للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَيْنٍ وَلَا مَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا أَحَدِ عَبْدَيْهِ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِمَا وَلَا مَا لَا يُمْلَكُ لِلْوَاقِفِ كَمُكْتَرَى وَمُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ لَهُ وَحُرٍّ وَكَلْبٍ وَلَوْ مُعَلَّمًا وَلَا مُسْتَوْلَدَةً وَمُكَاتَبٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ النَّقْلَ وَلَا آلَةِ لَهْوٍ وَلَا دِرْهَمٍ لِلزِّينَةِ؛ لِأَنَّ آلَةَ اللَّهْوِ مُحَرَّمَةٌ وَالزِّينَةُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَلَا مَا لَا يُفِيدُ نَفْعًا كَزَمِنٍ لَا يُرْجَى وَلَا مَا لَا يُفِيدُ إلَّا بِفَوْتِهِ كَطَعَامٍ وَرَيْحَانٍ غَيْرِ مَزْرُوعٍ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ فِي قُوَّتِهِ وَمَقْصُودُ الْوَقْفِ الدَّوَامُ بِخِلَافِ مَا يَدُومُ كَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَرَيْحَانٍ مَزْرُوعٍ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) بِأَنْ كَانَ جِهَةً (عَدَمُ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً فَيَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى فُقَرَاءَ وَ) عَلَى (أَغْنِيَاءَ) وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِمْ قُرْبَةٌ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ كَالْوَصِيَّةِ (لَا) عَلَى (مَعْصِيَةٍ كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ) لِلتَّعَبُّدِ وَلَوْ تَرْمِيمًا؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَإِنْ أُقِرُّوا عَلَى التَّرْمِيمِ بِخِلَافِ كَنِيسَةٍ تَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ أَوْ مَوْقُوفَةٍ عَلَى قَوْمٍ يَسْكُنُونَهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ الْمُبَاحَةِ، وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى حَمَامِ مَكَّةَ (وَ) شُرِطَ فِيهِ (إنْ تَعَيَّنَ وَلَوْ جَمَاعَةً مَعَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (إمْكَانُ تَمَلُّكِهِ) لِلْمَوْقُوفِ مِنْ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ (فَيَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى ذِمِّيٍّ) إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهِ قَصْدُ الْمَعْصِيَةِ كَأَنْ كَانَ خَادِمَ كَنِيسَةٍ لِلتَّعَبُّدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ رِيعِهِ وَلَا تَجِيءُ هُنَا الْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ تَمَلُّكُهُ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ لَا يُبَاعُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَيْنٍ) فِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِمَا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ مَا ذُكِرَ بِفَقْدِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَا فِي الذِّمَّةِ) شَامِلٌ لِذِمَّةِ غَيْرِ الْوَاقِفِ كَأَنْ كَانَ يَسْتَحِقُّ عَبْدًا عَلَى آخَرَ قَرْضًا أَوْ سَلَمًا (قَوْلُهُ: وَحُرٍّ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ: وَلَا وَقْفُ حُرٍّ نَفْسَهُ قَالَ م ر: لِأَنَّ رَقَبَتَهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبٍ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً عَلَى الْأَوْجَهِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إذْ الْمُغَلَّبُ فِيهَا التَّعْلِيقُ وَمَرَّ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، صِحَّةُ وَقْفِهِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ النَّقْلَ) مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْحَمْلُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ مُنْفَرِدًا وَإِنْ صَحَّ عِتْقُهُ نَعَمْ إنْ وَقَفَ حَامِلًا صَحَّ فِيهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلَا دِرْهَمٍ لِلزِّينَةِ) أَوْ لِلتِّجَارَةِ فِيهَا وَصَرْفِ رِبْحِهَا لِلْفُقَرَاءِ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِهَا لِذَلِكَ اهـ س ل وَكَذَا وَقْفُ الْجَامِكِيَّةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَوْقُوفِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلْوَاقِفِ وَهِيَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ. وَمَا يَقَعُ مِنْ اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ فِي الْفَرَاغِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ لِيَكُونَ لِبَعْضِ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلًا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لَيْسَ مِنْ وَقْفِهَا بَلْ بِفَرَاغِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا وَصَارَ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فَيَصِحُّ تَعْيِينُهُ لِمَنْ شَاءَ حَيْثُ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَمَقْصُودُ الْوَقْفِ الدَّوَامُ) قَالَ م ر وَالْمُرَادُ بِالدَّوَامِ بَقَاؤُهُ مُدَّةً يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ فِيهَا بِأَنْ تُقَابَلَ بِأُجْرَةٍ وَحِينَئِذٍ لَا يَرُدُّ الرَّيَاحِينَ الْمَقْلُوعَةُ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَهَا نَادِرٌ س ل (قَوْلُهُ: كَمِسْكٍ) بِخِلَافِ عُودِ الْبَخُورِ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهِ س ل (قَوْلُهُ: وَرَيْحَانٍ مَزْرُوعٍ. إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُهُ لِلشَّمِّ وَفِيهِ نَفْعٌ آخَرُ وَهُوَ التَّنَزُّهُ س ل.

(قَوْلُهُ: عَلَى فُقَرَاءَ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَا فِي الزَّكَاةِ إلَّا الْمُكْتَسِبَ لِمَا يَكْفِيهِ فَهُوَ هُنَا مِنْهُمْ اهـ ق ل قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِي الصَّرْفُ لِثَلَاثَةٍ لَكِنْ لَا يُتَّجَهُ هَذَا إذَا فَضَلَ الرِّيعُ عَنْ كِفَايَتِهِمْ لَا سِيَّمَا مَعَ احْتِيَاجِ غَيْرِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فَقِيرًا حَالَ الْوَقْفِ كَمَا فِي الْكَافِي اهـ، وَهَذَا مِنْ الْحِيَلِ فِي الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَشْرِطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ بِأُجْرَةٍ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَقَيَّدَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمِنْهَا مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفَقِيهِ مِنْ أَوْلَادِ أَبِيهِ وَلَيْسَ فِيهِمْ فَقِيهٌ غَيْرَهُ اهـ ز ي مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَغْنِيَاءَ) وَالْغَنِيُّ هُنَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَيُقْبَلُ دَعْوَى الْفَقْرِ مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْغِنَى إلَّا بِبَيِّنَةٍ ق ل وَيَصِحُّ عَلَى يَهُودٍ أَوْ نَصَارَى أَوْ فُسَّاقٍ أَوْ قُطَّاعِ طَرِيقٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ انْتَهَى ح ل، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الصِّحَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِهِمْ بَاعِثًا عَلَى الْوَقْفِ بِأَنْ أَرَادَ ذَوَاتَهمْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى مَنْ يَفْسُقُ أَوْ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ فَلَا يَصِحُّ قَالَ م ر بَعْدَ كَلَامٍ: وَمِنْ ثَمَّ اسْتَحْسَنَّا بُطْلَانَهُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْفُسَّاقِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ) أَيْ لِلْمَنْفَعَةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ: تَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ز ي (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى ذِمِّيٍّ) وَكَذَا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ كَالذِّمِّيِّ إنْ دَخَلَ بِدَارِنَا مَا دَامَ فِيهَا إنْ رَجَعَ صُرِفَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ وَكَذَا الذِّمِّيُّ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ س ل، ثُمَّ مَحَلُّ الصِّحَّةِ فِيمَا يَجُوزُ تَمْلِيكُهُ لِلذِّمِّيِّ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مُصْحَفٍ أَوْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ ق ل (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ خَادِمَ كَنِيسَةٍ) نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ الْفَاسِقِ أَوْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ صَحَّ الْوَقْفُ وَهَذَا مِثْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَلَى قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَوْ خَادِمِ الْكَنِيسَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ حَيْثُ كَانَ الْحَامِلُ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى الْفَاسِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَخَادِمِ الْكَنِيسَةِ الْمُعَيَّنِينَ اتِّصَافَهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَلْتَزِمُ عَدَمُ الصِّحَّةِ تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر كَالْوَقْفِ عَلَى خَادِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>