للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَلَكَ) الزَّوْجُ (نِصْفَهُ بِاخْتِيَارٍ) مِنْ الْمُخَيَّرِ مِنْهُمَا بِأَنْ يَتَّفِقَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَهَذَا الْخِيَارُ عَلَى التَّرَاخِي كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، لَكِنْ إذَا طَالَبَهَا الزَّوْجُ كُلِّفَتْ الِاخْتِيَارَ وَلَا يُعَيِّنُ الزَّوْجُ فِي طَلَبِهِ عَيْنًا وَلَا قِيمَةً؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُنَاقِضُ تَفْوِيضَ الْأَمْرِ إلَيْهَا بَلْ يُطَالِبُهَا بِحَقِّهِ عِنْدَهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.

(وَمَتَى رَجَعَ بِقِيمَةِ) لِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ لَهُمَا أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ (اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ مِنْ) وَقْتِ (إصْدَاقٍ إلَى) وَقْتِ (قَبْضٍ) ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَةِ وَقْتِ الْإِصْدَاقِ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهَا لَا تَعَلُّقَ لِلزَّوْجِ بِهَا، وَالنَّقْصُ عَنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِهِ فَلَا رُجُوعَ بِهِ عَلَيْهَا وَمَا عَبَّرْتُ بِهِ هُوَ مَا فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلتَّعْلِيلِ، وَلِمَا مَرَّ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ، وَاَلَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْأَقَلُّ مِنْ يَوْمَيْ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ.

(وَلَوْ أَصْدَقَ تَعْلِيمَهَا) قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ بِنَفْسِهِ، (وَفَارَقَ قَبْلَهُ تَعَذَّرَ) تَعْلِيمُهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: مَلَكَ نِصْفَهُ بِاخْتِيَارٍ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَلْ هَذَا يُخَالِفُ مَا سَبَقَ أَوَّلَ الْبَحْثِ، حَيْثُ قَالَ: يَعُودُ نِصْفُهُ إلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْهُ فَهُنَاكَ لَمْ يُشْتَرَطْ الِاخْتِيَارُ وَهُنَا قَدْ شَرَطَهُ تَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا مُحَصِّلُهُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِي الصَّدَاقِ نَقْصٌ وَلَا زِيَادَةٌ وَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ، أَوْ أَنَّ الِاخْتِيَارَ هُنَا مَعْنَاهُ الرِّضَا بِالْمُخْتَارِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَتَّفِقَا فَهَذَا تَصْوِيرٌ لِاخْتِيَارِهِمَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعْنَاهُ بِأَنْ يَرْضَى بِمَا اخْتَارَهُ، فَإِذَا حَدَثَ فِي الصَّدَاقِ نَقْصٌ فَلَا يَمْلِكُ نِصْفَ الْعَيْنِ وَلَا نِصْفَ قِيمَتِهَا إلَّا إذَا رَضِيَ بِأَحَدِهِمَا، وَأَمَّا قَبْلَ الرِّضَا فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِمِلْكِ أَحَدِهِمَا تَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: سَابِقًا وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْهُ مَعْنَاهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ اخْتِيَارٍ.

(قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) بَيَانٌ لِلْمُخَيَّرِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَّفِقَا أَيْ: عَلَى نِصْفِ الْعَيْنِ، أَوْ الْقِيمَةِ، وَهُوَ تَصْوِيرٌ لِلْخِيَارِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: كُلِّفَتْ الِاخْتِيَارَ) ، فَإِنْ أَبَتْ نَزَعَ الْقَاضِي الْعَيْنَ مِنْهَا وَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهَا، فَإِنْ أَصَرَّتْ بَاعَ الْقَاضِي مِنْهَا بِقَدْرِ الْوَاجِبِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَاعَهَا كُلَّهَا وَأَعْطَاهَا الزَّائِدَ ح ل

. (قَوْلُهُ: أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ) كَأَنْ تَلِفَ وَهُوَ فِي التَّلَفِ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَمِثْلُهُ التَّلَفُ مَعَ الْفِرَاقِ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِخِلَافِ التَّلَفِ بَعْدَهُ، فَإِنَّهَا تَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ كَالْمَبِيعِ التَّالِفِ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ، وَمَحِلُّ اعْتِبَارِهِ يَوْمَ التَّلَفِ مَا لَمْ يُطَالِبْهَا بِالتَّسْلِيمِ فَتَمْتَنِعُ وَإِلَّا ضَمِنَتْهُ بِأَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ حِينِ الِامْتِنَاعِ إلَى التَّلَفِ ح ل.

(قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتِ إصْدَاقٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ بِتَسْمِيَةٍ وَغَيْرِهَا ح ل. (قَوْلُهُ: هُوَ مَا فِي التَّنْبِيهِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ: قَوْلِهِ: لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلِمَا مَرَّ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ أَيْ: إذَا تَلِفَا، أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ مِنْ وَقْتِ بَيْعٍ إلَى وَقْتِ قَبْضٍ، وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَيُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيَمِهِمَا مِنْ بَيْعٍ إلَى قَبْضٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمَيْ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ) أَيْ: فَلَمْ يُعْتَبَرْ مَا بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ مَعَ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَصْدَقَ تَعْلِيمَهَا إلَخْ) مَفْعُولُ أَصْدَقَ الْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَصْدَقَهَا وَتَعْلِيمَ مَفْعُولُهُ الثَّانِي وَهُوَ أَيْضًا يَتَعَدَّى لِمَفْعُولَيْنِ ذَكَرَ فِي الْمَتْنِ أَوَّلَهُمَا وَهُوَ ضَمِيرُ الزَّوْجَةِ وَفِي الشَّارِحِ ثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالْإِضَافَةُ إلَى ضَمِيرِهَا قَيْدٌ، وَقَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ قَيْدٌ، وَقَوْلُهُ: قَبْلَهُ قَيْدٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ قَيْدَانِ أَنْ يَكُونَ الْقَدْرُ الْمُعَلَّمُ فِيهِ كُلْفَةٌ بِحَيْثُ يَسْتَغْرِقُ زَمَنًا كَثِيرًا وَأَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ عِنْدَ التَّعْلِيمِ فَقُيُودُ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر تَعَذُّرُ تَعْلِيمِهَا إنْ لَمْ تَصِرْ زَوْجَتَهُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، أَوْ مَحْرَمًا لَهُ بِحُدُوثِ رَضَاعٍ، أَوْ بِنِكَاحِ بِنْتِهَا وَلَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ رَشِيدَةً، وَقَدْ أَذِنَتْ فِي ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ ع ش، أَوْ أَمَةً زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا بِذَلِكَ فَانْدَفَعَ قَوْلُ ح ل، وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لِلْمُجْبَرَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُجْبِرِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمَا يُتَعَامَلُ بِهِ فِي الْبَلَدِ، وَلَوْ غَيْرَ نَقْدٍ وَفِي كَوْنِ التَّعْلِيمِ مِمَّا يُتَعَامَلُ بِهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: قُرْآنًا) أَيْ: قَدْرًا مِنْهُ فِي تَعْلِيمِهِ كُلْفَةٌ عُرْفًا، وَلَوْ دُونَ ثَلَاثِ آيَاتٍ فِيمَا يَظْهَرُ شَرْحُ م ر وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرِهِ، أَوْ يُقَدَّرُ بِالزَّمَانِ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَدْرِ وَالزَّمَانِ بَطَلَ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعِ الْقِرَاءَةِ كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ أَوْ حَفْصٍ، حَيْثُ غَلَبَ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ وَجَبَ تَعْيِينُهُ، وَإِذَا عَيَّنَ قَدْرًا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَعْلِيمِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ كَذَا قَالُوهُ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً، حَيْثُ رُجِيَ إسْلَامُهَا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ قِرَاءَتِهِ أَيْ: تِلَاوَتِهِ مُطْلَقًا ح ل، وَقَوْلُهُ: كَذَا قَالُوهُ أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهِ وَيَبْرَأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ عِلْمُ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ بِالْقَدْرِ كَمَا قَالَهُ م ر، قَالَ ع ش: وَيَكْفِي فِي عِلْمِهِمَا سَمَاعُهُمَا لَهُ مِمَّنْ يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) مِمَّا هُوَ مُبَاحٌ كَشِعْرٍ فِي تَعْلِيمِهِ كُلْفَةٌ. (قَوْلُهُ: تَعَذَّرَ) أَيْ: شَرْعًا، وَإِنْ وَجَبَ كَالْفَاتِحَةِ شَرْحُ م ر، وَمُرَادُهُ بِالتَّعَذُّرِ مَا يَشْمَلُ التَّعَسُّرَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَإِلَّا فَالتَّعْلِيمُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بِحَضْرَةِ مَنْ تَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ مُمْكِنٌ س ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ) فَهَذَا يُخَصِّصُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ لِلتَّعْلِيمِ بِغَيْرِ الْمُفَارَقَةِ وَالسُّبْكِيُّ حَمَلَ كَلَامَهُمْ السَّابِقَ عَلَى التَّعْلِيمِ الْوَاجِبِ، وَهَذَا عَلَى الْمُسْتَحَبِّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>