للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِمَسْتُورَيْ عَدَالَةٍ) وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ، وَالْعَوَامِّ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ لَاحْتَاجُوا إلَى مَعْرِفَتِهَا لِيُحْضِرُوا مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا فَيَطُولُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَيَشُقُّ (لَا) بِمَسْتُورَيْ (إسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ) وَهُمَا مَنْ لَا يُعْرَفُ إسْلَامُهُمَا وَحُرِّيَّتُهُمَا، وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا بِالدَّارِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ، وَالْأَحْرَارُ بِالْأَرِقَّاءِ وَلَا غَالِبَ، أَوْ يَكُونَا ظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِمَا فِيهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ، وَالْفِسْقِ وَكَمَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ مَسْتُورَا الْبُلُوغِ

. (وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ) أَيْ: النِّكَاحِ (بِحُجَّةٍ فِيهِ) أَيْ: فِي النِّكَاحِ مِنْ بَيِّنَةٍ، أَوْ عِلْمِ حَاكِمٍ فَهُوَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: بِبَيِّنَةٍ (أَوْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ فِي حَقِّهِمَا) بِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ كَفِسْقِ الشَّاهِدِ، وَوُقُوعِهِ فِي الرِّدَّةِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي فِي حَقِّهِمَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ شَرْطٍ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا لِلتُّهْمَةِ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ، كَمَا فِي الْكَافِي لِلْخُوَارِزْمِيِّ قَالَ: وَلَوْ أَقَامَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ إذَا أَرَادَ نِكَاحًا جَدِيدًا، كَمَا فَرَضَهُ فَلَوْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْ الْمَهْرِ، أَوْ أَرَادَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَيْ: وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى فَيَنْبَغِي قَبُولُهَا. قُلْت: وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِي: فِي حَقِّهِمَا (لَا) بِإِقْرَارِ (الشَّاهِدَيْنِ بِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ) أَيْ: النِّكَاحِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي إبْطَالِهِ، كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا؛ وَلِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ لَهُمَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

النِّكَاحُ فَاكْتَفَوْا بِكَوْنِ الشَّاهِدِ يَثْبُتُ بِهِ النِّكَاحُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ: فِي غَيْرِ نِكَاحِهِمَا فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِمَنْ ذُكِرَ، فَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجِيَّةً وَأَنْكَرَ وَأَقَامَتْ ابْنَيْهِمَا، أَوْ عَدُوَّيْهِمَا شُهَدَاءَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْعَدَاوَةُ وَشَهَادَةُ الِابْنَيْنِ لِأُمِّهِمَا، أَوْ أَحَدِهِمَا لَهَا، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا زَوْجِيَّةً وَأَنْكَرَتْ وَأَقَامَ مَنْ ذُكِرَ شُهَدَاءَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ أَيْضًا؛ لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَفِي كَلَامِ حَجّ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ قَبُولُ شَهَادَةِ الِابْنِ، أَوْ الْعَدُوِّ فِي هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ فِي صُورَةٍ وَهِيَ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ ح ل. (قَوْلُهُ بِمَسْتُورَيْ عَدَالَةٍ) أَيْ: عِنْدَ الزَّوْجَيْنِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي بَيْنَ، أَوْسَاطِ النَّاسِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْأَوْسَاطِ مَا عَدَا الْوُلَاةَ وَالْعَوَامَّ كَطَلَبَةِ الْعِلْمِ. وَالْعَوَامُّ أَدْنَى مَرْتَبَةً قَالَ ح ل وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَعْقِدَهُ الْحَاكِمُ اُعْتُبِرَتْ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ؛ لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهَا عَلَيْهِ بِمُرَاجَعَةِ الْمُزَكِّينَ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ مَا طَرِيقُهُ الْمُعَايَنَةُ يَسْتَوِي فِيهِ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَا بِمَسْتُورَيْ إسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ) فَإِنْ بَانَ الْإِسْلَامُ، أَوْ الْحُرِّيَّةُ، أَوْ الْبُلُوغُ صَحَّ شَوْبَرِيٌّ. أَيْ: بَانَ انْعِقَادُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا) أَيْ: ظُهُورِ إسْلَامِهِمَا وَحُرِّيَّتِهِمَا أَيْ: وَلَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَحُرَّيْنِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مِنْ الدَّارِ؛ بِأَنْ كَانَا لَقِيطَيْنِ فِي دَارِ مُسْلِمِينَ أَحْرَارٍ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا قَبْلَ الْغَايَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَا بَيَانٌ لِمَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا غَالِبَ) لَيْسَ بِقَيْدٍ ع ش. (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ: الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: فِيهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِحُجَّةٍ وَالتَّقْدِيرُ بِحُجَّةٍ مَقْبُولَةٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَعَمُّ وَأَوْلَى) وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْبَيِّنَةِ يَشْمَلُ الرَّجُلَ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يُرْجَعُ إلَيْهِ حَتَّى يَثْبُتَ بِهِمْ ع ش وَوَجْهُ الْعُمُومِ شُمُولُهُ عِلْمَ الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: فِي حَقِّهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِبُطْلَانِهِ وَقَوْلُهُ: بِمَا يَمْنَعُ تَنَازُعَهُ قَوْلُهُ: بِحُجَّةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِإِقْرَارٍ إلَخْ وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدُ لَا الشَّاهِدَيْنِ بِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْكُلِّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا) نَعَمْ إنْ عَلِمَا الْمُفْسِدَ جَازَ لَهُمَا الْعَمَلُ بِقَضِيَّتِهِ بَاطِنًا لَكِنْ إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِهِمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا شَرْحُ م ر وح ف. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَا إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ حِسْبَةً فَإِنَّهَا تُسْمَعُ ز ي وَمَحَلُّ سَمَاعِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا كَأَنْ طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَهُوَ يُعَاشِرُهَا وَلَمْ تَعْلَمْ الْبَيِّنَةُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا وَظَنَّتْ أَنَّهُ يُعَاشِرُهَا بِحُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ، فَشَهِدَتْ بِمُبْطِلِ النِّكَاحِ عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهَا حَاجَةٌ فَلَا تُسْمَعُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْوَالِدُ شَرْحُ م ر وَع ش عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ ح ل وَأَمَّا بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ فَلَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ مُوَافِقٌ لِدَعْوَاهُمَا وَقَدْ يُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا عَاشَرَ أُمَّ الزَّوْجَةِ بَعْدَ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى تَكُونَ مُعَاشَرَتُهُ لِأُمِّهَا حَرَامًا؛ لِأَنَّ أُمَّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ تَجُوزُ مُعَاشَرَتُهَا مُعَاشَرَةَ الْمَحَارِمِ؛ إذْ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا فَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَا يَجُوزُ لَهُ مُعَاشَرَةُ مَنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ لِبِنْتِهَا كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ شُهُودَ الْعَقْدِ فَسَقَةٌ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَيَسْقُطُ التَّحْلِيلُ لِوُقُوعِهِ تَبَعًا.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْمَهْرِ) أَيْ: مِنْ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ كَأَنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَأَرَادَ بِذَلِكَ التَّخَلُّصَ مِنْ نِصْفِهِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَيَسْقُطُ التَّحْلِيلُ حِينَئِذٍ لِوُقُوعِهِ تَبَعًا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ) أَيْ: الْإِقْرَارُ وَقَوْلُهُ: كَمَا لَا يُؤَثِّرُ أَيْ: الْإِقْرَارُ وَقَوْلُهُ: فِيهِ أَيْ: فِي إبْطَالِهِ شَيْخُنَا، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَتْنَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا فَالْمَقِيسُ شَامِلٌ لِلْمَقِيسِ عَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِلْقِيَاسِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ م ر وَلَا حَجّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُخَصَّ الْمَقِيسُ بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا وَيَرِدُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ تَقَوَّى بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا فَلَا يَلْزَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>