للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَفْسُدُ بِخُلْفِ الشَّرْطِ، مَعَ تَأَثُّرِهِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، فَالنِّكَاحُ أَوْلَى (وَلِكُلٍّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (خِيَارٌ) فَلَهُ فَسْخٌ وَلَوْ بِلَا قَاضٍ، (إنْ بَانَ) أَيْ الْمَوْصُوفُ (دُونَ مَا شُرِطَ) كَأَنْ شَرَطَ أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَبَانَتْ أَمَةً وَهُوَ حُرٌّ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَقَدْ أَذِنَ سَيِّدُهَا فِي نِكَاحِهَا، أَوْ أَنَّهُ حُرٌّ فَبَانَ عَبْدًا وَهِيَ حُرَّةٌ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي نِكَاحِهِ لِخُلْفِ الشَّرْطِ وَلِلتَّغْرِيرِ (لَا إنْ بَانَ) فِي غَيْرِ الْعَيْبِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ (مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ الْوَاصِفِ أَوْ فَوْقَهُ، الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى لِتَكَافُئِهِمَا فِي الْأُولَى، وَلِأَفْضَلِيَّتِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ خِلَافَهُ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَ بَعْضِهِ

أَمَّا إذَا بَانَ فَوْقَ مَا شُرِطَ فَلَا خِيَارَ (أَوْ ظَنَّهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ (بِوَصْفٍ) غَيْرِ السَّلَامَةِ مِنْ الْعَيْبِ، (فَلَمْ يَكُنْ) كَأَنْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً تَحِلُّ لَهُ، أَوْ ظَنَّتْهُ كُفُؤًا فَأَذِنَتْ فِيهِ فَبَانَ فِسْقُهُ أَوْ رِقُّهُ أَوْ دَنَاءَةُ نَسَبِهِ أَوْ حِرْفَتِهِ، لِلتَّقْصِيرِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ وَالشَّرْطِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

فُلَانَةَ فَزَوَّجَهُ أُخْتَهَا فَيَبْطُلُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ بِخُلْفِ الشَّرْطِ) أَيْ لِغَيْرِ الْفَاسِدِ كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا، أَوْ الدَّابَّةِ حَامِلًا أَوْ ذَاتَ لَبَنٍ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلِأَنَّ الْبَيْعَ إلَخْ تَعْلِيلٌ ثَانٍ أَمَّا جَعْلُهُ عِلَّةً لِلتَّعْلِيلِ فَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُهُ ح ل. (قَوْلُهُ مَعَ تَأَثُّرِهِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ) أَيْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَبِعْنِي هَذِهِ الْبِطِّيخَةَ مَثَلًا بِشَرْطِ أَنْ تَحْمِلَهَا إلَى الْبَيْتِ، أَوْ هَذَا الثَّوْبَ بِشَرْطِ أَنْ تَخِيطَهُ، أَوْ الزَّرْعَ بِشَرْطِ أَنْ تَحْصُدَهُ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِكُلِّ فَاسِدٍ بَلْ بِمَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي ح ل، أَيْ كَشَرْطِ مُحْتَمِلَةِ وَطْءٍ عَدَمَهُ، أَوْ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ طَلَّقَ أَوْ بَانَتْ مِنْهُ أَوْ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ هَذِهِ تُخِلُّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ، بِخِلَافِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ كَأَنْ نَكَحَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَوْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا، أَوْ شُرِطَ فِي مَهْرٍ خِيَارٌ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ خِيَارٌ) مَحَلُّهُ فِي تَخَلُّفِ الْبَكَارَةِ إنْ بَانَتْ الثُّيُوبَةُ قَبْلَ الْوَطْءِ، فَإِنْ بَانَتْ بَعْدَهُ فَلَا خِيَارَ لِإِمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الثُّيُوبَةِ بِدُونِ وَطْءٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا ثَيِّبًا عَبْدُ الْبَرِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الثُّيُوبَةَ فَادَّعَتْ أَنَّهَا بِوَطْئِهِ، وَقَالَ: لَمْ أَطَأْ، صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِالنَّظَرِ لِمَنْعِ الْفَسْخِ لَا لِتَقَرُّرِ جَمِيعِ الْمَهْرِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا قَاضٍ) أَيْ فِي غَيْرِ عُيُوبِ النِّكَاحِ حَيْثُ جُعِلَ كَلَامُهُ شَامِلًا لَهَا هُنَا ح ل. (قَوْلُهُ دُونَ مَا شُرِطَ) أَيْ وَدُونَ الشَّارِطِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لَا إنْ بَانَ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ أَنَّهَا حُرَّةٌ) أَوْ حُرَّةُ الْأَصْلِ فَبَانَتْ عَتِيقَةً ح ل. (قَوْلُهُ وَهِيَ حُرَّةٌ) بَلْ وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا، فَالْحُرَّةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ وَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ سَيِّدُهَا لَا هِيَ، لِأَنَّهُ يُجْبِرُهَا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا لِلْعَبْدِ، وَهَلَّا قِيلَ: بِفَسَادِ النِّكَاحِ إذَا كَانَتْ حُرَّةً لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا أَذِنَتْ فِي مُعَيَّنٍ، وَإِذْنُهَا فِي الْمُعَيَّنِ مُقْتَضٍ لِإِسْقَاطِ الْكَفَاءَةِ مِنْهَا وَمِنْ وَلِيِّهَا ح ل. (قَوْلُهُ لِخُلْفِ الشَّرْطِ وَلِلتَّغْرِيرِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ خِيَارٌ (قَوْلُهُ لَا إنْ بَانَ) أَيْ الَّذِي هُوَ دُونَ مَا شُرِطَ مِثْلَهُ، هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْحِرْفَةِ وَالْعِفَّةِ وَالنَّسَبِ، وَكَذَا بِالْحُرِّيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر، بِأَنْ كَانَ عَبْدًا وَشَرَطَ حُرِّيَّتَهَا فَبَانَتْ أَمَةً، فَلَا خِيَارَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَكَافُئِهِمَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِرَاقِ بِالطَّلَاقِ

(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْعَيْبِ) لَوْ شَرَطَ السَّلَامَةَ مِنْ أَحَدِ الْعُيُوبِ السَّابِقَةِ فَبَانَ غَيْرُهُ مِنْهَا، تَخَيَّرَ سَوَاءٌ بَانَ مِثْلَ مَا شَرَطَ أَوْ أَدْوَنَ أَوْ أَعْلَى، لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْخِيَارَ بِوَضْعِهَا س ل. (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ) مِنْ أَنَّ لِكُلٍّ الْخِيَارَ، وَإِنْ سَاوَاهُ فِي ذَلِكَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِذَلِكَ، لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمَشْرُوطُ انْتِفَاءَ الْعَيْبِ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ أَيْ مِنْ أَنَّ الْخِيَارَ بِالْعَيْبِ ثَابِتٌ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ وَغَيْرُ الْعَيْبِ مِنْ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ، الْعِفَّةُ وَالنَّسَبُ وَالْحِرْفَةُ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ مَا ذُكِرَ الَّتِي هِيَ نَحْوُ الْجَمَالِ فَيَثْبُتُ لَهُ فِيهِ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَعْلَى، وَاَلَّتِي هِيَ نَحْوُ الْبَيَاضِ فَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ سَوْدَاءُ وَهُوَ أَسْوَدُ، ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي عَدَمَ ثُبُوتِهِ ح ل

(قَوْلُهُ مِثْلَ الْوَاصِفِ أَوْ فَوْقَهُ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ دُونَ مَا شُرِطَ (قَوْلُهُ لِتَكَافُئِهِمَا فِي الْأُولَى) أَيْ مَعَ إمْكَانِ تَخَلُّصِهِ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَرِدُ مَا إذَا كَانَتْ أَمَةً وَبَانَ عَبْدًا، فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَلِأَفْضَلِيَّتِهِ) أَيْ الْمَوْصُوفِ، وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ لَا إنْ بَانَ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا بَانَ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ بَانَ دُونَ مَا شُرِطَ، فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ أَوْ فَوْقَهُ لِأَنَّ ضَمِيرَهُ رَاجِعٌ لِلْوَاصِفِ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ، لَا إنْ بَانَ مِثْلَهُ. (قَوْلُهُ أَوْ ظَنَّهُ) عَطْفٌ عَلَى بَانَ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا شُرِطَ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى شُرِطَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ شُرِطَ إلَخْ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُبْعِدُهُ عَدَمُ ذِكْرِ جَوَابٍ لَهَا، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ اسْتِثْنَاءً لُغَوِيًّا مُنْقَطِعًا، وَتَكُونُ مَعْطُوفَةً عَلَى بَانَ تَأَمَّلْ، وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ أَوْ ظَنَّهُ أَيْ وَلِأَنَّ ظَنَّهُ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بَانَ فَلَا خِيَارَ

(قَوْلُهُ فَأَذِنَتْ فِيهِ) أَيْ حَتَّى يَصِحَّ النِّكَاحُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ الْإِخْلَالَ بِالْكَفَاءَةِ مُبْطِلٌ لِلنِّكَاحِ (قَوْلُهُ أَوْ رِقُّهُ) ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لِلتَّقْصِيرِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ وَالشَّرْطِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ بَحَثَ ثُمَّ تَبَيَّنَ ذَلِكَ، ثَبَتَ الْخِيَارُ هَذَا وَاَلَّذِي فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَجُزِمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَوْلُهُ وَالشَّرْطِ فِي كَلَامِ شَيْخِنَا كحج

<<  <  ج: ص:  >  >>