مَعَ السُّكُوتِ نَعَمْ لَوْ قَالَ: الْوَدِيعُ أَوْدِعْنِيهِ مَثَلًا فَدَفَعَهُ لَهُ سَاكِتًا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكْفِيَ ذَلِكَ كَالْعَارِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَالشَّرْطُ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالْإِيجَابُ إمَّا صَرِيحٌ (كَأَوْدَعْتُكَ هَذَا، أَوْ اسْتَحْفَظْتُكَهُ، أَوْ) كِنَايَةٌ مَعَ النِّيَّةِ (كَخُذْهُ)
(فَإِنْ عَجِزَ) مَنْ يُرَادُ الْإِيدَاعُ عِنْدَهُ (عَنْ حِفْظِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (أَخْذُهَا) ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهَا لِلتَّلَفِ (أَوْ) قَدَرَ عَلَيْهِ، وَ (لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ) فِيهَا (كُرِهَ) لَهُ أَخْذُهَا خَشْيَةَ الْخِيَانَةِ فِيهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِحَالِهِ الْمَالِكُ فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ وَالْإِيدَاعُ صَحِيحٌ الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ وَأَثَرُ التَّحْرِيمِ مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَدَرَ عَلَى حِفْظِهَا وَوَثِقَ بِأَمَانَتِهِ فِيهَا (سُنَّ) لَهُ أَخْذُهَا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) لِأَخْذِهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» فَإِنْ تَعَيَّنَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى إتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةِ حِرْزِهِ مَجَّانًا
(وَتَرْتَفِعُ) الْوَدِيعَةُ أَيْ يَنْتَهِي حُكْمُهَا (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ (وَاسْتِرْدَادٍ) مِنْ الْمُودِعِ (وَرَدٍّ) مِنْ الْوَدِيعِ كَالْوَكَالَةِ (وَأَصْلُهَا أَمَانَةٌ) بِمَعْنَى أَنَّ الْأَمَانَةَ مُتَأَصِّلَةٌ فِيهَا لَا تَبَعٌ كَالرَّهْنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِجُعْلٍ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] وَالْوَدِيعُ مُحْسِنٌ فِي الْجُمْلَةِ
(وَ) قَدْ (تُضْمَنُ بِعَوَارِضَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي سَبْعَةٍ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَتْلَفَ الْوَدِيعَةُ بِنَفْسِهَا، أَوْ يُتْلِفُهَا الْمُودِعُ، أَوْ الْوَدِيعُ وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِائَةٌ وَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ
(قَوْلُهُ: مَعَ السُّكُوتِ) ، أَيْ مِنْهُمَا أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ إذَا وَضَعَ إنْسَانٌ ثِيَابَهُ فِي الْحَمَّامِ وَلَمْ يَحْفَظْهُ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ ح ل أَيْ وَإِنْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحْفَظَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ، أَوْ أَعْطَاهُ أُجْرَةً لِحِفْظِهَا فَيَضْمَنُهَا إنْ فَرَّطَ كَأَنْ نَامَ، أَوْ غَابَ وَلَمْ يَسْتَحْفِظْ مَنْ هُوَ مِثْلَهُ وَإِنْ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الدَّوَابُّ فِي الْخَانِ فَلَا يَضْمَنُهَا الْخَانِيُّ إلَّا إنْ قَبِلَ الِاسْتِحْفَاظَ، أَوْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ وَلَيْسَ مِنْ التَّفْرِيطِ فِيهِمَا، أَيْ الْحَمَّامِ وَالْخَانِ مَا لَوْ كَانَ يُلَاحِظُ عَلَى الْعَادَةِ فَتَغَفَّلَهُ سَارِقٌ، أَوْ خَرَجَتْ الدَّابَّةُ فِي بَعْضِ غَفَلَاتِهِ؛ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ الْمُعْتَادِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِيهِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْصِيرِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ: الْوَدِيعُ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: يُشْتَرَطُ اللَّفْظُ إلَخْ لَا عَلَى قَوْلِهِ: فَيَكْفِي الْوَضْعُ إلَخْ لِقَوْلِهِ: فِي الِاسْتِدْرَاكِ فَدَفَعَهُ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالشَّرْطُ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر اعْتِبَارُ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَعَ اللَّفْظِ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ الْفِعْلِ مِنْهُ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْإِيصَاءِ وَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهُ خِلَافًا لخ ط فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا يَقَعُ بَعْدَهُ فِعْلٌ فَظَاهِرٌ فَلَوْ قَالَ: احْفَظْ مَتَاعِي هَذَا فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ وَدِيعًا وَيُغْنِي عَنْ الْقَبُولِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَلَمْ يَرْتَضِ هَذَا شَيْخُنَا ز ي ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَتَكُونُ مُبَاحَةً فِي هَذِهِ سم وَنَازَعَ فِيهِ ز ي وَقَالَ ع ش: وَتُتَصَوَّرُ الْإِبَاحَةُ هُنَا بِأَنْ شَكَّ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ اهـ، أَيْ مَعَ عِلْمِ الْمِلْكِ بِحَالِهِ أَمَّا مَعَ جَهْلِهِ بِهِ فَتُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ س ل حَيْثُ أَدْخَلَ الشَّكَّ وَالْوَهْمَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْوُثُوقِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا فَتَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ وَكُلُّهَا فِي الشَّرْحِ عَلَى كَلَامِ سم (قَوْلُهُ: الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ) لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُودِعَ وَكِيلًا، أَوْ وَلِيَّ يَتِيمٍ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِيدَاعُ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ قَطْعًا خ ط س ل (قَوْلُهُ: وَأَثَرُ التَّحْرِيمِ مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ) هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ تَكُونُ أَمَانَةً مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ الضَّمَانُ؟ . فَأَجَابَ بِأَنَّ أَثَرَ التَّحْرِيمِ مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ، أَيْ فَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: «وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ» اُنْظُرْ مَعْنَى هَذِهِ الظَّرْفِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ فِي زَائِدَةٌ وَعَوْنُ بِمَعْنَى مُعِينٍ وَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى اللَّامِ وَالتَّقْدِيرُ وَاَللَّهُ مَعِينٌ لِلْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ مُعِينًا لِأَخِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ ضَاعَتْ عَلَى مَالِكِهَا ع ش م ر
(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى إتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ إلَخْ) ، أَيْ فَلَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْعَيْنِيَّ قَدْ تُؤْخَذُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَسَقْيِ اللِّبَإِ ح ل
(قَوْلُهُ: وَتَرْتَفِعُ إلَخْ) وَفَائِدَةُ ارْتِفَاعِهَا أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً فَعَلَيْهِ الرَّدُّ لِمَالِكِهَا أَوْ وَلِيِّهِ إنْ عَرَفَهُ أَوْ إعْلَامُهُ بِهَا، أَوْ بِمَحَلِّهَا فَوْرًا عِنْدَ تَمَكُّنِهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا كَضَالَّةٍ وَجَدَهَا وَعَرَفَ مَالِكَهَا فَإِنْ غَابَ رَدَّهَا لِلْحَاكِمِ الْأَمِينِ وَإِلَّا ضَمِنَ شَرْحُ م ر وَيَقُومُ وَارِثُ كُلٍّ وَوَلِيُّهُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ:، أَيْ يَنْتَهِيَ حُكْمُهَا) وَهُوَ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) وَيَجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ الرَّدُّ إلَى الْوَلِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْجُنُونِ وَإِلَى الْوَارِثِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ لِزَوَالِ الِائْتِمَانِ س ل (قَوْلُهُ:، أَوْ إغْمَائِهِ) وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَرَفُوهُ فِي الْحَمَّامِ صَارَ ضَامِنًا لِلْوَدَائِعِ وَهَذَا أَمْرٌ يَقَعُ لِلنَّاسِ كَثِيرًا اهـ سم ع ش وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ، أَيْ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَقَوْلُهُ: وَاسْتِرْدَادٍ، أَيْ طَلَبِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: كَالرَّهْنِ) فَإِنَّ الْغَرَضَ الْأَصْلِيَّ مِنْهُ التَّوَثُّقُ وَالْأَمَانَةُ تَبَعٌ ح ل (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) ، أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْخُذْ جُعَلًا وَقَالَ س ل، أَيْ فِيمَا إذَا سُنَّ لَهُ الْقَبُولُ، أَوْ وَجَبَ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ، أَيْ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا وَهُوَ مَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ جُعْلٍ وَلَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً وَلَا مَكْرُوهَةً وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعَدٍّ هَذَا مَا ظَهَرَ
(قَوْلُهُ: وَتُضْمَنُ بِعَوَارِضَ) نُظِمَتْ فِي قَوْلِهِ: