للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِزَالَةِ مِلْكٍ) وَلَوْ لِبَعْضِهَا، (أَوْ بِنِكَاحٍ أَوْ كِتَابَةٍ) إذْ لَا جَمْعَ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَحَيْضٍ وَرَهْنٍ وَإِحْرَامٍ وَرِدَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ، فَلَوْ عَادَتْ الْأُولَى كَأَنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ قَبْلَ وَطْءِ الْأُخْرَى، فَلَهُ وَطْءُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ الْعَائِدَةِ أَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا حَرُمَتْ الْعَائِدَةُ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُبَاحَةً عَلَى انْفِرَادِهَا فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَجُوسِيَّةً أَوْ نَحْوَهَا كَمَحْرَمٍ فَوَطِئَهَا جَازَ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى نَعَمْ لَوْ مَلَكَ أُمًّا وَبِنْتَهَا فَوَطِئَ إحْدَاهُمَا حَرُمَتْ الْأُخْرَى مُؤَبَّدًا، كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (وَلَوْ مَلَكَهَا وَنَكَحَ الْأُخْرَى) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ مَلَكَهَا ثُمَّ نَكَحَ أُخْتَهَا أَوْ عَكَسَ (حَلَّتْ الْأُخْرَى دُونَهَا) أَيْ دُونَ الْمَمْلُوكَةِ، وَلَوْ مَوْطُوءَةً لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ بِالنِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهَا بِالْمِلْكِ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَغَيْرُهَا فَلَا يَنْدَفِعُ بِالْأَضْعَفِ بَلْ يَدْفَعُهُ

(وَ) يَحِلُّ (لِحُرٍّ أَرْبَعٌ) فَقَطْ لِآيَةِ {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحُوهُ (وَلِغَيْرِهِ) عَبْدًا كَانَ أَوْ مُبَعَّضًا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْعَبْدِ (اثْنَتَانِ) فَقَطْ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا، وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ وَلِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ لِلْحُرِّ وَذَلِكَ فِي سَفِيهٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ نِكَاحُهُ عَلَى الْحَاجَةِ

(فَلَوْ زَادَ) مَنْ ذُكِرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

التَّقْيِيدَ بِالْوَطْءِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ وَالْعُبَابِ ح ل

[فَرْعٌ]

لَوْ ادَّعَتْ أَمَتَانِ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الْجَمْعُ كَأُخُوَّةِ رَضَاعٍ مَثَلًا قُبِلَ قَوْلُهُمَا إنْ كَانَ قَبْلَ التَّمْكِينِ أَوْ بَعْدَهُ، وَادَّعَتَا عُذْرًا لِجَهْلٍ فَكَذَلِكَ ب ر (قَوْلُهُ بِإِزَالَةِ مِلْكٍ) كَبَيْعٍ بَتٍّ أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي م ر. وَقَوْلُهُ أَوْ بِنِكَاحِ الْأُولَى أَوْ بِإِنْكَاحٍ (قَوْلُهُ أَوْ كِتَابَةٍ) أَيْ صَحِيحَةٍ وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ بِوَطْءِ الثَّانِيَةِ ح ل لِأَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُولَى، وَالْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ (قَوْلُهُ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ) أَيْ اسْتِحْقَاقَ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ كَمَحْرَمٍ) كَأَنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أُخْتَهُ لِأَبِيهِ وَالْأُخْرَى أُخْتَهَا لِأُمِّهَا (قَوْلُهُ جَازَ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى) يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مَحْرَمًا لِلْوَاطِئِ قَبْلَ الْعَقْدِ إلَخْ ز ي قَالَ شَيْخُنَا وَلَا إشْكَالَ لِأَنَّ وَطْأَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ لِزَوْجَةِ ابْنِهِ بِشُبْهَةٍ إذَا كَانَتْ بِنْتَ أَخِيهِ، وَوَطْءُ الشُّبْهَةِ مُحْتَرَمٌ فَحَرَّمَهَا عَلَى زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا أَيْ فِي الْمِلْكِ لِأَنَّ وَطْءَ مَحْرَمِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ فَلَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى

(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ مَلَكَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ بِالنِّكَاحِ) أَيْ بِخِلَافِ نَفْسِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ أَقْوَى مِنْ النِّكَاحِ وَمِنْ ثَمَّ بَطَلَ النِّكَاحُ بِشِرَاءِ زَوْجَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الَّذِي يَلِي هَذَا ح ل لِأَنَّ مَا هُنَاكَ كَوْنُ الْمِلْكِ أَقْوَى مِنْ النِّكَاحِ، وَمَا هُنَا كَوْنُ فِرَاشِ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ الْمِلْكِ فَلَا تَنَافِيَ م ر. (قَوْلُهُ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ إلَخْ) أَيْ وَمَا آثَارُهُ أَكْثَرُ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ ح ل لِأَنَّ كَثْرَةَ الْآثَارِ تَدُلُّ عَلَى الْقُوَّةِ بِرْمَاوِيٌّ، أَيْ لِاعْتِنَاءِ الشَّارِعِ بِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهَا) مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ لُحُوقُ الْوَلَدِ فِيهِ بِالْإِمْكَانِ وَلَا يُجَامِعُهُ الْحِلُّ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ ح ل (قَوْلُهُ فَلَا يَنْدَفِعُ) أَيْ النِّكَاحُ بِمَعْنَى إبَاحَتِهِ بِالْأَضْعَفِ، وَهِيَ إبَاحَةُ الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ بَلْ يَدْفَعُهُ أَيْ يَدْفَعُ النِّكَاحُ أَيْ إبَاحَتُهُ الْأَضْعَفَ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ بِالْمِلْكِ لَا الْمِلْكُ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ أَقْوَى، وَأَيْضًا الْمِلْكُ بَاقٍ

(قَوْلُهُ وَيَحِلُّ لِحُرٍّ أَرْبَعٌ) وَكَأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْعَدَدِ مُوَافَقَتُهُ لِأَخْلَاطِ الْبَدَنِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ عَنْهَا أَنْوَاعُ الشَّهْوَةِ الْمُسْتَوْفَاةِ غَالِبًا بِهِنَّ، وَكَانَتْ شَرِيعَةُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تُحِلُّ النِّسَاءَ بِلَا حَصْرٍ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ الرِّجَالِ، وَشَرِيعَةُ عِيسَى تَمْنَعُ غَيْرَ الْوَاحِدَةِ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ النِّسَاءِ، فَرَاعَتْ شَرِيعَتُنَا مَصْلَحَةَ النَّوْعَيْنِ فَإِنْ قِيلَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي رِعَايَةِ شَرِيعَةِ سَيِّدِنَا مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلرِّجَالِ وَشَرِيعَةِ سَيِّدِنَا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلنِّسَاءِ؟ قُلْتُ: يُحْتَمَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا ذَبَّحَ الْأَبْنَاءَ وَاسْتَضْعَفَ الرِّجَالَ نَاسَبَ أَنْ يُعَامِلَهُمْ سَيِّدُنَا مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالرِّعَايَةِ عَلَى خِلَافِ فِعْلِ ذَلِكَ الْجَبَّارِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِنَا عِيسَى فِي الرِّجَالِ أَبٌ وَكَانَ أَصْلُهُ امْرَأَةً، نَاسَبَ أَنْ يُرَاعِيَ جِنْسَ أَصْلِهِ رِعَايَةً لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ وَكَأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْعَدَدِ إلَخْ رَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا فِي الرَّقِيقِ مَعَ تَمَّامِ الْأَخْلَاطِ فِيهِ ق ل وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحِكْمَةَ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ التَّثْلِيثَ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ كَالطَّهَارَةِ وَالْخِيَارِ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَرْبَعِ يَخُصُّهَا بَعْدَ كُلِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ لَيْلَةٌ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْأُلْفَةُ وَالْمُؤَانَسَةُ وَذَلِكَ يَفُوتُ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَالْمُرَادُ بِالْحُرِّ مَنْ لَمْ يَجِبْ الِاقْتِصَارُ فِي تَزْوِيجِهِ عَلَى وَاحِدَةٍ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ

وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ لِلْحُرِّ وَذَلِكَ فِي كُلِّ نِكَاحٍ تَوَقَّفَ عَلَى الْحَاجَةِ كَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ وَالْحُرِّ النَّاكِحِ لِلْأَمَةِ، وَقَدْ لَا يَنْحَصِرُ كَمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ فَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ) وَإِذَا امْتَنَعَ ذَلِكَ فِي الدَّوَامِ فَلَأَنْ يَمْتَنِعَ فِي الِابْتِدَاءِ بِالْأَوْلَى، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُبَيِّنٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْآيَةِ وَهُوَ أَنْ يَنْكِحَ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً وَلَا يَجْمَعُ، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ ح ل وَقَوْلُهُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ إلَخْ الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، فَإِذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا انْدَفَعَ نِكَاحُ الْبَاقِي مِنْ غَيْرِ صِيغَةٍ، وَإِذَا فَارَقَ سِتًّا بَقِيَ لَهُ أَرْبَعٌ مِنْ غَيْرِ صِيغَةٍ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَالْمَجْنُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>