للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُبْتَذَلٌ وَغَيْرَهُ لَا يُشْبِهُ حَيَوَانًا فِيهِ رُوحٌ، بِخِلَافِ صُوَرِ الْحَيَوَانِ الْمَرْفُوعَةِ فَإِنَّهَا تُشْبِهُ الْأَصْنَامَ وَقَوْلِي مِنْهَا مَعَ ذِكْرِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَسُنَّ الْإِجَابَةُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي، وَتَعْبِيرِي بِعُمُومٍ وَبِمُحَرَّمَةٍ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ وَبِحَرِيرٍ، وَتَعْبِيرِي بِأَنْ لَا يُعْذَرَ مَعَ التَّمْثِيلِ لَهُ بِمَا بَعْدَهُ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ إذْ لَا يَنْحَصِرُ الْحُكْمُ فِيهِ إذْ مِثْلُهُ أَنْ لَا يَكُونُ الْمَدْعُوُّ قَاضِيًا وَلَا مَعْذُورًا بِمَا يُرَخِّصْ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ الدَّاعِي أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ.

(وَحَرُمَ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) وَلَوْ عَلَى أَرْضٍ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ بِلَا رَأْسٍ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ» وَيُسْتَثْنَى لُعَبُ الْبَنَاتِ؛ «لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةِ.

(وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ " فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ " وَإِذَا دُعِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ (فَإِنْ شَقَّ عَلَى دَاعٍ صَوْمُ نَفْلٍ) مِنْ الْمَدْعُوِّ (فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِ الصَّوْمِ وَإِلَّا فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ أَمَّا صَوْمُ الْفَرْضِ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَلَوْ مُوَسَّعًا كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَيُسَنُّ لِلْمُفْطِرِ الْأَكْلُ وَقِيلَ يَجِبُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَقَلُّهُ لُقْمَةٌ.

(وَلِضَيْفٍ أَكْلٌ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ) مِنْ مُضَيِّفِهِ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا فِي الشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَاتِ فِي الطُّرُقِ (إلَّا أَنْ يَنْتَظِرَ) الدَّاعِي (غَيْرَهُ) فَلَا يَأْكُلُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَيَوَانٌ فَتَمْنَعُ طَلَبَ الْحُضُورِ وَقِيلَ إنَّهَا لَا تَحْرُمُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعِيشُ مَعَ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا لَا تَمْنَعُ طَلَبَ الْحُضُورِ، حَرِّرْ (قَوْلُهُ: مُبْتَذَلٌ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهَا وَالنَّظَرُ إلَيْهَا ح ل

(قَوْلُهُ: أَعَمُّ وَأَوْلَى) الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا رَاجِعَانِ لِكُلٍّ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْأَصْلِ: أَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا خَصَّ غَيْرَهُمْ وَيُوهِمُ أَنَّهُ إذَا خَصَّ غَيْرَهُمْ تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا فِيهِ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا إذَا خَصَّ الْفُقَرَاءَ كَمَا قَالَهُ زي فَكَلَامُ الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ وَقَوْلُهُ أَيْضًا: حَرِيرٍ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْفِرَاشُ مَغْصُوبًا وَيُوهِمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْفِرَاشُ حَرِيرًا وَالْوَلِيمَةُ لِلنِّسَاءٍ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَلَيْسَ مُرَادًا بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُحَرَّمَةٌ اهـ. شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ) أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ حَرَامًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ لَا تُكْرَهُ مُعَامَلَتُهُ وَمُؤَاكَلَتُهُ إلَّا حَيْثُ كَانَ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْوُجُوبِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْكَرَاهَةِ ح ل

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى) أَيْ مِنْ حُرْمَةِ التَّصْوِيرِ تَصْوِيرُ لُعَبِ الْبَنَاتِ فَلَا يَحْرُمُ تَصْوِيرُهَا وَهِيَ جَمْعُ لُعْبَةٍ كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ اسْمٌ لِلشَّكْلِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْبَنَاتُ عَرُوسَةً وَقَوْلُهُ كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَهُ أَيْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا بِحُضُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ تَزْوِيجِهَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَكَسَّرَ الصُّوَرَ وَقَالَ ح ل فِي بَيْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(قَوْلُهُ: وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ قَالَ م ر وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ دَعَاهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَالْمَدْعُوُّونَ كُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ صَائِمُونَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا إلَّا مُجَرَّدَ نَظَرِ الطَّعَامِ وَالْجُلُوسُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ مُشِقٌّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا دَعَاهُمْ آخِرَ النَّهَارِ تَجِبُ الْإِجَابَةُ (قَوْلُهُ: فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ) أَيْ وَالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَنْزِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ لَكِنَّ الدُّعَاءَ لَهُمْ لَا سِيَّمَا بِالْمَأْثُورِ سُنَّةٌ لِلْمُفْطِرِ أَيْضًا فَذِكْرُ الصَّائِمَ هُنَا لَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ آكَدَ مِنْهُ جَبْرًا لَهُمْ لِمَا فَاتَهُمْ مِنْ بَرَكَةِ أَكْلِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الدُّعَاءُ لِلْآكِلِينَ جَبْرًا لَهُمْ لِمَا فَاتَهُمْ مِنْ بَرَكَةِ صَوْمِهِ اهـ. حَجّ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَقِيلَ الْمُرَادُ الصَّلَاةُ الشَّرْعِيَّةُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِيَحْصُلَ لَهُ فَضْلُهَا وَيَتَبَرَّكَ أَهْلُ الْمَكَانِ وَالْحَاضِرُونَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ إلَخْ) مَا لَمْ يَخْشَ الرِّيَاءَ وَإِلَّا كُرِهَ وَفَائِدَةُ هَذَا الْقَوْلِ رَجَاءُ أَنْ يَعْذُرَهُ الدَّاعِي فَيَتْرُكَهُ فَتَسْقُطَ عَنْهُ الْإِجَابَةُ (قَوْلُهُ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ) وَيُنْدَبُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَنْوِيَ بِفِطْرِهِ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَلِضَيْفٍ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ حَضَرَ طَعَامَ غَيْرِهِ بِدَعْوَةٍ وَلَوْ عَامَّةً أَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِرِضَا رَبِّ الطَّعَامِ ق ل وَحَقِيقَتُهُ الْغَرِيبُ، وَمِنْ ثَمَّ تَأَكَّدَتْ ضِيَافَتُهُ وَإِكْرَامُهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا، وَالضَّيْفُ سُمِّي بِاسْمِ مَلَكٍ يَأْتِي بِرِزْقِهِ لِأَهْلِ الْمَنْزِلِ قَبْلَ مَجِيئِهِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَيُنَادِي فِيهِمْ هَذَا رِزْقُ فُلَانٍ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرُ مَأْخُوذٌ مِنْ الضِّيَافَةِ وَهِيَ الْإِكْرَامُ فَلَوْ دَعَا عَالِمًا أَوْ صُوفِيًّا فَحَضَرَ بِجَمَاعَتِهِ حَرُمَ حُضُورُ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ مِنْهُمْ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ [تَنْبِيهٌ]

الرَّاجِحُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّعَامَ بِوَضْعِهِ فِي فِيهِ لَكِنْ مِلْكَ مُرَاعَاةٍ وَقِيَاسُ مِلْكِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ ابْتِلَاعِهِ مَلَكَهُ وَارِثُهُ أَيْ مِلْكًا مُطْلَقًا حَتَّى يَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَحْوِ بَيْعِهِ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ فِيهِ قَهْرًا أَوْ اخْتِيَارًا فَهَلْ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ، وَهَلْ مَا ذَكَرَ مِنْ مِلْكِهِ بِوَضْعِهِ فِي فِيهِ خَاصٌّ بِالْحُرِّ أَوْ شَامِلٌ لِلرَّقِيقِ وَيُخَصُّ قَوْلُهُمْ إنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَلَوْ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ بِالْمِلْكِ غَيْرِ الْمُرَاعَى بِخِلَافِهِ كَمَا هُنَا شَوْبَرِيٌّ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَتِمُّ مِلْكُهُ بِالِازْدِرَادِ فَلَوْ عَادَ قَبْلَهُ رَجَعَ لِمَالِكِهِ (قَوْلُهُ: مِمَّا قُدِّمَ) أَفَادَ التَّعْبِيرُ بِمِنْ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ جَمِيعَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>