُوَارَاةِ إلَخْ) هَذَا عَلَى كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: غَرِمَ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَ الْحَافِرُ الْوَارِثَ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتَ بِأَنْ اسْتَعَارَ الْأَرْضَ لِيَحْفِرَ لَهُ فِيهَا قَبْرًا وَحَفَرَ، ثُمَّ مَاتَ وَرَجَعَ الْمُعِيرُ لَمْ يَغْرَمْ أُجْرَةَ الْحَفْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا حَفَرَهُ فِي حَالَ حَيَاتِهِ بِرْمَاوِيٌّ وسم، وَفِي تَصَوُّرِ الرُّجُوعِ نَظَرٌ؛ لِانْتِهَاءِ الْعَارِيَّةُ بِمَوْتِ الْمُسْتَعِيرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ وَلِيَّ الْمَيِّتِ أَوْ وَارِثَهُ.

(قَوْلُهُ: مُؤْنَةُ حَفْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحْفِرُ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حَفَرَهُ مُتَبَرِّعٌ بِقَصْدِ الْمُسْتَعِيرِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْنَةِ مَا يُقَابِلُ الْحَفْرَ عَادَةً لَا مَا صَرَفَهُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ ع ش وَهَذَا يُخَالِفُ مَا لَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَحَرَثَهَا، ثَمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الْحَارِثِ لِأَنَّ الدَّفْنَ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْحَفْرِ فَهُوَ مُوَرِّطٌ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ زَرْعِ الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ بِدُونِ حَرْثٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يُمْكِنْ زَرْعُهَا إلَّا بِالْحَرْثِ كَأَرْضٍ يَابِسَةٍ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الدَّفْنِ. انْتَهَى. ز ي.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الطَّمُّ) أَيْ: رَدْمُ مَا حَفَرَهُ لِلْإِذْنِ فِيهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَكَطَرْحِ مَالٍ) أَيْ: وَضْعِهِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: كَدَفْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ تَصِلَ إلَى الشَّطِّ) أَيْ: فَيَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى أَقْرَبِ مَأْمَنٍ وَلَوْ مَبْدَأَ السَّيْرِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ إنْ كَانَ أَقْرَبَ سم عَلَى حَجّ. وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُ الْعِبَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ، لَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُهَا عَلَى عَقْدٍ بَلْ حَيْثُ رَجَعَ وَجَبَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ كُلِّ مُدَّةٍ مَضَتْ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ، حَيْثُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ صَارَتْ الْعَيْنُ أَمَانَةً؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ عَارِيَّةً صَارَ لَهَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجَرَةِ. (فَائِدَةٌ)

كُلُّ مَسْأَلَةٍ امْتَنَعَ عَلَى الْمُعِيرِ الرُّجُوعُ فِيهَا تَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ إذَا رَجَعَ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ، إذْ أَعَارَ لِلدَّفْنِ فِيهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ قَبْلَ انْدِرَاسِ الْمَيِّتِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ إذَا رَجَعَ وَمِثْلُهَا إعَارَةُ الثَّوْبِ لِلتَّكْفِينِ فِيهِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُقَابِلِ وَإِذَا أَعَارَ الثَّوْبَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ أَيْضًا، وَإِذَا أَعَارَ سَيْفًا لِلْقِتَالِ فَإِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ عَادَةً كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَنَقَلَ اعْتِمَادَ م ر فِيهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: إلَى الشَّطِّ) وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ بِالْقَوْلِ إلَى أَنْ تَصِلَ إلَى الشَّطِّ ح ل. وَمُقْتَضَى لُزُومِ الْأُجْرَةِ أَنَّهُ يَصِحّ رُجُوعُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهَا لِلشَّطِّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالرُّجُوعِ فِي كَلَامِهِ تَفْرِيغُ الْمَالِ مِنْهَا لَا الرُّجُوعُ بِالْقَوْلِ، وَضَعَّفَ س ل كَلَامَ الشَّارِحِ وَقَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ قَبْلَ الشَّطِّ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ.

(قَوْلُهُ: أَعَمُّ وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ) عِبَارَتُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا رُجُوعٌ فِي الْعَارِيَّةُ مَتَى شَاءَ، إلَّا إذَا أَعَارَ لِدَفْنٍ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ. انْتَهَى. وَوَجْهُ الْعُمُومِ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ لَا تَشْمَلُ طَرْحَ الْمَالِ فِي السَّفِينَةِ وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تَقْتَضِي أَنَّهُ مَتَى أَعَارَ لِلدَّفْنِ لَزِمَتْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ بِمَوْضِعِ مَوْتِهِ وَلَمْ يُنْقَلْ مِنْهُ ع ش.

. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ بَنَى الْمُسْتَعِيرُ أَوْ غَرَسَ) ، أَمَّا لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ قَلَعَ مَجَّانًا وَكُلِّفَ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَلْزَمَهُ الْأُجْرَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ. اهـ. سم عَلَى حَجّ ع ش.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ قَلْعَهُ) أَيْ: عِنْدَ الرُّجُوعِ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ تَمَلُّكَهُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الرُّجُوعِ يَلْزَمُهُ، كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ، م ر شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ شَرْطِ الْقَلْعِ صُدِّقَ الْمُعِيرُ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعَارِيَّةُ؛ لِأَنَّ مَنْ صُدِّقَ فِي شَيْءٍ صُدِّقَ فِي صِفَتِهِ وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى تَصْدِيقِ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ وَاحْتِرَامُ مَالِهِ قَالَهُ م ر فِي شَرْحِهِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي حُصُولِ التَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ لَا حَيْثُ صُدِّقَ الْمُسْتَعِيرُ، ثُمَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ الْمُعِيرُ هُنَا رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ وَهُوَ لَوْ ادَّعَى عَدَمَهُ صُدِّقَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ التَّلَفَ لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْعَقْدِ فَرَجَحَ جَانِبُ الْمُسْتَعِيرِ بِأَنَّ الْأَصْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>