بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا يُرِيدُ مِنْ الثَّوْبِ مِنْ قَمِيصٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُبَيِّنَ نَوْعَ الْخِيَاطَةِ أَهِيَ رُومِيَّةٌ أَوْ فَارِسِيَّةٌ؟ إلَّا أَنْ تَطَّرِدَ عَادَةٌ بِنَوْعٍ فَيُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ، (لَا بِهِمَا) أَيْ: بِالزَّمَنِ وَمَحَلِّ الْعَمَلِ، (كَاكْتَرَيْتُكَ لِتَخِيطَهُ النَّهَارَ) ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَتَقَدَّمُ، وَقَدْ يَتَأَخَّرُ. نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْمَحَلِّ، وَذَكَرَ النَّهَارَ لِلتَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ، وَيَصِحَّ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا مِمَّا يَفْرُغُ عَادَةً فِي دُونِ النَّهَارِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، بَلْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَقَالَ: أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ الزَّمَنِ
(وَيُبَيِّنُ فِي بِنَاءٍ) أَيْ: فِي اكْتِرَاءِ شَخْصٍ لِلْبِنَاءِ عَلَى مَحَلٍّ أَرْضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهَا. (مَحَلَّهُ وَقَدْرَهُ) طُولًا وَعَرْضًا وَارْتِفَاعًا (وَصِفَتَهُ) مِنْ كَوْنِهِ مُنَضَّدًا أَوْ مُجَوَّفًا أَوْ مُسَنَّمًا بِحَجَرٍ أَوْ لَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ (إنْ قُدِّرَ بِمَحَلٍّ) لِلْعَمَلِ؛ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ فَإِنْ قُدِّرَ بِزَمَنٍ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ غَيْرِ الصِّفَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ، وَلَوْ اكْتَرَى مَحَلًّا لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ اُشْتُرِطَ بَيَانُ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ أَرْضٍ كَسَقْفٍ، وَإِلَّا فَغَيْرُ الِارْتِفَاعِ وَالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَتَعْبِيرِي بِالصِّفَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا يُبْنَى بِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُبْنَى بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَإِلَّا فَمُشَاهَدَتُهُ كَافِيَةٌ عَنْ وَصْفِهِ (وَ) يُبَيِّنُ (فِي أَرْضٍ صَالِحَةٍ لِبِنَاءٍ وَزِرَاعَةٍ وَغِرَاسٍ أَحَدُهَا) أَيْ: الْمُكْتَرِي لَهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ ضَرَرَهَا اللَّاحِقَ لِلْأَرْضِ مُخْتَلِفٌ.
(وَلَوْ بِدُونِ) بَيَانِ (إفْرَادِهِ) كَأَنْ يَقُولَ: أَجَّرْتُكَهَا لِلزِّرَاعَةِ، فَيَصِحُّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالثَّوْبُ مَحَلُّهُ وَالْمُرَادُ بِالثَّوْبِ نَحْوُ الْمَقْطَعِ. (قَوْلُهُ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا يُرِيدُ مِنْ الثَّوْبِ) يُوهِمُ أَنَّهُ يَكْفِي هَذَا مَعَ إبْهَامِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَوْ قَالَ: لِتَخِيطَ لِي ثَوْبًا إلَخْ وَيُوهِمُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ ذَا الثَّوْبِ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ مَا ذَكَرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الثَّوْبِ أَوْ وَصْفِهِ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر. (قَوْلُهُ أَهِيَ رُومِيَّةٌ إلَخْ) الرُّومِيَّةُ بِغُرْزَتَيْنِ وَهِيَ النِّبَاتَةُ وَالْفَارِسِيَّةُ بِغُرْزَةٍ ح ل. وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِئْجَارَهُ لِمُجَرَّدِ الْخِيَاطَةِ مَعًا م ر وسم وَق ل. (قَوْلُهُ لِتَخِيطَهُ النَّهَارَ إلَخْ) وَأَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَطَهَارَتُهَا وَرَاتِبَتُهَا وَزَمَنُ الْأَكْلِ وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ فَيُصَلِّيهَا بِمَحَلِّهِ أَوْ بِالْمَسْجِدِ إذَا اسْتَوَى الزَّمَانُ فِي حَقِّهِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَحَلُّهُ وَالِاسْتِئْجَارُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَسَيَأْتِي عَنْ حَجّ أَنَّهُ يَجِبُ السَّعْيُ لِلصَّلَاةِ وَلَوْ جُمُعَةً لَمْ يَخْشَ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهَا عَلَى عَمَلِهِ نَعَمْ الْإِجَارَةُ تَبْطُلُ بِاسْتِثْنَائِهَا مِنْ إجَارَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ كَمَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْوَقْتِ الْمُسْتَثْنَى مَعَ إخْرَاجِهِ عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ وَإِنْ وَافَقَ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ ع ش.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ إلَخْ) وَيُعْرَفُ قَصْدُهُ بِالْقَرِينَةِ ع ش. (قَوْلُهُ وَذَكَرَ النَّهَارَ) فَلَوْ أَخَّرَهُ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ أَيْضًا إلَخْ ضَعِيفٌ ح ل. (قَوْلُهُ يَفْرُغُ عَادَةً فِي دُونِ النَّهَارِ) أَيْ: وَعُرُوضُ عَائِقٍ عَنْ إكْمَالِهِ فِي ذَلِكَ النَّهَارِ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَمْ يَنْظُرْ إلَيْهِ فَإِنْ عَرَضَ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ أَصْلِهَا فِي ذَلِكَ ح ل وَز ي. (قَوْلُهُ بَلْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَفْت عَلَى كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ فَرَأَيْت فِيهِ مَا يُفِيدُ أَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ كَلَامِ الْبُوَيْطِيِّ نَفْسِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ ح ل وَع ن، فَقَوْلُهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ يُوهِمُ أَنَّ الْبُوَيْطِيَّ لِلشَّافِعِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْبُوَيْطِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ أَيْ: فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ الْهَاءِ فِي عَلَيْهِ أَيْ: مَذْكُورًا فِي الْبُوَيْطِيِّ. (قَوْلُهُ وَقَالَ إنَّهُ أَفْضَلُ) أَيْ: أَوْلَى
(قَوْلُهُ طُولًا) أَيْ: امْتِدَادًا (قَوْلُهُ مِنْ كَوْنِهِ مُنَضَّدًا) أَيْ: مَحْشُوًّا وَقَوْلُهُ أَوْ مُجَوَّفًا أَيْ: غَيْرَ مَحْشُوٍّ وَقَوْلُهُ أَوْ مُسَنَّمًا أَيْ: عَلَى صُورَةِ سَنَمِ الْبَعِيرِ ح ف، وَفِي الْمُخْتَارِ نَضَدَ مَتَاعَهُ وَضَعَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَبَابُهُ ضَرَبَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود: ٨٢] وَنَضَدَهُ تَنْضِيدًا أَيْضًا لِلْمُبَالَغَةِ فِي وَضْعِهِ. (قَوْلُهُ بِحَجَرٍ) أَيْ: كَوْنُهُ بِحَجَرٍ لِيَكُونَ مِنْ الصِّفَةِ.
(قَوْلُهُ إنْ قَدَّرَ بِمَحَلٍّ) كَأَنْ تَبْنِيَ لِي هَذَا الْحَائِطَ أَوْ هَذَا الْبَيْتَ. (قَوْلُهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ) تَعْرِيضٌ لِشَيْخِهِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ قَدَّرَ بِالزَّمَانِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ مَا ذُكِرَ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ مَا يَبْنِي بِهِ مِنْ طِينٍ أَوْ لَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا ذُكِرَ جَمِيعُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجِبُ بَيَانُ الصِّفَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَغَيْرُ الِارْتِفَاعِ وَالصِّفَةِ) وَهُوَ بَيَانُ الْمَحَلِّ وَبَعْضِ أَفْرَادِ الْقَدْرِ وَهُوَ الطُّولُ وَالْعَرْضُ (قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلّ ذَلِكَ) أَيْ: بَيَانِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ إلَخْ) فَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ أَمَّا إذَا لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ كَأَرَاضِي الْأَحْكَارِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْبِنَاءُ وَبَعْضِ الْبَسَاتِينِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْغِرَاسُ عَنَانِيٌّ. (قَوْلُهُ صَالِحَةٍ) أَيْ: بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَإِلَّا فَغَالِبُ الْأَرْضِ يَتَأَتَّى فِيهَا كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لِبِنَاءٍ وَزِرَاعَةٍ وَغِرَاسٍ) أَيْ: أَوْ لِاثْنَيْنِ مِنْهَا خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِاثْنَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَحَدِهِمَا ع ن. (قَوْلُهُ أَفْرَادِهِ) أَيْ: الْأَحَدِ. (قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ آجَرْتُكهَا) فَلَوْ ثُبِّتَ عَلَيْهَا عُشْبٌ مَثَلًا فَهُوَ لِمَالِكِهَا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ تَعْطِيلِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute