للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ بَرْصَاءَ أَوْ هَرِمَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِيهِ، فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ وَلِآيَةِ {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} [النساء: ٢٥] بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ تَحْتَهُ مَنْ تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ أَوْ قَادِرًا عَلَيْهَا، لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ عَنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ أَوْ بَعْضِهِ وَلِمَفْهُومِ الْآيَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ وَقَوْلُهُ: الْمُؤْمِنَاتِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إنَّمَا يَرْغَبُ فِي الْمُؤْمِنَةِ

، وَتَعْبِيرِي بِمَنْ تَصْلُحُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِحُرَّةٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْعَجْزُ حِسِّيًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ شَرْعِيًّا، (كَأَنْ ظَهَرَتْ) عَلَيْهِ (مَشَقَّةٌ فِي سَفَرِهِ لِغَائِبَةٍ أَوْ خَافَ زِنًا مُدَّتَهُ) أَيْ مُدَّةَ سَفَرِهِ إلَيْهَا، وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِأَنْ يُنْسَبَ مُتَحَمِّلُهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ. (أَوْ وَجَدَ حُرَّةً بِمُؤَجَّلٍ) وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْمَهْرِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ عِنْدَ حُلُولِهِ (أَوْ بِلَا مَهْرٍ) كَذَلِكَ لِوُجُوبِ مَهْرِهَا عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ. (أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجِبُ شِرَاءُ مَاءٍ الطُّهْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي مَعْنَى النَّفْيِ يَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمُقَيَّدِ مَعَ قَيْدِهِ وَبِنَفْيِ الْقَيْدِ وَحْدَهُ

(قَوْلُهُ أَوْ مَجْنُونَةٍ) أَوْ زَانِيَةٍ أَوْ غَائِبَةٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَوْ مُعْتَدَّةٍ عَنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَلَا يُشْتَرَطُ انْقِضَاؤُهَا وَكَالْمُتَحَيِّرَةِ لِأَنَّهَا الْآنَ غَيْرُ صَالِحَةٍ، وَتَوَقُّعُ شِفَائِهَا لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ. اهـ. ح ل، وَفِي شَرْحِ م ر وَالْمُتَحَيِّرَةُ صَالِحَةٌ تَمْنَعُ الْأَمَةَ لِتَوَقُّعِ شِفَائِهَا، وَمَحَلُّهُ إنْ أَمِنَ مِنْ الْعَنَتِ زَمَنَ تَوَقُّعِ الشِّفَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْمَنْ فَلَا تَمْنَعُهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً لِلْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ اهـ مُلَخَّصًا

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِيهِ) تَعْلِيلٌ لِلشِّقِّ الثَّانِي وَالْآيَةُ لِلْأَوَّلِ. قَوْلُهُ {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا} [النساء: ٢٥] الْآيَةَ طَوْلًا مَفْعُولٌ، وَأَنْ يَنْكِحَ عَلَى تَقْدِيرِ اللَّامِ صِفَةٌ لِطَوْلًا أَيْ طَوْلًا كَائِنًا لِنِكَاحِ الْمُحْصَنَاتِ، أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِيَسْتَطِعْ أَيْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ لِنِكَاحِ الْمُحْصَنَاتِ طَوْلًا أَيْ مَهْرًا. (قَوْلُهُ أَوْ قَادِرًا عَلَيْهَا) أَيْ بِغَيْرِ اقْتِرَاضٍ وَغَيْرِ تَأْجِيلِ الْمَهْرِ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ سم بِأَنَّ كَلَامَهُ شَامِلٌ لَهُمَا، وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهَا بِأَنْ وَجَدَهَا وَوَجَدَ صَدَاقَهَا فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ فِي الْفِطْرَةِ عِنْدَهُ، أَوْ عِنْدَ فَرْعِهِ الَّذِي يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ لَا بِنَحْوِ هِبَةٍ، فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ هِبَةِ مَهْرٍ أَوْ أَمَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ ح ل، فَالْمُرَادُ قَادِرٌ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَكُونَ لَهُ ابْنٌ مُوسِرٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إعْفَافُهُ س ل. (قَوْلُهُ عَنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ) إنْ كَانَتْ رَقِيقَةً أَوْ بَعْضِهِ إنْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً (قَوْلُهُ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ (قَوْلُهُ كَأَنْ ظَهَرَتْ) مِثَالٌ لِسَبَبِ الْعَجْزِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ أَيْ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِ نَفْسِهِ مِنْ الزِّنَا مَعَ خَوْفِ الزِّنَا عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَالْفَرْضُ أَنَّهُ خَائِفُ الزِّنَا فَلِخَائِفِ الزِّنَا حَالَتَانِ تَارَةً يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِ نَفْسِهِ مِنْهُ مُدَّةَ سَفَرِهِ، وَتَارَةً لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ مُدَّةَ سَفَرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَوْ لَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ انْتِقَالُهَا مَعَهُ إلَى وَطَنِهِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْمَقَامَ مَعَهَا هُنَاكَ مِنْ التَّغَرُّبِ الَّذِي لَا تَحْتَمِلُهُ النُّفُوسُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَ انْتِقَالُهَا مَعَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ السَّفَرُ ح ل

وَقَوْلُهُ فَالْفَرْضُ أَنَّهُ خَائِفُ الزِّنَا إلَخْ غَرَضُهُ بِذَلِكَ صِحَّةُ عَطْفِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ خَافَ زِنًا إلَخْ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ أَعْنِي ظَهَرَتْ إلَخْ لَيْسَ مَعَهُ خَوْفُ الزِّنَا، مَعَ أَنَّ خَوْفَ الزِّنَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي صِحَّةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ. وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ فِيهِ خَوْفُ الزِّنَا أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِ نَفْسِهِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ أَوْ خَافَ زِنًا لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِيمَا بَعْدُ فِي قَوْلِهِ وَبِخَوْفِهِ زِنًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذِكْرُهُ هُنَا لِبَيَانِ كَوْنِ بَعْضِ أَفْرَادِ خَوْفِ الزِّنَا مِنْ أَسْبَابِ الْعَجْزِ ع ش عَلَى م ر، فَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا خَوْفُ زِنًا مَخْصُوصٍ وَهُوَ خَوْفُهُ مُدَّةَ السَّفَرِ، مَعَ عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِ نَفْسِهِ فَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ أَسْبَابِ الْعَجْزِ، وَالْمُرَادُ بِخَوْفِ الزِّنَا الْآتِي أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ لِغَائِبَةٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَةً أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ سم وَع ش عَلَى م ر وَمِثْلُهَا ح ل خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ الزَّوْجَةَ الْغَائِبَةَ لَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ مُطْلَقًا، وَبِهِ صَرَّحَ م ر فِي الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ: وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّ غَيْبَةَ الزَّوْجَةِ أَوْ الْمَالِ يُبِيحُ نِكَاحَ الْأَمَةِ صَحِيحٌ اهـ. قَالَ ح ل: وَفِي عُمُومِهِ نَظَرٌ وَاسْتَوْجَهَ ع ش تَبَعًا لسم عَلَى حَجّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَقَالَ: إنَّهُ مُتَّجِهٌ جِدًّا فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يُنْسَبَ مُتَحَمِّلُهَا إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ غُرْمُ مَالٍ (قَوْلُهُ فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ) أَيْ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَهَا زَوْجَةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا كحج. اهـ. ح ل، وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ لَوْمٌ وَتَعْيِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِقَصْدِهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ عِنْدَ حُلُولِهِ) أَمَّا إذَا عَلِمَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي التَّيَمُّمِ: لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ يُبَاعُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَكَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ عِنْدَ الْحُلُولِ، لَزِمَهُ الشِّرَاءُ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ تَحْرِيمِ الْأَمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ فِي الزَّوْجَةِ كُلْفَةً أُخْرَى وَهِيَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَاءِ. اهـ. ز ي (قَوْلُهُ أَوْ بِلَا مَهْرٍ كَذَلِكَ) أَيْ وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْمَهْرِ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ) قَيَّدَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِمَا إذَا كَانَ الزَّائِدُ قَدْرًا يُعَدُّ بَذْلُهُ إسْرَافًا وَإِلَّا حَرُمَتْ الْأَمَةُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَاءِ الطُّهْرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ شِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>