للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَسِيرِ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ وَهُمْ أَقَارِبُ الزَّوْجِ نَعَمْ إنْ اشْتَدَّ أَذَاهَا بِهِمْ أَوْ عَكْسُهُ وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً نَقَلَهُمْ الزَّوْجُ عَنْهَا، وَخَرَجَ بِالْجِيرَانِ مَا لَوْ طَلُقَتْ بِبَيْتِ أَبَوَيْهَا وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا فَلَا نَقْلَ؛ لِأَنَّ الْوَحْشَةَ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمَا.

(وَلَوْ انْتَقَلَتْ لِبَلَدٍ أَوْ مَسْكَنٍ بِإِذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ (فَوَجَبَتْ عِدَّةٌ وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهَا) إلَيْهِ (اعْتَدَّتْ فِيهِ) لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمُقَامِ فِيهِ سَوَاءً أَحَوَّلَتْ الْأَمْتِعَةَ مِنْ الْأُوَلِ أَمْ لَا (أَوْ) انْتَقَلَتْ لِذَلِكَ (بِلَا إذْنٍ فَفِي الْأَوَّلِ) تَعْتَدُّ وَإِنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا لِلثَّانِي لِعِصْيَانِهَا بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ انْتِقَالِهَا أَنْ تُقِيمَ فِي الثَّانِي فَكَمَا لَوْ انْتَقَلَتْ بِالْإِذْنِ (كَمَا لَوْ أَذِنَ) فِي الِانْتِقَالِ (فَوَجَبَتْ) أَيْ الْعِدَّةُ (قَبْلَ خُرُوجِهَا) فَتَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ.

(أَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنٍ) لِحَاجَتِهَا أَوْ لِحَاجَتِهِ كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَتِجَارَةٍ وَاسْتِحْلَالٍ مِنْ مَظْلِمَةٍ وَرَدِّ آبِقٍ أَوْ لَا لِحَاجَتِهِمَا كَنُزْهَةٍ وَزِيَارَةٍ (فَوَجَبَتْ فِي طَرِيقٍ فَعَوْدُهَا أَوْلَى) مِنْ مُضِيِّهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ؛ لِأَنَّ فِي قَطْعِ الْمَسِيرِ مَشَقَّةً ظَاهِرَةً وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فِي سَيْرِهَا مَضَتْ أَوْ عَادَتْ.

(وَيَجِبُ) أَيْ عَوْدُهَا (بَعْدَ انْقِضَاءِ حَاجَتِهَا) إنْ سَافَرَتْ لَهَا (أَوْ) بَعْدَ انْقِضَاءِ (مُدَّةِ الْإِذْنِ) إنْ قَدَّرَ لَهَا مُدَّةً (أَوْ) مُدَّةِ (إقَامَةِ الْمُسَافِرِ) إنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهَا مُدَّةً فِي سَفَرِ غَيْرِ حَاجَتِهَا لِتَعْتَدَّ لِلْبَقِيَّةِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ وَبَعْضُهَا فِي الْأَوَّلِ عَمَلًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (كَوُجُوبِهَا بَعْدَ وُصُولِهَا) الْمَقْصِدَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَوْدُهَا بَعْدَمَا ذُكِرَ وَإِطْلَاقِي لِلسَّفَرِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ لَكِنْ إنْ سَافَرَتْ مَعَهُ لِحَاجَتِهِ لَزِمَهَا الْعَوْدُ وَلَا تُقِيمُ بِمَحَلِّ الْفُرْقَةِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ إنْ أَمِنْت الطَّرِيقَ وَوَجَدَتْ الرُّفْقَةَ؛ لِأَنَّ سَفَرَهَا كَانَ بِسَفَرِهِ فَيَنْقَطِعُ بِزَوَالِ سَلْطَنَتِهِ وَاغْتُفِرَ لَهَا مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِأُهْبَةِ الزَّوْجِ فَلَا تَبْطُلُ عَلَيْهَا أُهْبَةُ السَّفَرِ وَذِكْرُ أَوْلَوِيَّةِ الْعَوْدِ مَعَ قَوْلِي أَوْ مُدَّةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَوْ خَرَجَتْ) مِنْهُ (فَطَلَّقَهَا وَقَالَ مَا أَذِنْتُ فِي خُرُوجٍ أَوْ) قَالَ وَقَدْ قَالَتْ (أَذِنْتَ) لِي فِي نَقْلِي (لَا لِنَقْلَةٍ حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي الْأُولَى وَعَدَمُ الْإِذْنِ فِي النَّقْلَةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَجِبُ رُجُوعُهَا فِي الْحَالِ إلَى مَسْكَنِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْقَائِلُ فِي الثَّانِيَةِ وَارِثَ الزَّوْجِ فَإِنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ بِيَمِينِهَا لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّحْلِيفِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ) مِلْكًا (لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا تَعَيَّنَ) لَأَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ لِمَا مَرَّ (وَصَحَّ بَيْعُهُ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ) كَالْمُكْتَرَى لَا فِي عِدَّةِ حَمْلٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ظَاهِرُ شَرْحِ م ر شَوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: الْيَسِيرُ) وَهُوَ مَا يُحْتَمَلُ عَادَةً شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْجِيرَانِ) أَيْ: وَبِخِلَافِ تَأَذِّيهَا مِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءِ فَهُوَ مَفْهُومُ قَيْدٍ مُلَاحَظٍ فِي كَلَامِهِ أَيْ: جِيرَانٍ غَيْرِ أَحْمَاءَ. (قَوْلُهُ: وَتَأَذَّتْ بِهِمْ) الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ بِهِمَا لَكِنَّ مُرَادَهُ التَّعْمِيمُ فِي أَهْلِهَا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْأَبَوَيْنِ غَيْرُ قَيْدٍ.

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهَا) أَيْ وَبَعْدَمَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ فِي التَّرَخُّصِ لِلْمُسَافِرِ مِنْ الْبَلَدِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهَا الْعَوْدُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَفِي الْأَوَّلِ تَعْتَدُّ) أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إسْكَانُهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ نَاشِزَةٌ ح ل وَفِيهِ أَنَّ النَّاشِزَةَ إذَا عَادَتْ لِلطَّاعَةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ عَادَ لَهَا وُجُوبُ الْإِسْكَانِ مِنْ حِينِ عَوْدِهَا كَمَا تَقَدَّمَ.

. (قَوْلُهُ: أَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنٍ إلَخْ) لَا تَلْتَبِسُ هَذِهِ بِمَا قَبْلَهَا لِأَنَّ هَذِهِ سَافَرَتْ وَتَعُودُ بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّهَا انْتَقَلَتْ لِتَسْكُنَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِحَاجَتِهِ) أَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَظْلِمَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمٌ لِلظُّلْمِ أَمَّا بِالْفَتْحِ فَاسْمٌ لِمَا ظُلِمَ بِهِ مُخْتَارٌ بِالْمَعْنَى ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَوْ لَا لِحَاجَتِهِمَا) صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ لِحَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ وَقَوْلُهُ وَزِيَارَةٍ أَيْ: زِيَارَةِ الصَّالِحِينَ أَمَّا زِيَارَةُ أَقَارِبِهَا فَهِيَ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ فَهِيَ مِنْ حَاجَتِهَا ح ل (قَوْلُهُ: فِي طَرِيقِ) أَيْ: بَعْدَ مُجَاوَزَةِ مَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ فِي التَّرَخُّصِ لِلْمُسَافِرِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ التَّعْلِيلُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَعَوْدُهَا أَوْلَى) هَذَا شَامِلٌ كَمَا تَرَى لِمَا إذَا كَانَ السَّفَرُ لِاسْتِحْلَالِ مَظْلِمَةٍ أَوْ لِحَجٍّ وَلَوْ مُضَيَّقًا وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِيَّتِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ الْمُضِيِّ نَظَرٌ لَا يَخْفَى رَشِيدِيٌّ.

. (قَوْلُهُ أَوْ مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ) وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ ع ش. (قَوْلُهُ عَمَلًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَيَجِبُ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَاجَتِهَا أَيْ: مَعَ عِلَّتِهِ وَهِيَ قَوْلُهُ لِتَعْتَدَّ فَلَوْ ذَكَرَهُ بِجَنْبِهِ كَمَا صَنَعَ م ر كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ سَافَرَتْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَعَوْدُهَا أَوْلَى. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ إلَخْ) أَيْ: فَبِزَوَالِ أُهْبَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا لَا تَزُولُ أُهْبَةُ السَّفَرِ عَنْهَا بِسُقُوطِ السَّلْطَنَةِ فَاغْتَفَرُوا لَهَا مُدَّةَ السَّفَرِ ح ل وَفِي الْمُخْتَارِ: تَأَهَّبَ اسْتَعَدَّ، وَأُهْبَةُ الْحَرْبِ عِدَّتُهَا، وَجَمْعُهَا أُهَبٌ اهـ فَالْمَعْنَى لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مُلْتَبِسَةً بِمَا أَعَدَّهُ مِنْ الْمَأْكَلِ وَحَوَائِجِ السَّفَرِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهَا بِمُجَرَّدِ فِرَاقِهَا سَافِرِي مِنْ غَيْرِ أُهْبَةٍ بَلْ تَمْكُثُ مُدَّةَ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ لِتَحْصِيلِ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: أُهْبَةُ السَّفَرِ أَيْ: الْمُدَّةُ الَّتِي تَتَأَهَّبُ فِيهَا لِلسَّفَرِ.

. (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَسْكَنِ. (قَوْلُهُ حَلَفَ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ إسْكَانُهَا فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى عَمَلًا بِتَصْدِيقِهِ ح ل. (قَوْلُهُ مِنْ الْوَارِثِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَعْرَفُ قَالَ سم، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الزَّوْجَ يُصَدَّقُ إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِذْنِ أَوْ صِفَتَهُ، وَالْوَارِثَ يُصَدَّقُ إذَا أَنْكَرَ الْأَصْلَ دُونَ الصِّفَةِ.

(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ: فِي الْآيَةِ مِنْ قَوْلِهِ {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أَوْ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ «اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» أَوْ فِي قَوْلِهِ: لِأَنَّ فِي الْعِدَّةَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُهُ) أَيْ: وَيَكُونُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ بَقِيَّةَ مُدَّةِ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ) فَلَوْ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا وَانْتَقَلَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>