فِيهِمَا (عَلَى نِكَاحٍ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ، لِأَنَّ أَحْكَامَهُمَا مُتَنَاقِضَةٌ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَكَوْنُهَا مِلْكَهُ يَقْتَضِي عَدَمَهُ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ، وَلَوْ مَلَكَهَا لِمِلْكِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَعَ تَامٍّ مِنْ زِيَادَتِي فَلِأَنَّهَا تُطَالِبُهُ بِالسَّفَرِ إلَى الشَّرْقِ، لِأَنَّهُ عَبْدُهَا، وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى الْغَرْبِ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِذَا دَعَاهَا إلَى الْفِرَاشِ بِحَقِّ النِّكَاحِ بَعَثَتْهُ فِي أَشْغَالِهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَطَلَ الْأَضْعَفُ وَثَبَتَ الْأَقْوَى وَهُوَ الْمِلْكُ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ، وَالنِّكَاحُ لَا يُمْلَكُ بِهِ إلَّا ضَرْبٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَخَرَجَ بِتَامٍّ مَا لَوْ ابْتَاعَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ ثُمَّ فَسَخَ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَكَذَا لَوْ ابْتَاعَتْهُ كَذَلِكَ
(وَلَا) يَنْكِحُ (حُرٌّ مَنْ بِهَا رِقٌّ لِغَيْرِهِ) وَلَوْ مُبَعَّضَةً (إلَّا) بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، وَإِنْ عَمَّ الثَّالِثُ الْحُرَّ وَغَيْرَهُ وَاخْتَصَّ بِالْمُسْلِمِ. أَحَدُهَا (بِعَجْزِهِ عَمَّنْ تَصْلُحُ لِتَمَتُّعٍ) وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً بِأَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا قَادِرًا عَلَيْهِ، كَأَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ مَنْ لَا تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ كَصَغِيرَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) أَيْ لِأَنَّ مَا مَنَعَ فِي الِابْتِدَاءِ إذَا طَرَأَ ضَرَّ، فَالتَّفْرِيعُ وَاضِحٌ. اهـ. ح ل وَفَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ بِأَنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ هُنَا يَغْلِبُ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ، إذْ السَّيِّدُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَإِنْ قَبَضَ الصَّدَاقَ وَفِي الْإِجَارَةِ بِالْعَكْسِ، أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ. اهـ. حَجّ
(قَوْلُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى) أَيْ إذَا كَانَ الْمَالِكُ الرَّجُلَ (قَوْلُهُ فَلِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَلِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلتَّمْلِيكِ إنَّمَا هُوَ الزَّوْجِيَّةُ لَا النَّفَقَةُ، كَمَا فِي م ر وَقَوْلُهُ تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ يَرِدُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ الْأَمَةُ إلَّا أَنْ يُرَادَ تَمْلِيكُهَا أَوْ تَمْلِيكُ سَيِّدِهَا، وَقَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَهَا إلَخْ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ أَيْ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ يَمْلِكُ بِهِ الرَّقَبَةَ) أَيْ أَوْ بَعْضَهَا وَقَوْلُهُ وَالْمَنْفَعَةَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَى مِلْكِهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ لَا يُمْلَكُ بِهِ إلَّا ضَرْبٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ نَوْعٌ مِنْهَا، وَهُوَ التَّمَتُّعُ بِالْوَطْءِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي مَلَكَ زَوْجَتَهُ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْمِلْكِ لَا يُبَاحُ لَهُ إلَّا الِانْتِفَاعُ بِالْبُضْعِ وَالتَّمَتُّعُ، فَلَمَّا مَلَكَ صَارَتْ جَمِيعُ الْمَنَافِعِ وَالرَّقَبَةُ لَهُ، وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي مَلَكَتْ زَوْجَهَا فَلَا يُقَالُ: إنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الْمِلْكِ تَسْتَحِقُّ ضَرْبًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَقَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ إلَخْ خَاصٌّ بِالصُّورَةِ الْأُولَى وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ، فَلَا مِلْكَ أَصْلًا فَيُسْتَفَادُ كَوْنُ الْمِلْكِ أَقْوَى فِي الصُّورَتَيْنِ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَقْوَى فِي الْأُولَى مَعَ كَوْنِ النِّكَاحِ يُسْتَحَقُّ بِهِ فِيهَا ضَرْبٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَفِي الثَّانِيَةِ أَقْوَى بِالْأَوْلَى، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ بِالنِّكَاحِ فِيهَا شَيْءٌ أَصْلًا، وَهَذَا التَّعْلِيلُ سَرَى لَهُ مِنْ الْمَحَلِّيِّ، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا فِي الْأُولَى لِكَوْنِ الْمِنْهَاجِ لَمْ يَذْكُرْ الثَّانِيَةَ
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ) وَحِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يَطَأَ وَوَطْؤُهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ بِهِ يَلْزَمُ الْبَيْعُ، لِأَنَّهُ إجَازَةٌ ح ل وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِيَكُونَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَهُوَ طُرُوُّ الْمِلْكِ عَلَى النِّكَاحِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا كَانَ الْمِلْكُ مَوْقُوفًا، وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ فَالْمِلْكُ لَهُ بِرْمَاوِيٌّ وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ لَا يَنْفَسِخُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ابْتَاعَهُ كَذَلِكَ) أَيْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهَا ثُمَّ فَسَخَتْ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا لِضَعْفِ الْمِلْكِ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ إزَالَتِهِ بِالْخِيَارِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخِيَارِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا، امْتَنَعَ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي الْجِهَةَ الَّتِي تُبِيحُ لَهُ الْوَطْءَ، وَإِنْ كَانَ وَطْؤُهُ إجَازَةً بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ أَوْ الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ لَهُ الْوَطْءُ الْأَوَّلُ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَالثَّانِي بِالْمِلْكِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهَا وَحْدَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَقَدْ يُقَالُ: بِجَوَازِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْرِي الْجِهَةَ الَّتِي يَطَأُ بِهَا بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ يَطَأُ بِالزَّوْجِيَّةِ. اهـ. ح ل. وَفِي ع ش عَلَى م ر امْتِنَاعُ وَطْئِهَا لِأَنَّهَا قَدْ مَلَكَتْهُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ وَطْءُ سَيِّدَتِهِ
(قَوْلُهُ حُرٌّ) أَيْ كُلُّهُ وَلَوْ عَقِيمًا أَيِسَ مِنْ الْوَلَدِ ز ي، بِخِلَافِ الرَّقِيقِ أَوْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ مَنْ بِهَا رِقٌّ بِلَا شَرْطٍ، وَهَذَا يُفِيدُ جَوَازَ نِكَاحِ الْمُبَعَّضِ لِلْأَمَةِ مَعَ تَيَسُّرِ الْمُبَعَّضَةِ ح ل. (قَوْلُهُ مَنْ بِهَا رِقٌّ) وَلَوْ صَغِيرَةً وَآيِسَةً بِرْمَاوِيٌّ أَيْ وَلَمْ تُسْتَحَقَّ مَنْفَعَتُهَا بِغَيْرِ نَحْوِ إجَارَةٍ ق ل، فَخَرَجَتْ الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا، وَلَوْ عَلَّقَ سَيِّدُ الْأَمَةِ عِتْقَهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا مِنْ زَيْدٍ جَازَ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تُقَارِنُ الْعَقْدَ أَوْ تَعْقُبُهُ فَلَا تُرَقُّ أَوْلَادُهَا، ثُمَّ رَأَيْتُ ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْ شَيْخِنَا ح ل. (قَوْلُهُ وَلَوْ مُبَعَّضَةً) لِلتَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ بِعَجْزِهِ) أَيْ يُتَصَوَّرُ بِعَجْزِهِ وَكَذَا يُقَدَّرُ فِيمَا بَعْدُ، فَالْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ وَفِي الْمَتْنِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ تَكُونُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ بِمَعْنَى مَعَ. (قَوْلُهُ عَمَّنْ تَصْلُحُ) وَهَلْ الْمُرَادُ صَلَاحِيَتُهَا بِاعْتِبَارِ مَيْلِ طَبْعِهِ؟ أَوْ يُرْجَعُ لِلْعُرْفِ؟ وَالثَّانِي أَرْجَحُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَلَوْ كِتَابِيَّةً) أَيْ زَوْجَةً حُرَّةً لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَمَةً أَيْ مَمْلُوكَةً. (قَوْلُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّنْ تَصْلُحُ بِأَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ شَيْءٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ وَلَا يَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ، وَلَوْ فَعَلَ الشَّارِحُ هَكَذَا كَانَ أَنْسَبَ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ بَدَلَ قَوْلِهِ كَأَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ إلَخْ أَوْ يَكُونُ تَحْتَهُ لِأَنَّ الْعَجْزَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute