وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً بِدَلِيلِ حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَى وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدَيْهَا عَلَى مَا يَأْتِي (وَلَهُ) أَيْ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا (تَكْرِيرُهُ) أَيْ: النَّظَرِ عِنْدَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ لِتَتَبَيَّنَ هَيْئَةُ مَنْظُورِهِ؛ فَلَا يَنْدَمُ بَعْدَ نِكَاحِهِ عَلَيْهِ. وَذِكْرُ حُكْمِ نَظَرِهَا إلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَحَرُمَ نَظَرُ نَحْوِ فَحْلٍ كَبِيرٍ) كَمَجْبُوبٍ وَخَصِيٍّ (وَلَوْ مُرَاهِقًا شَيْئًا) وَإِنْ أُبِينَ كَشَعْرٍ (مِنْ) امْرَأَةٍ (كَبِيرَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَلَوْ أَمَةً) وَأَمِنَ الْفِتْنَةَ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ، فَاللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرْعِ سَدُّ الْبَابِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ كَالْخَلْوَةِ بِهَا.
وَمَعْنَى حُرْمَتِهِ فِي الْمُرَاهِقِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَكَشَّفَ لَهُ لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِخِلَافِ طِفْلٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا قَالَ تَعَالَى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: ٣١] ، وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرَةِ غَيْرُ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
يُقَالُ إنَّمَا تَعَرَّضَ لِلْخِلَافِ فِي الْأَمَةِ دُونَ الْحُرَّةِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي الْأَمَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ مُقَابِلَ الْمُعْتَمَدِ فِي الْأَمَةِ صَحِيحٌ لَا ضَعِيفٌ وَمُقَابِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي الْحُرَّةِ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَخْ) فِيهِ مُصَادَرَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَكْرِيرُهُ) وَلَوْ فَوْقَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ، أَوْ لَا يُرِيدُهُ بِنَفْسِهِ أَرْسَلَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ مَحْرَمٍ ح ل. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ نَظَرُ نَحْوِ فَحْلٍ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِالْفَحْلِ مَنْ بَقِيَتْ آلَتَاهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَالْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ فَلَا يُقَالُ لَهُ فَحْلٌ لَكِنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ ع ن وَذَكَرَ لِلْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ قُيُودٍ: كَوْنُ النَّاظِرِ فَحْلًا، أَوْ نَحْوَهُ، وَكَوْنُهُ كَبِيرًا، وَاخْتِلَافُ الْجِنْسِ، وَكَوْنُ الْمَنْظُورَةِ كَبِيرَةً، وَكَوْنُهَا أَجْنَبِيَّةً. وَذَكَرَ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ فِيمَا بَعْدُ وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ إلَخْ وَتَرَكَ مَفْهُومَ الثَّانِي فَذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ طِفْلٍ إلَخْ، وَذَكَرَ مَفْهُومَ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: وَرَجُلٌ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٌ لِامْرَأَةٍ إلَخْ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ: وَحَلَّ بِلَا شَهْوَةٍ إلَخْ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الْخَامِسِ بِقَوْلِهِ: وَمَحْرَمُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ كَمَجْبُوبٍ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ ح ل وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي التَّصْحِيحِ وَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ إلْحَاقُ الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَالْمُخَنَّثِ وَالْهِمِّ فِي النَّظَرِ بِالْفَحْلِ اهـ. وَعَلَى هَذَا فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ. (قَوْلُهُ:، وَلَوْ مُرَاهِقًا) لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ كَالْمَحْرَمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقِ فَقَالَ الْإِمَامُ إنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يَحْكِي فِيهِ مَا يَرَاهُ فَكَالْعَدَمِ، أَوْ بَلَغَهُ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ فَكَالْمَحْرَمِ، أَوْ بِشَهْوَةٍ فَكَالْبَالِغِ خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ وَشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: شَيْئًا) أَيْ: لِأَمْثَالِهَا مِنْ نَحْوِ مِرْآةٍ حَجّ وم ر وَعِبَارَةُ م ر خَرَجَ مِثَالُهَا فَلَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ فِي نَحْوِ مِرْآةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا وَلَيْسَ الصَّوْتُ مِنْهَا فَلَا يَحْرُمُ سَمَاعُهُ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ فِتْنَةً وَكَذَا لَوْ الْتَذَّ بِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْأَمْرَدِ اهـ. وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ الْتَذَّ بِهِ أَيْ: فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ اللَّذَّةَ لَيْسَتْ بِاخْتِيَارٍ مِنْهُ اهـ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ أَمَّا النَّظَرُ وَالْإِصْغَاءُ لِصَوْتِهَا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ أَيْ: الدَّاعِي إلَى جِمَاعٍ، أَوْ خَلْوَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا فَحَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً بِالْإِجْمَاعِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَلْتَحِقُ بِالْإِصْغَاءِ لِصَوْتِهَا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ التَّلَذُّذُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْهَا اهـ. وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَشَيْخُنَا ح ف وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ ع ش سَهْوٌ مِنْهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي كَلَامِ م ر رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ مَعَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ؛ لِأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ مُصَرِّحٌ بِالْحُرْمَةِ عِنْدَ التَّلَذُّذِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِهِ فَكَيْفَ يَقُولُ ع ش أَيْ: فَيَجُوزُ؟ .
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أُبِينَ) وَالْعِبْرَةُ فِي الْمُبَانِ مِنْ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ بِوَقْتِ النَّظَرِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ بِوَقْتِ الْإِبَانَةِ وَالِانْفِصَالِ حَرِّرْ اهـ. ح ل فَلَوْ انْفَصَلَ مِنْهَا نَحْوُ شَعْرٍ قَبْلَ نِكَاحِهَا حَلَّ لِزَوْجِهَا نَظَرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ اتِّصَالِهِ كَانَ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ وَحَرُمَ عَلَى الثَّانِي اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الِانْفِصَالِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ع ش اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا نَقَلَ كَلَامَ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَكَذَا لَوْ انْفَصَلَ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ هَلْ يَجُوزُ نَظَرُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الِانْفِصَالِ، أَوْ لَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النَّظَرِ؟ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِوَقْتِ النَّظَرِ وَيَجِبُ مُوَارَاةُ ذَلِكَ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجِبُ مُوَارَاةُ شَعْرِ عَانَةِ الرَّجُلِ اهـ. ح ل. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا عَلِمَ النَّاظِرُ أَنَّ الْمُبَانَ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَإِنْ جَهِلَ جَازَ وَجْهًا وَاحِدًا؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ مِنْ امْرَأَةٍ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ نَحْوَ الرِّيقِ وَالدَّمِ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلْفِتْنَةِ بِرُؤْيَتِهِ عِنْدَ أَحَدٍ اهـ. إمْدَادٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. .
(قَوْلُهُ:، وَلَوْ أَمَةً) لِلرَّدِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَخَرَجَتْ الْمُبَعَّضَةُ فَإِنَّهَا كَالْحُرَّةِ قَطْعًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَأَمِنَ فِتْنَةً) بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ حَالِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَأَمْنُ الْفِتْنَةِ حَقِيقَةً لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْمَعْصُومِ ح ل. (قَوْلُهُ وَالْإِعْرَاضُ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ: لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يَحْكِيهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا) أَيْ: كَظُهُورِ الْمُمَيِّزِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ يَحْكِيهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ كَانَ كَالْمُحَرَّمِ وَإِلَّا فَكَالْعَدَمِ ح ل وَالْمُرَادُ بِظُهُورِهِ عَلَيْهَا قُدْرَتُهُ عَلَى حِكَايَتِهَا كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute