وَإِنْ أَدَّى إلَى ضَرَرِ جَارِهِ أَوْ إتْلَافِ مَالِهِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرَ مَاءٍ أَوْ حَشٍّ، فَاخْتَلَّ بِهِ جِدَارُ جَارِهِ أَوْ تَغَيَّرَ بِمَا فِي الْحَشِّ مَاءُ بِئْرِهِ (فَإِنْ جَاوَزَهَا) أَيْ: الْعَادَةَ فِيمَا ذُكِرَ (ضَمِنَ) بِمَا جَاوَزَ فِيهِ كَأَنْ دَقَّ دَقًّا عَنِيفًا أَزْعَجَ الْأَبْنِيَةَ أَوْ حَبَسَ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ، فَانْتَشَرَتْ النَّدَاوَةُ إلَى جِدَارِ جَارِهِ (وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَهُ) أَيْ: مِلْكَهُ وَلَوْ بِحَوَانِيتِ بَزَّازِينَ (حَمَّامًا وَإِصْطَبْلًا) وَطَاحُونَةً (وَحَانُوتَ حَدَّادٍ إنْ أَحْكَمَ جُدْرَانَهُ) أَيْ: كُلٌّ مِنْهَا بِمَا يَلِيقُ بِمَقْصُودِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ الْمِلْكَ وَإِنْ ضَرَّ الْمَالِكَ بِنَحْوِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ
(وَيَخْتَلِفُ الْإِحْيَاءُ بِحَسَبِ الْغَرَضِ) مِنْهُ (فَ) يُعْتَبَرُ (فِي مَسْكَنٍ تَحْوِيطٌ) لِلْبُقْعَةِ بِآجُرٍّ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ طِينٍ، أَوْ أَلْوَاحٍ خَشَبٍ، أَوْ قَصَبٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ (وَنَصْبُ بَابٍ وَسَقْفِ بَعْضٍ) مِنْ الْبُقْعَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَا لَوْ أَسْرَجَ فِي مِلْكِهِ سِرَاجًا وَلَوْ بِنَجِسٍ وَلَزِمَ عَلَيْهِ تَسْوِيدُ جِدَارِ جَارِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدَّى إلَى ضَرَرِ جَارِهِ) وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ مَنْ فَتَحَ سِرْدَابًا بِدُونِ إعْلَامِ الْجِيرَانِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِرَائِحَتِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْإِعْلَامِ قَبْلَ الْفَتْحِ، فَمَنْ فَتَحَ بِدُونِ إعْلَامٍ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ بِالْإِعْلَامِ، فَلِذَا ضَمِنَ، وَمَنْ قَلَى أَوْ شَوَى فِي مِلْكِهِ مَا يُؤَثِّرُ فِي إجْهَاضِ الْحَامِلِ إنْ لَمْ تَأْكُلْ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُ مَا يَدْفَعُ الْإِجْهَاضَ عَنْهَا فَإِنْ قَصَّرَ ضَمِنَ لَكِنْ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَمَا فِي الْمُضْطَرِّ. اهـ. سم عَلَى حَجّ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ مَتَى عَلِمَهَا، وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ لَكِنْ يَقُولُ لَهَا: لَا أَدْفَعُ لَك إلَّا بِالثَّمَنِ فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ بَذْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ جَنِينَهَا عَلَى عَاقِلَتِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ حَجّ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ بَذْلِ الثَّمَنِ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ حَالًّا وَطَلَبَتْ مِنْهُ نَسِيئَةً فَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ بِلَا عِوَضٍ لِاضْطِرَارِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَ بِذِمَّتِهَا وَامْتَنَعَ مِنْ الدَّفْعِ ضَمِنَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَشٍّ) هُوَ بَيْتُ الْخَلَاءِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا ع ش. (قَوْلُهُ: فَاخْتَلَّ بِهِ جِدَارُ جَارِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ أَدَّى إلَى ضَرَرِ جَارِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَغَيَّرَ بِمَا فِي الْحَشِّ مَاءُ بِئْرِهِ أَيْ: الْجَارِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ إتْلَافِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ الْمَاءِ بِالنَّجِسِ يُصَيِّرُهُ مُتَنَجِّسًا فَهُوَ تَالِفٌ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) أَيْ: مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا كَأَنْ شَهِدَ بِهِ خَبِيرَانِ لِتَقْصِيرِهِ، وَلِهَذَا أَفْتَى الْوَالِدُ بِضَمَانِ مَنْ جَعَلَ دَارِهِ بَيْنَ النَّاسِ مَعْمَلَ نَشَادِرٍ، وَشَمَّهُ أَطْفَالٌ وَمَاتُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ الْعَادَةَ شَرْحُ م ر، وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَهُ حَمَّامًا إلَخْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا اُعْتِيدَ فِعْلُهُ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَذْكُورَاتِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ فِعْلَهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِخُصُوصِهِ، وَبَيْنَ مَا لَمْ يَعْتَدْ بَيْنَ النَّاسِ مُطْلَقًا كَمَا فِي هَذِهِ الْفَتْوَى. اهـ. سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ فَانْتَشَرَتْ النَّدَاوَةُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ السَّرَيَانُ حَالًا أَوْ مَآلًا لَكِنْ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ آخِرَ بَابِ الصُّلْحِ مَا نَصُّهُ: وَلَا مَنْعَ مِنْ غَرْسٍ وَحَفْرٍ يُؤَدِّي فِي الْمَآلِ إلَى انْتِشَارِ الْعُرُوقِ أَوْ الْأَغْصَانِ وَسَرَيَانِ النَّدَاوَةِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ فِي الْحَالِ، ثُمَّ إنْ أَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ إلَى انْتِشَارِ الْعُرُوقِ أَوْ النَّدَاوَةِ كُلِّفَ إزَالَةَ مَا يَضُرُّ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَهُ إلَخْ) وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا أَوْ خَانًا إلَّا إنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ مُنْسَدَّةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ حَمَّامًا وَلَا مَسْجِدًا وَلَا خَانًا إلَّا بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج خِلَافُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ الْمِلْكَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ ضَرَّ الْمِلْكَ مُنِعَ مِنْهُ، وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلُ: وَإِنْ أَدَّى إلَى ضَرَرِ جَارِهِ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَهَذَا فِيمَا لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ، وَعِبَارَةُ م ر لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ وَلِمَا فِي مَنْعِهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ
. (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الْغَرَضِ) أَيْ: الْمَقْصُودِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَطْلَقَهُ وَلَيْسَ لَهُ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ كَالْحِرْزِ وَالْقَبْضِ، وَضَابِطُهُ أَنْ يُهَيَّأَ كُلُّ شَيْءٍ لِمَا يُقْصَدُ مِنْهُ غَالِبًا شَرْحُ م ر، وَلَوْ حَفَرَ قَبْرًا فِي مَوَاتٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إحْيَاءٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: بِخِلَافِ مَا لَوْ حَفَرَ فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ مَقْبَرَةً، فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ فَمَنْ سَبَقَ بِالدَّفْنِ فِيهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ صَرَّحَ بِالثَّانِيَةِ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ فِي فَتَاوِيهِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم عَلَى مَنْهَجِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ تَحْوِيطٌ لِلْبُقْعَةِ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا الِاكْتِفَاءُ بِالتَّحْوِيطِ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْبِنَاءِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَوْجَهُ الرُّجُوعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا: لَوْ اعْتَادَ نَازِلُو الصَّحْرَاءِ بِتَنْظِيفِ الْمَوْضِعِ عَنْ نَحْوِ شَوْكٍ وَحَجَرٍ وَتَسْوِيَتِهِ لِضَرْبِ خَيْمَةٍ وَبِنَاءِ مَعْلَفٍ لِلدَّوَابِّ فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ مَلَكُوا الْبُقْعَةَ وَإِنْ ارْتَحَلُوا عَنْهَا أَوْ بِقَصْدِ الِارْتِفَاقِ فَهُمْ أَوْلَى بِهَا إلَى الرِّحْلَةِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِآجُرٍّ) أَيْ: مَعَ الْبِنَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَا يَكْفِي إلَخْ. (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ) وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ أَرْبَعَ حِيطَانٍ ح ل وَق ل وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ نَاحِيَةٍ بِتَرْكِ بَابٍ لِلدَّوَابِّ لَمْ يَتَوَقَّفْ إحْيَاؤُهَا عَلَى بَابٍ وَلَا مَانِعٍ وِفَاقًا لِلرَّمْلِيِّ سم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute