للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقُدِّمَ مَفْهُومُ هَذَا الْخَبَرِ عَلَى مَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ» ؛ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ، وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ التَّحْرِيمِ بِخَمْسٍ أَنَّ الْحَوَاسَّ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْإِدْرَاكِ خَمْسٌ (عُرْفًا) أَيْ: ضَبْطُ الْخَمْسِ بِالْعُرْفِ، (فَلَوْ قَطَعَ) الرَّضِيعُ الرَّضَاعَ (إعْرَاضًا) عَنْ الثَّدْيِ (أَوْ قَطَعَتْهُ) عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فِيهِمَا (تَعَدَّدَ) الرَّضَاعُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَوْفِ مِنْهُ إلَّا قَطْرَةٌ وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِي. (أَوْ) قَطَعَهُ (لِنَحْوِ لَهْوٍ) كَتَنَفُّسٍ، وَنَوْمٍ خَفِيفٍ وَازْدِرَادِ مَا اجْتَمَعَ فِي فَمِهِ (وَعَادَ حَالًا أَوْ تَحَوَّلَ) وَلَوْ بِتَحْوِيلِهَا مِنْ ثَدْيٍ (إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَى ثَدْيٍ، (أَوْ قَامَتْ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ فَعَادَتْ فَلَا) تَعَدُّدَ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَالْأَخِيرَةُ مَعَ نَحْوِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَوْ حُلِبَ مِنْهَا) لَبَنٌ فِي (دُفْعَةً وَأَوْجَرَهُ خَمْسًا) أَيْ: فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ: حُلِبَ مِنْهَا فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ وَأَوْجَرَهُ دُفْعَةً (فَرَضْعَةٌ) ؛ نَظَرًا إلَى انْفِصَالِهِ فِي الْأُولَى، وَإِيجَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حُلِبَ مِنْ خَمْسِ نِسْوَةٍ فِي ظَرْفٍ وَأَوْجَرَهُ وَلَوْ دُفْعَةً فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةٌ. (وَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ، وَذُو اللَّبَنِ أَبَاهُ وَتَسْرِي الْحُرْمَةُ) مِنْ الرَّضِيعِ (إلَى أُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا وَحَوَاشِيهمَا) نَسَبًا وَرَضَاعًا (وَإِلَى فُرُوعِ الرَّضِيعِ) كَذَلِكَ فَتَصِيرُ أَوْلَادُهُ أَحْفَادَهُمَا، وَآبَاؤُهُمَا أَجْدَادَهُ، وَأُمَّهَاتُهُمَا جَدَّاتِهِ، وَأَوْلَادُهُمَا، إخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، وَإِخْوَةُ الْمُرْضِعَةِ وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالَهُ، وَخَالَاتِهِ وَأُخُوَّةُ ذِي اللَّبَنِ، وَأَخَوَاتُهُ أَعْمَامَهُ، وَعَمَّاتِهِ، وَخَرَجَ بِفُرُوعِ الرَّضِيعِ أُصُولُهُ وَحَوَاشِيه فَلَا تَسْرِي الْحُرْمَةُ مِنْهُ إلَيْهِمَا وَيُفَارِقَانِ أُصُولَ الْمُرْضِعَةِ، وَحَوَاشِيهَا بِأَنَّ لَبَنَ الْمُرْضِعَةِ كَالْجُزْءِ مِنْ أُصُولِهَا فَسَرَى التَّحْرِيمُ بِهِ إلَيْهِمْ وَإِلَى الْحَوَاشِي بِخِلَافِهِ فِي أُصُولِ الرَّضِيعِ.

(وَلَوْ ارْتَضَعَ مِنْ خَمْسٍ لَبَنُهُنَّ لِرَجُلٍ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً) كَخَمْسٍ مُسْتَوْلَدَاتٍ لَهُ (صَارَ ابْنَهُ) ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ (فَيَحْرُمْنَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوآتُ أَبِيهِ، وَلَا أُمُومَةَ لَهُنَّ مِنْ جِهَةِ الرَّضَاعِ. (لَا) إنْ ارْتَضَعَ مِنْ (خَمْسِ بَنَاتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ لَهُ) أَيْ: لِرَجُلٍ فَلَا حُرْمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّضِيعِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ ثَبَتَتْ لَكَانَ الرَّجُلُ جَدَّ الْأُمِّ، أَوْ خَالًا وَالْجُدُودَةُ لِأُمٍّ، وَالْخُؤُولَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِتَوَسُّطِ الْأُمُومَةِ وَلَا أُمُومَةَ.

(وَاللَّبَنُ لِمَنْ لَحِقَهُ وَلَدٌ نَزَلَ) اللَّبَنُ (بِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ بِنِكَاحٍ، أَمْ مِلْكٍ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي، أَمْ وَطْءِ شُبْهَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِوَطْءِ زِنًا إذْ لَا حُرْمَةَ لِلَبَنِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الزَّانِي أَنْ يَنْكِحَ الْمُرْتَضِعَةَ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ لَكِنْ يُكْرَهُ، (وَلَوْ نَفَاهُ) أَيْ: نَفَى مَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ الْوَلَدَ (انْتَفَى اللَّبَنُ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ:، وَقُدِّمَ مَفْهُومُ هَذَا الْخَبَرِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ هَذَا احْتِجَاجٌ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ، وَهُوَ غَيْرُ حُجَّةٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيهِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَى اعْتِبَارِهِ، وَهُنَا قَرِينَةٌ عَلَيْهِ، وَهِيَ ذِكْرُ نَسْخِ الْعَشَرَةِ بِالْخَمْسِ، وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِذِكْرِهَا فَائِدَةٌ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ إلَخْ) فِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْحَوَاسِّ خَمْسَةً لَا يَصْلُحُ حُكْمُهُ لِكَوْنِ التَّحْرِيمِ بِخَمْسٍ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهَا بِأَنَّ كُلَّ رَضْعَةٍ مُحَرِّمَةٌ لِحَاسَّةٍ مِنْ الْحَوَاسِّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادَ) وَلَوْ فَوْرًا كَمَا فِي م ر فَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْبِيرُ بِثُمَّ مِنْ التَّرَاخِي غَيْرُ مُرَادٍ فَالتَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ أَوْلَى شَيْخُنَا لَكِنْ هَذَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ قَامَتْ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ فَعَادَتْ فَلَا، ثُمَّ رَأَيْت الرَّشِيدِيَّ عَلَى م ر قَالَ، أَوْ قَطَعَتْهُ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ أَيْ: إعْرَاضًا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ، أَوْ قَامَتْ لِشُغْلٍ إلَخْ تَأَمَّلْ، وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ:، أَوْ قَطَعَتْهُ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ، وَطَالَ الزَّمَنُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا بَعْدُ، أَوْ قَامَتْ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ، وَمِنْ تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ، وَالتَّرَاخِي.

ا. هـ بِخِلَافِ قَطْعِهِ لِلْإِعْرَاضِ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّدُ مُطْلَقًا طَالَ الزَّمَنُ، أَوْ قَصُرَ. ا. هـ فِي هَامِشِ الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا قَطْرَةٌ) أَيْ: كُلَّ مُرَّةٍ م ر (قَوْلُهُ: وَنَوْمٍ خَفِيفٍ) ، أَمَّا إذَا نَامَ، أَوْ الْتَهَى طَوِيلًا فَإِنْ بَقِيَ الثَّدْيُ بِفَمِهِ لَمْ يَتَعَدَّدْ، وَإِلَّا تَعَدَّدَ، وَقَوْلُهُ أَوْ تَحَوَّلَ إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ، أَمَّا لَوْ تَحَوَّلَ، أَوْ حُوِّلَ إلَى ثَدْيِ غَيْرِهَا فَيَتَعَدَّدُ شَرْحُ م ر وَيُعْتَبَرُ التَّعَدُّدُ فِي أَكْلِ نَحْوِ الْجُبْنِ بِنَظِيرِ مَا تَقَرَّرَ فِي اللَّبَنِ س ل

(قَوْلُهُ: فَرَضْعَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الرَّضَعَاتُ خَمْسًا انْفِصَالًا، وَوُصُولًا. (قَوْلُهُ: مِنْ الرَّضِيعِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ الْمُرْضِعَةِ، وَذِي اللَّبَنِ إلَى أُصُولِهِمَا إلَخْ، وَيَقُولُ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَإِلَى فُرُوعِ الرَّضِيعِ، وَتَسْرِي مِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ كَمَا صَنَعَ م ر، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ لِلتَّعْلِيلِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ إلَى أُصُولِهِمَا بِمَعْنَى أَنَّ الْحُرْمَةَ تَسْرِي مِنْهُمَا إلَى أُصُولِهِمَا بِسَبَبِ الرَّضِيعِ، وَابْتِدَائِيَّةٌ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ، وَإِلَى فُرُوعِ الرَّضِيعِ بِمَعْنَى أَنَّ الْحُرْمَةَ تَسْرِي مِنْهُ إلَى فُرُوعِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ:، وَيُفَارِقَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَفَارَقَ أُصُولَهُمَا، وَحَوَاشِيَهُمَا بِأَنَّ اللَّبَنَ جُزْءٌ مِنْهُمَا، وَهُمَا حَوَاشِيهمَا جُزْءٌ مِنْ أُصُولِهِمَا فَسَرَتْ الْحُرْمَةُ إلَى الْجَمِيعِ، وَلَيْسَ لِلرَّضِيعِ جُزْءٌ إلَّا فُرُوعُهُ فَسَرَتْ إلَيْهِمْ فَقَطْ.

ا. هـ، وَلِبَعْضِهِمْ نَظْمٌ:

وَيَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ مِنْ مُرْضِعٍ إلَى ... أُصُولِ فُصُولٍ وَالْحَوَاشِي مِنْ الْوَسَطْ

وَمِمَّنْ لَهُ دَرٌّ إلَى هَذِهِ وَمِنْ ... رَضِيعٍ إلَى مَا كَانَ مِنْ فَرْعِهِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ رَضْعَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْجَارَّ، وَالْمَجْرُورَ بَدَلٌ مِنْ الْجَارِّ، وَالْمَجْرُورِ قَبْلَهُ، أَوْ حَالٌ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: كَخَمْسِ مُسْتَوْلَدَاتٍ) أَيْ: وَكَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ، وَمُسْتَوْلَدَةٍ، وَكَخَمْسِ زَوْجَاتٍ طُلِّقَ بَعْضُهُنَّ، وَلَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَةُ اللَّبَنِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا تَثْبُتُ) أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا

(قَوْلُهُ: نَزَلَ بِهِ) أَيْ: بِسَبَبِهِ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نَزَلَ قَبْلَ حَمْلِهَا مِنْهُ، وَلَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَلَا تَثْبُتُ بِهِ أُبُوَّتُهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. ز ي قَالَ ع ش عَلَى م ر، وَقَوْلُهُ مَا نَزَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>