حَاصِلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ مِنْهُ بِالْبَيْعِ لَهُ فَلَمَّا بَاعَ لِغَيْرِهِ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا يَبْطُلُ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ لَوْ قُسِمَ كَطَاحُونٍ وَحَمَّامٍ صَغِيرَيْنِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ لِمَالِكِ عُشْرِ دَارٍ صَغِيرَةٍ إنْ بَاعَ شَرِيكُهُ بَقِيَّتَهَا لَا عَكْسَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ دُونَ الثَّانِي.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْآخِذِ كَوْنُهُ شَرِيكًا) وَلَوْ مُكَاتَبًا وَغَيْرَ عَاقِلٍ كَمَسْجِدٍ لَهُ شِقْصٌ لَمْ يُوقَفْ فَبَاعَ شَرِيكُهُ يَأْخُذُهُ لَهُ النَّاظِرُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ لِغَيْرِ شَرِيكٍ كَجَارٍ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ تَأَخُّرُ سَبَبِ مِلْكِهِ عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الْآخِذِ) فَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ فَبَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَيْعَ بَتٍّ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَشْفَعْ بَائِعُهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ مِلْكِهِ عَلَى سَبَبِ مِلْكِ الثَّانِي لَا لِلثَّانِي وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ مِلْكِهِ مِلْكُ الْأَوَّلِ لِتَأَخُّرِ سَبَبِ مِلْكِهِ عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ بَاعَا مُرَتَّبًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا دُونَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ أَجَازَا مَعًا أَمْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ دَارًا أَوْ بَعْضَهَا مَعًا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِعَدَمِ السَّبْقِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ حَاصِلٌ) أَيْ لَوْ قُسِمَ ح ل (قَوْلُهُ: وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ) أَيْ فِي الْبَيْعِ أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الضَّرَرِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ فَأَبَى ثُمَّ بَاعَ الْأَجْنَبِيُّ لَيْسَ لَهُ أَيْ لِلشَّرِيكِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ حِكْمَةٌ فَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا يَبْطُلُ نَفْعُهُ) أَيْ فَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ يَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ فِيهِ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمَأْخُوذِ وَغَيْرِهِ يَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْهُ فَيَتَأَتَّى مِنْ الْحَمَّامِ حَمَّامَانِ اهـ. ح ل وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ لِمَالِكِ عُشْرِ دَارٍ صَغِيرَةٍ إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ التِّسْعَةَ الْأَعْشَارَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَثْبُتُ لَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ م ر وَالشَّرْحُ بِقَوْلِهِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ عُلِمَ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلَّةَ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ: لَا عَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ بَاعَ مَالِكُ الْعُشْرِ حِصَّتَهُ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِشَرِيكِهِ لِأَمْنِهِ مِنْ الْقِسْمَةِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا فَلَا يُجَابُ طَالِبُهَا لِتَعَنُّتِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ قَالَ ع ش عَلَى م ر: مَا لَمْ يَكُنْ مُشْتَرِي الْعُشْرِ لَهُ مِلْكٌ مُلَاصِقٌ لَهُ فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ حِينَئِذٍ لِصَاحِبِ التِّسْعَةِ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الْعُشْرِ حِينَئِذٍ يُجْلَبُ لِطَلَبِ الْقِسْمَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ) يَعْنِي إذَا أَرَادَ شَرِيكُهُ الْحَادِثُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي لِلتِّسْعَةِ أَعْشَارٍ الْقِسْمَةَ يُجَابُ إلَيْهَا وَيُجْبَرُ مَالِكُ الْعُشْرِ عَلَى الْقِسْمَةِ فَلِذَلِكَ يَثْبُتُ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ.
(قَوْلُهُ: كَوْنُهُ شَرِيكًا) وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَثْبُتُ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَكَذَا الْمُقَابِلُ إنْ كَانَ الطَّرِيقُ الَّتِي بَيْنَهُمَا غَيْرُ نَافِذٍ، وَالْحُكْمُ مِنْ الْحَنَفِيِّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَكَذَا الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الْفُرُوعِ الْمُخْتَلِفِ فِيهَا سم
[فَرْعٌ] قَالَ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ أَرَاضِي مِصْرَ كُلُّهَا وَقْفٌ لِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَنُوزِعَ فِيهِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر خِلَافُهُ وَهُوَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَقَدْ لَا تَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ لَكِنْ لِعَارِضٍ كَوَلِيٍّ غَيْرِ أَصْلِ شَرِيكٍ لِمُوَلِّيهِ بَاعَ شِقْصَ مَحْجُورِهِ فَلَا يَشْفَعُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْمُحَابَاةِ بِالثَّمَنِ وَفَارَقَ مَا لَوْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ فَبَاعَ فَإِنَّهُ يَشْفَعُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مُتَأَهِّلٌ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الْوَكِيلِ لَوْ قَصَّرَ س ل (قَوْلُهُ: لَمْ يُوقَفْ) بِأَنْ وَهَبَ لَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَلَمْ يُوقَفْ بِخِلَافِ مَا إذَا وُقِفَ عَلَى الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَأْخُذَ الْحِصَّةَ الْأُخْرَى لِلْمَسْجِدِ ح ل وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ شَرِيكًا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَهُ، وَالشُّفْعَةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْمَمْلُوكِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَا شُفْعَةَ لِغَيْرِ شَرِيكٍ) كَجَارٍ وَلَوْ قَضَى حَنَفِيٌّ بِهَا لِلْجَارِ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ وَحَلَّ لَهُ الْأَخْذُ بَاطِنًا وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ شَافِعِيًّا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَالشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ) أَيْ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بَعْدَ لُزُومٍ لِأَنَّهُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ لَيْسَ مِلْكًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِمَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا وَعَدَمُ ثُبُوتِهَا فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْبَائِعِ إلَخْ أَوْ الْمُرَادُ بِكَوْنِ الشُّفْعَةِ لَهُ ثُبُوتُ حَقِّ الْأَخْذِ بِهَا لَا الْأَخْذِ بِالْفِعْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ح ل وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَهُ الْآتِيَ فِي الْمَأْخُوذِ وَهُوَ الشِّقْصُ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي شَرْطِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: أَخْذًا إلَخْ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ سَابِقًا وَعَدَمُ ثُبُوتِهَا فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ إلَخْ لِأَنَّهُ فِي الْمَأْخُوذِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْفَعْ بَائِعُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَفْسَخْ الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَيَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَقُولُ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ وَيَكُونُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَسْخًا لِلْبَيْعِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا يُحْتَاجُ لَهُ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ حِينَئِذٍ مَوْقُوفَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ أَيْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ فَالْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ لَهُ وَحْدَهُ فَيَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِفَسْخِ بَيْعِهِ وَلَا يَصِيرُ أَخْذُهُ فَسْخًا لِبَيْعِهِ (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ سَبَبِ مِلْكِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ ز ي
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَاعَا مُرَتَّبًا) أَيْ لِاثْنَيْنِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ مِلْكِهِ وَقَوْلُهُ لَهُمَا أَيْ وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَ الْمُشْتَرِينَ فَقَوْلُهُ دُونَ الْمُشْتَرِي أَيْ فَقَطْ وَأَلْ جِنْسِيَّةٌ أَمَّا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ تَقَدَّمَ مِلْكُهُ لَا سَبَبُ مِلْكِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute