للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنْ تَكُونَ مَنْفِيَّةً بِلِعَانِهِ بِخِلَافِ أُمِّهَا

وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً بِمُكَالَمَةِ أُمِّهَا عَقِبَ الْعَقْدِ لِتَرْتِيبِ أُمُورِهِ، فَحَرُمَتْ بِالْعَقْدِ لِيَسْهُلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ بِنْتِهَا. وَاعْلَمْ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي زَوْجَتَيْ الِابْنِ وَالْأَبِ وَفِي أُمِّ الزَّوْجَةِ عِنْدَ عَدَمِ الدُّخُولِ بِهِنَّ، أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ صَحِيحًا

(وَمَنْ وَطِئَ) فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ وَاضِحٌ (امْرَأَةً بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ مِنْهُ) كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ وَطِئَ بِفَاسِدِ نِكَاحٍ، (حَرُمَ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ) ، لِأَنَّ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَبِشُبْهَةٍ يُثْبِتُ النَّسَبَ وَالْعِدَّةَ فَيُثْبِتُ التَّحْرِيمَ، سَوَاءً أَوُجِدَ مِنْهَا شُبْهَةٌ أَيْضًا أَمْ لَا، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَنْ وَطِئَهَا بِزِنًا أَوْ بَاشَرَهَا بِلَا وَطْءٍ، فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَلَا بِنْتُهَا، وَلَا تَحْرُمُ هِيَ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبِتُ نَسَبًا وَلَا عِدَّةً

(وَلَوْ اخْتَلَطَتْ) امْرَأَةٌ (مُحَرَّمَةٌ) عَلَيْهِ (بِ) نِسْوَةٍ (غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ) ، بِأَنْ يَعْسُرَ عَدُّهُنَّ عَلَى الْآحَادِ كَأَلْفِ امْرَأَةٍ (نَكَحَ مِنْهُنَّ) جَوَازًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

دَخَلْتُمْ لِنِسَائِكُمْ مِنْ قَوْلِهِ {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] أَيْضًا وَإِنْ اقْتَضَتْهُ قَاعِدَةُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ رُجُوعِ الْوَصْفِ وَنَحْوِهِ لِسَائِرِ مَا تَقَدَّمَهُ، لِأَنَّ مَحَلَّهُ إنْ اتَّحَدَ الْعَامِلُ وَهُوَ هُنَا مُخْتَلِفٌ، إذْ عَامِلُ نِسَائِكُمْ الْأُولَى الْإِضَافَةُ وَالثَّانِيَةِ حَرْفُ الْجَرِّ، وَلَا نَظَرَ مَعَ ذَلِكَ لِاتِّحَادِ عَمَلِهِمَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَامِلِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ بِحُكْمٍ، وَمُجَرَّدُ الِاتِّفَاقِ فِي الْعَمَلِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَنْفِيَّةً بِلِعَانِهِ) ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَعْقِدَ عَلَى امْرَأَةٍ ثُمَّ يَخْتَلِيَ بِهَا مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ وَلَا اسْتِدْخَالِ مَاءِ، ثُمَّ تَلِدُ بِنْتًا يُمْكِنُ كَوْنُهَا مِنْهُ فَيَنْفِيهَا بِاللِّعَانِ إذْ هُوَ وَاجِبٌ حِينَئِذٍ لِعِلْمِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ، وَإِنَّمَا لَحِقَتْ بِهِ لِلْفِرَاشِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهَا مِنْهُ وَلِذَلِكَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّةَ بِاللِّعَانِ لَهَا حُكْمُ النَّسَبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَلْحَقَهَا لَحِقَتْهُ وَلَا نَقْضَ بِمَسِّهَا، لِأَنَّا لَا نَنْقُضُ بِالشَّكِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَحْرُمُ نَظَرُهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا احْتِيَاطًا، وَلَا يُقْتَلُ بِقَتْلِهَا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهَا وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا وَمَنْ اسْتَلْحَقَ زَوْجَةَ ابْنِهِ صَارَتْ بِنْتَهُ أَوْ زَوْجَ بِنْتِهِ صَارَ ابْنَهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ كَذَّبَهُ الزَّوْجُ، وَإِذَا مَاتَ وَرِثَتَا مِنْهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْأُخْتِيَّةِ، فَإِذَا طَلَّقَ بَائِنًا امْتَنَعَ التَّجْدِيدُ م ر ز ي (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الْبِنْتِ حَيْثُ لَا تَحْرُمُ إلَّا بِالدُّخُولِ عَلَى الْأُمِّ وَبَيْنَ الْأُمِّ حَيْثُ تَحْرُمُ بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ (قَوْلُهُ بِمُكَالَمَةِ أُمِّهَا) أَيْ وَبِالْخَلْوَةِ بِهَا وَإِلَّا فَالْمُكَالَمَةُ فَقَطْ لَا تَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا بِالْعَقْدِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ وَطِئَ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ الْقُبُلِ وَلَمْ تُزَلْ الْبَكَارَةُ أَوْ اسْتَدْخَلَت مَاءَهُ أَيْ مَاءَ السَّيِّدِ الْمُحْتَرَمِ حَالَ خُرُوجِهِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِشُبْهَةٍ ح ل (قَوْلُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ) بِخِلَافِ الْخُنْثَى فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لِوَطْئِهِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ مَا أَوْلَجَ بِهِ أَوْ فِيهِ ح ل (قَوْلُهُ امْرَأَةً بِمِلْكِ يَمِينٍ) وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ ابْتِدَاءً ح ل (قَوْلُهُ أَوْ شُبْهَةٍ مِنْهُ) كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ أَمَةَ فَرْعِهِ، وَكَذَا لَوْ وَطِئَ بِجِهَةٍ قَالَ بِهَا عَالِمٌ، يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ حَيْثُ يَصِحُّ تَقْلِيدُهُ وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الشُّبْهَةِ الْمَذْكُورَةِ يُقَالُ لَهُ: شُبْهَةُ الْفَاعِلِ وَهُوَ لَا يَتَّصِفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ لِأَنَّ فَاعِلَهُ غَافِلٌ وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَإِذَا انْتَفَى تَكْلِيفُهُ انْتَفَى وَصْفُ فِعْلِهِ بِالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ، وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِهِمْ وَطْءُ الشُّبْهَةِ لَا يَتَّصِفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي شُبْهَةُ الْمَحَلِّ وَهِيَ حَرَامٌ، وَالْقَسَمُ الثَّالِثُ شُبْهَةُ الطَّرِيقِ فَإِنْ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِالْحِلِّ لَا حُرْمَةَ وَإِلَّا حَرُمَ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ وَطِئَ بِفَاسِدِ نِكَاحٍ) هَلْ مِنْ فَاسِدِ النِّكَاحِ الْعَقْدُ عَلَى خَامِسَةٍ؟ أَوْ لَا؟ لِأَنَّ هَذَا مَعْلُومٌ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَجْهَلُهُ فَلَا يُعَدُّ شُبْهَةً حَرِّرْ ح ل، الظَّاهِرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا) أَيْ وَتَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةُ فِي صُورَةِ الْمَمْلُوكَةِ وَلَا تَثْبُتُ فِي صُورَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ شَرْحُ م ر وَيُشِيرُ إلَيْهِ صَنِيعُ الشَّارِحِ فِي التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ، لِأَنَّ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ نَازِلٌ إلَخْ وَأَيْضًا سَبَبُ التَّحْرِيمِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ وَهُوَ الْوَطْءُ مُبَاحٌ بِخِلَافِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَقَدْ عَرَّفُوا الْمَحْرَمَ بِأَنَّهَا مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا

(قَوْلُهُ مَنْزِلَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ) أَيْ مَنْزِلَةَ الْوَطْءِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْعَقْدِ يَقْتَضِي حِلَّ بِنْتِهَا لِأَنَّ الْبِنْتَ لَا تَحْرُمُ بِالْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ ح ل (قَوْلُهُ يُثْبِتُ النَّسَبَ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ شُبْهَتَهُ وَحْدَهُ تُوجِبُ مَا عَدَا الْمَهْرَ مِنْ نَسَبٍ وَعِدَّةٍ، إذْ لَا مَهْرَ لِبَغْيٍ، وَشُبْهَتَهَا وَحْدَهَا تُوجِبُ الْمَهْرَ فَقَطْ أَيْ دُونَ النَّسَبِ وَالْعِدَّةِ، وَشُبْهَتَهُمَا تُوجِبُ الْجَمِيعَ وَلَا يَثْبُتُ بِهَا مَحْرَمِيَّةٌ مُطْلَقًا أَيْ لَا لِلْوَاطِئِ وَلَا لِأَبِيهِ وَابْنِهِ، فَلَا يَحِلُّ نَحْوُ نَظَرٍ وَلَا مَسٍّ وَلَا خَلْوَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ ز ي وَغَيْرُهُ

(قَوْلُهُ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ) وَلَوْ مُتَعَدِّدَةً وَاخْتِلَاطُ الرَّجُلِ الْمَحْرَمِ بِرِجَالٍ غَيْرِ مَحَارِمَ كَعَكْسِهِ وَقَوْلُهُ كَأَلْفِ أَيْ أَوْ أَقَلَّ إلَى أَوَّلِ السِّتِّمِائَةِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَعْسُرَ عَدُّهُنَّ) أَيْ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ أَيْ الْفِكْرِ بِأَنْ يَحْكُمَ الْفِكْرُ بِعُسْرِ عَدِّهِنَّ اهـ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ م ر ثُمَّ مَا عَسُرَ عَدُّهُ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ غَيْرُ مَحْصُورٍ وَمَا سَهُلَ كَمِائَةٍ مَحْصُورٌ، وَمَا بَيْنَهُمَا أَوْسَاطٌ تَلْتَحِقُ بِأَحَدِهِمَا بِالظَّنِّ، وَمَا شُكَّ فِيهِ يُسْتَفْتَى فِيهِ الْقَلْبُ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الشَّكِّ لِأَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ الْعِلْمَ بِحِلِّهَا، وَاعْتُرِضَ بِمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا أَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ فَبَانَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَمَرَّ مَا فِيهِ فِي فَصْلِ الصِّيغَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعِلْمَ بِحِلِّ الْمَرْأَةِ لَهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ لَا لِلصِّحَّةِ (قَوْلُهُ نَكَحَ مِنْهُنَّ جَوَازًا) وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ نِكَاحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>