للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا لَانْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ لَمْ يَأْمَنْ مُسَافَرَتَهَا إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَيْضًا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ الْجَمِيعَ وَهَلْ يَنْكِحُ إلَى أَنْ تَبْقَى وَاحِدَةٌ؟ أَوْ إلَى أَنْ يَبْقَى عَدَدٌ مَحْصُورٌ؟ حَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ، وَقَالَ: الْأَقْيَسُ عِنْدِي الثَّانِي لَكِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَوَانِي، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الطُّهْرِ وَالصَّلَاةِ بِمَظْنُونِ الطَّهَارَةِ وَحِلِّ تَنَاوُلِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مُتَيَقَّنِهَا، بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِمَحْصُورَاتٍ كَعِشْرِينَ فَلَا يَنْكِحُ مِنْهُنَّ شَيْئًا تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ، وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُطْلَقًا وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ، إذْ لَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْوَطْءَ إنَّمَا يُبَاحُ بِالْعَقْدِ لَا بِالِاجْتِهَادِ، وَتَعْبِيرِي بِمُحَرَّمَةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ كَغَيْرِهِ بِمَحْرَمٍ لِشُمُولِهِ الْمُحَرَّمَةَ بِنَسَبٍ وَرَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ وَلِعَانٍ وَنَفْيٍ وَتَوَثُّنٍ وَغَيْرِهَا

(وَيَقْطَعُ النِّكَاحَ تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ كَوَطْءِ زَوْجَةِ ابْنِهِ) ، وَوَطْءِ الزَّوْجِ أُمَّ زَوْجَتِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُتَيَقَّنِ حِلُّهَا رُخْصَةً خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ بِلَا اجْتِهَادٍ أَوْ كَذَا بِاجْتِهَادٍ، وَلَا نَقْضَ بِلَمْسِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ز ي وَح ل إذْ لَا نَقْضَ مَعَ الشَّكِّ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ لَانْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْسَدُّ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى مُتَيَقَّنَةِ الْحِلِّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِانْسِدَادِ بَابِهِ انْسِدَادُ طَرِيقِهِ السَّهْلَةِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَرُبَّمَا انْسَدَّ عَلَيْهِ إلَخْ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى هَذَا الِاحْتِمَالُ بِأَنْ جُمِعَ ذَلِكَ الْمُخْتَلِطُ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ مِنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَعَلَّهُمْ نَظَرُوا فِي ذَلِكَ إلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ ح ل (قَوْلُهُ فَعُلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مِنْهُنَّ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي جَوَابِ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ (قَوْلُهُ الْأَقْيَسُ) أَيْ الْأَحْسَنُ مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْأَوَانِي الْآتِي، وَأَرَادَ بِالْمَقِيسِ عَلَيْهِ مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِالْمَحْصُورِ ابْتِدَاءً، فَأَلْحَقْنَا الدَّوَامَ بِالِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ لَكِنْ رَجَّحَ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلَ أَيْ نَظِيرَ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنْ يَتَطَهَّرَ مِنْ الْأَوَانِي إلَى أَنْ تَبْقَى وَاحِدَةٌ فَعَلَى قِيَاسِهِ يُرَجَّحُ الْأَوَّلُ هُنَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا: أَيْ نَظِيرَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ جَوَازُ نِكَاحِهِ مِنْهُنَّ إلَى أَنْ تَبْقَى وَاحِدَةٌ لَمْ يُرَجَّحْ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَوَانِي، وَقَوْلُهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَوَانِي أَيْ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ إنَاءٌ نَجِسٌ بِأَوَانٍ طَاهِرَةٍ غَيْرِ مَحْصُورَةٍ، وَعِبَارَةُ ع ن بِأَوَانِي بَلَدٍ وَفِي نُسْخَةٍ كَمَا فِي نَظِيرِهِ وَعَلَيْهَا فَلَا إشْكَالَ

(قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ) أَيْ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْأَوَانِي مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَنْكِحُ إلَى أَنْ يَبْقَى عَدَدٌ مَحْصُورٌ وَيَجْتَهِدُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْأَوَانِي وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ، لَيْسَ فَرْقًا صَحِيحًا لِأَنَّ النِّكَاحَ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَظْنُونَةِ الْحِلِّ، فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فِيهِ شَيْءٌ، وَالْأَوْلَى الْفَرْقُ بِالِاحْتِيَاطِ لِلْأَبْضَاعِ دُونَ غَيْرِهَا اهـ شَيْخُنَا وَح ل وَعِبَارَةُ م ر وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ فَوْقَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَحِلِّ تَنَاوُلِهِ) أَيْ مَظْنُونِ الطَّهَارَةِ وَمَعْنَى تَنَاوُلِهِ التَّطْهِيرُ بِهِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ فِي عِشْرِينَ مَثَلًا مِنْ مَحَارِمِهِ اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِ مَحْصُورَاتٍ كَأَلْفَيْنِ مَثَلًا لَكِنَّهُ لَوْ قُسِمَ عَلَيْهِنَّ صَارَ مَا يَخُصُّ كُلًّا مَحْصُورًا حُرْمَةَ النِّكَاحِ مِنْهُنَّ نَظَرًا لِهَذَا التَّوْزِيعِ، وَخَالَفَهُمَا ابْنُ الْعِمَادِ نَظَرًا لِلْجُمْلَةِ وَقَالَ: إنَّ الْحِلَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ كَمَا قَالَ: خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ كَلَامَهُ لَا وَجْهَ لَهُ س ل (قَوْلُهُ كَعِشْرِينَ) أَيْ وَمِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ وَغَيْرُ الْمَحْصُورَ كَأَلْفٍ وَتِسْعِمِائَةٍ وَثَمَانِمِائَةٍ وَسَبْعِمِائَةٍ وَسِتِّمِائَةٍ وَمَا بَيْنَ السِّتِّمِائَةِ وَالْمِائَتَيْنِ يُسْتَفْتَى فِيهِ الْقَلْبُ، أَيْ الْفِكْرُ فَإِنْ حَكَمَ بِأَنَّهُ يَعْسُرُ عَدُّهُ كَانَ غَيْرَ مَحْصُورٍ وَإِلَّا كَانَ مَحْصُورًا اهـ شَيْخُنَا. وَفِي الزِّيَادِيِّ أَنَّ غَيْرَ الْمَحْصُورِ خَمْسُمِائَةٍ فَمَا فَوْقَ وَأَنَّ الْمَحْصُورَ مِائَتَانِ فَمَا دُونَ وَأَمَّا الثَّلَثُمِائَةِ وَالْأَرْبَعمِائَةِ فَيُسْتَفْتَى فِيهِ الْقَلْبُ، قَالَ: وَالْقَلْبُ إلَى التَّحْرِيمِ أَمْيَلُ

(قَوْلُهُ فَلَا يَنْكِحُ مِنْهُنَّ شَيْئًا) نِعْمَ لَوْ تَيَقَّنَ صِفَةً بِمَحْرَمِهِ كَسَوَادٍ نَكَحَ غَيْرَ ذَاتِ السَّوَادِ مُطْلَقًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ) أَيْ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ فِي اجْتِنَابِهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّغْلِيبَ يُمْكِنُ مَعَ غَيْرِ الْمَحْصُورِ وَلَوْ اخْتَلَطَ غَيْرُ مَحْصُورٍ بِغَيْرِ مَحْصُورٍ كَأَلْفٍ بِأَلْفٍ، نَكَحَ مِنْهُنَّ إلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرُ الْمُخْتَلِطِ ح ل. (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ إلَخْ) هَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مُحَرَّمَةً (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كُنَّ مَحْصُورَاتٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ إذْ لَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ) لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُجْتَهَدِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ فِيهِ مَجَالٌ أَيْ مَدْخَلٌ ح ل. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) كَالْمُعْتَدَّةِ ح ل

(قَوْلُهُ وَيَقْطَعُ النِّكَاحَ تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ بِدَلِيلِ التَّمْثِيلِ وَأَمَّا الْوَاطِئُ فَالْحُرْمَةُ عَلَيْهِ ثَابِتَةٌ قَبْلَ الْوَطْءِ لَا يُقَالُ: كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ الْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ الْفِعْلُ الْحَرَامُ، وَالْفِعْلُ هُنَا لَيْسَ حَرَامًا وَإِنَّمَا يَنْشَأُ عَنْهُ التَّحْرِيمُ وَخَرَجَ بِالنِّكَاحِ مَا لَوْ طَرَأَ ذَلِكَ عَلَى مِلْكِ الْيَمِينِ كَأَنْ وَطِئَ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ لِأَنَّهَا وَإِنْ حَرُمَتْ بِذَلِكَ عَلَى الِابْنِ أَبَدًا لَكِنْ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ مِلْكُهُ حَيْثُ لَا إحْبَالَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ تَحْرِيمِهَا لِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ، وَمُجَرَّدُ الْحِلِّ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ ح ل وَز ي. (قَوْلُهُ كَوَطْءِ زَوْجَةِ ابْنِهِ) بِالنُّونِ أَوْ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَفِيهِ أَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ تَحْرِيمًا حَتَّى يُجْعَلَ مِثَالًا لَهُ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَمُسَبَّبِ وَطْءٍ وَهُوَ التَّحْرِيمُ اهـ شَيْخُنَا اهـ عَزِيزِيٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَيْ كَأَثَرِ وَطْءٍ وَهُوَ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ وَهُوَ التَّحْرِيمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>