أُلَّافُهُ) لِمُعَامَلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَحَقُّهُ بَاقٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ تَعَيُّنِ الْمَوْضِعِ أَنْ يُعْرَفَ بِهِ فَيُعَامَلُ، فَإِنْ فَارَقَهُ لَا لِيَعُودَ بَلْ لِتَرْكِهِ الْحِرْفَةَ أَوْ الْمَحَلَّ أَوْ فَارَقَهُ لِيَعُودَ وَطَالَتْ مُفَارِقَتُهُ بِحَيْثُ انْقَطَعَتْ إلَافُهُ بَطَلَ حَقُّهُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ، وَإِنْ تَرَكَ فِيهِ مَتَاعَهُ أَوْ كَانَ جُلُوسُهُ فِيهِ بِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ أَوْ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ كَسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُفَارِقَتَهُ لَا بِقَصْدِ عَوْدٍ وَلَا عَدَمِهِ كَمُفَارِقَتِهِ بِقَصْدِ عَوْدٍ، وَلَوْ جَلَسَ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا بَطَلَ حَقُّهُ بِمُفَارِقَتِهِ، وَمَتَى لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ فَلِغَيْرِهِ الْقُعُودُ فِيهِ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ، وَلَوْ لِمُعَامَلَةٍ
(أَوْ) سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ (مِنْ مَسْجِدٍ لِنَحْوِ إفْتَاءٍ) كَإِقْرَاءِ قُرْآنٍ، أَوْ حَدِيثٍ، أَوْ عِلْمٍ مُتَعَلِّقٍ بِالشَّرْعِ، أَوْ سَمَاعِ دَرْسٍ بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ (فَكَمُحْتَرَفٍ) فِيمَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ إفْتَاءٍ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ
(أَوْ) سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ مِنْهُ (لِصَلَاةٍ وَفَارَقَهُ بِعُذْرٍ) كَقَضَاءِ حَاجَةٍ، أَوْ تَجْدِيدِ وُضُوءٍ، أَوْ إجَابَةِ دَاعٍ (لِيَعُودَ) إلَيْهِ (فَحَقُّهُ بَاقٍ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ) وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَتَاعَهُ فِيهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ نَعَمْ إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فِي غَيْبَتِهِ وَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ، فَالْوَجْهُ سَدُّ الصَّفِّ مَكَانَهُ لِحَاجَةِ إتْمَامِ الصُّفُوفِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: أُلَّافُهُ) جَمْعُ آلِفٍ كَعُذَّالٍ جَمْعُ عَاذِلٍ وَكُفَّارٍ جَمْعُ كَافِرٍ (قَوْلُهُ: فَحَقُّهُ بَاقٍ) أَيْ: فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ الْعَالِمِ بِهِ الْجُلُوسُ أَيْ: عِنْدَ حُضُورِهِ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَظَنِّ رِضَاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ) أَيْ: لِأَنَّ لِلْإِمَامِ إقْطَاعَ الشَّوَارِعِ إقْطَاعَ إرْفَاقٍ لَا إقْطَاعُ تَمْلِيكٍ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُفَارَقَتَهُ إلَخْ) هَذَا وَاضِحٌ إنْ أَلِفَ ذَلِكَ الْمَكَانَ، وَتَعَوَّدَهُ أَوْ قَصَدَ بِأَوَّلِ مَجِيئِهِ فِيهِ أَنْ لَا يُفَارِقَهُ وَقْتَ الْمُعَامَلَةِ، وَأَمَّا إذَا جَاءَ مَرَّةً، وَلَمْ يَقْصِدْ مَا ذَكَرَ وَفَارَقَهُ لَا بِقَصْدِ عَوْدٍ وَلَا عَدَمِهِ، فَبَقَاءُ حَقِّهِ بَعِيدٌ، فَالْوَجْهُ انْقِطَاعُ حَقِّهِ س ل.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَلَسَ لِاسْتِرَاحَةٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: حِرْفَةٍ. (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهَا) كَانْتِظَارِ رَفِيقٍ، وَسُؤَالٍ م ر
. (قَوْلُهُ كَإِقْرَاءِ قُرْآنٍ) وَتَعَلُّمِهِ وَلَوْ لِنَحْوِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ أَوْ لِحِفْظِ الْأَلْوَاحِ، وَمِثْلُهُ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ يَقْرَأُ مَا يَحْفَظُهُ أَوْ يَقْرَأُ فِي مُصْحَفِ وَقْفٍ أَوْ قِرَاءَةٍ نَحْوَ سَبْعٍ، فَيَنْقَطِعُ حَقُّهُ بِمُفَارَقَتِهِ، وَمِثْلُهُ مَنْ جَلَسَ لِذِكْرِ نَحْوِ وِرْدٍ أَوْ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ فِي نَحْوِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مَعَ جَمَاعَةٍ ق ل، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِيمَنْ يَقْرَأُ الْأَسْبَاعَ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّارِطُ لِمَحَلٍّ يُعَيِّنُهُ الْوَاقِفُ لِلْمَسْجِدِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ) إنْ أَفَادَ وَاسْتَفَادَ لَا لِسَمَاعِ حَدِيثٍ أَوْ وَعْظٍ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَكَمُحْتَرِفٍ) بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي مُلَازَمَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَأْلَفَهُ النَّاسُ، وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ وَطَنًا يُسْتَحَقُّ مَخْصُوصٌ بِمَا عَدَا ذَلِكَ أَيْ: مَا عَدَا نَحْوِ الِاقْتِنَاءِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ إذْنِ الْإِمَامِ، وَلَوْ لِمَسْجِدٍ كَبِيرٍ أَوْ جَامِعٍ اُعْتِيدَ الْجُلُوسُ فِيهِ بِإِذْنِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨] . اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ) وَلَيْسَ مِنْ الْغَيْبَةِ تَرْكُ الْجُلُوسِ فِيهِ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَطَالَتِهَا وَلَوْ أَشْهُرًا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِي قِرَاءَةِ الْفِقْهِ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، وَمِمَّا لَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّهُ أَيْضًا مَا لَوْ اعْتَادَ الْمُدَرِّسُ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ فِي سَنَتَيْنِ، وَتَعَلُّقِ غَرَضِ بَعْضِ الطَّلَبَةِ بِحُضُورِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ فِي سَنَةٍ، فَلَا نَقْطَعُ حَقَّهُ بِغَيْبَتِهِ فِي الثَّانِي انْتَهَى ع ش عَلَى م ر، وَقَرَّرَهُ ح ف
. (قَوْلُهُ: لِصَلَاةٍ) وَمِثْلُهَا أَيْضًا كُلُّ عِبَادَةٍ قَاصِرٍ نَفْعُهَا عَلَيْهِ كَقِرَاءَةِ أَوْ ذِكْرٍ س ل وَشَمِلَ الْجُلُوسُ لِلصَّلَاةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِذَلِكَ الْمَحَلِّ لِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِخْلَافِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا لَوْ جَلَسَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ عُدَّ مُنْتَظِرًا لَهَا عُرْفًا لَا نَحْوَ بَعْدَ صُبْحٍ لِانْتِظَارِ ظُهْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ جَالِسًا ق ل. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَهُ بِعُذْرٍ) وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَيْ: وَقَرُبَ دُخُولُ وَقْتِهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ ح ل. (قَوْلُهُ: لِيَعُودَ إلَيْهِ) وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَحَقُّهُ بَاقٍ) فَيَحْرُمُ عَلَى الْعَالِمِ بِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَظَنِّ رِضَاهُ، وَمَا اسْتَثْنَاهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ حَقِّ السَّبْقِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ أَهْلًا لِلِاسْتِخْلَافِ، وَكَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالْإِمَامَةِ، فَيُؤَخَّرُ وَيَتَقَدَّمُ الْأَحَقُّ بِمَوْضِعِهِ لِخَبَرِ «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» مَرْدُودٌ، إذْ الِاسْتِخْلَافُ نَادِرٌ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَنْ هُوَ خَلْفَهُ، وَكَيْفَ يُتْرَكُ حَقُّ ثَابِتٍ لِمُتَوَهِّمِ عَلَى أَنَّ عُمُومَ كَلَامِهِمْ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ، وَلَا شَاهِدَ لَهُ فِي الْخَبَرِ شَرْحُ م ر أَيْ: لِأَنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا دَلَّ عَلَى تَقْدِيمِ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فِي الرِّجَالِ.
(قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ سَدُّ الصَّفِّ) وَإِنْ عَلِمَ حُضُورَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْبُرُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ نَحْوُ سَجَّادَةٍ دَفَعَهَا بِنَحْوِ رِجْلِهِ أَوْ عُودٍ وَلَا يَرْفَعُهَا لِئَلَّا تَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ، وَمِثْلُهُ فَرْشُهَا فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي مَكَّةَ خَلْفَ الْمَقَامِ أَوْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ، وَيَحْرُمُ فَرْشُهَا فِي ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحَجُّرِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ، بَلْ يُمْنَعُ الْجَالِسُ خَلْفَ الْمَقَامِ مِنْ الْجُلُوسِ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ. اهـ. ق ل، وَخَرَجَ بِالصَّلَاةِ الِاعْتِكَافُ فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute