للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ الْإِجَارَةِ فِي الْبَيْعِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً، وَكَلَفْظِ الْبَيْعِ لَفْظُ الشِّرَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَسَنَةً فِيمَا ذَكَرَ لَيْسَ مَفْعُولًا فِيهِ لِأَجَّرَ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ بَلْ لِمُقَدَّرٍ أَيْ: آجَرْتُكَهُ وَانْتَفَعَ بِهِ سَنَةً كَمَا قِيلَ فِي: قَوْله تَعَالَى {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: ٢٥٩] أَنَّ التَّقْدِيرَ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذَكَرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

(وَتَرِدُ) الْإِجَارَةُ (عَلَى عَيْنٍ كَإِجَارَةِ مُعَيَّنٍ) مِنْ عَقَارٍ وَرَقِيقٍ وَنَحْوِهِمَا (كَاكْتَرَيْتُكَ لِكَذَا) سَنَةً، وَإِجَارَة الْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى الْعَيْنِ (وَعَلَى ذِمَّةٍ كَإِجَارَةِ مَوْصُوفٍ) مِنْ دَابَّةٍ، وَنَحْوِهَا لِحَمْلٍ مَثَلًا (وَإِلْزَامِ ذِمَّتِهِ عَمَلًا) كَخِيَاطَةٍ وَبِنَاءٍ وَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ عَلَى الْأَصَحِّ سَوَاءٌ أُورِدَتْ عَلَى الْعَيْنِ أَمْ عَلَى الذِّمَّةِ. قَالَ الشَّيْخَانِ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ وَأَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ لَهُ فَوَائِدُ

، (وَ) شُرِطَ (فِي الْأُجْرَةِ مَا) مَرَّ (فِي الثَّمَنِ) فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً إلَّا أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً، فَتَكْفِي رُؤْيَتُهَا (فَلَا تَصِحُّ) إجَارَةُ دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ (بِعِمَارَةٍ وَعَلَفٍ) بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا، وَهُوَ بِالْفَتْحِ مَا يُعْلَفُ بِهِ لِلْجَهْلِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ ذَكَرَ مَعْلُومًا وَأَذِنَ لَهُ خَارِجَ الْعَقْدِ فِي صَرْفِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَوْلُهُ أَلْزَمْتُ ذِمَّتُكَ أَيْ: كَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَهُ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ أَلْزَمْتُكَ فَإِنَّهُ إجَارَةُ عَيْنٍ كَمَا قَالَهُ سم. (قَوْلُهُ كِنَايَةً) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ آخِرَ اللَّفْظِ يُنَافِي أَوَّلَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِعْتُك يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ.

وَقَوْلَهُ سَنَةً يَقْتَضِي التَّأْقِيتَ فَتَنَافَيَا. (قَوْلُهُ وَكَلَفْظِ الْبَيْعِ لَفْظُ الشِّرَاءِ) أَيْ: مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ بَلْ لِمُقَدَّرٍ إلَخْ) وَلَا يُقَالُ: يَصِحُّ جَعْلُهُ ظَرْفًا لِمَنَافِعِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ وَلَيْسَ كَالْآيَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَنَافِعُ أَمْرٌ مَوْهُومٌ الْآنَ، وَالظَّرْفِيَّةَ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ فَكَانَ تَقْدِيرُ مَا ذُكِرَ أَوْلَى أَوْ مُتَعَيِّنًا شَرْحُ م ر أَيْ: بَلْ مُتَعَيِّنٌ، وَقَالَ ع ش: قَوْلُهُ وَالظَّرْفِيَّةَ تَقْتَضِي إلَخْ يُنْظَرُ وَجْهُ هَذَا الِاقْتِضَاءِ، وَعَلَيْهِ فَيُرَدُّ عَلَى مَا قَدَّرَهُ أَنَّ الِانْتِفَاعَ أَمْرٌ مَوْهُومٌ الْآنَ مَعَ أَنَّ مَعْنَى انْتَفَعَ اسْتَوْفَى مَنَافِعَهُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَدَعْوَى هَذَا الِاقْتِضَاءِ مِمَّا لَا سَنَدَ لَهَا إلَّا مُجَرَّدُ التَّخَيُّلِ. اهـ وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ بَلْ لِمُقَدَّرٍ هَذَا لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ يَصِحُّ جَعْلُهُ ظَرْفًا لِمَنَافِعِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَوْهُومَةً الْآنَ وَمَا قَدَّرَهُ أَيْضًا مَوْهُومٌ الْآنَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَهُ وَهَذَا كَمَا فِي نَحْوِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ أَنْ أَعْتَكِفَ هَذَا الْيَوْمَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الصَّوْمِ، وَالِاعْتِكَافِ أَمْرٌ مَوْهُومٌ مَعَ أَنَّ ظَرْفِيَّةَ السَّنَةِ وَالْيَوْمِ لَهُمَا لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهَا لِأَحَدٍ. اهـ.

قَوْلُهُ {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٥٩] أَيْ: لِأَنَّ الْمَوْتَ إخْرَاجُ الرُّوحِ وَزَمَنَهُ يَسِيرٌ. اهـ عَبْدُ الْبَرِّ

(قَوْلُهُ وَتَرِدُ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنٍ) أَيْ: عَلَى مَنْفَعَةٍ مُرْتَبِطَةٍ بِالْعَيْنِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي أَنَّ مَوْرِدَ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ، وَلَوْ أَذِنَ أَجِيرُ الْعَيْنِ لِغَيْرِهِ فِي الْعَمَلِ بِأُجْرَةٍ فَعَمِلَ كَأَنْ آجَرَهُ لِيَخِيطَ ثَوْبَهُ مَثَلًا فَأَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي خِيَاطَتِهِ فَلَا أُجْرَةَ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَلَا لِلثَّانِي إنْ عَلِمَ الْفَسَادَ وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْأَوَّلِ الْآذِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. حَجّ س ل وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ عَيْنُ الْمُرَادِ بِهَا مَا قَابَلَ الذِّمَّةَ أَيْ: عَلَى مَنْفَعَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْعَيْنِ وَفِي هَذَا تَنْزِيلُ الْمَعْدُومِ الَّتِي هِيَ الْمَنَافِعُ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ فَأَوْرَدُوا الْعَقْدَ عَلَيْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ كَاكْتَرَيْتُكَ لِكَذَا) أَيْ: لِعَمَلِ كَذَا فَهُوَ مِثَالٌ لِقَوْلِهِ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْآدَمِيِّ أَيْ: الْحُرِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر. (قَوْلُهُ وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ إجَارَةَ عَيْنٍ وَقَدْ تَكُونُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ ع ش قَالَ ح ل: وَمِثْلُ الْعَقَارِ السَّفِينَةُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا وَلَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَكُونُ إجَارَتُهَا إلَّا عَلَى الْعَيْنِ، وَأَمَّا إجَارَةُ بَعْضِهِ أَيْ: الْعَقَارِ حَيْثُ كَانَ النِّصْفَ فَأَقَلَّ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُهُ. اهـ وَمِثْلُهُ ق ل.

(قَوْلُهُ وَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ) أَيْ: الْمُسْتَحَقِّ بِهَا (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أُورِدَتْ عَلَى الْعَيْنِ) فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ تَقْسِيمِهَا إلَى وَارِدَةٍ عَلَى الْعَيْنِ وَوَارِدَةٍ عَلَى الذِّمَّةِ، وَبَيْنَ تَصْحِيحِهِمْ أَنَّ مَوْرِدَهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ فِي الْأَوَّلِ مَا يُقَابِلُ الذِّمَّةَ وَفِي الثَّانِي مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. سم (قَوْلُهُ فَوَائِدَ) مِنْهَا إجَارَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِجَارَةُ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ إنْ قُلْنَا: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ صَحَّ أَوْ الْعَيْنُ فَلَا، وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ لَفْظِيًّا ز ي وَهَذَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا كَلْبٌ فَتَأَمَّلْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَفْظِيٌّ وَأَنَّ مَسْأَلَةَ إجَارَةِ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِجَارَةِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَقُلْنَا: إنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ أَوْ الْعَيْنُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ الَّذِي جَعَلَهُ مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ

(قَوْلُهُ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً جِنْسًا) أَيْ: كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الثَّمَنِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهَا بِالثَّمَنِ أَنَّهَا لَوْ حَلَّتْ وَقَدْ تَغَيَّرَ النَّقْدُ وَجَبَ مِنْ نَقْدِ يَوْمِ الْعَقْدِ لَا يَوْمِ تَمَامِ الْعَمَلِ وَلَوْ فِي الْجِعَالَةِ، إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْأُجْرَةِ حَيْثُ كَانَتْ نَقْدًا بِنَقْدِ بَلَدِ الْعَقْدِ وَقْتَهُ فَإِنْ كَانَتْ بِبَادِيَةٍ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْعِبْرَةُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدَةِ بِمَوْضِعِ إتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ نَقْدًا وَوَزْنًا شَرْحُ م ر بِحُرُوفِهِ، قَالَ الشَّيْخُ سُلْطَانُ: لَا يُقَالُ: يُشْكِلُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ صِحَّةُ الِاسْتِئْجَارِ لِلْحَجِّ بِالنَّفَقَةِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ بَلْ نَوْعُ جِعَالَةٍ يُغْتَفَرُ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْجُعْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ خَارِجَ الْعَقْدِ) فَإِنْ كَانَ فِي صُلْبِهِ، فَلَا يَصِحُّ كَآجَرْتُكَهَا بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ تَصْرِفَهُ فِي عِمَارَتِهَا أَوْ عَلَفِهَا لِلْجَهْلِ بِالصَّرْفِ فَتَصِيرُ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>