للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنِيِّهَا وَلَبَنِهَا وَعَرَقِهَا كَأَنْ قَالَ: رِيقُك أَوْ مَنِيُّك أَوْ لَبَنُك أَوْ عَرَقُك طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْزَاءَ؛ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ، وَبِالْمُتَّصِلِ بِهَا مَا لَوْ قَالَ: لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ مَثَلًا، وَإِنْ الْتَصَقَتْ بِمَحَلِّهَا يَمِينُك طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ؛ لِفُقْدَانِ الْجُزْءِ الَّذِي يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ

. (وَ) شُرِطَ (فِي الْوِلَايَةِ) أَيْ: عَلَى الْمَحَلِّ (كَوْنُ الْمَحَلِّ مِلْكًا لِلْمُطَلِّقِ، فَلَا يَقَعُ وَلَوْ مُعَلَّقًا عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ كَبَائِنٍ) فَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ إنْ نَكَحْتُكِ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ، أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا بِنِكَاحِهَا، وَلَا بِدُخُولِهَا الدَّارَ بَعْدَ نِكَاحِهَا؛ لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ مِنْ الْقَائِلِ عَلَى الْمَحَلِّ وَقَدْ قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ

. (وَصَحَّ) الطَّلَاقُ (فِي رَجْعِيَّةٍ) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ

(وَ) صَحَّ (تَعْلِيقُ عَبْدٍ ثَالِثَةٍ كَأَنْ عَتَقْت أَوْ) إنْ (دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ إذَا عَتَقَ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلثَّالِثَةِ حَالَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَصْلَ النِّكَاحِ، وَهُوَ يُفِيدُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ، وَقَدْ وُجِدَتْ

. (وَلَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ، فَبَانَتْ ثُمَّ نَكَحَهَا وَوُجِدَتْ لَمْ يَقَعْ) لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ، وَإِلَّا فَلِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الَّذِي عُلِّقَ فِيهِ، وَتَعْبِيرِي بِصِفَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

؛ لِأَنَّهُ عَرْضٌ لَا جَوْهَرٌ م ر وَالْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ وَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ وَالنَّفَسُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَالِاسْمُ إلَّا إنْ أَرَادَ بِهِ الْمُسَمَّى، وَكَذَا السِّمَنُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الشَّحْمِ إذَا أُضِيفَ الطَّلَاقُ إلَيْهِ، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَنَّهُ يَقَعُ بِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ أَيْ: السِّمَنِ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّحْمِ. اهـ زي، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ السِّمَنَ لَيْسَ مَعْنًى بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَالشَّحْمِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنِيِّهَا وَلَبَنِهَا) لِأَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا فَقَدْ تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ) صَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ فَيَقْتَضِي وُقُوعُهُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ، أَوْ الْمِرْفَقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْيَدَ هَلْ تُطْلَقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَوْ لَا؟ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا تُطْلَقُ إلَى الْمَنْكِبِ فَمَتَى بَقِيَ جُزْءٌ مِنْ مُسَمَّى الْيَدِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِإِضَافَتِهِ لَهُ وَإِنْ قَلَّ. (قَوْلُهُ: لِفِقْدَانِ الْجُزْءِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَلَّتْهُ الْحَيَاةُ لَكِنْ رُبَّمَا يُنَافِيهِ التَّعْلِيلُ؛ لِأَنَّ الَّذِي حَلَّتْهُ الْحَيَاةُ يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا انْفَصَلَ صَارَ غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، وَفِي كَلَامِ حَجّ لِأَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ اهـ ح ل قَالَ م ر أَمَّا لَوْ قُطِعَتْ يَمِينُهَا، وَالْتَصَقَتْ بِحَرَارَةِ الدَّمِ فَإِنْ خُشِيَ مِنْ فَصْلِهَا مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ وَكَانَتْ كَالْمُتَّصِلَةِ، وَإِنْ لَمْ يُخْشَ مِنْ الْفَصْلِ الْمَحْذُورُ الْمُتَقَدِّمُ فَلَا. اهـ، وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: فَلَا يَقَعُ أَيْ: وَإِنْ أَعَادَتْهَا، وَالْتَصَقَتْ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ؛ لِأَنَّهَا حَالَةَ الْحَلِفِ مَعْدُومَةٌ فَإِنْ كَانَتْ مُلْتَصِقَةً حَالَةَ الْحَلِفِ فَإِنْ خِيفَ مِنْ إزَالَتِهَا مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ شَيْخِنَا م ر، وَالْأُذُنُ وَالشَّعْرُ كَالْيَدِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْلِيلَ شَيْخِنَا م ر فِي الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا مَوْقِعَ لَهُ هُنَا فَرَاجِعْهُ اهـ

. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي الْوِلَايَةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ نَفْسُ الْوِلَايَةِ فَلَا يَحْسُنُ جَعْلُهُ شَرْطًا لَهَا. (قَوْلُهُ: مِلْكًا لِلْمُطَلِّقِ) أَيْ: مِلْكَ انْتِفَاعٍ أَيْ: لَأَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا أَنْ لَا تَكُونَ الْمُطَلَّقَةُ زَوْجَةً فِيمَا كَانَ، وَلَا فِيمَا يَكُونُ ح ل وَمِنْ الشَّرْطِ السَّابِقِ فِي الْمَحَلِّ كَوْنُ الْمُطَلَّقَةِ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَا يُقَالُ: كَانَ يَكْتَفِي بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ هَذَا نَعَمْ لَوْ قُيِّدَتْ الزَّوْجَةُ بِكَوْنِهَا زَوْجَةً لِلْمُطَلِّقِ حَالَ الطَّلَاقِ اُسْتُغْنِيَ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» أَخَّرَهُ عَنْ الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَصًّا فِي الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ نَفْيَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ أَيْ: إنْشَائِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا، وَيَحْتَمِلُ نَفْيَ وُقُوعِهِ بَعْدَ وُجُودِ صِيغَتِهِ قَبْلَ النِّكَاحِ، فَيَشْهَدُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُتَقَدِّمُ إنْشَاؤُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ شَيْخُنَا

. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ تَعْلِيقُ عَبْدٍ ثَالِثَةً) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلِغَيْرِهِ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّهُ تَقْيِيدٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ) أَوْ مَعَهُ بِأَنْ قَارَنَ الدُّخُولَ لَفْظُ الْعِتْقِ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلشَّارِحِ ح ل، وَعِبَارَةُ زي قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ أَفْهَمَ قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ أَنَّهُ لَوْ قَارَنَ الدُّخُولَ لَفْظُ الْعِتْقِ لَمْ تَقَعْ الثَّالِثَةُ، وَقَدْ تُشْكِلُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْبَيْعِ: إنَّهُ بِآخِرِ الصِّيغَةِ يَتَبَيَّنُ مِلْكُهُ مِنْ أَوَّلِهَا، فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ بِآخِرِ لَفْظِ الْعِتْقِ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِمِلْكِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ أَوَّلِهِ، وَهُوَ مُقَارِنٌ لِلدُّخُولِ فِي صُورَتِنَا حَجّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَصْلَ النِّكَاحِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَمْلِكُ الثَّالِثَةَ حَالَ التَّعْلِيقِ فَكَيْفَ صَحَّ تَعْلِيقُهَا؟ ، وَلَوْ عَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ عَلَى الْعِتْقِ مَلَكَ الثَّالِثَةَ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُمَا حِينَ الْحُرِّيَّةِ

. (قَوْلُهُ: فَبَانَتْ) أَيْ: بِخُلْعٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالْفَسْخِ (قَوْلُهُ: لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالصِّفَةِ) فِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْحَلُّ بِالْبَيْنُونَةِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: بِالصِّفَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْيَمِينِ وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحِبَةِ أَيْ: لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ الْمَصْحُوبَةِ بِالصِّفَةِ، وَهَذَا الِانْحِلَالُ بِالْبَيْنُونَةِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ، إنْ وُجِدَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ؛ لِأَنَّ انْحِلَالَهَا حِينَئِذٍ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولٍ مَثَلًا فَبَانَتْ ثُمَّ نَكَحَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ يَقَعْ إنْ دَخَلَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَدْخُلْ فِيهَا فِي الْأَظْهَرِ قَالَ م ر: وَالثَّانِي يَقَعُ لِقِيَامِ النِّكَاحِ فِي حَالَتَيْ التَّعْلِيقِ وَالصِّفَةِ وَتَخَلُّلُ الْبَيْنُونَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>