للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَالِاسْتِحَاضَةُ دَمُ عِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ عِرْقٍ فَمُهُ فِي أَدْنَى الرَّحِمِ يُسَمَّى الْعَاذِلُ بِالْمُعْجَمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، سَوَاءٌ أَخَرَجَ أَثَرُ حَيْضٍ أَمْ لَا.

وَالنِّفَاسُ: الدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ. وَالْأَصْلُ فِي الْحَيْضِ آيَةُ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] أَيْ: الْحَيْضِ، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»

(أَقَلُّ سِنِّهِ تِسْعُ سِنِينَ) قَمَرِيَّةٍ (تَقْرِيبًا) فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا فَهُوَ حَيْضٌ وَإِلَّا فَلَا، وَالتِّسْعُ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ ظَرْفًا، بَلْ خَبَرٌ فَمَا قِيلَ:

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالْأَوْقَاتِ أَقَلُّهُ وَغَالِبُهُ وَأَكْثَرُهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الدَّمَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْبُلُوغُ لَا يُسَمَّى حَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ بَعْدَ قَوْلِهِ دَمُ جِبِلَّةٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ دَمٌ اقْتَضَتْهُ الْجِبِلَّةُ وَالطَّبِيعَةُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ شَيْخُنَا ح ف وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْأَوْقَاتِ أَنْ يَخْرُجَ بَعْدَ سَنِّ الْحَيْضِ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ الطُّهْرِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ الْعَادِلُ بِالْمُهْمَلَةِ وَبِإِعْجَامِ الذَّالِ وَإِبْدَالِ اللَّامِ رَاءٍ م ر فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ لِأَنَّهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ مَعَ اللَّامِ أَوْ الرَّاءِ وَمِنْ الطُّرُقِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا كَوْنُهُ دَمَ حَيْضٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ أَنْ تَأْخُذَ مَنْ قَامَ بِهَا مَا ذُكِرَ مَاسُورَةً مَثَلًا وَتَضَعُهَا فِي فَرْجِهَا فَإِنْ دَخَلَ الدَّمَ فِيهَا فَهُوَ حَيْضٌ وَإِنْ ظَهَرَ عَلَى جَوَانِبهَا فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ، وَهَذِهِ عَلَامَةٌ ظَنِّيَّةٌ لَا قَطْعِيَّةٌ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ لَنَا مُسْتَحَاضَةٌ ع ش.

(قَوْلُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ) أَيْ وَقَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ الْوِلَادَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ نِفَاسًا كَمَا سَيَأْتِي ع ش. (قَوْلُهُ مِنْ الْحَمْلِ) وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً، قَالَ الْقَوَابِلُ: فِيهَا خَلْقُ آدَمِيٍّ فَمَا بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ حَيْضٌ فِي وَقْتِهِ وَدَمٌ فَسَادٌ فِي غَيْرِهِ، وَكَذَا مَا يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ، فَلَيْسَ بِحَيْضٍ لِكَوْنِهِ مِنْ آثَارِ الْوِلَادَةِ وَلَا نِفَاسَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى خُرُوجِ الْوَلَدِ، بَلْ هُوَ دَمٌ فَسَادٌ إلَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِحَيْضِهَا الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وع ش، قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَحُكْمُ النِّفَاسِ مُطْلَقًا حُكْمُ الْحَيْضِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَيْضَ يُوجِبُ الْبُلُوغَ وَالنِّفَاسَ لَا يُوجِبُهُ لِثُبُوتِهِ قَبْلَهُ بِالْإِنْزَالِ الَّذِي حَبِلَتْ مِنْهُ.

وَالثَّانِي أَنَّ الْحَيْضَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ، وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي أَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ لَا تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَغْرِقَ وَقْتَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ فِي الْأَثْنَاءِ فَقَدْ تَقَدَّمَ وُجُوبَهَا، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْأَوَّلِ فَقَدْ لَزِمَتْ بِالِانْقِطَاعِ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي الْحَيْضِ) أَيْ فِي وُجُودِهِ وَبَعْضِ أَحْكَامِهِ فَالْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى الْأَمْرَيْنِ وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ أَيْ الْحَيْضِ) فَسَّرَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَالِحًا لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: ٢٢٢] . (قَوْلُهُ كَتَبَهُ اللَّهُ) أَيْ قَدَّرَهُ أَيْ قَدَّرَ خُرُوجَهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا، فَتَدْخُلُ حَوَّاءُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ بِنْتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِهِ الْأَيْسَرِ بِأَنْ سُلَّ مِنْهُ ضِلْعُهُ الْأَيْسَرُ مِنْ غَيْرِ تَأَلُّمٍ وَخُلِقَتْ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْإِنْسَانُ نَاقِصًا ضِلْعًا مِنْ جِهَةِ يَسَارِهِ فَأَضْلَاعُ جِهَةِ الْيُمْنَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَأَضْلَاعُ جِهَةِ الْيَسَارِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا خُلِقَتْ بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَقَلُّ سِنِّهِ) أَيْ سِنِّ صَاحِبَتِهِ أَيْ أَقَلُّ زَمَنٍ يُوجَدُ فِيهِ الْحَيْضُ. (قَوْلُهُ قَمَرِيَّةً) أَيْ هِلَالِيَّةً لِأَنَّ السَّنَةَ الْهِلَالِيَّةَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ بِخِلَافِ الْعَدَدِيَّةِ، فَإِنَّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَا تَنْقُصُ وَلَا تَزِيدُ وَالشَّمْسِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ ز ي ع ش. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ لَيْسَ بِحَيْضٍ بَلْ دَمٌ فَسَادٌ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا كَمَا قَالَ سم، وَعِبَارَتُهُ فَرْعٌ لَوْ رَأَتْ الدَّمَ أَيَّامًا بَعْضُهَا قَبْلَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَبَعْضُهَا فِيهِ، فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ جَعْلُ الْمُمْكِنِ حَيْضًا فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ مِنْ التَّاسِعَةِ فَالْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْعَشَرَةِ الْمَرْئِيَّةِ وَاقِعَةٌ فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ لِأَنَّهَا مَعَ مَا بَعْدَهَا لَا تَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا فَهِيَ حَيْضٌ، وَالْخَمْسَةُ الْأُوَلُ مِمَّا ذَكَرَ وَاقِعَةٌ قَبْلَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّهَا مَعَ مَا بَعْدَهَا تَسَعُ مَا ذَكَرَ فَلَيْسَتْ حَيْضًا، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بَعْضُهَا حَيْضٌ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ بِلَيْلَتِهِ نَاقِصًا شَيْئًا بِحَيْثُ يَكُونُ الْبَاقِي مَعَ مَا بَعْدَهُ لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا بِأَنْ يَنْقُصَ عَنْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ التَّرْكِيبِ الْمُتَقَدِّمِ. (قَوْلُهُ بَلْ خَبَرٌ) أَيْ لِانْدِفَاعِ الْإِيهَامِ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ قَالَ سم: وَفِيهِ أَنَّ الْإِيهَامَ مَوْجُودٌ عَلَيْهَا أَيْضًا لِشُمُولِهِ أَوَّلَ التَّاسِعَةِ وَأَثْنَاءَهَا، غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ الْخَبَرِيَّةَ أَقَلُّ إيهَامًا اهـ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الظَّرْفِيَّةِ إلَى الْخَبَرِيَّةِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَمَالُ التِّسْعِ لَا كُلُّهَا الصَّادِقُ بِأَوَّلِهَا ع ش. (قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ) قَائِلُهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>