للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) سُنَّ (نَظَرُ كُلٍّ) مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (لِلْآخَرِ بَعْدَ قَصْدِهِ نِكَاحَهُ قَبْلَ خِطْبَةٍ غَيْرَ عَوْرَةٍ) فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ، أَوْ خِيفَ مِنْهُ الْفِتْنَةُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنْ الْحُرَّةِ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَمِمَّنْ بِهَا رِقٌّ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْأَمَةِ وَقَالَ: إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ، وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ بِالْوَجْهِ، وَالْكَفَّيْنِ، وَاحْتُجَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُغِيرَةِ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً: «اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» أَيْ: أَنْ تَدُومَ بَيْنَكُمَا الْمَوَدَّةُ، وَالْأُلْفَةُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَقِيسَ بِمَا فِيهِ عَكْسُهُ.

وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَصْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَبْلَهُ وَمُرَادُهُ بِخَطَبَ فِي الْخَبَرِ عَزَمَ عَلَى خِطْبَتِهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «إذَا أُلْقِيَ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةُ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا» وَأَمَّا اعْتِبَارُهُ قَبْلَ الْخِطْبَةِ؛ فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَهَا لَرُبَّمَا أَعْرَضَ عَنْ مَنْظُورِهِ فَيُؤْذِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْإِذْنُ فِي النَّظَرِ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ؛ وَلِئَلَّا يَتَزَيَّنَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ فَيَفُوتَ غَرَضُ النَّاظِرِ، فَإِنْ قُلْت: لِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْحُرَّةِ، وَالْأَمَةِ هُنَا مَعَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي نَظَرِ الْفَحْلِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ قُلْت لِأَنَّ النَّظَرَ هُنَا مَأْمُورٌ بِهِ وَإِنْ خِيفَتْ الْفِتْنَةُ فَأُنِيطَ بِغَيْرِ الْعَوْرَةِ وَهُنَاكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ فَتَعَدَّى مَنْعُهُ إلَى مَا يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْخُلُقِ، ثُمَّ النَّسَبِ، ثُمَّ الْبَكَارَةِ، ثُمَّ الْوِلَادَةِ، ثُمَّ الْجَمَالِ، ثُمَّ مَا الْمَصْلَحَةُ فِيهِ أَظْهَرُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ حَجّ الْوِلَادَةَ عَلَى النَّسَبِ وَالْبَكَارَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ: الْأَدْنَيْنِ أَصْلُهُ الْأَدْنَوَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدُّنُوِّ فَتَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا، ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:

وَاحْذِفْ مِنْ الْمَقْصُورِ فِي جَمْعٍ عَلَى ... حَدِّ الْمُثَنَّى مَا بِهِ تَكَمَّلَا

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ نَظَرُ كُلٍّ) إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْإِجَابَةُ وَخَرَجَ بِهِ اللَّمْسُ فَيَحْرُمُ ح ل وَخَرَجَ بِالْآخَرِ نَحْوُ وَلَدِهَا الْأَمْرَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نَظَرُهُ وَإِنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ حَجّ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي مَبْحَثِ نَظَرِ الْأَمْرَدِ: وَشَرْطُ الْحُرْمَةِ أَنْ لَا تَدْعُو إلَى نَظَرِهِ حَاجَةٌ فَإِنْ دَعَتْ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَخْطُوبَةِ نَحْوُ وَلَدٍ أَمْرَدَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُؤْيَتُهَا وَسَمَاعُ وَصْفِهَا جَازَ لَهُ نَظَرُهُ إنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ نَظَرُ نَحْوِ أُخْتِهَا لَكِنْ إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ نَظَرِهَا بِغَيْرِ رِضَا زَوْجِهَا، أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ وَكَذَا رِضَاهَا إنْ كَانَتْ عَزَبًا؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهَا وَمَصْلَحَةَ زَوْجِهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ الْخَاطِبِ سم عَلَى حَجّ قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ قَصْدِهِ نِكَاحَهَا) وَبَعْدَ الْعِلْمِ بِخُلُوِّهَا مِنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ مَعَ عِلْمِهَا بِهِ كَالتَّعْرِيضِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ خِطْبَةٍ) فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهَا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لَكِنْ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا اسْتِحْبَابُهُ وَقَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ وَقَدْ خَطَبَ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَالتَّأْوِيلُ خِلَافُ الظَّاهِرِ نَعَمْ الْأَوْلَى كَوْنُهُ قَبْلَ الْخِطْبَةِ [تَنْبِيهٌ]

، وَلَوْ رَأَى امْرَأَتَيْنِ مَعًا مِمَّنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُمَا فِي النِّكَاحِ لِتُعْجِبَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا يَتَزَوَّجُهَا جَازَ وَلَا وَجْهَ لِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ الْحُرْمَةِ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ خَطَبَ خَمْسًا مَعًا لِيَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ حَيْثُ يَحِلُّ نَظَرُهُ لَهُنَّ وَتَحْرُمُ الْخِطْبَةُ حَتَّى يَخْتَارَ شَيْئًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا م ر وَمِنْهُ نَقَلْت شَوْبَرِيٌّ. .

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ: الْآخَرُ الْمَنْظُورُ. (قَوْلُهُ: أَوْ خِيفَ مِنْهُ الْفِتْنَةُ) وَلَوْ كَانَ بِشَهْوَةٍ م ر. (قَوْلُهُ وَالْكَفَّيْنِ) أَيْ: مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْكُوعِ ظَهْرًا وَبَطْنًا س ل؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ يَدُلُّ عَلَى الْجَمَالِ وَالْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ فَإِنْ لَمْ تُعْجِبْهُ سَكَتَ وَلَا يَقُولُ: لَا أُرِيدُهَا وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَنْعُ خِطْبَتِهَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ إذَا طَالَ وَأَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ جَازَتْ كَمَا يَأْتِي. وَضَرَرُ الطُّولِ دُونَ ضَرَرِ لَا أُرِيدُهَا فَاحْتُمِلَ م ر. (قَوْلُهُ: وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ) أَيْ: مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر اهـ. سم وَقِيلَ: الْحُرَّةُ تَنْظُرُ مِنْهُ مِثْلَ مَا يَنْظُرُ مِنْهَا وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً) أَيْ: عَزَمَ عَلَى خِطْبَتِهَا كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ أَيْ: النَّظَرَ أَحْرَى أَيْ: أَحَقُّ بِأَنْ يُؤْدَمَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَبَعْدَ أَوَّلِهِ هَمْزَةٌ فَأَصْلُهُ يَدُومُ قُدِّمَتْ الْوَاوُ عَلَى الدَّالِ وَهُمِزَتْ فَهُوَ مِنْ الدَّوَامِ وَقِيلَ: لَا تَقْدِيمَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْإِدَامِ مَأْخُوذٌ مِنْ إدَامِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطِيبُ إلَّا بِهِ بِرْمَاوِيٌّ.

أَيْ: وَهُوَ إذَا نَظَرَ إلَيْهَا وَأَعْجَبَتْهُ طَابَ عَيْشُهُ بِهَا وَقَوْلُهُ: وَالْأُلْفَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ: الْحُبُّ وَالْأُنْسُ. (قَوْلُهُ: فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةُ) أَيْ: قَصْدُ خِطْبَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَعَ التَّسْوِيَةِ فِي نَظَرِ الْفَحْلِ) حَيْثُ يَحْرُمُ نَظَرُهُ لِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهَا، وَلَوْ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً ح ل وَقَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ أَيْ: بِخِلَافِهِ عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِجَوَازِ نَظَرِ الْفَحْلِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةِ وَرُكْبَةِ الْأَمَةِ إنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ، وَقَالَ أَيْضًا بِجَوَازِ نَظَرِهِ إلَى وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ فَسَوَّى بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي الْمَحَلَّيْنِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي، وَلَوْ أَمَةً لِلرَّدِّ عَلَى الرَّافِعِيِّ شَيْخِنَا. وَفِيهِ أَنَّهُ خَالَفَ فِي الْحُرَّةِ أَيْضًا فَكَانَ عَلَيْهِ الرَّدُّ فِيهَا أَيْضًا وَيُمْكِنُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>