وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَعَدَدٌ تَخَيَّرَتْ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْعُذْرِ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عَسِرَةٌ مُوحِشَةٌ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا تَخْرُجُ) مِنْهُ وَلَوْ رَجْعِيَّةً (وَلَا تَخْرُجُ) هِيَ مِنْهُ وَلَوْ وَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى خُرُوجِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ وَعَلَى الْحَاكِمِ الْمَنْعُ مِنْهُ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ قَالَ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: ١] وَمَا ذَكَرْته فِي الرَّجْعِيَّةِ هُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَالْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ (إلَّا لِعُذْرٍ كَشِرَاءِ غَيْرِ مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ) عَلَى الْمُفَارِقِ (نَحْوَ طَعَامٍ) كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ (نَهَارًا وَغَزْلِهَا وَنَحْوِهِ) كَحَدِيثِهَا وَتَأَنُّسِهَا (عِنْدَ جَارَتِهَا لَيْلًا إنْ) رَجَعَتْ وَ (بَاتَتْ بِبَيْتِهَا) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، أَمَّا مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ كَرَجْعِيَّةٍ وَحَامِلٍ بَائِنٍ فَلَا يَخْرُجَانِ لِذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ كَالزَّوْجَةِ إذْ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمَا نَعَمْ لِلثَّانِيَةِ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ.
(وَكَخَوْفٍ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مِنْ نَحْوِ هَدْمٍ وَغَرَقٍ وَفَسَقَةٍ مُجَاوِرِينَ لَهَا وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهَا (وَشِدَّةِ تَأَذِّيهَا بِجِيرَانٍ أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ شِدَّةِ تَأَذِّيهمْ بِهَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَذَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِخِلَافِ الْحَضَرِيَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِقَامَةُ وَإِنْ لَمْ تُسَاعِدْهُ الْعِلَّةُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِينَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ الْأَهْلِ فَلَوْ عَادُوا لَزِمَهَا الْعَوْدُ ح ل (قَوْلُهُ: وَعَدَدٌ) أَيْ: كَثْرَةٌ فَهُوَ عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعِ عِدَّةٍ. (قَوْلُهُ وَلَوْ رَجْعِيَّةً) لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: لِلزَّوْجِ إخْرَاجُهَا وَإِسْكَانُهَا حَيْثُ شَاءَ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحَاكِمِ الْمَنْعُ مِنْهُ) أَيْ: الْمَذْكُورِ مِنْ الْخُرُوجِ وَالْإِخْرَاجِ اللَّذَيْنِ فِي الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعَلَى الْحَاكِمِ وَلِقَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ قَالَ ح ل وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ السُّكْنَى أَوْ مِنْ شَيْءٍ مِنْهَا لَا يَسْقُطُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ) فَكَمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ أَصْلِ الْعِدَّةِ بِاتِّفَاقِهِمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ تَوَابِعِهِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: هُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: نَهَارًا) ، أَمَّا اللَّيْلُ وَلَوْ أَوَّلَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فَلَا تَخْرُجُ فِيهِ مُطْلَقًا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْفَسَادِ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنهَا ذَلِكَ نَهَارًا أَيْ: وَأَمِنَتْ كَمَا بَحَثَهُ أَبُو زُرْعَةَ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَغَزْلِهَا وَنَحْوِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا وَتَأْنَسُ بِهِ لَكِنْ قَالَ حَجّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا وَيُؤَانِسُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ ع ش عَلَى م ر، وَسِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلَّتِي لَا نَفَقَةَ لَهَا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ لَهَا النَّفَقَةَ لَا تَخْرُجُ لِجَارَتِهَا لِلْغَزْلِ وَنَحْوِهِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا صَنِيعُهُ فِي الْمَفْهُومِ حَيْثُ أَخَّرَهُ عَنْ هَذَا أَيْضًا لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ الْآتِيَ فِيهِ بِقَوْلِهِ إذْ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمَا يُبْعِدُ تَقْيِيدَ الْخُرُوجِ لِلْجَارَةِ بِمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا إذْ لَا عَلَاقَةَ لِلْخُرُوجِ لِلْغَزْلِ وَالتَّأَنُّسِ وَنَحْوِهِمَا بِالنَّفَقَةِ وَعَدَمِهَا وَذَكَرَ حَجّ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ غَيْرَ مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْخُرُوجِ لِلْغَزْلِ عِنْدَ الْجَارَةِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا فَالضَّمِيرُ فِي غَزْلِهَا لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا لَكِنَّ صَنِيعَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَصَنِيعِهِ هُنَا وَمِثْلُهُمَا م ر (قَوْلُهُ: عِنْدَ جَارَتِهَا) أَيْ: الْمُلَاصِقَةِ لَهَا وَمُلَاصِقَةِ الْمُلَاصِقَةِ لَا مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ ح ل.
(قَوْلُهُ لَيْلًا) أَيْ: حِصَّةً مِنْهُ لَمْ تَكُنْ مُعْظَمَهُ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَدَّثَ عِنْدَ جَارَتِهَا مُعْظَمَ اللَّيْلِ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ شُهْبَةَ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِلْعَادَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ حَجّ كَشَيْخِنَا ح ل. (قَوْلُهُ: وَبَاتَتْ بِبَيْتِهَا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لَهَا صِنَاعَةٌ تَقْتَضِي خُرُوجَهَا بِاللَّيْلِ كَالْمُسَمَّاةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْعَامِلَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَحْتَجْ لِلْخُرُوجِ فِي تَحْصِيلِ نَفَقَتِهَا وَإِلَّا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَحَامِلٍ بَائِنٍ) أَيْ: بِغَيْرِ وَفَاةٍ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَلَوْ حَامِلًا فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا شَوْبَرِيٌّ وَح ل. (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ) هِيَ ظَاهِرٌ بِنَاءً فِي الرَّجْعِيَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَاوِي أَنَّهُ يَسْكُنُهَا حَيْثُ شَاءَ أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْكِنُهَا فِي غَيْرِ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ فَيُشْكِلُ لِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَسْقُطُ بِإِذْنِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَسَامَحُوا فِيهِ لِعَدَمِ الْمُفَارَقَةِ لِلْمَسْكَنِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتُعَدُّ مُلَازِمَةً لَهُ عُرْفًا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لِلثَّانِيَةِ) وَكَذَا الْأُولَى كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا لِضَعْفِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَنْ يَقْضِي حَاجَتَهَا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ لِذَلِكَ ح ل وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُكَفِّيَةٌ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهَا أَيْ الرَّجْعِيَّةَ لَوْ احْتَاجَتْ لِلْخُرُوجِ لِشِرَاءِ قُطْنٍ أَوْ تَأْنَسَ بِجَارَتِهَا لَيْلًا جَازَ.
. (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) أَوْ اخْتِصَاصٍ م ر. (قَوْلُهُ أَوْ مَالٍ) أَيْ: وَلَوْ لِغَيْرِهَا وَإِنْ قَلَّ اهـ ب ر. (قَوْلُهُ: بِجِيرَانٍ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَارِ هُنَا مُلَاصِقٌ أَوْ مُلَاصِقَةٌ وَنَحْوُهُ كَالْمُقَابِلِ لَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ شَرْحُ م ر. أَقُولُ لَوْ اُعْتُبِرَ بِالْعُرْفِ كَمَا يَأْتِي فِي رَفْعٍ لِذِمِّيٍّ بِنَاءَهُ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ الْمُسْلِمِ لَكَانَ قَرِيبًا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ شِدَّةِ تَأَذِّيهمْ بِهَا) وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ تَأَذِّيهِمْ مِنْ أَمْرٍ لَمْ تَتَعَدَّ بِهِ وَإِلَّا أُجْبِرَتْ عَلَى تَرْكِهِ وَلَمْ يَحِلَّ لَهَا الِانْتِقَالُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute