وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا مِنْهُ، وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ اشْتِرَاطَ طَلَبِهَا مِنْهُ (وَمَنْ لَا) يَعْلَمُ الدَّافِعُ (فَإِنْ ادَّعَى ضَعْفَ إسْلَامٍ صُدِّقَ) بِلَا يَمِينٍ وَلَا بَيِّنَةٍ وَإِنْ اُتُّهِمَ لِعُسْرِ إقَامَتِهَا (أَوْ) ادَّعَى (فَقْرًا، أَوْ مَسْكَنَةً فَكَذَا) يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَلَا بَيِّنَةٍ، وَإِنْ اُتُّهِمَ لِذَلِكَ (إلَّا إنْ ادَّعَى عِيَالًا، أَوْ) ادَّعَى (تَلَفَ مَالٍ عُرِفَ) أَنَّهُ (لَهُ فَيُكَلَّفُ بَيِّنَةً) لِسُهُولَتِهَا (كَعَامِلٍ وَمُكَاتَبٍ وَغَارِمٍ وَبَقِيَّةِ الْمُؤَلَّفَةِ) فَإِنَّهُمْ يُكَلَّفُونَ بَيِّنَةً بِالْعَمَلِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالْغُرْمِ، وَالشَّرَفِ وَكِفَايَةِ الشَّرِّ لِذَلِكَ. وَذِكْرُ الْمُؤَلَّفَةِ بِأَقْسَامِهَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَصُدِّقَ غَازٍ وَابْنُ سَبِيلٍ) بِلَا يَمِينٍ وَلَا بَيِّنَةٍ؛ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ تَخَلَّفَا) عَمَّا أَخَذَا لِأَجْلِهِ (اُسْتُرِدَّ) مِنْهُمَا مَا أَخَذَاهُ لِانْتِفَاءِ صِفَةِ اسْتِحْقَاقِهِمَا، فَإِنْ خَرَجَا وَرَجَعَا، وَفَضَلَ شَيْءٌ لَمْ يُسْتَرَدَّ مِنْ الْغَازِي إنْ قَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ كَانَ يَسِيرًا وَإِلَّا اُسْتُرِدَّ. وَيُسْتَرَدُّ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ إذَا عَتَقَ بِغَيْرِ مَا أَخَذَهُ، وَالْغَارِمُ إذَا بَرِئَ، أَوْ اسْتَغْنَى بِذَلِكَ (وَالْبَيِّنَةُ) هُنَا (إخْبَارُ عَدْلَيْنِ، أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: عَمِلَ بِعِلْمِهِ أَيْ: مَا لَمْ تُعَارِضْهُ بَيِّنَةٌ فَإِنْ عَارَضَتْهُ عُمِلَ بِهَا دُونَ عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا) غَايَةٌ فِي الصَّرْفِ لَهُ وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ فِي بَالِغٍ تَارِكٍ لِلصَّلَاةِ بِأَنَّهُ لَا يَقْبِضُهَا لَهُ إلَّا وَلِيُّهُ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَلَا يُعْطَى لَهُ وَإِنْ غَابَ وَلِيُّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ تَبْذِيرُهُ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقْبِضُهَا وَيَجُوزُ دَفْعُهَا لِفَاسِقٍ إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ فَيَحْرُمُ وَإِنْ أَجْزَأَ، وَلِلْأَعْمَى دَفْعُهَا وَأَخْذُهَا كَمَا يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: يَجُوزُ دَفْعُهَا مَرْبُوطَةً مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِجِنْسٍ، وَلَا قَدْرٍ، وَلَا صِفَةٍ نَعَمْ الْأَوْلَى تَوْكِيلُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَكَذَا يُصَدَّقُ إلَخْ) وَمِثْلُ الزَّكَاةِ فِيمَا ذُكِرَ: الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الْفَقْرُ. (قَوْلُهُ: ادَّعَى عِيَالًا) زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَنَّ كَسْبَهُ لَا يَفِي بِنَفَقَةِ عِيَالِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعِيَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ شَرْعًا لَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ تَقْضِي الْمُرُوءَةُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ ز ي وَيُعْطَى لِعِيَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ كَأَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ هَاشِمِيَّةً، أَوْ كَافِرَةً ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ تَلَفَ مَالٍ) أَيْ: قَدْرٍ يَمْنَعُ صَرْفَ الزَّكَاةِ لَهُ وَقَوْلُهُ: عُرِفَ أَنَّهُ لَهُ فِيهِ حَذْفُ أَنَّ وَاسْمَهَا مِنْ الْمَتْنِ وَهَلْ يَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى كَانَ؟ الظَّاهِرُ: نَعَمْ وَقَوْلُهُ فَيُكَلَّفُ بَيِّنَةً أَيْ: عَلَى تَفْصِيلِ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ح ل وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُهَا إلَّا إنْ ادَّعَى تَلَفَهُ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ لَمْ يُعْرَفْ وَهُوَ وَلَا عُمُومُهُ، وَتَكْفِي الْبَيِّنَةُ وَإِنْ لَمْ نَخْبُرْ بَاطِنَهُ كَمَا فِي ح ل. (قَوْلُهُ كَعَامِلٍ) فِيهِ أَنَّ الْعَامِلَ يَعْلَمُ بِهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَبْعَثُهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ صُوَرِ ذَلِكَ أَنْ يَمُوتَ الْإِمَامُ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ وَيَتَوَلَّى غَيْرُهُ ح ل وَقَالَ ز ي قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ يُكَلَّفُونَ بَيِّنَةً بِالْعَمَلِ اسْتِشْكَالُ تَصْوِيرِ دَعْوَاهُ أَيْ: الْعَامِلِ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَعْلَمُ؛ إذْ هُوَ الَّذِي يَبْعَثُهُ، وَيُجَابُ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِمَا إذَا طَلَبَ مِنْ الْإِمَامِ حِصَّتَهُ مِنْ الزَّكَاةِ الَّتِي وَصَلَتْ إلَيْهِ مِنْ نَائِبِهِ بِمَحَلِّ كَذَا؛ لِكَوْنِ ذَلِكَ النَّائِبِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا حَتَّى أَوْصَلَهَا إلَيْهِ، أَوْ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ نَسِيتُ أَنَّك الْعَامِلُ، أَوْ مَاتَ مُسْتَعْمِلُهُ فَطَلَبَ مِمَّنْ تَوَلَّى مَحَلَّهُ حِصَّتَهُ.
(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ: لِمَا ذُكِرَ مِنْ السُّهُولَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَخَلَّفَا) بِأَنْ لَمْ يَغْزُ الْغَازِي وَلَا سَافَرَ ابْنُ السَّبِيلِ فَلَوْ اشْتَرَيَا بِهِ سِلَاحًا، أَوْ فَرَسًا لَمْ يُسْتَرَدَّ ح ل وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْغَازِي دُونَ ابْنِ السَّبِيلِ حَرِّرْ وَعِبَارَةُ م ر فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا بِأَنْ مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ تَقْرِيبًا وَلَمْ يَتَرَصَّدَا لِلْخُرُوجِ وَلَا انْتَظَرَا أُهْبَةً وَلَا رُفْقَةً اُسْتُرِدَّ مِنْهُمَا مَا أَخَذَاهُ وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الْغَازِي وَلَمْ يَغْزُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ وَصَلَ بِلَادَهُمْ وَلَمْ يُقَاتِلْ لِبُعْدِ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُسْتَرَدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى بِلَادِهِمْ وَقَدْ وُجِدَ وَخَرَجَ بِرَجَعَ مَوْتُهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، أَوْ الْمَقْصِدِ فَلَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إلَّا مَا بَقِيَ وَإِلْحَاقُ الرَّافِعِيِّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْغَزْوِ بِالْمَوْتِ رَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ اهـ. وَقَالَ فِي ع ب وَإِذَا أَخَذَ ابْنُ السَّبِيلِ لِمَسَافَةٍ فَتَرَكَ السَّفَرَ فِي أَثْنَائِهَا وَقَدْ أَنْفَقَ الْكُلَّ فَإِنْ كَانَ لِغَلَاءِ السِّعْرِ لَمْ يَغْرَمْ وَإِلَّا غَرِمَ قِسْطَ الْمَسَافَةِ سم.
(قَوْلُهُ اُسْتُرِدَّ) إنْ بَقِيَ، أَوْ بَدَلُهُ إنْ تَلِفَ ح ل قَالَ الرُّويَانِيُّ هَذَا إذَا انْقَضَى عَامُ الزَّكَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَازِي فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا لَمْ يُطَالَبْ بِالرَّدِّ عَيْنًا بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَزْوِ، وَلَوْ رَجَعَ الْغَازِي قَبْلَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَاتَلَ غَيْرُهُ دُونَهُ اُسْتُرِدَّ سم. (قَوْلُهُ وَرَجَعَا) أَيْ: بَعْدَ الْغَزْوِ، أَوْ السَّفَرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ يَسِيرًا) وَهُوَ مَا لَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ صَاحِبِهِ لَوْ ضَاعَ فِيمَا يَظْهَرُ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُسْتُرِدَّ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أُعْطِيَ فَوْقَ حَاجَتِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَرَدُّ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَازِي بِأَنَّ مَا دَفَعْنَاهُ لِلْغَازِي لِحَاجَتِنَا وَقَدْ حَصَلَتْ بِالْغَزْوِ وَابْنُ السَّبِيلِ إنَّمَا يُدْفَعُ إلَيْهِ لِحَاجَتِهِ وَقَدْ زَالَتْ اهـ. خَضِرٌ وَأَيْضًا لَمَّا خَرَجَ الْغَازِي
لِمَصْلَحَةٍ
عَامَّةٍ وُسِّعَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَالْغَارِمُ) أَيْ: لِغَيْرِ إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُعْطَى، وَلَوْ غَنِيًّا كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: بِذَلِكَ أَيْ: بِغَيْرِ مَا أَخَذَهُ. (قَوْلُهُ، أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَيْ: أَوْ عَدْلٍ وَاحِدٍ عَلَى الرَّاجِحِ وَفِي الْإِيعَابِ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute