أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: شَرَطَ الْقَلْعَ مَجَّانًا (لَزِمَهُ) قَلْعُهُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ كَمَا فِي تَسْوِيَةِ الْأَرْضِ فَإِنْ امْتَنَعَ قَلَعَهُ الْمُعِيرُ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَلْعَ (فَإِنْ اخْتَارَهُ) الْمُسْتَعِيرُ (قُلِعَ مَجَّانًا وَلَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) ؛ لِأَنَّهُ قُلِعَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ، إذَا قَلَعَ رَدَّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ إيجَابِ التَّسْوِيَةِ فِي الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ دُونَ الْحَاصِلَةِ بِالْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ لِحُدُوثِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ قَلْعَهُ (خُيِّرَ مُعِيرٌ بَيْنَ) ثَلَاثِ خِصَالٍ مِنْ (تَمَلُّكِهِ) بِعَقْدٍ (بِقِيمَتِهِ) مُسْتَحَقِّ الْقَلْعِ حِينَ التَّمَلُّكِ (وَقَلْعِهِ بِ) ضَمَانِ (أَرْشٍ) لِنَقْصِهِ، وَهُوَ قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا (وَتَبْقِيَتِهِ بِأُجْرَةٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَدَمُ ضَمَانِهِ وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِ م ر؛ لِأَنَّ مَنْ صُدِّقَ فِي شَيْءٍ إلَخْ ع ش.
(قَوْلُهُ: هُوَ أَعَمُّ) وَجْهُ الْعُمُومِ أَنَّ قَوْلَهُ: قَلْعُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ شَرَطَهُ مَجَّانًا أَوْ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ ع ش. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي تَسْوِيَةِ الْأَرْضِ) أَيْ: فَإِنَّهَا إنْ شُرِطَتْ لَزِمَتْهُ وَإِلَّا فَلَا ع ش.
(قَوْلُهُ: قَلَعَهُ الْمُعِيرُ) أَيْ: وَإِذَا احْتَاجَ الْقَلْعُ إلَى مُؤْنَةٍ صَرَفَهَا الْمُعِيرُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ صَرَفَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ. انْتَهَى ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) أَيْ: سَوَاءٌ شُرِطَتْ أَوْ لَمْ تُشْرَطْ فَفَرَّقَ بَيْنَ لُزُومِ التَّسْوِيَةِ عِنْدَ الْقَلْعِ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، حَيْثُ تَلْزَمُ مُطْلَقًا وَبَيْنَهَا عِنْدَ شَرْطِ الْقَلْعِ لَا تَلْزَمُ إلَّا إنْ شُرِطَتْ، كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعَ إلَخْ) أَيْ: وَلِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ إلَخْ فَهُوَ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَارَ الْمُعِيرُ الْقَلْعَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ: فَإِنْ اخْتَارَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا خُيِّرَ مُعِيرٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ فَهُوَ بَيَانٌ لَهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّسْوِيَةِ حَقِيقَتَهَا، وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَإِذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ فَإِنْ أَبَى، كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي امْتِنَاعِهِ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْمُعِيرِ وَهَذَا فِي امْتِنَاعِهِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: رَدَّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ عَوْدُ التُّرَابِ الَّذِي أُزِيلَ بِالْقَلْعِ إلَى مَكَانِهِ لَا تَحْصِيلُ تُرَابٍ مِنْ غَيْرِهِ، بَلْ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْهُ ق ل.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْحَاصِلَةِ بِالْبِنَاءِ) أَيْ: فَاَلَّذِي حَفَرَهُ وَغَرَسَ فِيهِ أَوْ بَنَى إذَا ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّسَعَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا خُيِّرَ مُعِيرٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةُ مَكْرُمَةٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا مَنْعُ الْمُعِيرِ، وَلَا تَضْبِيعُ مَالِ الْمُسْتَعِيرِ، فَأَثْبَتْنَا الرُّجُوعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا خَيَّرْنَا الْمُعِيرَ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْسِنُ وَلِأَنَّ الْأَرْضَ أَصْلٌ لِمَا فِيهَا اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَمِثْلُهُ فِي التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا، إذَا بَنَى أَوْ غَرَسَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُقَالُ: هُوَ كَالْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ ضَمَانَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَالِكُ هُوَ الْمُسَلِّطُ عَلَى ذَلِكَ كَالْمُعِيرِ هُنَا، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. فَكَثِيرًا مَا يُغْلَطُ فِيهِ، تَأَمَّلْ. شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ تَمَلُّكِهِ بِعَقْدٍ) أَيْ: مُسْتَقِلٍّ مُشْتَمِلٍ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: تَمَلُّكِهِ وَبِهِ صَرَّحَ م ر وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَعِيرُ بِذِمَّةِ الْمُعِيرِ أُجْبِرَ الْمُعِيرُ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوْ لَا، أَوْ عَلَى الْوَضْعِ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ ق ل بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَقَلْعُهُ) وَأُجْرَةُ الْقَلْعِ عَلَى الْمُعِيرِ وَأُجْرَةُ نَقْلِ النَّقْضِ عَلَى مَالِكِهِ س ل، وَكَذَا أُجْرَةُ نَقْلِ الْمَغْرُوسِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَالظَّاهِرُ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ مُؤْنَةَ الْقَلْعِ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ، وَالْغِرَاسُ كَالْإِجَارَةِ حَيْثُ يَجِبُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، أَمَّا أُجْرَةُ نَقْلِ النَّقْضِ فَعَلَى مَالِكِهِ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَدْرُ التَّفَاوُتِ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مُسْتَحَقَّةَ الْإِبْقَاءِ عَشْرَةً وَمُسْتَحَقَّ الْقَلْعِ تِسْعَةً، وَمَقْلُوعًا ثَمَانِيَةً، لَزِمَهُ وَاحِدٌ، فَإِذَا تَمَلَّكَهُ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ.
(قَوْلُهُ: بَيَّنَ قِيمَتَهُ قَائِمًا) أَيْ: مُسْتَحَقَّ الْقَلْعِ. (قَوْلُهُ: وَتَبْقِيَتُهُ بِأُجْرَةٍ) أَيْ: لِمِثْلِهِ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ مَعَ جَهَالَةِ الْمُدَّةِ، فَلِذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَأَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ سُلُوكُهُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ دَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ بِعِوَضٍ حَالٍّ بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ، فَيُنْظَرُ لِمَا شَغَلَهُ مِنْ الْأَرْضِ، ثُمَّ يُقَالُ: لَوْ أُجِرَ هَذَا لِنَحْوِ بِنَاءٍ دَائِمًا بِحَالٍّ كَمْ يُسَاوِي؟ فَإِذَا قِيلَ: كَذَا أَوْجَبْنَاهُ عَلَيْهِ. فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قَلَعَ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ عَلَى الدَّوَامِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا رَضِيَ بِالْأُجْرَةِ وَأَخَذَهَا كَانَ كَأَنَّهُ آجَرَهُ الْآنَ إجَارَةً مُؤَبَّدَةً شَرْحُ م ر. وَقَالَ ع ش نَقْلًا عَنْ سم قَوْلُهُ: وَتَبْقِيَتُهُ بِأُجْرَةٍ وَهَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى عَقْدِ إيجَارٍ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ أَمْ يَكْفِي مُجَرَّدُ اخْتِيَارِ الْمُعِيرِ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ بِمُجَرَّدِ الِاخْتِيَارِ؟ الْوَجْهُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدِ إيجَارٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ حَجّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ وَقَدْ يُقَالُ: إنْ عَقَدَ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَفِي ق ل قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ أَيْ: بِعَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَتُعْتَبَرُ أُجْرَتُهُ بِمَا مَرَّ فِي حَقِّ الْبِنَاءِ وَتَبِعَهُ حَجّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ مَوْضِعَ مَا قَلَعَ، وَلَوْ غَيْرَ جِنْسِهِ، وَأَنَّ لَهُ إجَارَةَ مَا بَيْنَ الْمَغْرُوسِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا التَّصْرِيحُ بِالْأُولَى، وَمِثْلُهَا الثَّانِيَةُ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِجَمِيعِ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ بِمَحَلِّ الْمَغْرُوسِ فَقَطْ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute