للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا وَتَحْرُمُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ كَذَلِكَ إجْمَاعًا فِيهِمَا (وَ) يَحِلُّ (تَعْرِيضٌ لِمُعْتَدَّةٍ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ) بِأَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً عَنْ وَفَاةٍ، أَوْ شُبْهَةٍ، أَوْ فِرَاقٍ بَائِنٍ بِطَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ، أَوْ انْفِسَاخٍ؛ لِعَدَمِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا قَالَ تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: ٢٣٥] وَهِيَ وَارِدَةٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، أَمَّا التَّصْرِيحُ لَهَا فَحَرَامٌ إجْمَاعًا، وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَحِلُّ التَّعْرِيضُ لَهَا كَالتَّصْرِيحِ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ وَالتَّصْرِيحُ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ: كَأُرِيدُ أَنْ أَنْكَحَكِ، أَوْ: إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ نَكَحْتُكِ، وَالتَّعْرِيضُ مَا يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا نَحْوُ مَنْ يَجِدُ مِثْلَكِ وَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي (كَجَوَابٍ) مِنْ زِيَادَتِي أَيْ: كَمَا يَحِلُّ جَوَابُ الْخِطْبَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَمِمَّنْ يَلِي نِكَاحَهَا فَجَوَابُ الْخِطْبَةِ كَالْخِطْبَةِ حِلًّا وَحُرْمًا، وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ، أَمَّا هُوَ فَيَحِلُّ لَهُ التَّصْرِيحُ وَالتَّعْرِيضُ إنْ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا وَإِلَّا فَلَا.

(وَيَحْرُمُ عَلَى عَالِمٍ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةٍ جَائِزَةٍ مِمَّنْ صُرِّحَ بِإِجَابَتِهِ إلَّا بِإِعْرَاضٍ) بِإِذْنٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْخَاطِبِ، أَوْ الْمُجِيبِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ» ، وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا. وَذِكْرُ الْأَخِ فِي الْخَبَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ؛ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا. وَسُكُوتُ الْبِكْرِ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ وَقَوْلِي: عَلَى عَالِمٍ أَيْ: بِالْخِطْبَةِ وَبِالْإِجَابَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الرَّشِيدِيُّ عَلَى قَوْلِهِ: هُوَ إفْسَادُهَا مَا نَصُّهُ هَلَّا كَانَ الْمَانِعُ عَدَمَ اسْتِبْرَائِهَا الَّذِي هُوَ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا) وَالرَّاجِحُ اسْتِحْبَابُهَا لِمَنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ وَكَرَاهَتُهَا لِمَنْ يُكْرَهُ لَهُ وَكَذَا لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَكُرِهَ لِلْحَلَالِ خِطْبَةُ الْمُحْرِمَةِ وَحَيْثُ كَانَتْ وَسِيلَةً كَانَ لَهَا حُكْمُ مَقْصِدِهَا إنْ وَجَبَ وَجَبَتْ وَإِنْ حَرُمَ حَرُمَتْ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ انْفِسَاخٍ) بِنَحْوِ رِدَّةٍ، أَوْ رَضَاعٍ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا) أَيْ: مَعَ ضَعْفِ التَّعْرِيضِ ز ي وَقَدَّمَهُ عَلَى الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ بِخِلَافِ الْآيَةِ فَإِنَّهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ تَقْدِيمِ الْآيَةِ وَقِيَاسِ غَيْرِ مَا فِيهَا عَلَى مَا فِيهَا وَيَكُونُ الْجَامِعُ عَدَمَ السَّلْطَنَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ) قَضِيَّتُهُ تَحْرِيمُ التَّعْرِيضِ وَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ خِطْبَةُ خَامِسَةٍ وَأُخْتِ الزَّوْجَةِ إذَا عَزَمَ عَلَى إزَالَةِ الْمَانِعِ عِنْدَ الْإِجَابَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَوْبَرِيٌّ. وَقَدْ سُئِلَ م ر عَمَّنْ خَطَبَ امْرَأَةً وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِهَا فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ أَمْ؟ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ مَأْكَلًا أَمْ مَشْرَبًا، أَوْ مَلْبَسًا أَمْ حُلِيًّا، وَسَوَاءٌ رَجَعَ هُوَ أَمْ مُجِيبُهُ أَمْ مَاتَ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ لِأَجْلِ تَزَوُّجِهَا فَيَرْجِعُ بِهِ إنْ بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ.

(قَوْلُهُ مَنْ يَجِدُ مِثْلَكِ) وَأَنَا رَاغِبٌ فِيكِ وَأَمَّا الْكِنَايَةُ وَهِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَازِمِهِ فَقَدْ تُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ التَّصْرِيحُ فَتَحْرُمُ نَحْوُ: أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكِ نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَأَتَلَذَّذَ بِكِ فَإِنْ حَذَفَ وَأَتَلَذَّذَ بِكِ لَمْ يَكُنْ تَصْرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا ح ل. (قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ: قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ مَعَ قَوْلِهِ: أَمَّا التَّصْرِيحُ لَهَا فَحَرَامٌ. (قَوْلُهُ: إنْ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا) أَيْ: فِي الْعِدَّةِ فَخَرَجَ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْآنَ نِكَاحُهَا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى التَّحْلِيلِ أَيْ: حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَتَعْتَدَّ مِنْهُ ح ل أَيْ: فَلَا يَحِلُّ لَهُ خِطْبَتُهَا حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ لَوْ تَوَافَقَ مَعَهَا عَلَى أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ لِتَحِلَّ لَهُ فَيَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا هَذَا التَّوَافُقُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ بَائِنًا، أَوْ رَجْعِيًّا فَوَطِئَهَا أَجْنَبِيٌّ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنَّ عِدَّةَ الْحَمْلِ تُقَدَّمُ فَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَخْطُبَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا س ل؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا بَقِيَّةَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى عَالِمٍ) جُمْلَةُ الْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى عَالِمٍ تَحْتَهُ أَرْبَعَةٌ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلَهُ: خِطْبَةٌ قَيْدٌ، وَقَوْلَهُ: جَائِزَةٌ قَيْدٌ آخَرُ، وَصُرِّحَ قَيْدٌ وَبِإِجَابَتِهِ قَيْدٌ آخَرُ وَقَوْلُهُ: إلَّا بِإِعْرَاضٍ قَيْدٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِعْرَاضِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: جَائِزَةٌ) وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِطْبَةَ لَيْسَتْ بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ وَإِنْ تُخُيِّلَ كَوْنُهَا عَقْدًا فَلَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ قَطْعًا سُيُوطِيٌّ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مِمَّنْ صَرَّحَ) صِفَةٌ لِخِطْبَةٍ أَيْ: وَاقِعَةٍ مِمَّنْ صَرَّحَ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ عَلَى خِطْبَةِ مَنْ صَرَّحَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِإِذْنٍ) أَيْ: لَمْ يَنْشَأْ عَنْ خَوْفٍ وَلَا حَيَاءٍ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَأَنْ يَطُولَ الزَّمَنُ بَعْدَ إجَابَتِهِ حَتَّى تَشْهَدَ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ بِالْإِعْرَاضِ وَمِنْهُ: أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَخْطُوبَةِ، أَوْ تَطْرَأَ رِدَّتُهُ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ قَبْلَ الْوَطْءِ تَفْسَخُ الْعَقْدَ فَالْخِطْبَةُ أَوْلَى، أَوْ يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْ خَمْسٍ خَطَبَهُنَّ مَعًا، أَوْ مُرَتِّبًا ح ل.

(قَوْلُهُ: لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ) بِضَمِّ الطَّاءِ اهـ. مُخْتَارٌ وَهُوَ نَهْيٌ، أَوْ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ) إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ) أَيْ: فِي النَّهْيِ مَا فِيهِ أَيْ: فِي النَّهْيِ بِمَعْنَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ الْخِطْبَةُ عَلَى الْخِطْبَةِ مِمَّنْ ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: مُسْلِمًا) ، وَلَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا وَقَاطِعَ طَرِيقٍ وَتَارِكَ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَجُوزُ إيذَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ مُهْدَرَ الدَّمِ ح ل.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ) أَيْ: الْأَخُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا أَيْ: أَسْرَعُ فِي أَنْ يَمْتَثِلَ لِأَجْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَسُكُوتُ الْبِكْرِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ مِنْهَا بِخِلَافِ اسْتِئْذَانِهَا فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْحَيَاءَ هُنَاكَ أَقْوَى شَوْبَرِيٌّ، وَعَ ش. (قَوْلُهُ وَقَوْلِي) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَيْ بِالْخِطْبَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي تَأْوِيلِ مَعْنَاهُ عَالِمٌ بِالْخِطْبَةِ اهـ. شَيْخُنَا وَالْعُمُومُ أُخِذَ مِنْ حَذْفِ الْمَعْمُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>