للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ أَجَّرَهَا لِزَيْدٍ مُدَّةً فَأَجَّرَهَا زَيْدٌ لِعَمْرٍو تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَيَصِحُّ إيجَارُهَا مُدَّةً تَلِيهَا مِنْ عَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِمَنْفَعَتِهَا لَا مِنْ زَيْدٍ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُوَافِقُهُ، فَتَعْبِيرِي بِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُسْتَأْجِرِ

[دَرْسٌ] (وَ) صَحَّ (كِرَاءُ الْعُقَبِ) أَيْ: النُّوَبِ (بِأَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً لِرَجُلٍ لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ) أَيْ: وَالْمُؤَجِّرُ يَرْكَبُهَا الْبَعْضَ الْآخَرَ تَنَاوُبًا (أَوْ) يُؤَجِّرَهَا (رَجُلَيْنِ لِيَرْكَبَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (زَمَنًا) تَنَاوُبًا، (وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ) فِي الصُّورَتَيْنِ إنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ، ثُمَّ يَقْتَسِمُ الْمُكْتَرِي وَالْمُكْرِي فِي الْأُولَى أَوْ الْمُكْتَرَيَانِ فِي الثَّانِيَةِ الرُّكُوبَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَوْ الْمُعْتَادِ كَفَرْسَخٍ وَفَرْسَخٍ أَوْ يَوْمٍ وَيَوْمٍ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا طَلَبُ الرُّكُوبِ ثَلَاثَةً، وَالْمَشْيُ ثَلَاثَةً لِلْمَشَقَّةِ، وَصَحَّ ذَلِكَ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى إيجَارِ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ الْوَاقِعَ فِيهِ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْبَعْضَيْنِ وَلَا عَادَةَ كَأَنْ قَالَ الْمُكْرِي: أَرْكَبُهَا زَمَنًا وَيَرْكَبُهَا الْمُكْتَرِي زَمَنًا لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَجَّرَهَا لِاثْنَيْنِ، وَسَكَتَ عَنْ التَّعَاقُبِ صَحَّ إنْ احْتَمَلَتْ رُكُوبَهَا جَمِيعًا، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ لِلْمُهَايَأَةِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ يَرْكَبُ أَوَّلًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَلْيُرَاجَعْ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ آجَرَهُ حَانُوتًا أَوْ نَحْوَهُ يَنْتَفِعُ بِهِ الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي أَوْ عَكْسَهُ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ اتِّصَالِ زَمَنِ الِانْتِفَاعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ، فَيَصِحُّ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلْإِجَارَةِ يُرَفَّهَانِ فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ لِعَدَمِ إطَاقَتِهِمَا الْعَمَلَ دَائِمًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ) أَيْ: مَعَ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا لَوْ آجَرَ مِنْهُ السَّنَتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ وَجَدَ ذَلِكَ لَمْ يَقْدَحْ فِي الثَّانِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعَزِيزِيِّ انْتَهَى م ر أَيْ: لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ ع ش.

(قَوْلُهُ لَا مِنْ زَيْدٍ) أَيْ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْمَنْفَعَةِ م ر

. (قَوْلُهُ وَصَحَّ كِرَاءُ الْعُقَبِ) أَيْ: وَلَكِنْ صَحَّ إلَخْ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الِاسْتِدْرَاكِ أَيْ: بِالنَّظَرِ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ جَعَلُوا أَوَّلَ الدَّرْسِ قَوْلَهُ وَصَحَّ تَأْجِيلُهَا لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ الْعُقَبِ) جَمْعُ عُقْبَةٍ أَيْ: نَوْبَةٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَعْقُبُ صَاحِبَهُ وَيَرْكَبُ مَوْضِعَهُ، وَأَمَّا خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ «مَنْ مَشَى عَنْ رَاحِلَتِهِ عُقْبَةً فَكَأَنَّمَا عَتَقَ رَقَبَةً» وَفَسَّرُوهَا بِسِتَّةِ أَمْيَالٍ فَلَعَلَّهُ وَضَعَهَا لُغَةً وَلَا يَتَقَيَّدُ مَا هُنَا بِذَلِكَ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً) وَالْقِنُّ كَالدَّابَّةِ أَوْ الْمُرَادُ بِالدَّابَّةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ فَتَشْمَلُهُ وَاغْتُفِرَ فِيهِمَا ذَلِكَ دُونَ نَظِيرِهِ فِي نَحْوِ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ لِعَدَمِ إطَاقَتِهِمَا دَوَامَ الْعَمَلِ. اهـ م ر، قَالَ ع ش: الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً إلَخْ أَنَّهَا إجَارَةُ عَيْنٍ لَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر. (قَوْلُهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ) أَيْ: أَوْ زَمَنًا فَقَوْلُهُ بَعْدُ لِيَرْكَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا زَمَنًا أَيْ: أَوْ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَفِي كَلَامِهِ احْتِبَاكٌ وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ زَمَنٌ مُقَدَّرٌ تَحْتَمِلُهُ الدَّابَّةُ بِلَا مَشَقَّةٍ ق ل. (قَوْلُهُ وَالْمُؤَجِّرُ يَرْكَبُهَا الْبَعْضَ) أَيْ: أَوْ يَنْزِلُ عَنْهَا الْبَعْضَ الْآخَرَ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ) أَيْ: مِنْ الطَّرِيقِ فِي الْأَوَّلِ وَالزَّمَنَ فِي الثَّانِي، وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّمَنِ مِقْدَارُهُ، لِأَنَّ الْمُنَصِّفَ لَمْ يُعَبِّرْ أَوَّلًا بِالْبَعْضِ فِي جَانِبِ الزَّمَنِ فَلَعَلَّهُ غَلَبَ الْبَعْضُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الزَّمَنِ فِي الثَّانِي فَسَمَّى الزَّمَنَ بَعْضًا، وَفِيهِ تَثْنِيَةُ لَفْظِ بَعْضٍ وَالْمُقَرَّرُ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ شَرْطَ الْمُثَنَّى أَنْ لَا يَكُونَ لَفْظَ بَعْضٍ وَلَا لَفْظَ كُلٍّ كَمَا فِي ح ل وَز ي. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْبَعْضُ مُعَيَّنًا صَحَّ تَثْنِيَتُهُ، وَأَيْضًا فِيهِ إدْخَالُ أَلْ عَلَيْهِ وَقَدْ مُنِعَ أَيْضًا ق ل، وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَقْتَسِمُ أَيْ: عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّبْيِينَ عِنْدَ الْعَقْدِ، (قَوْلُهُ وَالْمُكْرِي فِي الْأُولَى) نَعَمْ شَرْطُ الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى تَقَدُّمُ رُكُوبِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِلَّا بَطَلَتْ لِتَعَلُّقِهَا حِينَئِذٍ بِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ م ر.

قَالَ ع ش عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ رُكُوبِهِ بِالْفِعْلِ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ كَمَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بَلْ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْعَقْدِ رُكُوبَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا وَاقْتَسَمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَجَعَلَا نَوْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا، فَسَامَحَ كُلٌّ لِلْآخَرِ بِنَوْبَتِهِ جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ، (قَوْلُهُ كَفَرْسَخٍ إلَخْ) وَقَدْرُهُ بِالزَّمَانِ ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَنِصْفٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَقَدْرُ ذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً وَهِيَ إذَا قُسِمَتْ عَلَى الْفَرَاسِخِ خَرَجَ لِكُلِّ فَرْسَخٍ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَنِصْفٌ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر، وَالْفَرْسَخُ رَاجِعٌ لِلصُّورَةِ الْأُولَى وَقَوْلُهُ أَوْ يَوْمٍ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا طَلَبُ إلَخْ) أَيْ: لَا يُجَابُ لِذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ لَوْ وَقَعَ ع ش. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةً) أَيْ: مِنْ الْأَيَّامِ كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ لِلْمَشَقَّةِ) فَإِنْ انْتَفَتْ جَازَ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُجُودِ الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِهَا لِلدَّابَّةِ وَالْمَاشِي وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ وَلَوْ آجَرَهَا) مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِيَرْكَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا زَمَنًا. (قَوْلُهُ إنْ احْتَمَلَتْ رُكُوبَهَا جَمِيعًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: صَحَّ ثُمَّ إنْ احْتَمَلَتْ رُكُوبَهُمَا جَمِيعًا فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ لِلْمُهَايَأَةِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ الصِّحَّةَ مُقَيَّدَةٌ بِاحْتِمَالِهَا رُكُوبَهُمَا مَعًا مَعَ أَنَّهَا تَصِحُّ مُطْلَقًا ح ل بِزِيَادَةٍ، وَالْمُرَادُ اُحْتُمِلَتْ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا فِي ع ش. (قَوْلُهُ فَإِنْ تَنَازَعَا) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْمَتْنِ دُونَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ تَجِبُ الْبُدَاءَةُ فِيهَا بِالْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَنَازُعَ فِيهَا. (قَوْلُهُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) وَإِذَا اقْتَسَمَا بِحَسَبِ الزَّمَانِ لَمْ يَحْسِبْ زَمَنَ النُّزُولِ لِنَحْوِ اسْتِرَاحَةٍ أَوْ عَلَفٍ فَلَهُ الرُّكُوبُ مِنْ نَوْبَةِ الْآخَرِ بِقَدْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>