للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَنَظَائِرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا وِفَاقًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَصَاحِبَيْ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِمْ؛ وَلِمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الصُّلْحِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِيهِمَا هُنَا مِنْ تَخْصِيصِ التَّخْيِيرِ بِالْأُولَيَيْنِ وَلِمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِالْأَخِيرَتَيْنِ، وَإِذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ، فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَ فِي الْقَلْعِ نَقْصٌ، وَكَانَ الْمُعِيرُ غَيْرَ شَرِيكٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ، لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الْقَلْعُ فِي الْأَوَّلِ، وَالتَّبْقِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِي وَتَأْخِيرُ التَّخْيِيرِ إلَى بَعْدَ الْجُذَاذِ، كَمَا فِي الزَّرْعِ فِي الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَفِيمَا لَوْ وَقَفَ الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ أَوْ الْأَرْضَ كَلَامٌ ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) أَيْ الْمُعِيرُ شَيْئًا مِمَّا مَرَّ (تُرِكَا حَتَّى يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا) مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لِتَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَقْلَعَ مَجَّانًا وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ الْمُسْتَعِيرُ أُجْرَةً؛ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الِاخْتِيَارِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: حَتَّى يَخْتَارَا.

(وَلِمُعِيرٍ) زَمَنَ التَّرْكِ (دُخُولُهَا) أَيْ الْأَرْضِ (وَانْتِفَاعٌ بِهَا) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَهُ اسْتِظْلَالٌ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (وَلِمُسْتَعِيرٍ دُخُولُهَا لِإِصْلَاحٍ) بِتَرْمِيمِ بِنَاءٍ وَسَقْيِ غِرَاسٍ، وَغَيْرِهِمَا صِيَانَةً لِمِلْكِهِ عَنْ الضَّيَاعِ نَعَمْ إنْ تَعَطَّلَ نَفْعُهَا عَلَى مَالِكِهَا بِدُخُولِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ كَنَظَائِرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ) أَيْ: فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا وَبَنَى أَوْ غَرَسَ ثُمَّ أَخَذَهُ الشَّرِيكُ بِالشُّفْعَةِ فَالْمُشْتَرِي كَالْمُسْتَعِيرِ وَالشَّفِيعُ كَالْمُعِيرِ وَقَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا كَالْإِجَارَةِ فِيمَا لَوْ أَجَّرَهُ أَرْضًا لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ وَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ ثُمَّ رَجَعَ الْوَالِدُ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا بَيْعًا فَاسِدًا فَبَنَى فِيهَا الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ، ثُمَّ أَخَذَهَا الْبَائِعُ فَإِنَّهُ أَيْ: الْبَائِعَ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا، وَبَعْضُهُ فِي الشَّوْبَرِيِّ.

(قَوْلُهُ: بِالْأَوَّلِيَّيْنِ) هُمَا التَّمَلُّكُ وَالْقَلْعُ بِالْأَرْشِ وَالْأَخِيرَيْنِ هُمَا الْقَلْع بِالْأَرْشِ وَالتَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ مَوْقُوفَيْنِ. اهـ. ع ش بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ) نَعَمْ لَوْ اخْتَارَ قَلْعَ بَعْضٍ، وَتَبْقِيَةَ بَعْضٍ مَثَلًا لَمْ يَلْزَمْهُ مُوَافَقَتُهُ ق ل.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) أَيْ: الْمُسْتَعِيرُ كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى تَكْلِيفِهِ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُعِيرُ بِقَلْعِهِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ؟ فَلَعَلَّ الْمَعْنَى كُلِّفَ مُوَافَقَتَهُ لِلْمُعِيرِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ وَهُوَ الْقَلْعُ وَغَرَامَةُ أَرْشِ النَّقْصِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ) أَيْ: تَخْيِيرُ الْمُعِيرِ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُعِيرُ غَيْرَ شَرِيكٍ) أَيْ: فِي الْأَرْضِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَلْعِ نَقْصٌ وَالثَّانِي إذَا كَانَ الْمُعِيرُ شَرِيكًا وَالثَّالِثُ إذَا كَانَ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ. (قَوْلُهُ: وَالتَّبْقِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِي) أَيْ: فَلَيْسَ لَهُ الْقَلْعُ بِأَرْشِ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ قَلْعَ بِنَاءِ الْمَالِكِ وَغِرَاسِهِ مِنْ مِلْكِهِ وَلَا أَنْ يَتَمَلَّكَ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ لِلْبَانِي وَالْغَارِسِ فِي الْأَرْضِ مِثْلَ حَقِّ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ التَّخْيِيرِ) الْمُعْتَمَدُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ الْآنَ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ تَمَلَّكَهَا تَبَعًا إنْ اخْتَارَ التَّمَلُّكَ، وَإِلَّا أَبْقَاهَا إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ، كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: إلَى بَعْدِ الْجُذَاذِ) فِيهِ جَرُّ " بَعْدَ " بِإِلَى وَلَا تُجَرُّ بَعْدَ وَقَبْلَ وَعِنْدَ إلَّا بِمِنْ فِي الْكَثِيرِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى قِلَّةٍ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الزَّرْعِ) مُقْتَضَاهُ ثُبُوتُ التَّخْيِيرِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَلْزَمُهُ تَبْقِيَتُهُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ زَرْعِ إلَخْ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: كَمَا فِي الزَّرْعِ أَيْ: كَمَا يَمْتَنِعُ الْقَلْعُ حَالًا فِي الزَّرْعِ فَفِي التَّشْبِيهِ مُسَامَحَةٌ. اهـ. أُجِيبَ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي مُطْلَقِ التَّأْخِيرِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّخْيِيرِ أَيْ: فَالتَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي كُلٍّ تَأْخِيرًا، وَإِنْ كَانَ الْمُؤَخَّرُ فِي الْمُشَبَّهِ التَّخْيِيرَ، وَفِي الْمُشَبَّهِ بِهِ الْقَلْعَ إذْ لَا خِيَارَ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ.

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا لَوْ وَقَفَ) أَيْ: الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُعِيرُ فَقَوْلُهُ: الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْأَرْضَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعِيرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إذَا وَقَفَ الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ امْتَنَعَ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُتَمَلَّكُ وَأَنَّ الْمُعِيرَ لَوْ وَقَفَ الْأَرْضَ لَمْ يَقْلَعْ بِالْأَرْشِ إلَّا إذَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ مِنْ الْإِبْقَاءِ بِالْأُجْرَةِ ح ل وَلَا يَتَمَلَّكُهُ بِالْقِيمَةِ، إلَّا إنْ تَبَرَّعَ بِهَا أَوْ كَانَتْ مِنْ الرُّبُعِ وَاقْتَضَاهُ شَرْطُ الْوَاقِفِ ز ي وَقَوْلُهُ: امْتَنَعَ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُتَمَلَّكُ وَقَوْلُهُ: وَاقْتَضَاهُ أَيْ: اقْتَضَى التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ بِأَنْ يَكُونَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ جَوَازُ تَحْصِيلِ مِثْلِ ذَلِكَ. فَتَلَخَّصَ أَنَّ النَّاظِرَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ بِالْقَيْدِ الْمَارِّ إذَا وَقَفَ الْمَالِكُ الْأَرْضَ. (قَوْلُهُ: تَرْكًا) قَالَ الْإِمَامُ: وَالظَّاهِرُ لُزُومُ الْأُجْرَةِ زَمَنَ التَّوَقُّفِ وَجَزَمَ فِي الْبَحْرِ بِعَدَمِ الْأُجْرَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْخِيرَةَ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ خ ط.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا) فِيهِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَيْسَ لَهُ إلَّا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَيْسَ فِيهِ تَخْيِيرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ق ل مَا نَصُّهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَعُودَ وَيَخْتَارَ الْقَلْعَ، وَأَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ.

. (قَوْلُهُ: زَمَنَ التَّرْكِ) اُنْظُرْ حُكْمَ الدُّخُولِ قَبْلَهُ أَيْ: وَبَعْدَ الرُّجُوعِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ شَوْبَرِيٌّ. وَانْظُرْ حُكْمَ الدُّخُولِ قَبْلَ الرُّجُوعِ. وَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِلْغِرَاسِ م ر اط ف.

(قَوْلُهُ: بِتَرْمِيمِ بِنَاءٍ) أَيْ بِغَيْرٍ آلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، أَمَّا إصْلَاحُهُ بِآلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِالْمُعِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّنُ لَهُ التَّمَلُّكُ أَوْ النَّقْضُ مَعَ الْغُرْمِ فَيَزِيدُ الْغُرْمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ بِخِلَافِ إصْلَاحِهِ بِآلَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>