هِبَةٌ نَحْوَ حَبَّتَيْ بُرٍّ) وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا مَرَّ (لَا) هِبَةُ (مَوْصُوفٍ) فِي الذِّمَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الصُّلْحِ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، وَخَرَجَ بِهَذِهِ الْهِبَةِ الْهَدِيَّةُ وَصَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَالصَّدَقَةُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا صِيغَةٌ بَلْ يَكْفِي فِيهِمَا بَعْثٌ وَقَبْضٌ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْوَاهِبِ أَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكَاتَبٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا مِنْ وَلِيٍّ.
(وَهِبَةُ الدَّيْنِ) الْمُسْتَقَرِّ (لِلْمَدِينِ إبْرَاءٌ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى (وَلِغَيْرِهِ) هِبَةٌ (صَحِيحَةٌ) كَمَا صَحَّحَهُ جَمْعٌ تَبَعًا لِلنَّصِّ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ وَشُرِطَ فِيهَا مَا فِي الْبَيْعِ لَكِنَّ بَعْضَهَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَوَّلَانِ وَبَعْضَهَا مِنْ شَرْطِ الْعَاقِدِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَفِي الْعَاقِدِ أَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ وَبَعْضَهَا مِنْ الصِّيغَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَهِبَةُ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ إبْرَاءٌ وَبَعْضَهَا مِنْ شَرْطِ الصِّيغَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِعُمْرَى وَرُقْبَى إلَخْ فَقَوْلُهُ: وَفِي الْوَاهِبِ أَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ وَقَوْلُهُ: وَهِبَةُ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ إبْرَاءٌ وَقَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِعُمْرَى وَرُقْبَى إلَخْ كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ لَكِنْ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَكِنْ شُرِطَ فِي الْوَاهِبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: هِبَةُ نَحْوِ حَبَّتَيْ بُرٍّ مِمَّا لَا يُتَمَوَّلُ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْهِبَةِ فِيهِ نَقْلُ الْيَدِ عَنْهُ لَا تَمْلِيكُهُ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِ كَذَا قَالَهُ حَجّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَعْنَى الْهِبَةِ فِيهِ التَّمْلِيكُ لَا نَقْلُ الْيَدِ ح ل (قَوْلُهُ: لَا هِبَةُ مَوْصُوفٍ) وَإِنْ عَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبَضَهُ شَرْحُ م ر وَمِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ صِحَّةِ هِبَةِ الْأَعْمَى فَلَا يَكُونُ وَاهِبًا وَلَا مَوْهُوبًا لَهُ ح ل وَالْمُرَادُ عَدَمُ صِحَّةِ هِبَتِهِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ بِخِلَافِ صَدَقَتِهِ وَإِهْدَائِهِ فَيَصِحَّانِ مِنْهُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَعْثٌ) أَيْ فِي الْهَدِيَّةِ وَقَوْلُهُ: وَقَبْضٌ أَيْ فِي الصَّدَقَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَمْلِكَ الْهَدِيَّةَ بِمُجَرَّدِ الْبَعْثِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا حِينَئِذٍ وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لَا بُدَّ فِي مِلْكِهَا مِنْ الْقَبْضِ، وَالْحَقُّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَقَبْضٌ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْوَاهِبِ أَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ) أَيْ وَفِي الْمُتَّهِبِ أَهْلِيَّةُ الْمِلْكِ أَيْ التَّمَلُّكِ وَهَذَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَّهِبِ الرُّشْدُ بَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ قَبُولِ الطِّفْلِ لِلْهِبَةِ وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى حَجّ فَرْعٌ: سُئِلَ شَيْخُنَا م ر عَنْ شَخْصٍ بَالِغٍ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدٍ مُمَيِّزٍ فَهَلْ يَمْلِكُهَا الْوَلَدُ بِوُقُوعِهَا فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ احْتَطَبَ أَوْ اصْطَادَ أَمْ لَا يَمْلِكُهَا؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا بِقَبْضِ وَلِيِّهِ اهـ وَلَا يَحْرُمُ الدَّفْعُ لَهُ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْ الْبَالِغِ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْوَلِيِّ بِالدَّفْعِ سِيَّمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ يُعَوِّدُهُ عَلَى دَنَاءَةِ النَّفْسِ وَالرَّذَالَةِ فَتَحْرُمُ حِينَئِذٍ ع ش عَلَى م ر وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الْأَعْمَى وَلَا قَبْضُهُ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُهْدِيَ لَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ وَلَا إقْبَاضُهُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَهْدَاهُ لِغَيْرِهِ أَخْذًا بِمُقْتَضَى مَا ذُكِرَ وَخَالَفَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى فِعْلِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ إلَّا فِي الْهِبَةِ الْخَاصَّةِ وَسَيَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ مَا يَدُلُّ لَهُ وَتَصِحُّ لِمَحْجُورٍ لَكِنْ يَقْبَلُ لَهُ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ كَانَ فَاسِقًا وَإِلَّا فَيَقْبَلُ لَهُ وَلِيُّهُ وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ انْعَزَلَ إلَّا إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا وَلَوْ وَهَبَ الْوَلِيُّ لِمَحْجُورِهِ قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ أَبٍ أَوْ جَدٍّ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ، وَالْهِبَةُ لِلْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ كَالْوَقْفِ عَلَيْهِمَا فَلَا يَصِحُّ إنْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ فِي الدَّابَّةِ وَتَصِحُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَيَقْبَلُ مَالِكُ الدَّابَّةِ مَا وُهِبَ لَهَا وَيَقْبَلُ الْعَبْدُ مَا وُهِبَ لَهُ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ سَيِّدَهُ اهـ ق ل.
(قَوْلُهُ: وَهِبَةُ الدَّيْنِ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَشُرِطَ فِيهَا مَا فِي الْبَيْعِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولٍ أَيْ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِرِّ) خَرَجَ بِهِ نُجُومُ الْكِتَابَةِ لِتَعَرُّضِهَا لِلسُّقُوطِ ح ل وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِرِّ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ لِيَخْرُجَ نَحْوُ نُجُومِ الْكِتَابَةِ كَذَا وُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُسْتَقِرِّ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَطْعًا وَإِلَّا فَنُجُومُ الْكِتَابَةِ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا فَيَنْبَغِي صِحَّةُ هِبَتِهَا لِلْمُكَاتَبِ اهـ بِحُرُوفِهِ فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَلِغَيْرِهِ هِبَةٌ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: إبْرَاءٌ) أَيْ صَرِيحٌ بِلَفْظِ الْهِبَةِ أَوْ التَّصَدُّقِ وَكِنَايَةٌ بِلَفْظِ التَّرْكِ ق ل (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ هِبَةٌ صَحِيحَةٌ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ لِلشَّارِحِ وَالْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِهِ) الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَقِيسِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ مَقْدُورٍ عَلَى تَسَلُّمِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُقْبَضُ مِنْ الْمَدِينِ عَيْنٌ لَا دَيْنٌ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّةِ هِبَتِهِ بِأَنَّ بَيْعَ مَا فِي الذِّمَّةِ الْتِزَامٌ لِتَحْصِيلِ الْمَبِيعِ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ وَالِالْتِزَامُ فِيهَا صَحِيحٌ بِخِلَافِ هِبَتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَتَضَمَّنُ الِالْتِزَامَ إذْ لَا مُقَابِلَ فِيهَا فَكَانَتْ بِالْوَعْدِ أَشْبَهَ فَلَمْ تَصِحَّ وَبِتَأَمُّلِ هَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْإِسْعَادِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ تَخْرِيجِ هَذَا عَلَى ذَاكَ وَالْحُكْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute