للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا) اكْتِرَاءُ (مُسْلِمٍ) ، وَلَوْ رَقِيقًا (لِنَحْوِ جِهَادٍ) مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ كَالْقَضَاءِ وَالتَّدْرِيسِ، وَالْإِعَادَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ فِي الْجِهَادِ إذَا حَضَرَ الصَّفُّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ عِبَادَةٍ لَا يَجِبُ فِيهَا نِيَّةٌ، وَلَيْسَتْ نَحْوَ جِهَادٍ كَأَذَانٍ وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ، فَيَصِحُّ الِاكْتِرَاءُ لَهَا نَعَمْ لَا يَصِحُّ الِاكْتِرَاءُ لِزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمِثْلُهُ زِيَارَةُ سَائِرِ مَا تُسَنُّ زِيَارَتُهُ، وَبِخِلَافِ عِبَادَةٍ تَجِبُ فِيهَا نِيَّةٌ وَتَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ فَيَصِحُّ الِاكْتِرَاءُ لَهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَقَوْلِي فِيهَا نِيَّةٌ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: لَهَا نِيَّةٌ وَقَوْلِي: وَلَمْ تَقْبَلْ نِيَابَةً أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا حَجٍّ وَتَفْرِقَةِ زَكَاةٍ وَنَحْوٍ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَا) اكْتِرَاءُ (بُسْتَانٍ لِثَمَرَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُمْلَكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ قَصْدًا بِخِلَافِهَا تَبَعًا كَمَا فِي الِاكْتِرَاءِ لِلْإِرْضَاعِ، وَسَيَأْتِي وَهَذَا خَرَجَ بِقَوْلِي: لَا تَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا، وَالتَّصْرِيحُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ زِيَادَتِي

. (وَصَحَّ تَأْجِيلُهَا) أَيْ: الْمَنْفَعَةِ (فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ) كَأَلْزَمْتُ ذِمَّتَك حَمْلَ كَذَا إلَى مَكَّةَ غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا كَالسَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ (لَا) فِي إجَارَةِ (عَيْنٍ) ، فَلَا يَصِحُّ الِاكْتِرَاءُ لِمَنْفَعَةٍ قَابِلَةٍ كَإِجَارَةِ دَارٍ سَنَةً أَوَّلُهَا مِنْ الْغَدِ كَبَيْعِ الْعَيْنِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا غَدًا (وَ) لَكِنْ (صَحَّ كِرَاؤُهَا لِمَالِكِ مَنْفَعَتِهَا مُدَّةً تَلِي مُدَّتَهُ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ ظَاهِرٌ فِي الْإِمَامَةِ، وَفِي الصَّلَاةِ إذَا أَطْلَقَ فِي النِّيَّةِ أَيْ: لَمْ يَقُلْ: نَوَيْت الظُّهْرَ مَثَلًا عَنْ فُلَانٍ فَإِنْ قَالَ: ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ لَا عَنْ الْمُكْتَرِي وَلَا عَنْ الْمُكْرِي، فَالتَّعْلِيلُ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ تَأَمَّلْ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَلَا اكْتِرَاءُ مُسْلِمٍ لِنَحْوِ جِهَادٍ) وَلَوْ صَبِيًّا وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ لَكِنْ لِلْإِمَامِ لَا لِلْآحَادِ فَلَوْ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ ح ل كَمَا لَوْ طَرَأَ الْحَيْضُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ الْمُكْتَرَاةِ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ ز ي. (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ) فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مَعْلُومَةٌ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَهُ. (قَوْلُهُ وَالْإِعَادَةِ) أَيْ: إعَادَةِ الدَّرْسِ اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ) رَاجِعٌ لِلْقَضَاءِ، وَمَا بَعْدَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ح ل وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُتَعَلِّمُ مُتَعَيِّنًا م ر (قَوْلُهُ كَأَذَانٍ) وَيَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ لَهُ الْإِقَامَةُ وَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لَهَا وَحْدَهَا كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَلَا يَخْلُو عَنْ وَقْفَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي مُسَمَّى الْأَذَانِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بَعْدَ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ مُسَمَّاهُ شَرْعًا صَارَا مِنْهُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ مُؤَنِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ بِالْأَصَالَةِ، ثُمَّ فِي مَالِ مُمَوِّنِهِ ثُمَّ الْمَيَاسِيرِ فَلَمْ يَقْصِدْ الْأَجِيرَ نَفْسَهُ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ، وَلَا يَضُرُّ عُرُوضُ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ كَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْمُعَلِّمِ وَلَوْ تَرَكَ الْأَجِيرُ بَعْضَ آيَاتٍ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ لَزِمَهُ إعَادَتُهَا لَا الِاسْتِئْنَافُ ق ل. (قَوْلُهُ لِزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ) بِخِلَافِهِ بِالدُّعَاءِ عِنْدَ زِيَارَةِ قَبْرِهِ الْمُكَرَّمِ؛ لِأَنَّهُ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ وَبِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَدْخُلُهُ الْإِجَارَةُ وَالْجِعَالَةُ س ل، وَعِبَارَةُ ع ش وَخَرَجَ بِهِ الِاسْتِئْجَارُ لِلدُّعَاءِ عِنْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ صَحِيحٌ حَيْثُ عَيَّنَ لَهُ مَا يَدْعُو بِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ، أَمَّا الْجِعَالَةُ عَلَى الدُّعَاءِ فَتَصِحُّ مُطْلَقًا لِصِحَّتِهَا عَلَى الْمَجْهُولِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الزِّيَارَةَ أَثَرُهَا مَقْصُورٌ عَلَى الزَّائِرِ بِخِلَافِ الدُّعَاءِ، ثُمَّ رَأَيْت م ر فِي شَرْحِهِ فَرَّقَ بَيْنَ الزِّيَارَةِ وَالْجِعَالَةِ عَلَى الدُّعَاءِ بِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِي الدُّعَاءِ وَإِنْ جَهِلَ ع ش.

(قَوْلُهُ سَائِرِ مَا تُسَنُّ زِيَارَتُهُ) الْأَوْلَى مَنْ تُسَنُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بِمَوْتِهِ أَشْبَهَ غَيْرَ الْعَاقِلِ أَوْ يُقَالُ: مَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْقَبْرِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَقَوْلِي فِيهَا نِيَّةٌ إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِفِيهَا ظَاهِرٌ فِي الرُّكْنِيَّةِ بِخِلَافِ لَهَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ رُكْنًا وَأَيْضًا لَا يَشْمَلُ الْإِمَامَةَ، وَقَالَ ح ل قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لَهَا نِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مَا يَحْتَاجُ مُتَعَلِّقُهُ إلَى نِيَّةٍ لَا تَضُرُّ النِّيَابَةُ فِيهِ. اهـ (قَوْلُهُ إلَّا حَجٍّ وَتَفْرِقَةِ زَكَاةٍ) بِالْجَرِّ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ عِبَادَةٍ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِهِ مَجْرُورًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ع ش عَلَى م ر، وَعِبَارَتُهُ أَيْ: الْأَصْلِ فَصْلٌ لَا تَقَعُ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ وَلَا عِبَادَةٍ تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ إلَّا حَجٍّ وَتَفْرِقَةِ زَكَاةٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُمْلَكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ) وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِئْجَارُ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا وَبِرْكَةٍ لِسَمَكِهَا وَشَمْعَةٍ لِوَقُودِهَا وَهَذَا مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَقَعُ كَثِيرًا ز ي وَح ل. (قَوْلُهُ كَمَا فِي الِاكْتِرَاءِ لِلْإِرْضَاعِ) فَإِنَّ اللَّبَنَ يَقَعُ تَبَعًا. (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ: الْمُخْرِجِ وَالْمَخْرَجِ بِهِ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ: قَوْلُهُ لَا تَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا وَقَوْلُهُ وَلَا بُسْتَانٍ لِثَمَرِهِ

(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ الِاكْتِرَاءُ لِمَنْفَعَةٍ قَابِلَةٍ) قَالَ م ر: وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْعِ فِي الْمُسْتَقْبَلَةِ صُوَرٌ كَمَا لَوْ آجَرَ لَيْلًا لِمَا يُعْمَلُ نَهَارًا وَأَطْلَقَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي إجَارَةِ أَرْضٍ لِزِرَاعَةٍ قَبْلَ رَيِّهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَكِنْ صَحَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فَلَوْ آجَرَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ لِمُسْتَأْجِرِ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَائِهَا جَازَ فِي الْأَصَحِّ ق ل م ر، وَاحْتُرِزَ بِقَبْلَ انْقِضَائِهَا عَمَّا لَوْ قَالَ آجَرْتُكهَا سَنَةً فَإِذَا انْقَضَتْ فَقَدْ آجَرْتُكهَا سَنَةً أُخْرَى، فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ فَلَمْ تُرَدَّ عَلَى كَلَامِهِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ لِمَالِكِ مَنْفَعَتِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مَالِكُ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ فَلَوْ مَلَكَ بَعْضَهَا فَهَلْ تَصِحُّ إجَارَةُ الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَيَمْلِكُ جَمِيعَ الْمَنْفَعَةِ لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ؟ أَوْ تَصِحُّ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فِي الْمُدَّةِ الْأُولَى؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَعَلَّ هَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْأَقْرَبُ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ غَيْرَ بَعِيدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>