لَا) عَلَى (جَنِينٍ وَبَهِيمَةٍ) (نَعَمْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى عَلَفِهَا وَعَلَيْهَا إنْ قَصَدَ بِهِ مَالِكَهَا) ؛ لِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ (وَ) لَا عَلَى (نَفْسِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ لِتَعَذُّرِ تَمْلِيكِ الْإِنْسَانِ مِلْكَهُ؛ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ وَيَمْتَنِعُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَمِنْ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَشْرِطَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثِمَارِهِ أَوْ يَنْتَفِعَ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي وَقْفِهِ بِئْرَ رُومَةَ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ بَلْ إخْبَارٌ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ كَالصَّلَاةِ بِمَسْجِدٍ وَقَفَهُ، وَالشُّرْبِ مِنْ بِئْرٍ وَقَفَهَا (وَ) لَا عَلَى (عَبْدٍ لِنَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ الْعَبْدِ لِتَعَذُّرِ تَمَلُّكِهِ (فَإِنْ أَطْلَقَ) الْوَقْفَ عَلَيْهِ (فَهُوَ) وَقْفٌ (عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ لِيَصِحَّ أَوْ لَا يَصِحُّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْأَرِقَّاءِ الْمَوْقُوفِينَ عَلَى خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْجِهَةُ فَهُوَ كَالْوَقْفِ عَلَى عَلَفِ الدَّوَابِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (وَ) لَا عَلَى (مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَنِيسَةٍ لِلتَّعَبُّدِ انْتَهَى فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ أَتَى بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ فِي الصِّيغَةِ تَأَمَّلْ، وَفِي ح ل مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ خَادِمَ كَنِيسَةٍ لِلتَّعَبُّدِ بِأَنْ قَالَ عَلَى فُلَانٍ خَادِمِ الْكَنِيسَةِ أَوْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ وَقَدْ عَلِمَهُ وَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَهُودِ وَنَحْوِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا عَلَى جَنِينٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَسْلِيطٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَلَا يَدْخُلُ أَيْضًا فِي الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ إذْ لَا يُسَمَّى وَلَدًا وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ اسْتَحَقَّ مَعَهُمْ قَطْعًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ قَدْ سَمَّى الْمَوْجُودِينَ أَوْ ذَكَرَ عَدَدَهُمْ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَدْخُلُ الْحَمْلُ الْحَادِثُ عُلُوقُهُ بَعْدَ الْوَقْفِ فَإِنْ انْفَصَلَ اسْتَحَقَّ مِنْ غَلَّةِ مَا بَعْدَ انْفِصَالِهِ شَرْحُ م ر بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَبَهِيمَةٍ) أَيْ مَمْلُوكَةٍ فَخَرَجَتْ الْمُسَبَّلَةُ فِي ثَغْرٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَصِحُّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسَبَّلَةِ وَمِنْ ثَمَّ نُقِلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي عَدَمُ صِحَّتِهِ عَلَى الْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ الْمُبَاحَةِ شَرْحُ م ر وَعَلَّلَ الْجَلَالُ عَدَمَ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَيْهَا بِكَوْنِهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ بِحَالٍ قَالَ ق ل عَلَيْهِ: وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى الدَّارِ وَلَوْ عَلَى عِمَارَتِهَا إلَّا إنْ قَالَ عَلَى طَارِقِيهَا أَوْ كَانَتْ وَقْفًا اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ بِهِ مَالِكَهَا) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ س ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَهُ وَإِنْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ أَوْ بَاعَهَا وَأَنَّهُ بِمَوْتِهِ يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ فِي عَلَفِهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ. . . إلَخْ) هَذَا يُنَاسِبُ الْقَوْلَ الضَّعِيفَ الْقَائِلَ: بِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَقْفِ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْوَاقِفَ وَلَا يُنَاسِبُ الْمُعْتَمَدَ وَهُوَ كَوْنُ الْمِلْكِ لِلَّهِ حِفْنِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي وَقْفِهِ بِئْرَ رُومَةَ) وَذَلِكَ «لَمَّا هَاجَرَ الْمُسْلِمُونَ اسْتَنْكَرُوا مَاءَ الْمَدِينَةِ إذْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بِئْرٌ عَذْبٌ إلَّا بِئْرُ رُومَةَ وَكَانَتْ لِيَهُودِيٍّ وَاسْمُهُ رُومَةُ وَكَانَ يَبِيعُ الْقِرْبَةَ مِنْهَا بِمُدٍّ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَجْعَلُهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَاشْتَرَى عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نِصْفَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَجَعَلَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَجَعَلَ لَهُمْ يَوْمًا وَلِصَاحِبِهَا يَوْمًا فَكَانَ إذَا كَانَ يَوْمُهُ اسْتَقَى الْمُسْلِمُونَ مَا يَكْفِيهِمْ يَوْمَيْنِ فَلَمَّا رَأَى الْيَهُودِيُّ ذَلِكَ قَالَ لِعُثْمَانَ أَفْسَدْت عَلَيَّ مِلْكِي فَبَاعَهُ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِثَمَانِيَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ» وَهِيَ بِأَسْفَلَ وَادِي الْعَقِيقِ قُرْبَ مُجْتَمَعِ الْأَسْيَالِ وَكَانَتْ قَدْ خَرِبَتْ وَنُقِضَتْ حِجَارَتُهَا فَأَحْيَاهَا وَجَدَّدَهَا قَاضِي مَكَّةَ الشِّهَابُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي حُدُودِ الْخَمْسِينَ وَسَبْعِمَائِةٍ اهـ. مِنْ تَارِيخِ الْمَدِينَةِ لِلسَّمْهُودِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ) هَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّصْرِيحَ بِنَفْسِهِ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ فِي وَقْفِ نَحْوِ الْبِئْرِ وَالْمَسْجِدِ يَضُرُّ فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ سم وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ بِشَرْطِهِ ذَلِكَ مَنَعَ غَيْرَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُهُ فَأَشْبَهَ الْوَقْفَ عَلَى نَفْسِهِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَعَبْدٍ لِنَفْسِهِ) لِتَعَذُّرِ تَمَلُّكِهِ قَالَ م ر: لِأَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْمِلْكِ نَعَمْ إنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ كَخِدْمَةِ مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ تِلْكَ الْجِهَةُ، أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةٌ وَصَدَرَ الْوَقْفُ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَكَالْحُرِّ أَوْ يَوْمَ نَوْبَةِ سَيِّدِهِ فَكَالْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةٌ وُزِّعَ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ أَرَادَ مَالِكُ الْمُبَعَّضِ أَنْ يَقِفَ نِصْفَهُ الرَّقِيقَ عَلَى نِصْفِهِ الْحُرِّ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِنِصْفِهِ الْحُرِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْأَوْجَهَ صِحَّتُهُ عَلَى مُكَاتَبِ غَيْرِهِ كِتَابَةً صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي ثُمَّ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْكِتَابَةِ صُرِفَ لَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ أَيْضًا وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَيَبْطُلُ اسْتِحْقَاقُهُ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى مَا بَعْدَهُ هَذَا إنْ لَمْ يَعْجَزْ وَإِلَّا بَانَ بُطْلَانُهُ لِكَوْنِهِ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ غَلَّتِهِ، أَمَّا مُكَاتَبُ نَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَطْلَقَ. . . إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَى الْبَهِيمَةِ وَلَمْ يَقْصِدْ مَالِكَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ أَنَّ الْعَبْدَ قَابِلٌ لَأَنْ يَمْلِكَ بِخِلَافِهَا كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ) وَالْقَبُولُ مِنْ الْعَبْدِ وَهَلْ لِلسَّيِّدِ إجْبَارُهُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ؟ اُنْظُرْهُ ح ل، الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِيَصِحَّ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ السَّيِّدُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَصِحُّ فِيمَا إذَا كَانَ السَّيِّدُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ وَالْجَنِينِ ح ل (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ إلَخْ) هُوَ فِي الْمَعْنَى مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا عَبْدٍ لِنَفْسِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَحَرْبِيٍّ) ، أَمَّا الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute