للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ إلَّا فِي الْأَوَّلِ (وَتُسَنُّ لَهُمَا) أَيْ لِلْعُرْسِ وَغَيْرِهِ (فِي الثَّانِي) لَكِنْ دُونَ سَنِّهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ (ثُمَّ تُكْرَهُ) فِيمَا بَعْدَهُ فَفِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» .

(وَأَنْ لَا يَدْعُوَهُ لِنَحْوِ خَوْفٍ) مِنْهُ كَطَمَعٍ فِي جَاهِهِ فَإِنْ دَعَاهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ.

(وَ) أَنْ (يُعْذَرَ كَأَنْ لَا يَدْعُوهُ آخَرُ) فَإِنْ دَعَاهُ آخَرُ قَدَّمَ الْأَسْبَقَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ رَحِمًا ثُمَّ دَارًا ثُمَّ يُقْرِعُ (وَ) كَأَنْ (لَا يَكُونُ ثَمَّ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ أَوْ تَقْبُحُ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرَاذِلِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ انْتَفَى عَنْهُ طَلَبُ الْإِجَابَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّأَذِّي أَوْ الْغَضَاضَةِ.

(وَلَا) ثُمَّ (مُنْكَرٌ) وَلَوْ عِنْدَ الْمَدْعُوِّ فَقَطْ (كَفُرُشٍ مُحَرَّمَةٍ) لِكَوْنِهَا حَرِيرًا وَالْوَلِيمَةِ لِلرِّجَالِ أَوْ كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَصُوَرِ حَيَوَانٍ مَرْفُوعَةٍ) كَأَنْ كَانَتْ عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ ثِيَابٍ مَلْبُوسَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ مَنْصُوبَةٍ هَذَا (إنْ لَمْ يَزُلْ) أَيْ الْمُنْكَرُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَدْعُوِّ وَإِلَّا وَجَبَتْ أَوْ سُنَّتْ إجَابَتُهُ إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ صُوَرُ حَيَوَانٍ مَبْسُوطَةٍ كَأَنْ كَانَتْ عَلَى بِسَاطٍ يُدَاسُ أَوْ مَخَادَّ يُتَّكَأُ عَلَيْهَا أَوْ مَرْفُوعَةً لَكِنْ قَطَعَ رَأْسَهَا، وَصُوَرُ شَجَرٍ وَشَمْسٍ وَقَمَرٍ فَلَا تَمْنَعُ طَلَبَ الْإِجَابَةِ فَإِنَّ مَا يُدَاسُ مِنْهَا وَيُطْرَحُ مُهَانٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّأَدُّبِ أَوْ الِاسْتِعْطَافِ مَعَ ظُهُورِ الرَّغْبَةِ فِي حُضُورِ الْمَدْعُوِّ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ يُحْتَاطُ لَهُ فَلَا يَكْفِي بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ، وَالْقَرِينَةُ الْمَذْكُورَةُ غَايَةُ مَا تَقْتَضِيهِ نَدْبُ الْحُضُورِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وُجُوبُ الْإِجَابَةِ حِينَئِذٍ ح ل

(قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَعَدُّدَ الْأَوْقَاتِ كَتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ إلَّا فِي الْأَوَّلِ) مَا لَمْ يَكُنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِضِيقِ مَنْزِلِهِ وَكَثْرَةِ النَّاسِ وَإِلَّا كَانَتْ كَوَلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ دَعَا النَّاسَ إلَيْهَا أَفْوَاجًا فَتَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الْإِجَابَةُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ ح ل (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ لَهُمَا فِي الثَّانِي) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ أَنَّ الشَّخْصَ يَدْعُو جَمَاعَةً وَيَعْقِدُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُهَيِّئُ طَعَامًا وَيَدْعُو النَّاسَ ثَانِيًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ. . . إلَخْ) يُتَأَمَّلُ دَلَالَةُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ لَا عَلَى وُجُوبٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا كَرَاهَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمُدَّعَى بِاللَّازِمِ وَقَوْلُهُ حَقٌّ أَيْ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا ع ش وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ أَيْ إحْسَانٌ وَمُوَاسَاةٌ اهـ عَزِيزِيٌّ وَقَوْلُهُ وَسُمْعَةٌ تَفْسِيرٌ ع ش

(قَوْلُهُ: لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ) الْمُنَاسِبُ لَمْ تُطْلَبْ مِنْهُ الْإِجَابَةُ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ لَا يَدْعُوَهُ آخَرُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَنْ لَا يُدْعَى قَبْلُ وَتَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ لُزُومِهَا فَيَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَدَمِ وَعِنْدَ لُزُومِهَا يَجِبُ الْأَسْبَقُ فَإِنْ جَاءَا مَعًا أَجَابَ الْأَقْرَبَ رَحِمًا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ: أَجَابَ الْأَقْرَبَ وَقَوْلِهِمْ: أَقْرَعَ وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ إذْ لَوْ قِيلَ بِالنَّدْبِ فَقَطْ لِتَعَارُضِ الْمُسْقِطِ لِلْوُجُوبِ لَمْ يَبْعُدْ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَدَّمَ الْأَسْبَقَ) أَيْ إنْ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ وَإِلَّا فَهِيَ كَالْعَدَمِ شَرْحُ م ر فَمَا فِي ح ل غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدَّمَ الْأَسْبَقَ أَيْ إنْ اسْتَوَيَا فِي النَّدْبِ أَوْ الْوُجُوبِ فَإِنْ سَبَقَ مَنْ تُسَنُّ إجَابَتُهُ وَتَأَخَّرَ مَنْ تَجِبُ إجَابَتُهُ قَدَّمَ الثَّانِيَ عِنْدَ م ر (قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَقْرَبَ رَحِمًا) أَيْ إنْ دَعَيَا مَعًا (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ) أَيْ لِعَدَاوَةٍ أَوْ لِزَحْمَةٍ وَلَمْ يَجِدْ سَعَةً يَأْمَنُ فِيهَا عَلَى نَحْوِ عِرْضِهِ أَوْ هُنَاكَ مَنْ يُضْحِكُ النَّاسَ بِالْفُحْشِ وَالْكَذِبِ أَوْ كَانَ ثَمَّ نِسَاءٌ يَنْظُرْنَ لِلرِّجَالِ أَوْ آلَةُ لَهْوٍ يَسْمَعُهَا أَوْ يَعْلَمُ بِأَنَّهَا تُضْرَبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِمَحَلِّ حُضُورِهِ بِأَنْ كَانَتْ بِبَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الدَّارِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِجِوَارِهِ اهـ. ح ل وَمِنْ الْعُذْرِ كَوْنُهُ أَمْرَدَ جَمِيلًا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ رِيبَةٍ أَوْ تُهْمَةٍ وَإِنْ أَذِنَ وَلِيُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ تَقْبُحُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ وَقَوْلُهُ كَالْأَرَاذِلِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَقَوْلُهُ انْتَفَى عَنْهُ طَلَبُ الْإِجَابَةِ أَيْ الشَّامِلُ لِلْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْغَضَاضَةِ) أَيْ الْمُنَقِّصَةِ مُخْتَارٌ ع ش

(قَوْلُهُ: وَلَا ثَمَّ مُنْكَرٌ) أَيْ بِمَحَلِّ الْحُضُورِ وَلَوْ عِنْدَ الْمَدْعُوِّ فَقَطْ كَشُرْبِ النَّبِيذِ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ وَالْمَدْعُوُّ شَافِعِيٌّ فَتَسْقُطُ الْإِجَابَةُ عَنْ الشَّافِعِيِّ فَقَطْ اهـ. وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي السِّيَرِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الَّذِي يُنْكِرُ بِاعْتِقَادِ الْفَاعِلِ تَحْرِيمَهُ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي وُجُوبِ الْحُضُورِ وَوُجُوبُهُ مَعَ وُجُودِ مُحَرَّمٍ فِي اعْتِقَادِهِ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ فَيَسْقُطُ الْحُضُورُ لِذَلِكَ

وَأَمَّا الْإِنْكَارُ فَفِيهِ إضْرَارٌ بِالْفَاعِلِ وَلَا يَجُوزُ إضْرَارُهُ إلَّا إذَا اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدَهُ الْمُنْكِرُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَامَلُ أَحَدٌ بِقَضِيَّةِ اعْتِقَادِ غَيْرِهِ حَجّ س ل (قَوْلُهُ: وَصُوَرِ حَيَوَانٍ) أَيْ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ بِدُونِهِ دُونَ غَيْرِهِ هَذَا إنْ كَانَتْ بِمَحَلِّ حُضُورِهِ أَوْ نَحْوِ بَابٍ وَمَمَرٍّ شَرْحُ م ر وَقَالَ ح ل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَيْ الصُّوَرِ نَظِيرٌ كَبَقَرَةٍ بِأَجْنِحَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ ثِيَابٍ مَلْبُوسَةٍ) أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ فَتَدْخُلُ الْمَوْضُوعَةُ عَلَى الْأَرْضِ شَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ حَجّ مَلْبُوسَةٍ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَتْ) أَيْ فِي الْعُرْسِ أَوْ سُنَّتْ أَيْ فِي غَيْرِهِ وَيُتَّجَهُ الْوُجُوبُ مِنْ حَيْثُ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَهِيَ سُنَّةٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا وَلِيمَةَ غَيْرِ عُرْسٍ وَوَاجِبَةٌ مِنْ حَيْثُ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ اهـ. سم (قَوْلُهُ: قَطَعَ رَأْسَهَا) أَيْ أَوْ نِصْفَهَا الْأَسْفَلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُقَالُ لَهُ حَيَوَانٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَقَ بَطْنَهَا فَإِنَّهَا تَحْرُمُ لِوُجُودِ الْمُحَاكَاةِ إذْ يُقَالُ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>