للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا يَصِحُّ إيجَارُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ لِيَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ إجَارَةَ عَيْنٍ قَبْلَ وَقْتِ الْحَجِّ إنْ لَمْ يَتَأَتَّ الْإِتْيَانُ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَّا بِالسَّيْرِ قَبْلَهُ وَكَانَ بِحَيْثُ يَتَهَيَّأُ لِلْخُرُوجِ عَقِبَهُ، وَإِيجَارُ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ نَقْلُهَا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ

(وَتُقَدَّرُ) الْمَنْفَعَةُ (بِزَمَنٍ كَسُكْنَى) لِدَارٍ مَثَلًا (وَتَعْلِيمٍ) لِقُرْآنٍ مَثَلًا (سَنَةً، وَبِمَحَلِّ عَمَلٍ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بِعَمَلٍ (كَرُكُوبٍ) لِدَابَّةٍ (إلَى مَكَّةَ وَتَعْلِيمِ مُعَيَّنٍ) مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَسُورَةِ طَه (وَخِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبِ) فَلَوْ قَالَ: لِتَخِيطَ لِي ثَوْبًا لَمْ يَصِحَّ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ مَاتَ الرَّاكِبُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُكْرِيَ حَمْلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَثْقَلُ مِنْ الْحَيِّ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ رُكُوبٌ فِي مُدَّةٍ كَانَتْ لَهُ أَيْ: لِلْمَيِّتِ ق ل وَقَالَ ع ش: عَلَى م ر وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرَضَ مِثْلُ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا يَصِحُّ إيجَارُ الشَّخْصِ) أَيْ: فَهُوَ مُسْتَثْنًى أَيْضًا. (قَوْلُهُ قَبْلَ وَقْتِ الْحَجِّ) أَيْ: أَشْهَرِهِ ح ل.

(قَوْلُهُ وَإِيجَارُ دَارٍ) أَيْ: وَكَذَا يَصِحُّ إيجَارُ دَارٍ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَمْتِعَةٍ) أَيْ: لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ غَيْرِهِ ع ش. (قَوْلُهُ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الزَّمَنُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَقِيَاسُ مَا نَقَلَ عَنْ إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ فِيمَنْ آجَرَ دَارًا بِغَيْرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَصِلُ إلَيْهَا بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ كَسَنَةٍ مِنْ الصِّحَّةِ، وَأَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْهَا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ هُنَا، وَحُسْبَانُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيغِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ هُنَا إلَى الصِّحَّةِ قَبْلَ التَّفْرِيغِ لِسُهُولَةِ تَأْخِيرِ الْإِجَارَةِ إلَى مَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الدَّارِ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ رُبَّمَا تَعَذَّرَتْ إذَا اُعْتُبِرَ تَأْخِيرُهَا إلَى زَمَنِ الْوُصُولِ ع ش، وَمِثْلُ الدَّارِ أَرْضٌ مَزْرُوعَةٌ يَتَأَتَّى تَفْرِيغُهَا قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ شَرْحُ م ر

. (قَوْلُهُ وَتُقَدَّرُ الْمَنْفَعَةُ بِزَمَنٍ) وَضَابِطُهُ كُلُّ مَا لَا يَنْضَبِطُ بِالْعَمَلِ، وَحِينَئِذٍ فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ كَرَضَاعِ هَذَا شَهْرًا انْتَهَى شَرْحُ م ر، وَيُسْتَثْنَى إجَارَةُ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ وَمِثْلُهُ الْخُطْبَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْآحَادِ، فَيُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ ز ي أَيْ: لِأَنَّهُ يُتَوَسَّعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَا لَا يَتَوَسَّعُ فِي غَيْرِهِ نَعَمْ دُخُولُ الْحَمَّامِ بِأُجْرَةٍ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمُكْثِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْآلَاتِ لَا الْمَاءِ أَمَّا هُوَ فَمَقْبُوضٌ بِالْإِبَاحَةِ فَعَلَيْهِ مَا يَغْرِفُ بِهِ الْمَاءَ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْآلَاتِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الدَّاخِلِ، وَثِيَابُهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْحَمَّامِيِّ إنْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا وَيُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ وَلَوْ بِالْإِشَارَةِ بِرَأْسِهِ. اهـ شَرْحُ م ر بِزِيَادَةٍ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُسْتَحْفَظْهُ عَلَيْهَا، فَإِنْ اسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهَا صَارَتْ وَدِيعَةً يَضْمَنُهَا بِالتَّقْصِيرِ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا فَلَا يَضْمَنُهَا أَصْلًا وَإِنْ قَصَّرَ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَقْيِيدِ الضَّمَانِ بِمَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةً فِي حِفْظِهَا لَمْ أَعْلَمْ مَأْخَذَهُ انْتَهَى.

وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ قَوْلُهُ أَوْ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ أَيْ: أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْأُجْرَةَ مَعَ صِيغَةِ اسْتِحْفَاظِهِ انْتَهَى، وَقَوْلُ م ر جَائِزٌ مَعَ الْجَهْلِ أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ الْمُكْثِ زِيَادَةً عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَوْعِهِ، وَمِنْ الزِّيَادَةِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَيْضًا انْتَهَى ع ش. (قَوْلُهُ كَسُكْنَى لِدَارٍ مَثَلًا) بِأَنْ قَالَ: لِتَسْكُنَهَا فَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا أَوْ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك لَمْ يَصِحَّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا مَلَكَهُ بِالْإِجَارَةِ اهـ ز ي. (قَوْلُهُ وَتَعْلِيمٍ لِقُرْآنٍ مَثَلًا) بِأَنْ قَالَ: عَلِّمْهُ قُرْآنًا وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ صُعُوبَتِهِ وَسُهُولَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ حَتَّى يُتْعِبَ نَفْسَهُ فِي تَحْصِيلِهِ هَذَا إنْ لَمْ يُرِدْ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ بَلْ مَا يُسَمَّى قُرْآنًا، فَإِنْ أَرَادَ جَمِيعَهُ كَانَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَالزَّمَنِ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ وَإِذَا قَالَ: لِتُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْجَمِيعَ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّ الْقُرْآنَ بِأَلْ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْكُلِّ أَيْ: غَالِبًا وَإِلَّا فَقَدْ يُطْلَقُ، وَيُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْبَعْضِ م ر ز ي، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ تَعْيِينَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْرِئُهُ فِيهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ اشْتِرَاطُهُ كَالرَّضَاعِ يُبَيِّنُ فِيهِ مَكَانَ الْإِرْضَاعِ م ر.

(قَوْلُهُ سَنَةً) رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَبِمَحَلِّ عَمَلٍ) كَالْمَسَافَةِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا بِهِمَا. (قَوْلُهُ كَرُكُوبٍ لِدَابَّةٍ) فَالرُّكُوبُ عَمَلٌ وَالْمَسَافَةُ الْمُغَيَّاةُ بِمَكَّةَ مَحَلُّ عَمَلٍ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ بَلْ يُسَلِّمُهَا الْقَاضِي ذَلِكَ الْمَوْضِعَ أَوْ إلَى أَمِينٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتَصْحَبَهَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْهَبُ وَلَا يَرْكَبُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ جَمُوحًا كَالْوَدِيعَةِ س ل، قَالَ ق ل بَعْدَ نَقْلِ مَا ذَكَرَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْكَبَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازَ عَوْدِ الْمُسْتَعِيرِ رَاكِبًا لَهَا وَلَيْسَ لَهُ إذَا اسْتَأْجَرَ لِلرُّكُوبِ فِي الْعَوْدِ أَنْ يُقِيمَ فِي مَقْصِدِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَعْهُودِ فَإِنْ أَقَامَ لِخَوْفٍ عَلَى الدَّابَّةِ مَثَلًا كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَالْمُودَعِ فَلَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمُدَّةُ. (قَوْلُهُ وَتَعْلِيمِ مُعَيَّنٍ مِنْ قُرْآنٍ) فَالْقُرْآنُ مَحَلُّ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ التَّعْلِيمُ. (قَوْلُهُ وَخِيَاطَةِ) فَهِيَ عَمَلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>