الْفَرَائِضِ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ عِنْدَ الْغُرُوبِ دُونَ مَا عَدَاهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَإِذَا اغْتَسَلَتْ لَا يَلْزَمُهَا الْمُبَادَرَةُ لِلصَّلَاةِ، لَكِنْ لَوْ أَخَّرَتْ لَزِمَهَا الْوُضُوءُ حَيْثُ يَلْزَمُ الْمُسْتَحَاضَةَ الْمُؤَخَّرَةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَى ذَاتِ التَّقَطُّعِ فِي النَّقَاءِ إذَا اغْتَسَلَتْ فِيهِ
(وَتَصُومُ رَمَضَانَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا جَمِيعَهُ (ثُمَّ شَهْرًا كَامِلًا) أَيْ: تَأْتِيَ بَعْدَ رَمَضَانَ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا بِثَلَاثِينَ مُتَوَالِيَةً فَقَوْلِي كَامِلًا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: كَامِلَيْنِ (فَيَبْقَى) عَلَيْهَا (يَوْمَانِ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ لَمْ تَعْتَدْ الِانْقِطَاعَ لَيْلًا) بِأَنْ اعْتَادَتْهُ نَهَارًا أَوْ شَكَّتْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَحِيضَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَيَطْرَأَ الدَّمُ فِي يَوْمٍ وَيَنْقَطِعَ فِي آخَرَ فَيَفْسُدُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ كُلٍّ مِنْ الشَّهْرَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَادَتْ الِانْقِطَاعَ لَيْلًا، فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهَا شَيْءٌ وَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهَا يَوْمَانِ (فَتَصُومُ لَهُمَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) يَوْمًا (ثَلَاثَةً أَوَّلَهَا وَثَلَاثَةً آخِرَهَا) فَيَحْصُلَانِ لِأَنَّ الْحَيْضَ إنْ طَرَأَ فِي الْأَوَّلِ مِنْهَا فَغَايَتُهُ أَنْ يَنْقَطِعَ فِي السَّادِسَ عَشَرَ فَيَصِحُّ لَهَا الْيَوْمَانِ الْأَخِيرَانِ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الثَّانِي صَحَّ الطَّرَفَانِ، أَوْ فِي الثَّالِثِ صَحَّ الْأَوَّلَانِ، أَوْ فِي السَّادِسَ عَشَرَ صَحَّ الثَّانِي وَالثَّالِثُ، أَوْ فِي السَّابِعَ عَشَرَ صَحَّ السَّادِسَ عَشْرَ وَالثَّالِثُ، أَوْ فِي الثَّامِنِ عَشَرَ صَحَّ اللَّذَانِ قَبْلَهُ وَيَحْصُلُ الْيَوْمَانِ أَيْضًا بِأَنْ تَصُومَ لَهُمَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ وَاثْنَيْنِ آخِرَهَا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ اثْنَيْنِ أَوَّلَهَا وَاثْنَيْنِ آخِرَهَا وَاثْنَيْنِ وَسَطَهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَإِنْ أَخَّرَتْ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَجَبَ الْوُضُوءُ ع ش. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ) فِيهِ أَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهَا عَلِمَتْ الِانْقِطَاعَ عِنْدَ الْغُرُوبِ فَلِمَ عَبَّرَ بِالِاحْتِمَالِ؟ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِهِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ عَادَتِهَا لَكِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالظَّنِّ لَا بِالِاحْتِمَالِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا اغْتَسَلَتْ) أَيْ الْمُتَحَيِّرَةُ سَوَاءٌ عَلِمَتْ وَقْتَ الِانْقِطَاعِ أَوْ لَا ع ش. (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهَا الْمُبَادَرَةُ لِلصَّلَاةِ) بِخِلَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ يَلْزَمُهَا الْمُبَادَرَةُ لِلصَّلَاةِ عَقِبَ الْوُضُوءِ لِمَا فِي الْمُبَادَرَةِ مِنْ تَقْلِيلِ الْحُدُوثِ، وَالْغُسْلِ إنَّمَا وَجَبَ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ وَلَا يُمْكِنُ تَكَرُّرُهُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ. وَأَمَّا احْتِمَالُ وُقُوعِ الْغُسْلِ فِي الْحَيْضِ وَالِانْقِطَاعِ بَعْدَهُ فَلَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ بَادَرَتْ أَمْ لَا شَرْحُ الْبَهْجَةِ. (قَوْلُهُ حَيْثُ يَلْزَمُ الْمُسْتَحَاضَةُ) أَيْ بِأَنْ أَخَّرَتْ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بِمَا يَقْطَعُ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ م ر ع ش. وَالْمُرَادُ بِالْمُسْتَحَاضَةِ هُنَا غَيْرُ الْمُتَحَيِّرَةِ لِيَصِحَّ قِيَاسُ هَذِهِ عَلَيْهَا إذْ هِيَ أَيْضًا مُسْتَحَاضَةٌ. (قَوْلُهُ وَمَعْلُومٌ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا تَقْيِيدٌ آخَرُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ لِكُلِّ فَرْضٍ بَعْدَ أَنْ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ إنْ جَهِلَتْ وَقْتَ انْقِطَاعٍ أَيْ وَمَحَلُّ وُجُوبِ غَسْلِهَا لِكُلِّ فَرْضٍ إنْ لَمْ يَسَعْ زَمَنُ النَّقَاءِ صَلَاتَيْنِ وَاغْتَسَلَتْ لِلْأُولَى اهـ. (قَوْلُهُ لَا غُسْلٍ) أَيْ وَلَا وُضُوءٍ شَوْبَرِيٌّ أَيْ ثَانِيًا عَلَى ذَاتِ التَّقَطُّعِ فِي النَّقَاءِ أَيْ لَا تُكَرِّرُ الْغُسْلَ فِي النَّقَاءِ، فَإِذَا كَانَ زَمَنُ النَّقَاءِ يَسَعُ صَلَاتَيْنِ مَثَلًا وَاغْتَسَلَتْ لِلْأُولَى لَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِلصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا ح ل، أَيْ وَلَا يُنْدَبُ بَلْ لَوْ قِيلَ بِحُرْمَتِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ تَعَاطٍ لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ ع ش.
(قَوْلُهُ رَمَضَانَ) يُقْرَأُ فِي الْمَتْنِ بِمَنْعِ الصَّرْفِ كَمَا هُوَ الْمَحْظُوظُ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الصَّرْفِ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ رَمَضَانُ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا، وَهَذَا لَمْ يَرِدْ بِهِ ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ رَمَضَانُ مِنْ أَيِّ سَنَةٍ كَانَتْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَانِعُ لِرَمَضَانَ مِنْ الصَّرْفِ الْعَلَمِيَّةُ وَالزِّيَادَةُ وَالْعَلَمِيَّةُ بَاقِيَةٌ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مِنْ أَيِّ سَنَةٍ فَهُوَ مَعْرِفَةٌ دَائِمَةً؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا بَيْنَ شَعْبَانَ وَشَوَّالٍ مِنْ جَمِيعِ السِّنِينَ ع ش عَلَى م ر، أَيْ فَهُوَ عَلَمُ جِنْسٍ.
(قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ كَامِلَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ رَمَضَانَ قَدْ لَا يَكُونُ كَامِلًا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا عَبَّرَ بِكَامِلَيْنِ لِقَوْلِهِ فَيَحْصُلُ مِنْ كُلِّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ع ش، وَعِبَارَةُ م ر فَالْكَمَالُ فِي رَمَضَانَ قَيْدٌ لِغَرَضِ حُصُولِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ لَا لِبَقَاءِ الْيَوْمَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَمَا لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهَا شَيْءٌ إذَا عَلِمَتْ أَنَّ الِانْقِطَاعَ كَانَ لَيْلًا لِوُضُوحِهِ أَيْضًا. اهـ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَعْتَدَّ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ التَّخَيُّرِ. (قَوْلُهُ فَيَفْسُدُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا) فَيَحْصُلُ لَهَا مِنْ كُلِّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ إنْ كَانَ رَمَضَانُ كَامِلًا وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالْمَقْضِيُّ مِنْهُ بِكُلِّ حَالٍ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا ح ل. (قَوْلُهُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) هِيَ تُكْتَبُ بِالْأَلِفِ إنْ كَانَ فِيهَا تَاءُ التَّأْنِيثِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا بِأَنْ كَانَ الْمَعْدُودُ مُؤَنَّثًا نُظِرَ إنْ أَتَيْت بِالْيَاءِ فَقُلْت ثَمَنِي عَشَرَةَ فَبِغَيْرِ أَلِفٍ وَإِلَّا فَبِأَلِفٍ، نَحْوُ ثَمَانِ عَشَرَةَ قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي أَدَبِ الْكَاتِبِ سم ع ش. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةٌ أَوَّلُهَا إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنْ تَصُومَ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهَا مُتَوَالِيًا مِنْ أَوَّلِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمَعَ سَابِعَ عَشَرَهَا وَتَضُمُّ إلَى ذَلِكَ يَوْمَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي أَوَّلًا وَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرُ بِالثَّانِي، وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَجْرِي فِي قَضَاءِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَمَا دُونَهَا كَمَا يَظْهَرُ لِلْمُتَأَمِّلِ شَوْبَرِيٌّ، (قَوْلُهُ صَحَّ الطَّرَفَانِ) أَيْ الْأَوَّلُ وَالثَّامِنَ عَشَرَ ع ش.
(قَوْلُهُ صَحَّ الثَّانِي وَالثَّالِثُ) لِأَنَّا إذَا فَرَضْنَا أَنَّ السَّادِسَ عَشَرَ الَّذِي طَرَأَ فِيهِ الْحَيْضُ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ الَّذِي قَبْلَهُ طَرَأَ فِي سَادِسَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ وَحِينَئِذٍ يَسْتَمِرُّ إلَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَيَفْسُدُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ انْقَطَعَ فِي أَثْنَائِهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ صَحَّ السَّادِسَ عَشَرَ وَالثَّالِثُ) أَيْ وَفَسَدَ الْأَوَّلَانِ مِنْ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ وَالْأَخِيرَانِ مِنْهَا لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ وَاقِعَانِ فِي حَيْضِ الشَّهْرِ السَّابِقِ وَالْأَخِيرَانِ وَاقِعَانِ فِي حَيْضِ الشَّهْرِ اللَّاحِقِ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ وَاثْنَيْنِ وَسْطَهَا) وَهُمَا التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَاثْنَيْنِ وَسْطَهَا أَيْ لَيْسَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute