للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَمَا لَوْ أَكْرَى مَا اكْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَلِأَنَّهُمَا طَرِيقَانِ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودَ عَلَيْهِمَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمِثْلِ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ ذِكْرِ الثَّالِثَةِ مِنْ زِيَادَتِي، فَلَا يُبَدَّلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِمَا فَوْقَهُ، فَلَا يُسْكِنُ غَيْرُ حَدَّادٍ وَقَصَّارٍ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِدَقِّهِمَا، وَالِاسْتِيفَاءُ يَكُونُ بِالْمَعْرُوفِ، فَيَلْبَسُ الثَّوْبَ نَهَارًا وَلَيْلًا إلَى النَّوْمِ، وَلَا يَنَامُ فِيهِ لَيْلًا وَيَجُوزُ النَّوْمُ فِيهِ نَهَارًا وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ نَعَمْ عَلَيْهِ نَزْعُ الْأَعْلَى فِي غَيْرِ وَقْتِ التَّجَمُّلِ (لَا) إبْدَالُ (مُسْتَوْفًى مِنْهُ) كَدَابَّةٍ، فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ إمَّا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ أَوْ مُتَعَيَّنٌ بِالْقَبْضِ (إلَّا فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ، فَيَجِبُ) إبْدَالُهُ (لِتَلَفٍ أَوْ تَعَيُّبٍ، وَيَجُوزُ مَعَ سَلَامَةٍ) مِنْهُمَا (بِرِضَا مُكْتِرٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ الْإِبْدَالِ فِي التَّالِفِ وَجَوَازِهِ فِي السَّالِمِ مَعَ تَقْيِيدِهِ بِرِضَا الْمُكْتَرِي مِنْ زِيَادَتِي

(وَالْمُكْتَرِي أَمِينٌ) عَلَى الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ إلَّا بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيَدُ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ، وَالثَّوْبِ يَدُ أَمَانَةٍ (وَلَوْ بَعْدَ الْمُدَّةِ) أَيْ: مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ أَوْ مُدَّةِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ إنْ قُدِّرَتْ بِمَحَلِّ عَمَلٍ اسْتِصْحَابًا، لِمَا كَانَ كَالْوَدِيعِ (كَأَجِيرٍ) فَإِنَّهُ أَمِينٌ وَلَوْ بَعْدَ الْمُدَّةِ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا، فَتَلِفَتْ أَوْ اكْتَرَاهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ صَبْغِهِ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْأَجِيرُ بِالْيَدِ أَمْ لَا كَأَنْ قَعَدَ الْمُكْتَرِي مَعَهُ حَتَّى يَحْمِلَ أَوْ أَحْضَرَهُ مَنْزِلَهُ لِيَعْمَلَ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ (إلَّا بِتَقْصِيرٍ كَأَنْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِالدَّابَّةِ، فَتَلِفَتْ بِسَبَبٍ) كَانْهِدَامِ سَقْفِ إصْطَبْلِهَا عَلَيْهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَفُرِّقَ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ حَجْرًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَنْ لَا يُؤَجِّرَهُ لِغَيْرِهِ فَأَشْبَهَ مَنْعَ بَيْعِ الْمَبِيعِ انْتَهَى ق ل، وَلَوْ وَاسْتَأْجَرَهُ مِنْ حَطَبٍ إلَى دَارِهِ، وَأَطْلَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ إطْلَاعُهُ فِي السَّطْحِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ إدْخَالُهُ الدَّارَ وَالْبَابُ ضَيِّقٌ أَوْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ) أَيْ: جَوَازُ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى وَقَوْلُهُ فَكَمَا لَوْ أَكْرَى أَيْ: فَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَكْرَى إلَخْ. (قَوْلُهُ فَلَا يُسْكِنُ غَيْرَ حَدَّادٍ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ عَمَّمَ لَهُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَقَوْلِهِ لِتُسْكِنَ مَنْ شِئْت إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِمَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُصَرِّحُ بِجَوَازِ إسْكَانِهِمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَعِبَارَتُهُ قَالَ جَمْعٌ: وَلَوْ قَالَ: لِتُسْكِنَ مَنْ شِئْت جَازَ إسْكَانُ الْحَدَّادِ وَالْقَصَّارِ كَازْرَعْ مَا شِئْت خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ ق ل.

(قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِدَقِّهِمَا) وَهَلْ لِأَحَدِهِمَا إسْكَانُ الْآخَرِ؟ فِي كَلَامِ شَيْخِنَا كحج أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ح ل. (قَوْلُهُ إلَى النَّوْمِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَشَى طُولَ اللَّيْلِ لِحَاجَةٍ. وَلَمْ يَنَمْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ، وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ فَإِنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةٌ لِلنَّوْمِ. اهـ. م ر شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا يَنَامُ فِيهِ لَيْلًا) حَيْثُ اُعْتِيدَ ذَلِكَ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ مُطْلَقًا ح ل. (قَوْلُهُ عَلَيْهِ نَزْعُ الْأَعْلَى) أَيْ: نَزْعُ الَّذِي يَلْبَسُ أَعْلَى كَالْجُوخَةِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إمَّا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ) أَيْ: إنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُتَعَيِّنٌ بِالْقَبْضِ أَيْ: إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ ع ش، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ بِالْقَبْضِ يَجُوزُ إبْدَالُهُ، وَلَكِنَّ الشَّارِحَ عَمَّمَ لِيَتَأَتَّى لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ. اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ: الصُّورَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ أَنْ يَقُولَ: أَلْزَمْت ذِمَّتَك حَمْلِي إلَى مَكَّةَ مَثَلًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ مُتَعَيِّنٌ بِالْقَبْضِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا آجَرَهُ دَابَّةً فِي ذِمَّتِهِ مَوْصُوفَةً تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَيَجِبُ إبْدَالُهُ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إبْدَالِهِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ثُبُوتُ الْخِيَارِ. س ل

. (قَوْلُهُ وَالْمُكْتَرِي أَمِينٌ) أَيْ: فَعَلَيْهِ دَفْعُ نَحْوِ حَرِيقٍ وَنَهْبٍ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ ح ل. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ إلَّا بِوَضْعِ الْيَدِ) وَبِهَذَا كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ عَلَى ظَرْفِ مَبِيعٍ قَبَضَهُ فِيهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَأَجِيرٍ) أَيْ: عَلَى مَا اُسْتُؤْجِرَ لِحِفْظِهِ أَوْ لِلْعَمَلِ فِيهِ كَالرَّاعِي وَالْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ أَمِينٌ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّعَدِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ، وَحَيْثُ ضَمِنَ الْأَجِيرُ فَإِنْ كَانَ بِتَعَدٍّ فَبِأَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ إلَى وَقْتِ التَّلَفِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَبِقِيمَتِهِ وَقْتَ التَّلَفِ خ ط وع ن. (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ الَّذِينَ يَحْرُسُونَ الْأَسْوَاقَ بِاللَّيْلِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ حَيْثُ لَمْ يُقَصِّرُوا ح ل وَزي، وَكَذَا خَفِيرُ الْجُرْنِ وَالْغَيْطِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَمَّامِيُّ إذَا اسْتَحْفَظَهُ عَلَى الْأَمْتِعَةِ، وَالْتَزَمَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْحَمَّامِيُّ أَفْرَادَ الْأَمْتِعَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الضَّائِعِ صُدِّقَ الْخَفِيرُ؛ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ وَأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ إذَا وَقَعَتْ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَصَّرُوا وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا ز ي خِلَافُهُ فِي التَّقْصِيرِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَالَ م ر فِي شَرْحِهِ بَعْدَ كَلَامٍ: وَلَا تَجْرِي هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي الْأَجِيرِ لِحِفْظِ حَانُوتٍ مَثَلًا إذَا أَخَذَ غَيْرَهُ مَا فِيهَا فَلَا يَضْمَنُهُ قَطْعًا قَالَ الْقَفَّالُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ الْمَتَاعَ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ حَارِسِ سِكَّةٍ سَرَقَ بَعْضَ بُيُوتِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّ الْخُفَرَاءَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يَعِزُّ النَّقْلُ فِيهَا. اهـ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَّرُوا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ.

(قَوْلُهُ أَوْ صَبْغِهِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَصَبَغْت الثَّوْبَ صَبْغًا مِنْ بَابَيْ نَفَعَ وَقَتَلَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ كَأَنْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ إلَخْ) الضَّمَانُ هُنَا ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ يَدٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَشَى عَلَيْهِ م ر وَقَوْلُهُ وَكَأَنْ ضَرَبَهَا أَوْ نَخَعَهَا فَوْقَ عَادَةٍ إلَخْ، وَالضَّمَانُ هُنَا ضَمَانُ يَدٍ كَمَا قَالَهُ م ر حِينَ سُئِلَ عَنْهُ عَلَى الْفَوْرِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَرْكَبُهَا إلَى قَوْلِهِ بَدَلُ شَعِيرٍ الضَّمَانُ فِيهِ ضَمَانُ جِنَايَةٍ، فَلَا يَضْمَنُ إلَّا إنْ تَلِفَتْ بِذَلِكَ السَّبَبِ، وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ الْمُتَعَدَّى بِهِ مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْجِنْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>