فِي الْعِمَارَةِ أَوْ الْعَلَفِ صَحَّتْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَمْ يَخْرُجُوهُ عَلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا (وَلَوْ لِسَلْخٍ) لِشَاةٍ (بِجِلْدٍ) لَهَا (وَ) لَا (طَحْنٍ) لِبُرٍّ مَثَلًا (بِبَعْضِ دَقِيقٍ) مِنْهُ كَثُلُثِهِ لِلْجَهْلِ بِثَخَانَةِ الْجِلْدِ، وَبِقَدْرِ الدَّقِيقِ، وَلِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأُجْرَةِ حَالًّا وَفِي مَعْنَى الدَّقِيقِ النُّخَالَةُ.
(وَتَصِحُّ) إجَارَةُ امْرَأَةٍ مَثَلًا (بِبَعْضِ رَقِيقٍ حَالًّا لِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ) لِلْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ، وَالْعَمَلُ الْمُكْتَرَى لَهُ إنَّمَا وَقَعَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي تَبَعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا بِبَعْضِهِ بَعْدَ الْفِطَامِ لِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ لِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ إذْ ذَاكَ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ بِبَعْضِهِ حَالًّا أَوْ بَعْدَ الْفِطَامِ لِوُقُوعِ الْعَمَلِ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي قَصْدًا فِيهِمَا، وَلِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ فِي الثَّانِي هَكَذَا افْهَمْ هَذَا الْمَقَامَ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَتَعْبِيرِي بِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِرْضَاعِ رَقِيقِهِ
(وَهِيَ) أَيْ: الْأُجْرَةُ (فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ كَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ) ؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، فَيَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا، وَلَا يُسْتَبْدَلُ عَنْهَا وَلَا يُحَالُ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا وَلَا تُؤَجَّلُ وَإِنْ عُقِدَتْ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ، فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ (وَ) هِيَ (فِي إجَارَةِ عَيْنٍ كَثَمَنٍ) فَلَا يَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا وَالِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَإِنْ صَرَفَ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ بِهِ رَجَعَ، وَإِلَّا فَلَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْجَهْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ كَانَ عَالِمًا الصَّرْفَ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ صَحَّتْ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ الْمُنْفَقِ صُدِّقَ الْمُنْفِقُ بِيَمِينِهِ إنْ ادَّعَى قَدْرًا مُحْتَمَلًا س ل (قَوْلُهُ عَلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ) قَالَ م ر: بَعْدَمَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا اتِّحَادَ تَنْزِيلًا لِلْقَابِضِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَكَالَةً ضِمْنِيَّةً، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِنَا مِنْ تَسْوِيغِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحَقَّ بِاسْتِحْقَاقِهِ عَلَى سَاكِنِ الْوَقْفِ فِيمَا يَظْهَرُ. ع ش وَشَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ لِوُقُوعِهِ) أَيْ: الِاتِّحَادِ ضِمْنًا وَلَا يَكْفِي شَهَادَةُ الصُّنَّاعِ لَهُ أَنَّهُ صَرَفَ عَلَى أَيْدِيهِمْ كَذَا؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ صَرَفَ كَذَا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ إلَّا إنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ أَنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنْفُسَهُمْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ صَرَفَ عَلَى أَيْدِيهِمْ كَذَا أَيْ: لِأَنْفُسِهِمْ أَمَّا لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ اشْتَرَى الْآلَةَ الَّتِي بَنَى بِهَا بِكَذَا، وَكَانُوا عُدُولًا وَشَهِدَ بَعْضُهُمْ لِغَيْرِهِ بِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ كَذَا عَنْ أُجْرَتِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَلَا لِسَلْخِ شَاةٍ) الضَّابِطُ أَنْ تُجْعَلَ الْأُجْرَةُ شَيْئًا يَحْصُلُ بِعَمَلِ الْأَجِيرِ. اهـ. س ل. (قَوْلُهُ بِجَلْدٍ لَهَا) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِجَلْدِهَا بِحَذْفِ اللَّامِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ؛ لِأَنَّ الْمَتْنَ مُنَوَّنٌ وَلَوْ حَذَفَ اللَّامَ بَقِيَ الْمَتْنُ غَيْرَ مُنَوَّنٍ وَشَرْطُ الْمَزْجِ أَنْ لَا يُغَيِّرَ الْمَتْنَ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا قَبْلَهُ فَافْهَمْ. عَبْدُ الْبَرِّ. (قَوْلُهُ بِبَعْضِ دَقِيقٍ مِنْهُ) وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَطْحَنْ بِخِلَافِ مَا إذَا طَحَنَ فَيَصِحُّ ح ل.
(قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى الدَّقِيقِ النُّخَالَةُ) أَيْ: فَذِكْرُهُ يُغْنِي عَنْهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهَا مَعَهُ كَمَا صَنَعَ الْأَصْلُ
(قَوْلُهُ إجَارَةُ امْرَأَةٍ مَثَلًا) أَيْ: أَوْ رَجُلٍ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا اسْتِئْجَارُ شَاةٍ لِإِرْضَاعِ طِفْلٍ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ سَخْلَةٍ فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ مَعَ عَدَمِ قُدْرَةِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِضِرَابِ الْفَحْلِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ سَخْلَةٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَثَلًا لِإِدْخَالِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى لَا الشَّاةِ وَنَحْوِهَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِ اللَّبَنِ ع ش وَشَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْعَمَلُ الْمُكْتَرَى إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ حَاصِلُهُ أَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ يَجِبُ كَوْنُهُ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُنَا فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْغَيْرَ وَقَعَ تَبَعًا لَا قَصْدًا تَأَمَّلْ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِهِ بِبَعْضِهِ؟ مَعَ أَنَّ الْإِرْضَاعَ لِلْكُلِّ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ اسْتِئْجَارُهَا لِإِرْضَاعِ مِلْكِهَا. وَالْجَوَابُ أَنَّ الِاكْتِرَاءَ إنَّمَا هُوَ لِإِرْضَاعِ مِلْكِهِ فَقَطْ وَإِرْضَاعُهَا لِمِلْكِهَا إنَّمَا وَقَعَ تَبَعًا لِمِلْكِهِ. اهـ بَابِلِيٌّ، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ الْمُكْتَرِي الْمَرْأَةُ الْمُكْتَرَاةُ وَالْمُكْتَرِي هُوَ مَالِكُ الرَّقِيقِ.
(قَوْلُهُ بِبَعْضِهِ حَالًّا) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ الصِّحَّةُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ نَصَّ عَلَى إرْضَاعِ كُلٍّ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْإِجَارَةِ مِلْكٌ لِمُؤَجِّرٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إجَارَةَ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ الرَّقِيقِ بِبَعْضِهِ حَالًّا صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ أَوْ بَاقِيهِ، وَإِجَارَتَهَا بِبَعْضِهِ بَعْدَ الْفِطَامِ بَاطِلَةٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ أَوْ بَاقِيهِ، وَقَوْلُهُ فِيهِمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بَعْدَ الْفِطَامِ أَيْ: لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهَا لِبَعْضِهِ إلَّا بَعْدَ الْفِطَامِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ اكْتَرَاهَا لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِلْكُهُ فَقَطْ فَنَصِيبُهَا مِنْهُ تَابِعٌ وَإِنْ نَصَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِرْضَاعِ رَقِيقِهِ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِإِرْضَاعِ الْكُلِّ ع ش وَهَذَا عَلَى طَرِيقَتِهِ. أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا فَرْقَ وَحِينَئِذٍ فَلَا أَوْلَوِيَّةَ عَبْدُ الْبَرِّ
. (قَوْلُهُ فَيَجِبُ قَبْضُهَا إلَخْ) وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ مَعَ كَوْنِهِ سَلَمًا فِي الْمَعْنَى أَيْضًا لِضَعْفِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ وَرَدَتْ عَلَى مَعْدُومٍ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا دَفْعَةً وَلَا كَذَلِكَ بَيْعُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِيهِمَا فَجَبَرُوا ضَعْفَهَا بِاشْتِرَاطِ قَبْضِ أُجْرَتِهَا فِي الْمَجْلِسِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا) أَيْ: لِأَنَّهُ يَفُوتُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي جُعِلَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ ع ش. (قَوْلُهُ وَإِنْ عُقِدَتْ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَيَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ أَمْ لَا وَالْحَالُ أَنَّهُ أَجَرَ