للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا فَوَّتَهُ طُولِبَ بِهَا مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْجَانِي حَيْثُ صَحَّحْنَاهُ وَأَوْلَى، وَأَمَّا لُزُومُ الْأَقَلِّ فَكَمَا فِي فِدَاءِ الْجَانِي بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ؛ وَلِأَنَّ أُجْرَتَهُ إنْ زَادَتْ كَانَ لَهُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ أَوْ نَقَصَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ، وَقِيلَ: يَلْزَمَانِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ أَوْ حَبَسَهُ أَجْنَبِيٌّ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ اتِّفَاقًا إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا تَفْوِيتُ مَنْفَعَةٍ، وَالسَّيِّدُ سَبَقَ مِنْهُ الْإِذْنُ الْمُقْتَضِي لِالْتِزَامِ مَا وَجَبَ فِي الْكَسْبِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّخْلِيَةِ لَيْلًا وَالِاسْتِخْدَامِ نَهَارًا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَلَوْ كَانَ مَعَاشُ السَّيِّدِ لَيْلًا كَحِرَاسَةٍ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَقَوْلِي أَوْ دَفَعَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ لِتَقْيِيدِهِ لَهُ بِالِاسْتِخْدَامِ

(وَلَهُ سَفَرٌ بِهِ وَبِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ) وَإِنْ فَوَّتَ التَّمَتُّعَ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ فَيُقَدَّمُ حَقُّهُ، نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَرْهُونًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يُسَافِرْ بِهِ

(وَلِزَوْجِهَا صُحْبَتُهَا) فِي السَّفَرِ لِيَتَمَتَّعَ بِهَا لَيْلًا وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ وَلَا إلْزَامُهُ بِهِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا.

(وَلِسَيِّدِ غَيْرِ مُكَاتَبَةٍ اسْتِخْدَامُهَا) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (نَهَارًا وَيُسَلِّمُهَا لِزَوْجِهَا لَيْلًا)

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَضَمَّنَ دَعْوَيَيْنِ: أَصْلِ لُزُومِ الدَّفْعِ وَكَوْنِ الْمَدْفُوعِ الْأَقَلَّ، فَعَلَّلَ الْأُولَى بِقَوْلِهِ: أَمَّا أَصْلُ إلَخْ وَعَلَّلَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ: وَأَمَّا لُزُومُ إلَخْ وَقَوْلُهُ دَعْوَيَيْنِ بِالْيَاءِ؛ لِأَنَّ مُفْرَدَهُ دَعْوَى لَا دَعْوَةٌ قُلِبَتْ أَلِفُهُ يَاءً فِي التَّثْنِيَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ

آخِرَ مَقْصُورٍ تُثَنِّي اجْعَلْهُ يَا

(قَوْلُهُ فَإِذَا فَوَّتَهُ) أَيْ: الْكَسْبَ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي بَيْعِ الْجَانِي) بِجَامِعِ الْمَنْعِ مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ صَحَّحْنَاهُ) أَيْ: عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ بِأَنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ، فَلَمَّا فَوَّتَهُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ طُولِبَ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ س ل حَيْثُ صَحَّحْنَاهُ بِأَنْ اخْتَارَ السَّيِّدُ الْفِدَاءَ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى) أَيْ: لِحُصُولِ إذْنِ السَّيِّدِ هُنَا فَإِذَا لَزِمَهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ فِيهَا فَلُزُومُهُ مُؤَنُ النِّكَاحِ مَعَ الْإِذْنِ فِيهِ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ: فَكَمَا فِي فِدَاءِ الْجَانِي كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: وَأَوْلَى أَيْضًا لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَذَفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ س ل. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَلْزَمَانِهِ) ضَعِيفٌ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ دَفَعَ الْأَقَلَّ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْقِيلِ أَيْ: فَهَذَا الْقَوْلُ الضَّعِيفُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ إلَخْ أَوْ حَبَسَهُ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْأُجْرَةُ، سَوَاءٌ كَانَتْ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُؤْنَةِ أَمْ أَقَلَّ مِنْهُمَا أَمْ أَزْيَدَ مِنْهُمَا، فَيُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ اسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ لَهُ حَيْثُ يَلْزَمُهُ بِسَبَبِهِ الْمَهْرُ وَالْمُؤْنَةُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَتِهِ وَبَيْنَ اسْتِخْدَامِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْأُجْرَةُ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْمَهْرِ وَالْمُؤْنَةِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا تَفْوِيتُ مَنْفَعَةٍ أَيْ: فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا وَهِيَ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْمَهْرِ وَالْمُؤْنَةِ. (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا) أَيْ: لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ مَا وَجَبَ فِي الْكَسْبِ أَيْ: وَلَوْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَذَا الْفَرْقُ عَلَى هَذَا الْقِيلِ ح ل.

(قَوْلُهُ: فِي الْكَسْبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِالْتِزَامِ، وَقَوْلُهُ: مَا وَجَبَ أَيْ: الَّذِي وَجَبَ وَهُوَ الْمَهْرُ وَالْمُؤْنَةُ، فَلَمَّا فَوَّتَ الْكَسْبَ لَزِمَهُ مَا يُؤَدَّى مِنْهُ وَهُوَ الْمَهْرُ وَالْمُؤْنَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَقْيِيدِهِ لَهُ بِالِاسْتِخْدَامِ) ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ عَنْ كَسْبِهِمَا بِغَيْرِ اسْتِخْدَامِهِ كَاسْتِخْدَامِهِ، وَلَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُ صَنْعَةً وَلَا يَقْدِرُ عَلَى اكْتِسَابٍ كَزَمِنٍ وَحَبَسَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ ح ل

. (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ: لِلسَّيِّدِ سَفَرٌ بِهِ أَيْ: إنْ تَحَمَّلَ مَا مَرَّ س ل. (قَوْلُهُ: وَبِأَمَتِهِ) أَيْ أَمَةِ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْرُمُ م ر خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ح ل بِخِلَافِ الزَّوْجِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهَا مُنْفَرِدًا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَيْلُولَةِ الْقَوِيَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَيِّدِهَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ لِيَحْصُلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ يُقَدَّمُ عَلَى مَالِكِ الْعَيْنِ ح ل. (قَوْلُهُ: لَمْ يُسَافِرْ بِهِ) أَيْ بِغَيْرِ رِضَا الْمُكْتَرِي وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُكَاتَبِ شَرْحُ م ر

. (قَوْلُهُ: وَلِزَوْجِهَا صُحْبَتُهَا فِي السَّفَرِ) فَلَوْ سَلَّمَهَا لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَافِرْ الزَّوْجُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَهْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا إنْ سَلَّمَهُ ظَانًّا وُجُوبَ تَسْلِيمِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ ح ل، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا) يَنْبَغِي إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ لَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةَ إذَا سَافَرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ س ل، وَعِبَارَةُ حَجّ وَلِلزَّوْجِ تَرْكُهَا وَصُحْبَتُهَا لِيَسْتَمْتِعَ بِهَا وَقْتَ فَرَاغِهَا وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ التَّمْكِينِ التَّامِّ، وَإِيهَامُ كَلَامِ الشَّارِحِ وُجُوبَهَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا سَلَّمَتْ لَهُ تَسْلِيمًا تَامًّا

(قَوْلُهُ: غَيْرِ مُكَاتَبَةٍ) أَيْ: كِتَابَةً صَحِيحَةً، أَمَّا هِيَ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا؛ لِأَنَّهَا مَالِكَةٌ لِأَمْرِهَا م ر وَيُسَلِّمُهَا لِلزَّوْجِ لَيْلًا وَنَهَارًا إلَّا إذَا فَوَّتَ عَلَيْهَا تَحْصِيلَ النُّجُومِ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا مِنْ النَّهَارِ أَيْ: وَمَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ طَرِيقٌ لِتَحْصِيلِهَا النُّجُومَ فَلَا يُقَالُ: هِيَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُحَصِّلَ النُّجُومَ حَتَّى يَمْنَعَهَا مِنْ الزَّوْجِ نَهَارًا لِتَكْتَسِبَ النُّجُومَ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُهَا الِاكْتِسَابَ إلَّا أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا نَهَارًا رُبَّمَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ. اهـ. ح ل، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُبَعَّضَةَ فَهِيَ كَالْقِنَّةِ أَيْ: إذَا لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةً وَإِلَّا فَهِيَ فِي نَوْبَةِ نَفْسِهَا كَالْحُرَّةِ وَفِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ كَالْقِنَّةِ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَائِبِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ، أَمَّا هُوَ فَلِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالْخَلْوَةُ بِهَا، وَأَمَّا نَائِبُهُ الْأَجْنَبِيُّ فَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ نَظَرٌ وَلَا خَلْوَةٌ اهـ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ النَّائِبُ ذَكَرًا ع ش. (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُهَا لِزَوْجِهَا) مُسْتَأْنَفٌ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى اسْتِخْدَامِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>