للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَ) تُعْتَبَرُ مُسَامَحَةٌ (مِنْهُنَّ) كُلِّهِنَّ أَوْ غَالِبِهِنَّ (لِنَحْوِ عَشِيرَةٍ) كَشَرِيفٍ، فَلَوْ جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِمُسَامَحَةِ مَنْ ذُكِرَ دُونَ غَيْرِهِ خَفَّفْنَا مَهْرَ هَذِهِ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ وَنَحْوٌ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَفِي وَطْءِ شُبْهَةٍ) كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَوَطْءِ أَبٍ أَمَةَ وَلَدِهِ أَوْ شَرِيكٍ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ أَوْ سَيِّدٌ مُكَاتَبَتَهُ (مَهْرُ مِثْلٍ) دُونَ حَدٍّ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ، (وَقْتَهُ) أَيْ: وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ نَظَرًا إلَى وَقْتِ الْإِتْلَافِ لَا وَقْتِ الْعَقْدِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ.

(وَلَا يَتَعَدَّدُ) أَيْ: الْمَهْرُ (بِتَعَدُّدِهِ) أَيْ: الْوَطْءِ (إنْ اتَّحَدَتْ) أَيْ الشُّبْهَةُ (وَلَمْ يُؤَدِّ) أَيْ: الْمَهْرَ (قَبْلَ تَعَدُّدِ وَطْءٍ) كَأَنْ تَعَدَّدَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لِشُمُولِ الشُّبْهَةِ لِجَمِيعِ الْوَطَآتِ، (بَلْ يُعْتَبَرُ أَعْلَى أَحْوَالٍ) لِلْوَطْءِ فَيَجِبُ مَهْرُ تِلْكَ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ إلَّا الْوَطْأَةُ فِيهَا لَوَجَبَ ذَلِكَ الْمَهْرُ، فَالْوَطَآتُ الزَّائِدَةُ إذَا لَمْ تَقْتَضِ زِيَادَةً لَا تُوجِبُ نَقْصًا، وَخَرَجَ بِالشُّبْهَةِ تَعَدُّدُ الْوَطْءِ بِدُونِهَا كَوَطْءِ مُكْرَهٍ لِامْرَأَةٍ أَوْ نَحْوِهِ كَوَطْءِ نَائِمَةٍ بِلَا شُبْهَةٍ وَبِاتِّحَادِهَا تَعَدُّدُهَا فَيَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِهِمَا؛ إذْ الْمُوجِبُ لَهُ الْإِتْلَافُ وَقَدْ تَعَدَّدَ بِلَا شُبْهَةٍ فِي الْأَوَّلِ وَبِدُونِ اتِّحَادِهَا فِي الثَّانِي، كَأَنْ وَطِئَ امْرَأَةً مَرَّةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى بِنِكَاحٍ آخَرَ فَاسِدٍ، أَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْوَاقِعَ ثُمَّ ظَنَّهَا مَرَّةً أُخْرَى زَوْجَتَهُ فَوَطِئَهَا وَبِزِيَادَتِي وَلَمْ يُؤَدِّ قَبْلَ تَعَدُّدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَالِمَيْنِ، فَزَوَّجَ الْعَالِمُ بَنِيهِ بِمِائَةٍ وَوَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِك بِتِسْعِينَ، فَإِذَا زَوَّجَ الْآخَرُ بِنْتَه تَفْوِيضًا فَإِنَّهَا تُعْتَبَرُ بِبِنْتِ غَيْرِ الْعَالِمِ فَمَهْرُهَا تِسْعُونَ. اهـ. وَصَوَّرَهَا شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ بِأَنْ نَفَى رَجُلٌ ابْنَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ، فَإِنَّهُ وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ لِنَقْصِ نَسَبِهِ فَإِذَا وُلِدَ لِهَذَا الْوَلَدِ بِنْتٌ حَصَلَ فِي نَسَبِهَا مَا يَفْتُرُ أَيْ: يُقَلِّلُ رَغْبَةً بِسَبَبِ نَفْيِ أَبِيهَا، فَإِذَا سَامَحَتْ لِنَقْصِ نَسَبِهَا وَكَانَ لَهَا بِنْتُ عَمٍّ أَبُوهَا مَنْفِيٌّ أَيْضًا وَزَوَّجْنَاهَا تَفْوِيضًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِي مَهْرِهَا مَهْرُ عَصَبَاتِهَا مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَسَبِهِنَّ نَقْصٌ كَأَنْ يَكُونَ لِأَبِيهَا أَخٌ غَيْرُ مَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وَلَهُ بَنَاتٌ فَلَا تُعْتَبَرُ بِهِنَّ بَلْ تُعْتَبَرُ بِاَلَّتِي أَبُوهَا مَنْفِيٌّ، وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: كَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ أَبُو وَاحِدَةٍ شَرِيفٌ، وَأَبُو اثْنَتَيْنِ غَيْرُ شَرِيفٍ، فَزُوِّجَتْ بِنْتُ الشَّرِيفِ بِمِائَةٍ، وَوَاحِدَةٌ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بِتِسْعِينَ، فَإِذَا زُوِّجَتْ الثَّالِثَةُ تَفْوِيضًا اُعْتُبِرَتْ بِاَلَّتِي مَهْرُهَا تِسْعُونَ دُونَ الْأُخْرَى.

(قَوْلُهُ: كُلِّهِنَّ، أَوْ غَالِبِهِنَّ) اُنْظُرْ وَجْهَ اعْتِبَارِ الْكُلِّ، أَوْ الْغَالِبِ هُنَا دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ النَّقْصَ لَمَّا دَخَلَ عَلَى النَّسَبِ فِي الْأَوَّلِ فَتَرَ الرَّغْبَةَ فَبَطَلَ النَّظَرُ إلَى مَهْرِهَا الْأَوَّلِ وَعُلِمَ بِمُسَامَحَةِ هَذِهِ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ هُوَ غَايَةُ مَا يُرْغَبُ بِهِ فِيهَا الْآنَ فَعَادَ مَهْرُ مِثْلِهَا إلَيْهِ، فَكَانَ حُكْمًا عَلَى أَمْثَالِهَا بِمَا عُلِمَ وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ، بَلْ أَمْرُهُنَّ عَلَى حَالِهِ لَوْ تَغَيَّرَ فَلَا نَظَرَ لِمُسَامَحَةِ بَعْضِهِنَّ لَا لِمُقْتَضٍ فَأُنِيطَ بِالْكُلِّ أَوْ الْغَالِبِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ عَشِيرَةٍ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ: أَنَّ شَخْصًا بِالرِّيفِ لَهُ بَنَاتٌ، زَوَّجَ بَعْضَهُنَّ بِمَهْرٍ غَالٍ جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِنَّ وَبَعْضَهُنَّ بِمِصْرَ بِدُونِ ذَلِكَ؛ لِمَا رَأَى فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَهَا مِنْ الرَّاحَةِ الَّتِي تَحْصُلُ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْقُرَى وَلِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْمُسَامَحَةِ لِلزَّوْجِ الَّذِي هُوَ مِنْ مِصْرَ، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ لَا مَانِعَ مِنْهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ لِمِثْلِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ تَزْوِيجُ وَاحِدَةٍ مِنْ أَقَارِبِ تِلْكَ النِّسْوَةِ بَعْدَ ذَلِكَ نُظِرَ فِي حَالِ الزَّوْجِ أَهُوَ مِنْ مِصْرَ فَيُسَامَحُ لَهُ أَمْ مِنْ الْقُرَى فَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْأَبِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: وَفِي وَطْءِ شُبْهَةٍ) أَيْ: مِنْهَا بِأَنْ لَا تَكُونَ زَانِيَةً، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَمَهْرُ الْمِثْلِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ) فَهَذِهِ شُبْهَةُ طَرِيقٍ وَمَا بَعْدَهُ شُبْهَةُ مَحِلٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَرِيكٍ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ) فَيَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَقَطْ، لَكِنْ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا لَزِمَهُ أَيْضًا نِصْفُ قِيمَتِهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ع ن. (قَوْلُهُ، أَوْ سَيِّدٍ مُكَاتَبَتَهُ) فِي النَّاشِرِيِّ: أَمَّا لَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ مِرَارًا فَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ، فَإِنْ حَمَلَتْ تَخَيَّرَتْ بَيْنَ أَخْذِ الْمَهْرِ وَتَكُونَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَبَيْنَ أَنْ تُعَجِّزَ نَفْسَهَا وَتَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا مَهْرَ لَهَا لِانْفِسَاخِ الْكِتَابَةِ، وَإِذَا اخْتَارَتْ الصَّدَاقَ فَوَطِئَهَا ثَانِيًا خُيِّرَتْ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَهْرَ وَجَبَ لَهَا مَهْرٌ آخَرُ، وَكَذَا سَائِرُ الْوَطَآتِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ: بِكْرٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا إلَّا إذَا وَطِئَ الْعَبْدُ أَمَةَ سَيِّدِهِ أَوْ سَيِّدَتِهِ بِشُبْهَةٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ حَرْبِيَّةً كَمَا لَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِ مَالِهَا، أَوْ مُرْتَدَّةً وَمَاتَتْ عَلَى رِدَّتِهَا ح ل وسم. (قَوْلُهُ: دُونَ حَدٍّ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ م ر وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِزَيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ تَبَعًا لحج وَنُقِلَ عَنْهُ فِي غَيْرِ الْحَاشِيَةِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ يُقْرَأُ أَرْشِ بِالْجَرِّ وَعَلَى غَيْرِهِ بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَهْرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ) أَرَادَ بِالتَّعَدُّدِ أَنْ يَحْصُلَ بِكُلِّ مَرَّةٍ قَضَاءُ الْوَطَرِ مَعَ تَعَدُّدِ الْأَزْمِنَةِ فَلَوْ نَزَعَ وَعَادَ وَالْأَفْعَالُ مُتَوَاصِلَةٌ وَلَمْ يَقْضِ وَطَرَهُ إلَّا آخِرَ مَرَّةٍ فَوِقَاعٌ وَاحِدٌ جَزْمًا، أَمَّا إذَا لَمْ تَتَوَاصَلْ الْأَفْعَالُ فَتَتَعَدَّدُ الْوَطَآتُ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَضِ وَطَرُهُ س ل وم ر. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى نَزَعَ قَاصِدًا التَّرْكَ، أَوْ بَعْدَ قَضَاءِ الْوَطَرِ ثُمَّ عَادَ تَعَدَّدَ وَإِلَّا فَلَا شَرْحُ م ر، وَعِبَارَةُ ح ل وَلَا يَتَعَدَّدُ مَا لَمْ يَنْزِعْ قَاصِدًا لِلتَّرْكِ ثُمَّ يَعُودُ وَإِلَّا كَانَ مُتَعَدِّدًا وَمِثْلُهُ م ر (قَوْلُهُ: إنْ اتَّحَدَتْ) أَيْ: شَخْصُهَا لَا جِنْسُهَا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالشُّبْهَةِ) أَيْ الَّتِي فِي قَوْلِهِ إنْ اتَّحَدَتْ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ: نَحْوِ وَطْءِ الْمُكْرَهِ. (قَوْلُهُ: كَوَطْءِ نَائِمَةٍ) لَا شُعُورَ لَهَا، أَوْ ظَنَّتْهُ زَوْجَهَا ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ) ، وَهَذِهِ شُبْهَةُ فَاعِلٍ، قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>