للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ (وَصِبًا) لِسَلْبِهِ الْعِبَارَةَ (وَجُنُونٌ) وَلَوْ مُتَقَطِّعًا لِذَلِكَ، وَتَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ الْمُتَقَطِّعِ، فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ جُنُونِ الْأَقْرَبِ دُونَ إفَاقَتِهِ

وَخَالَفَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَقَالَ: الْأَشْبَهُ أَنَّ الْمُتَقَطِّعَ لَا يُزِيلُ الْوِلَايَةَ كَالْإِغْمَاءِ وَلَوْ قَصُرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا، فَهُوَ كَالْعَدَمِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (وَفِسْقُ غَيْرِ الْإِمَامِ) الْأَعْظَمِ وَلَوْ بِعَضْلٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ أَسْرُهُ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ، فَيَمْنَعُ الْوِلَايَةَ كَالرِّقِّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ صُورِيًّا وَهَذَا عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ أَصْلًا ح ل وَع ن (قَوْلُهُ لِسَلْبِهِ الْعِبَارَةَ) أَيْ عِبَارَتَهُ كَالْعُقُودِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ وَأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، إلَّا مَا اسْتَثْنَى شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ وَتَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ) أَيْ عَلَى زَمَنِ الْإِفَاقَةِ فَكَأَنَّ الْكُلَّ جُنُونٌ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْغَايَةِ قَالَ سم: قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ انْسِلَابُ وِلَايَتِهِ حَالَ إفَاقَتِهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فَالْمُرَادُ بِالتَّغْلِيبِ أَنَّهُ لَا تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِذَا قَصُرَ زَمَنُ الْجُنُونِ جِدًّا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ، بَلْ تُنْتَظَرُ الْإِفَاقَةُ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَضَانَةِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ جُنُونِ الْأَقْرَبِ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَيَنْقُلُهَا كُلٌّ لِأَبْعَدَ وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ هُنَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ دُونَ إفَاقَتِهِ وَلِحِكَايَةِ مُقَابِلِهِ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْفَاسِقِ لِحِكَايَةِ الْمُقَابِلِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ دُونَ إفَاقَتِهِ) فَلَا يُزَوِّجُ فِيهَا وَإِنْ قَلَّتْ جِدًّا فَلَوْ وَكَّلَ الْأَقْرَبُ فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ اُشْتُرِطَ أَنْ يُوَقِّعَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ قَبْلَ عَوْدِ الْجُنُونِ لِأَنَّ بِعَوْدِهِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ. ح ل (قَوْلُهُ لَا يُزِيلُ الْوِلَايَةَ) لِأَنَّهُ يَغْلِبُ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ عَلَى زَمَنِ الْجُنُونِ، فَكَانَ زَمَنُ الْجُنُونِ إفَاقَةً شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ فَلَا يُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ جُنُونِ الْأَقْرَبِ عَلَى هَذَا وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَصُرَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ يَقِلَّ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ، وَإِلَّا لَمْ تُنْتَظَرْ قَطْعًا فَيُزَوِّجْ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ، قَوْلًا وَاحِدًا بِاتِّفَاقِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا مَا لَمْ يَقِلَّ زَمَنُ الْجُنُونِ جِدًّا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ، وَإِلَّا فَتُنْتَظَرُ الْإِفَاقَةُ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ

(قَوْلُهُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ) فَلَا تُنْتَظَرُ جَزْمًا بَلْ لِلْأَبْعَدِ أَنْ يُزَوِّجَ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ تِلْكَ الْإِفَاقَةِ لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُهُ ح ل. وَفِي شَرْحِ م ر فَهُوَ كَالْعَدَمِ أَيْ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ انْتِظَارِهِ لَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ صِحَّةِ إنْكَاحِهِ فِيهِ لَوْ وَقَعَ، وَيُشْتَرَطُ بَعْدَ إفَاقَتِهِ صَفَاؤُهُ مِنْ أَثَرِ خَبَلٍ يَحْمِلُ عَلَى حِدَةِ الْخُلُقِ اهـ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَاخْتِلَالُ نَظَرٍ وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ ثُمَّ اخْتَلَفَ هُوَ وَالْأَقْرَبُ فَقَالَ الْأَقْرَبُ: أَنْت زَوَّجْتَ زَمَنَ إفَاقَتِي، فَتَزْوِيجُكَ بَاطِلٌ وَقَالَ الْأَبْعَدُ: بَلْ فِي زَمَنِ جُنُونِك فَهُوَ صَحِيحٌ. لَمْ يُعْمَلْ بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ يُرْجَعْ لِلزَّوْجَيْنِ وَيُعْمَلْ بِمَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إذَا كَانَ هُوَ الزَّوْجَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ. اهـ. ع ن

(قَوْلُهُ وَفِسْقُ غَيْرِ الْإِمَامِ) وَلَوْ تَابَ الْفَاسِقُ زَوَّجَ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ بِالْعَضْلِ شَوْبَرِيٌّ لِأَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الْعَدَالَةُ وَبَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ م ر كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ مَلَكَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ ارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ، فَلَا يُقَالُ لَهُ: عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ مُفَسِّقًا وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ فَيَمْنَعُ الْوِلَايَةَ كَالرِّقِّ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ وَعَلَيْهِ لَوْ تَابَ يُزَوِّجُ حَالًا وَلَوْ كَانَ فِسْقُهُ بِالْعَضْلِ لِأَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الْعَدَالَةُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الْوَلِيَّ بِالْعَدَالَةِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهِ الْعَدَالَةُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ سَنَةً بَعْدَ التَّوْبَةِ، فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَلِيَ وَلَا يَشْهَدَ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَابَ الْوَلِيُّ الْفَاسِقُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ حَالًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ وَكَذَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا مُفَسِّقٌ فَيُزَوِّجَانِ وَلَا يَشْهَدَانِ لِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا، لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَلَكَةِ فَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُ الْوَاسِطَةِ بَيْنَ الْفِسْقِ وَالْعَدَالَةِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأُسْتَاذِ الْبَكْرِيِّ أَنَّهُمَا يَتَّصِفَانِ بِالْعَدَالَةِ فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُمَا قَالَ سم: عَلَى حَجّ وَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ، قَالَ ع ش: وَمِنْ الْغَيْرِ الْقُضَاةُ مَا لَمْ يُوَلِّهِمْ ذُو شَوْكَةٍ وَيُعْلَمْ بِفِسْقِهِمْ اهـ. وَعِبَارَةُ م ر عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ قَبْلَ هَذَا فَالسُّلْطَانُ وَالْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ وَفِيمَا يَأْتِي، الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِهِ وَفِيمَا يَأْتِي بَلْ هُوَ عَيْنُهُ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِكَلَامِ ع ش

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ فَيَمْنَعُ الْوِلَايَةَ) يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ ارْتِكَابَ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ نَقْصٌ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ وَلَا يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُعَلِّلْ م ر وَلَا حَجّ بِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>