للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ يُقَالُ مَنْسُوخٌ وَيُعْتَبَرَانِ بِالْأَهِلَّةِ فَإِنْ انْكَسَرَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ كُمِّلَ بِالْعَدَدِ مِنْ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ، وَابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ وَقْتِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ بِتَمَامِهِ.

(وَ) شُرِطَ (فِي اللَّبَنِ وُصُولُهُ أَوْ) وُصُولُ (مَا حَصَلَ مِنْهُ) مِنْ جُبْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (جَوْفًا) مِنْ مَعِدَةٍ، أَوْ دِمَاغٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي. (وَلَوْ اخْتَلَطَ) بِغَيْرِهِ غَالِبًا كَانَ أَوْ مَغْلُوبًا وَإِنْ تَنَاوَلَ بَعْضَ الْمَخْلُوطِ (أَوْ) كَانَ (بِإِيجَارٍ) بِأَنْ يُصَبَّ اللَّبَنُ فِي الْحَلْقِ فَيَصِلَ إلَى مَعِدَتِهِ، (أَوْ إسْعَاطٍ) بِأَنْ يُصَبَّ اللَّبَنُ فِي الْأَنْفِ فَيَصِلَ إلَى الدِّمَاغِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِذَلِكَ. (أَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ) لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا وَهُوَ مُحْتَرَمٌ (لَا) وُصُولِهِ (بِحُقْنَةٍ أَوْ تَقْطِيرٍ فِي نَحْوِ أُذُنٍ) كَقُبُلٍ لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي بِذَلِكَ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَشَرْطُهُ) أَيْ: الرَّضَاعُ لِيُحَرِّمَ (كَوْنُهُ خَمْسًا) مِنْ الْمَوْتِ انْفِصَالًا وَوُصُولًا لِلَّبَنِ (يَقِينًا) فَلَا أَثَرَ لِدُونِهَا، وَلَا مَعَ الشَّكِّ فِيهَا كَأَنْ تَنَاوَلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ مَا لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ خَالِصِهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ لِلشَّكِّ فِي سَبَبِ التَّحْرِيمِ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» . أَيْ: يُتْلَى حُكْمُهُنَّ أَوْ يَقْرَؤُهُنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِقُرْبِهِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي مَتْنِ مُسْلِمٍ، وَشَرْحَيْ الرَّوْضِ، وَالْبَهْجَةِ أَنْ تُرْضِعَهُ، وَهُوَ رَجُلٌ لِيَصِيرَ ابْنَهَا فَيَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا كَثِيرًا فَيَرَاهَا فَشَكَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ الْمُجَوِّزَةَ لِلنَّظَرِ إنَّمَا تَحْصُلُ بِتَمَامِ الْخَامِسَةِ فَهِيَ قَبْلَهَا أَجْنَبِيَّةٌ يَحْرُمُ نَظَرُهَا، وَمَسُّهَا فَكَيْفَ جَازَ لِسَالِمٍ الِارْتِضَاعُ مِنْهَا الْمُسْتَلْزِمُ عَادَةً اللَّمْسَ، وَالنَّظَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْخَامِسَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ارْتَضَعَ مِنْهَا مَعَ الِاحْتِرَازِ عَنْ اللَّمْسِ، وَالنَّظَرِ بِحَضْرَةِ مَنْ تَزُولُ الْخَلْوَةُ بِحُضُورِهِ، أَوْ تَكُونَ حَلَبَتْ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي إنَاءٍ، وَشَرِبَهَا مِنْهُ، أَوْ جَوَّزَ لَهُ، وَلَهَا النَّظَرَ، وَالْمَسَّ إلَى تَمَامِ الرَّضَاعِ خُصُوصِيَّةً لَهُمَا كَمَا خُصَّا بِتَأْثِيرِ هَذَا الرَّضَاعِ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ إنَّ الْمُرْضِعَةَ عَائِشَةُ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الرَّاوِيَةُ لِلْحَدِيثِ لَا الْمُرْضِعَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُقَالُ مَنْسُوخٌ) أَيْ: إنَّهُ كَانَ عَامًّا لِسَالِمٍ وَغَيْرِهِ ثُمَّ نُسِخَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نُسِخَ فِي حَقِّ سَالِمٍ وَغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نُسِخَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ:، وَابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ وَقْتِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ) فَلَوْ ارْتَضَعَ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) شَامِلٌ لِلزُّبْدِ، وَكَذَا السَّمْنُ لَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ لِعَدَمِ تَحْرِيمِ الْمَصْلِ بِعَدَمِ بَقَاءِ أَثَرِ اللَّبَنِ فِيهِ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّحْرِيمِ بِهِ. ا. هـ ح ل، وَقَالَ سم: الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلسَّمْنِ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْمَصْلِ بِأَنَّ السَّمْنَ فِيهِ دُسُومَةُ اللَّبَنِ بِخِلَافِ الْمَصْلِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ دِمَاغٍ) وَلَوْ مِنْ جِرَاحَةٍ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَطَ) أَيْ:، وَأَرْضَعَتْهُ جَمِيعَهُ، أَوْ بَعْضَهُ مَعَ تَحَقُّقِ وُصُولِ شَيْءٍ مِنْ اللَّبَنِ فِي كُلِّ مُرَّةٍ مِنْ الْخَمْسِ إلَى الْجَوْفِ بِأَنْ تَحَقَّقَ انْتِشَارُهُ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْخَلِيطِ.

ا. هـ سم وَقَدْ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْغَايَةُ، وَمَا بَعْدَهَا عَلَى أَرْبَعِ تَعْمِيمَاتٍ: الْأَوَّلِ مِنْهَا تَعْمِيمٌ فِي اللَّبَنِ، وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا فِي الْوُصُولِ، وَالتَّعْمِيمُ الْأَوَّلُ لِلرَّدِّ لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِمَا إذَا كَانَ اللَّبَنُ مَغْلُوبًا فَقَطْ، وَكَذَا الثَّالِثُ، وَالرَّابِعُ لِلرَّدِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ، وَأَمَّا التَّعْمِيمُ الثَّانِي فَلَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: غَالِبًا) بِأَنْ ظَهَرَ لَوْنُهُ، أَوْ طَعْمُهُ، أَوْ رِيحُهُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ مَغْلُوبًا) بِأَنْ زَالَ طَعْمُهُ، وَلَوْنُهُ، وَرِيحُهُ حِسًّا، وَتَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ خَمْسُ دَفَعَاتٍ كَمَا نَقَلَاهُ، وَأَقَرَّاهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْفِطْرَةَ وَحْدَهَا مُؤَثِّرٌ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ مَا وَقَعَتْ فِيهِ، وَجُعِلَ أَنَّ اخْتِلَاطَ اللَّبَنِ بِغَيْرِهِ لَيْسَ كَانْفِرَادِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي انْفِصَالِهِ عَدَدٌ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ.

ا. هـ شَرْحُ م ر، وَفَارَقَ عَدَمَ تَأْثِيرِ النَّجَاسَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ لِانْتِفَاءِ اسْتِقْذَارِهَا، وَعَدَمِ الْحَدِّ بِخَمْرٍ اُسْتُهْلِكَ فِي غَيْرِهِ لِفَوَاتِ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ، وَعَدَمِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْمُحْرِمِ بِأَكْلِ مَا اُسْتُهْلِكَ فِيهِ الطِّيبُ لِزَوَالِهِ. ا. هـ ح ل (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ التَّغَذِّي) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّغَذِّيَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوُصُولِ لِلْمَعِدَةِ. ا. هـ ح ل (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَرَمٌ) أَيْ: يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى إرْضَاعِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّاهِرَ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْضًا.

ا. هـ م ر سم (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ أُذُنٍ) كَالْعَيْنِ، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ وُصُولِهِ لِلدِّمَاغِ مِنْ جِرَاحَةٍ فَيَحْرُمُ، وَبَيْنَ وُصُولِهِ إلَيْهِ مِنْ الْأُذُنِ فَلَا يَحْرُمُ ح ل، وَفِي شَوْبَرِيٍّ وَق ل عَلَى الْجَلَالِ تَقْيِيدُ عَدَمِ التَّحْرِيمِ بِالتَّقْطِيرِ فِي الْأُذُنِ بِمَا إذَا لَمْ يَصِلْ لِلدِّمَاغِ

. (قَوْلُهُ:، وَلَا مَعَ الشَّكِّ) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ فَشَمِلَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ ذَلِكَ لِشِدَّةِ الِاخْتِلَاطِ كَالنِّسَاءِ الْمُجْتَمِعَةِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِرْضَاعِ كُلٍّ مِنْهُنَّ أَوْلَادَ غَيْرِهَا، وَعَلِمَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ الْإِرْضَاعَ لَكِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ كَوْنَهُ خَمْسًا فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي زَمَانِنَا كَثِيرًا.

ا. هـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) وَكَانَتْ فِي الْأَحْزَابِ ع ش (قَوْلُهُ: فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ) أَيْ: تِلَاوَةً، وَحُكْمًا ثُمَّ نُسِخَتْ تِلَاوَةُ خَمْسِ رَضَعَاتٍ أَيْ: تَأَخَّرَ نَسْخُ ذَلِكَ جِدًّا حَتَّى إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقْرَأُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِتِلَاوَتِهَا فَلَمَّا بَلَغَهُ النَّسْخُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُتْلَى فَقَوْلُهُ، وَهِيَ أَيْ: الْخَمْسُ، وَقَوْلُهُ أَيْ: يُتْلَى حُكْمُهُنَّ أَيْ: يُعْتَقَدُ حُكْمُهُنَّ الَّذِي هُوَ التَّحْرِيمُ، وَقَوْلُهُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسَخُ أَيْ: لِتِلَاوَتِهَا، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا بَاقِيًا ح ل أَيْ: فَالْخَمْسُ نُسِخَتْ تِلَاوَةً لَا حُكْمًا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ نُسِخَتْ تِلَاوَةً، وَحُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمَصَّةَ عِنْدَهُمَا تُحَرِّمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>